القضية الجنوبية، وحكام اليمن الجدد
بقلم/ د. عيدروس نصر ناصر
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 26 يوماً
الخميس 19 يوليو-تموز 2012 05:26 م

ما اعنيه بالحكام الجدد، هو ما يدور من أحاديث من قبل بعض السياسيين اليمنيين بأن الجنوبيين هم اليوم من يحكم اليمن، باعتبار رئيس الجمهورية (الانتقالي) ورئيس الوزراء ووزير الدفاع، فضلا عن عدد من الوزراء من الجنوب، ويستنتج هذا البعض من ذلك خلاصة مفادها ماذا يريد الجنوبيون فهم من يحكم اليمن؟؟

أولا لا بد من الاتفاق على أن الحكم في اليمن ليس بيد الرئيس ولا رئيس الوزراء ولا الوزراء فالكل يعلم أنه وطوال ما يقارب النصف قرن لم تنجح اليمن في بناء دولة المؤسسات التي يمكن الاعتماد عليها في إدارة شئون البلد، فما تزال مراكز القوى هي من يتحكم في مخرجات السياسة حتى وإن لم يكن أحد أفرادها وزيرا أو حتى مديرا عاما، وغالبا ما ووجهت بالسؤال التالي: هل يستطيع النائب العام أو رئيس مجلس القضاء، أو وزير من الوزراء أو حتى رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية أن يوجه بالقبض على عتل من العتاولة المتهمين بالفساد، أو ممن نهبوا أراضي الحديدة والجنوب وإب ، أو ممن قاموا بقتل نشطاء الحراك وشباب الثورة، أو أحد كبار أو حتى صغار المشائخ الذين ينهبون الثروات ويخترقون القوانينن أو يتقاضون المرتبات من دول أخرى بلا مقابل، وكنت أعلم أن الإجابة بنعم هي نوع من المكابرة التي لا معنى لها على الأرض، هذا حتى وإن كان رئيس الجمهورية من كبار القبائل اليمنية المتنفذة وليس من الوافدين إلى صنعاء عن طريق النزوح من أبناء أبين أو ممن لا قبيلة له في مدينة عدن أو الحديدة أو تعز.

أعود إلى موضوع الرئيس الجنوبي ورئيس الوزراء الجنوبيين لأجدد القول إن قوى الثورة الجنوبية التي أطلقت أول شرارة للثورة السلمية في العام 2007م لم تكن تطالب برئيس جنوبي أو رئيس وزراء جنوبي أو حتى حكومة كاملة من أصول جنوبية، كانت مطالب الثورة الجنوبية في أيامها الأولى هي القضاء على آثار حرب 1994م وإعادة الحقوق المنهوبة وإزالة المظالم وتصحيح الاختلالات التي أنتجتها هذه الحرب، لكن الصمم السياسي الذي أصاب الممسكين بصناعة القرار ونهج المكابرة والاستعلاء في التعامل مع أنات الجرحى وآهات الثكالى وآلام المعوزين، كانت الوسيلة المثلى للتعاطي مع حقيقة ماثلة لكل ذي عينين إلا من أصابهم عمى الشعور بالظفر الزائف بدعوى النصر الموهوم الذي حققوه على الشعب والوطن.

منذ تولي الرئيس الجديد (الجنوبي) وحكومة الوفاق (برئيسها الجنوبي ووزرائها الجنوبيين) لم تتغير الأوضاع في الجنوب، فلم نسمع عن إعادة مسئول عسكري أو قائد أمني أو موظف مدني ممن أقصتهم حرب 1994م إلى عمله، ولم نسمع عن إعادة قطعة أرض واحدة أو مؤسسسة حكومية واحدة أو منزل واحد مما نهبه الناهبون ومنهم وزراء في حكومة الوفاق وناشطون أعلنوا تأييدهم للثورة الشبابية السلميه، وهو ما يشكل عبئا قبيحا على الثورة التي لا ذنب لها في انضمام الناهبين والسالبين إلي صفوفها.

وأسوأ من هذا إن القتل تجاه نشطاء الحراك السلمي الجنوبي والنهج الدموي الذي توقف لفترة قصيرة خلال توجه النظام المخلوع (جزئيا) لقمع شباب الثورة السلمية، . . هذا النهج عاد من جديد تجاه الجنوبيين رغم الرئيس الجنوبي ورئيس الوزراء الجنوبي ووجود ما يقارب نصف الوزراء من الجنوبيين بعضهم كان موجود في الوزارة منذ عهد المخلوعين (جزئيا).

