وثائق واسرار ابو عمار وسهى ترفض التعليق
بقلم/ أسامة العيسة
نشر منذ: 17 سنة و شهرين و 23 يوماً
الخميس 16 أغسطس-آب 2007 02:56 م

أفادت صحيفة القدس العربي ان السلطات التونسية والاوساط المحيطة بمكتب الرئاسة الفلسطيني والدائرة السياسية في تونس فرضت طوقا من الكتمان على محاولات منهجية تقوم بها عدة اطراف للحصول ووضع اليد علي الارشيف الشخصي للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وهو ارشيف يضم حسب المعلومات المتسربة حول هذا الموضوع سلسلة من الوثائق والمراسلات والكتب والاسرار الشخصية والسياسية التي تكشف الكثير عن خبايا وكواليس الحياة الحافلة التي عاشها الرئيس الراحل.

ويتواجد الأرشيف الشخصي لعرفات الذي سلطت الأضواء مجددا علي أسرار وفاته مؤخرا في مقره الرسمي ومكتبه في العاصمة تونس، ويقول مقربون من حياة عرفات ان مكتب الرئيس الراحل في تونس الآن مغلق ولا يوجد فيه أي موظفين ويزخر بالكثير من المتعلقات الشخصية التابعة للرئيس عرفات خلال سنوات طويلة.

ويفترض ان يحتوي أرشيف عرفات الزاخر على كنوز المعلومات كما يقول لـ القدس العربي مصدر مطلع علي بعض مراسلات الرجل وملاحظاته علي الكثير من الكتب الرسمية وعدة مخطوطات بخط يده ورسائل تلقاها من الزعماء العرب وزعماء العالم وكذلك علي أدواته المكتبية وبعض حاجياته وملابسه.

ومنذ توفي عرفات تم إغلاق المكتب الذي لا يزال قائما في العاصمة تونس حيث لا يزوره أي موظفين ولا يقيم فيه أي شخص، ويتردد ان زوجة عرفات سهي تراجعت عن إهتمام سابق لها بالإطلاع علي وثائق وأرشيف زوجها، بعد ان إعتبرت السلطات التونسية ان مكتب عرفات ومحتوياته ملك للشعب الفلسطيني وليس لأفراد عائلته.

ولا يزال مقر عرفات ومكتبه الشخصي مغلقا في إحدي ضواحي تونس ويتم التعامل معه بإحترام شديد من جانب الحكومة التونسية ويخضع المقر لحراسة تونسية وفلسطينية ثنائية ولا يسمح بدخوله إلا بإذن من مرجعية الدائرة السياسية في تونس التي تعتبر الأرشيف من ملكيات الشعب والمؤسسات الفلسطينية وليس الأفراد.

وفشلت عدة محاولات من عدة أطراف للحصول علي أرشيف عرفات ووثائقه لأغراض متعددة حيث حاول الرئيس محمود عباس عدة مرات الحصول علي الملفات دون فائدة كما حاول مدير مكتب عرفات السابق رمزي خوري خلال زيارة له لتونس الحصول علي الأرشيف ورفض السماح له بذلك من قبل قيادة حركة فتح في العاصمة التونسية.

 

ويتردد ان عضو اللجنة المركزية في حركة فتح أبو ماهر غنيم يحرص علي بقاء مكتب عرفات وأرشيفه الشخصي ووثائقه بعيدا عن متناول الأشخاص علي اساس ان الملكية مؤسسة هنا ويعود حق إستخدام الأرشيف والإطلاع عليه لمؤسسات منظمة التحرير.

كما حاول مركز دراسات فلسطيني التقدم للحصول علي أرشيف عرفات بغرض التوثيق وفشلت المحاولة كما تقدمت مؤسسة إنتاج فني بطلب مماثل علي اساس انها تعد لإنتاج فيلم سينمائي طويل وتوثيقي عن حياة عرفات ورفضت قيادة حركة فتح تسليم الأرشيف والوثائق لأي جهة أو مؤسسة.

وفي مكتب عرفات الرسمي المغلق تماما والمحروس بعناية في تونس عقدت عشرات الإجتماعات الهامة والسرية وتم التحاور بالعديد من الملفات الخطيرة، ويعتقد علي نطاق واسع ان الرئيس الراحل كان يكتب بعض الإنطباعات والملاحظات بخط اليد ويحتفظ بها في ملف خاص لم يطلع عليه حتي الآن أي شخص وهو ملف يتردد انه يشكل قيمة معلوماتية وإعلامية كبيرة لانه أشبه بسرد للذكريات الخاصة وتدوين للكثير من الأسرار والتحولات الهامة والغامضة.

