الفتيات ينحزن إلى الفنانين والشباب إلى الشهداء
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 8 أيام
الثلاثاء 01 مايو 2007 08:51 م

بخلاف الكثيرين ممن يقتنون صور نجوم الغناء أو الرياضة، يضع ناصر، طالب الهندسة في جامعة بيرزيت، صورة رائد الكرمي، أحد شهداء الانتفاضة، وقائد كتائب شهداء الأقصى، خلفية لشاشة هاتفه النقال، في حين تعج جدران الغرفة التي تجمعه ورفاقه، بصور الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وعدد كبير من الشهداء والأسرى بينهم مروا ن البرغوثي، القيادي في حركة فتح، وأحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة «حماس». وتعلو النافذة صورة لتشي غيفارا، وأخرى لفنان الكاريكاتير ناجي العلي، في حين تحتل صور أصغر حجماً للشاعرين محمود درويش، وسميح القاسم، مساحة لا بأس بها من أحد الجدران.

ويسخر ناصر من الذين يعلّقون صوراً لفنانين وفنانات في غرفهم، ويقول: «هم قلة، وهم أحرار، لكنني لا أجد قدوتي في هذا الفنان أو ذاك... يهمني أن أسير على درب القادة، والفدائيين، ومن يعملون من أجل الوطن».

ويشارك ناصر في غرفته، محمد ذو التوجه الإسلامي، وتوفيق اليساري، وكأنهم حكومة وحدة وطنية في مساحة لا تزيد على 12 متراً مربعاً. محمد ينتصر لصور الشيخ أحمد ياسين، وإسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني، في حين يركز توفيق على صور غيفارا وسعدات والراحل أبو علي مصطفى، الأمين العام السابق للجبهة الشعبية، ويقول: «نحن نضع رموز فلسطين على جدراننا، حيث تجد القادة الشهداء منهم، والأحياء، وتجد مساحة للأسرى، وأخرى لرموز الأدب والثقافة. ولدينا أيضاً صور لفرق دبكة فلسطينية في الوطن والمهجر».

ويختلف الوضع بعض الشيء بين الفتيات، اللواتي ينحزن إلى الفنانين والفنانات، على رغم عدم خروج معظمهن من دائرة اتباع «الرمز السياسي». وتقول الطالبة الجامعية نيفين: «لا أعتقد بأن ثمة تعارضاً بين الإعجاب برمز سياسي كالشهيد ياسر عرفات، ورمز فني... أنا أحب كاظم الساهر، ومارسيل خليفة، ونانسي عجرم .. نحن في النهاية، بني آدم، ويجب ألا نلقي بأنفسنا في بئر السياسة، ولا نخرج منها».

وتضيف نيفين: «ليس فقط الوضع السياسي هو ما يمنع الفتيات من التعبير عن إعجابهن بهذا الفنان أو ذاك فهناك عادات وتقاليد تحول دون ذلك خصوصاً في الأرياف حيث تغضب الأم إذا شاهدت صور فنانين «ذكور» في غرفة ابنتها.

وتتذكر نيفين: «قبل الانتفاضة، كنت في الثالثة عشرة تقريباً، وكان نجوم كثر يحيون حفلات غنائية، في رام الله، بيت لحم، غزة وأريحا، وكنا نتدافع كصبايا لمصافحة هذا النجم أو ذاك، مثل: هاني شاكر، مصطفى قمر، إيهاب توفيق وحكيم، وكان الأمر مقبولاً، لكن ظروف الانتفاضة، وما يرافقها من سقوط يومي للشهداء والجرحى والأسرى وتدمير للمنازل و»خراب ديار»، جعل مثل هذه الأمور مستهجنة، بل وتقابل بردود فعل عنيفة».

ويؤكد أبو علي بائع الصور في مدخل إحدى البنايات التجارية، وسط رام الله، أن الأكثر مبيعاً صور «الختيار»، ويعني عرفات، وصور الشيخ ياسين، وأحمد سعدات، وبعض قادة الكتائب.

ويضيف أبو علي: «الآن صور المسجد الأقصى، وقبة الصخرة، هي الأكثر مبيعاً، وهذا بسبب ما يحدث من عدوان إسرائيلي هناك، وقبل فترة زاد الطلب على صور الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، خصوصاً بعد إعدامه، ومن قبله الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، الصيف الماضي».

وتأتي صور نجوم الرياضة، وخصوصاً كرة القدم، في المرتبة الثانية بعد صور القادة السياسيين. والأكثر شعبية نجوم المنتخب البرازيلي، كرونالدو ورونالدينيو ولاعبي فريقي برشلونة، وريال مدريد الإسبانيين، والبطل الفرنسي-الجزائري زين الدين زيدان. أما صور الفنانين، فتأتي في آخر القائمة، ويقول أبو علي: «لا إقبال واسعاً على شراء صور الفنانين والفنانات، مقارنة بنجوم السياسة، وبعدهم الرياضة، مع أن الأكثر مبيعاً في هذا المجال، صور هيفاء وهبي ونانسي عجرم، ومن الشباب كاظم الساهر، ومن الفنانين الأجانب أمينم.. حقيقة لم أكن أعرفه، لكن هناك من يطلبه مني، ما أجبرني على التعرف اليه، وطباعة صور له».

ويتغير الرمز أو القدوة، مع تغير الشخصية، تبعاً للمرحلة العمرية. فأحياناً تبدأ بالوالدين، ثم تنقلب في سن المراهقة، نحو وجه أكثر شهرة، كفنان، لاعب كرة قدم، مطربة أو راقصة. وفي حالة فلسطين، ولأنها بلد تحت الاحتلال، تلعب القيادات السياسية والعسكرية المقاومة، دور النجوم، وبالتالي تشكل قدوة للأجيال الشابة. ويقول عبدالرزاق صالح، الاختصاصي في الطب النفسي: «هذه خصوصية فلسطينية لا تنسحب على المجتمعات التي يعيش شبابها ظروفاً عادية»، ويضيف: «رد فعل أي شعب يعيش ظروفاً خاصة كالشعب الفلسطيني، عادة ما تكون حادة ومتطرفة، خصوصاً في ما يتعلق بالمثال الاعلى والقدوة».