يعتقد بعض السياسيين، خطأ، بأن رشوة الجنوبيين بمنصب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء وبعض الوزارات المهمة ستكفي للحد من غضب المواطنين الجنوبيين وبالتالي التنازل عن مطالبهم التي لا علاقة لها بمناصب هؤلاء ومجيئهم إلى هذه المناصب أو ذهابهم منها، أقول إن هذا الاعتقاد خطأ لأنه يضع العلاج حيث لا ألم ولا وجع.

أيها السادة أبجديات علم الطب تقول إن العلاج الناجع للمرض يتم من خلال التشخيص العياني والفحص المجهري والبحث الاستقصائي عن سبب الألم، فالوجع الذي في الرأس لا يعني أن تجري عملية في الرأس فقد يكون سببه المعدة أو القولون أو الدورة الدموية أو حتى الجهاز العصبي المنتشر في كل أجهزة وأعضاء الجسم وأنسجته ومن ثم وضع العلاج بعد معرفة كامل أسباب الألم.

المشكلة في الجنوب أقل تعقيدا من هذا فالمرض واضح والألم معروف والسبب أكثر وضوحا، السبب، ليس أن الجنوبيين يريدون رئيسا جنوبيا، ولا رئيس وزراء جنوبي، فكم هي المرات التي كان فيها رئيس الوزراء من الجنوب ولم يقدموا للجنوب إلا شهادات الزور التي تشرعن القتل وتقونن النهب وتدستر الإقصاء والتهميش وتجعل الجنوب غنيمة بيد الناهبين والسالبين.

المشكلة في الجنوب هي أن الحرب التي قيل أنها جاءت من أجل الحفاظ على الوحدة قد كرست أقبح وأبشع أنواع الانفصال، . . انفصال يجعل كل الجنوب عدو يجوز تصفيته ونهبه وقتل أبناءه وتزوير تاريخه وتدمير دولته ومسخ هويته وثقافته، . . . انفصال قسم المواطنين بالمسطرة إلى منتصرين ومهزومين، سالبين ومسلوبين، ناهبين ومنهوبين، وهو أقوى وأنصع أشكال الانفصال وضوحا، حتى وإن بقيت الأرض مندمجة والحكومة موحدة ولو صار كل أعضائها ورئيسها من الجنوب. . . .

الحل ببساطة هو إصلاح الخلل بالقضاء على هذا النوع من الانفصال وإعادة حقوق الناس المسلوبة والممتلكات المنهوبة وتعويض من تعرض للظلم والاستغلال والإقصاء على مدى عقدين من للزمن وجبر ضرر كل من فقد ابنه أو أباه أو معيله أو فقد جزءا من جسده، وإعادة النظام إلى نصابه وبعدها لنتحاور على شكل الدولة ومستقبل الشراكة، وإذا ما اتفق الطرفان فليكن الرئيس القادم يهودي من ريدة أو هندوسي من عدن، طالما التزم بنظام وقانون ودستور متفق عليه.

برقيات

*حملة التشهير والتهديد التي تتعرض لها الوزيرة المناضلة حورية مشهور، لا يخص شخصها، ولا منصب وزيرة محترمة في حكومة الوفاق الوطني، بل إنه يمثل تهديدا لشجاعة المرأة ولمواقفها الجلية في صف الحرية والنزاهة وكرامة الإنسان،. . .على كل أنصار الحقيقة والكرامة والحق أن يفضحوا هذه الحملة المشبوهة ومن يقف وراءها والتصدي لها كي لا يتمادى المستهترون وقليلو الحياء.

*حسن نصر الله الذي كان يحظى باحترام الكثير من أنصار الحرية والكرامة العرب وغير العرب لمواقفه في التصدي للعدوان والاستكبار الصهيوني على لبنان وفلسطين، يضع نفسه اليوم في صف الطغاة، ويصف القتلة والمجرمين بـ"رفاق السلاح" وبهذا يخسر من رصيده ويقلص من عدد من يحترمونه.

* يقول أبو الأحرار الشاعر الشهيد محمد محمود الزبيري:

وما حملت يراعي خالــــــــــــــــقاً بيدي ........ إلا ليصــــــــنعَ أجيالاً وأوطانا

يخالهُ المــــــــــــــــــــلك السفاُح مقصلةً .........في عنـقهِ ويراه الشعب ميزانا

فهاك يا أمــــــــــــــــــــتي روحاً مدلهةً ........عصرتها لخطاك الطهر قربانا

كأساً من الشعر لو تسقى الشموس بها.. ترنَّحت ومـشى التاريخ سكرانا

مشاهدة المزيد