مهندسو الإنفصال ..!
بقلم/ توكل كرمان
نشر منذ: 17 سنة و شهرين و 3 أيام
الخميس 13 سبتمبر-أيلول 2007 05:03 م

الوحدة الوطنية ليست أكثر من شعور جامح بالانتماء ، وحين يبدأ أفول الشعور بالهوية الموحدة ، فإن الوحدة الوطنية تكون قد شرعت معها في الأفول.

مع مغيب شمس 7 يوليو غاب الشعور بالهوية الموحدة ، وكانت فصول الانفصال النفسي قد بدأت للتو ، وماحدث بعد ذلك مجرد تفاصيل لا أكثر .

النظام يشهد اليوم الفصل الأخير لعملية السقوط الكبير ، استطاع الرئيس علي عبد الله صالح بمهارة أن يجمع كل الخصوم ضده في رباط قوي يغذيه الظلم الفاحش الذي يطال الجميع !

قبل سنوات كان الرئيس ومعاونوه يرون في تحالف الإصلاح والاشتراكي مزحة تستحق التندر، و"هل كفر الإصلاح أم اسلم الاشتراكي" ليست سوى عبارة تحكي جزءا من النكتة التي طالما رأوها سمجة .

لا يحتاج الإصلاحيون اليوم وحلفائهم في المشترك أن يدللو كيف ذهبو بعيدا في تحالفهم الاستراتيجي الذي وصل حد التماهي ، ترى هل فقه الرئيس ومعاونوه أن ذلك التماهي مرده مالحق الغرماء من انتهاك وامتهان ممنهج على يديه ، امتهان لمسه صغار أعضائهم فضلا عن كبارهم ؟! 

سيكون عليهم أن يفهموا الآن أن ذلك الامتهان الممنهج جعل من أبناء الجنوب وقياداته ومناطقه جبهة موحدة ضده ورفاقه أولا .. لينعكس ضد الوحدة ثانياً ..في عملية تداعي مؤسفة لم نكن نريدها أن تحدث لكنها حدثت فعلا ! المشكلة عميقة ، ونحن على ثقة أن الرئيس ومعاونوه لن يكونوا جزءا من الحل أو فلنقل ليس لديهم ما يقدموه !

النظام يرقع البالي بأبلى ..! هذا ما نستطيع أن نقوله بعد كل لجنة يشكلها الرئيس لحل معضلة عجزت عن حلها مؤسسات الدولة مجتمعة ، خذوا مثلا اللجنة التي شكلها أخيرا وجعل على رئاستها سالم صالح يراد لها أن ترمم ماأحدثه العابثون من شقوق عميقة في جدار الوحدة الوطنية في الجنوب ، ويراد لها أيضا أن تكون بديلا عن المعارضة والكثير من القوى ذات الحضور الواسع .. أولهم الاشتراكي وليس آخرهم جمعية المتقاعدين ، إلا أن مانعلمه انها لجنة ستزيد الطين بلة .. القول أن سالم صالح يمثل الضالع فيه مجازفة كبيره ، وهو بالتأكيد لا يستطيع أن يكون بديلا عن الاشتراكي أو بعضه كما أن وجوده في اللجنة مبررا إضافيا لجعل أطراف كثيرة في الجنوب ومنهم علي ناصر وجماعته يذهبون بعيدا في خصومة الرئيس ،علي ناصر هذا وجماعته .. يقال أن لديهم من الحضور ومن الحيلة الواسعة مايجعل غضبهم غير محمود العواقب ، وإن غضبوا حسبت الناس في شبوة وأبين على الأقل كلهم غضاب !

قبل أيام كنا على موعد مع قرار جمهوري عين "شميلة" محافظا لشبوة و"العنسي" محافظا لأبين ، أي والله شميلة والعنسي !! ، في القرار مهانة إضافية لا نعتقد أن شبوة وأبين قادرتين في هذه الظروف على تحملها .

لم لم يقولوا للرئيس أن الحكم المحلي كامل الصلاحيات هو صمام أمان الوحدة .. وأن من يصدر قرارات تعيين رؤساء أقسام الشرطة ومدراء المديريات ومحافظي المحافظات في الجنوب ليكونوا كلهم من صنعاء وما جاورها هو من يهندس للانفصال ، ويزرع القطيعة ويحدث الشقوق العميقة في الوحدة الوطنية !!

لم لم يقولوا له أن تطبيق وثيقة العهد والاتفاق وماسبقها من اتفاقات ومواثيق ، هو وحده من يعزز الوحدة الوطنية وليس مشروع قانون الوحدة الوطنية وقانون الخدمة في الدفاع الوطني ، أو التلويح بالجيش والقبضة الأمنية والدماء التي قد تسيل للركب !

الوحدة الوطنية تقوم على القناعة والشعور بالمصلحة المشتركة ، وكلاهما غير موجودتين في المناطق الجنوبية ، وعلى نحو متزايد هناك شعور متعاظم بأن الوحدة لم تحقق أهدافها ، أو أنهم الطرف الخاسر فيها . 

 الخيار لا يزال مطروحا .. إما حكم محلي كامل الصلاحيات وإما الانفصال قادم أو فلنقل فك الارتباط آت لا محالة ، السؤال هل الرئيس ومعاونوه قادرون على حسم خياراتهم بايجايية .. أخشى أن تكون الاجابة بالنفي !

يقال أن من يصنع المشكلة فإن فرصه في الحل ضئيلة ، ومن لا يعترف بالمشكلة التي كان هو سببها الأول فالأكيد أن فرصه في الحل معدومة ! المؤسف أن النظام جمع بين الحالتين ، ماأقصده بالنظام هنا هو الرئيس والحلقة الأمنية الضيقة حوله .

السؤال من يصنع القرار في اليمن ؟ أو من غدا المتنفذ الأول فيها ، المؤشرات تقول أنهم أشخاص منهم علي عبد الله صالح !

القرارات والمعالجات التي يعلن عنها تجعلك تشعر أنه ليس المتنفذ الأول فيها ، وأن من يتخذها هم مجموعة من الأمنيين في الحلقة الضيقة حوله باتوا يرون في كل شئ عدوا لهم ويريدون أن يحافظوا على نفوذهم ، ولا يريدون أن يتنازلوا عن جزء من صلاحياتهم غير المعلنة لأحد ، لا للوطن .. ولا للحكومة ، ولا للمؤتمر .. ولا للمعارضة ، وعندما لا يشرك المواطن والمؤتمر والحكومة والمعارضة في الحل .. فإن النتيجة مشكلة مركبة بالغة الخطورة ، وعندما يراد للجميع أن يتحولوا إلى مهرجين فائضين عن الحاجة فإن النتيجة بالضرورة سقوط مدوي للرئيس والحلقة الضيقة من حوله ، المؤشرات تقول أن هذا السقوط الموعود غدا قريبا جدا قد لا يفصلنا عنه سنوات أو ربما أشهر . 

والأكيد أن دائرة السقوط ستتسع كثيراً بعد ذلك ، وإن ظل الجميع راضون يؤدون دور المهرج أو المتفرج فحسب ، فسنكون على موعد مع صومال أخرى وسيكون التاريخ قد أعاد نفسه مرتين في عملية مخجلة ومخزية ومؤلمة في آن .

Tawkkol@yahoo.com