وعرف عن عرفات عموما انه لا يحب الكتابة ولايميل إلي القراءة كثيرا لكنه كان يدون ملاحظات ويصدر تعليمات وتعميمات علي هوامش الكتب والمذكرات الرسمية التي تصله وتقول بعض المصادر ان أرشيف عرفات قد يتضمن نسخا مصورة عن الوصولات المالية والدفعات وأوامر الدفع التي كانت تصرف للكثير من الشخصيات القيادية في الماضي وحاليا.ويحاول باحثون في مدينة رام الله منذ خمسة أعوام الحصول علي أرشيف عرفات السياسي والشخصي وتوثيقه ضمن مشروع خاص لتأسيس مكتب معلومات وطني فلسطيني لكن مقربون من الراحل في حركة فتح والمنظمة يخشون من الإستخدام السلبي او السيء لوثائق زعيم هز العالم بجرة قلمه في حال الإفراج عنها والحصول عليها.

سهى عرفات اسئلة لا تنهتي

لم تكن الفتاة المراهقة سهى الطويل، ابنة الصحافية ريموندا الطويل، التي نشأت في مدينة رام الله، تعلم ماذا تخبئ لها الأقدار. ولم يكن من بين أحلام سهى، التي طالما وصفت من قبل معارفها ومعارف أمها بأنها ساذجة، أن تصبح يوما زوجة لأشهر أعزب فلسطيني، وربما في السياسة العربية ايضا، و الذي كان أعلن انه تزوج القضية الفلسطينية.

وبعد وفاة عرفات ظهرت سهى، في وسائل الإعلام، في مواضيع فيها الكثير من الإثارة، مثل الإعلان عن قيامها بفريضة الحج، وهي التي تحولت من المسيحية لتحمل ديانة زوجها الراحل، أو الحديث عن زواجها من بلحسن الطرابلسي، شقيق زوجة الرئيس التونسي. وها هي تعود إلى الإعلام مرة أخرى، بعد سحب الجنسية التونسية منها، التي حصلت عليها، عندما كانت المشاعر فياضة نتيجة رحيل عرفات، وإبداء الرئيس التونسي استعداده لرعاية سهى وابنتها.وإذا كان المثل العربي الذي يتحدث عن أن سر الفتاة مع أمها، لا ينطبق كثيرا، إلا انه في حالة سهى، يبدو كأنه وضع لاجلها.

وبعكس شخصية سهى الساذجة والضعيفة، برزت والدتها بشخصيتها القوية، وقدرتها الفائقة على التعامل مع الكبار والصغار، ومسلحة بقدر من الجمال، رشحها لحمل لقب في الجمال، قبل أن تتوالى النكبات على الشعب الفلسطيني.وكانت ريموندا الطويل افتتحت، مكتبا لتقديم الخدمات الصحافية في شارع صلاح الدين في القدس، سرعان، ما اصبح يتلقى دعما منتظما من منظمة التحرير.وسرعان ما حسبت ريموندا الطويل، على التيار المعتدل في منظمة التحرير، وتمكنت من خلال مواهبها في كسب المعارف من نسج علاقات مهمة مع رموز في حركة فتح ومنظمة التحرير.

وزوجت إحدى بناتها لإبراهيم الصوص، ممثل منظمة التحرير السابق في باريس، الذي استقال، وسط معلومات غير مؤكدة للتفرغ لادارة أملاك العائلة.وفي حين كانت ريموندا الطويل، تعزز مكانتها، لدى منظمة التحرير ورئيسها ياسر عرفات، كانت عرضة لانتقادات نشطاء الفصائل اليسارية الراديكالية في القدس، باعتبارها إحدى رموز الفساد، وذهب أحد الشعراء الذي يصف نفسه بـ"صعلوك القدس القديمة" إلى كتابة هجاء حاد بها، وبرموز المنظمة الذين يدعمونها.

وفي ظروف الانتفاضة الأولى، انتقلت ريموندا إلى واشنطن، حيث افتتحت مكتبا للخدمات الصحافية، مول من منظمة التحرير، وتركت مكتبها في القدس تحت إدارة شخص آخر.واعطى وجودها في الخارج، فرصة اكثر لها للتحرك، ونسج العلاقات، وهو ما مكنها من توظيف ابنتها سهى في مكتب ياسر عرفات في العاصمة التونسية.

ولا أحد يعرف بالضبط طبيعة العلاقة التي ربطت عرفات بسهى، وجعلته يتنازل عن عزوبيته، ليتزوجها، إلا أن المتابعين يرشحون بأنه كان لوالدتها دور في ذلك.وفي حين أراد عرفات، لاسباب غير معروفة، أن يبقي الأمر سريا، فوجئ مثل ما حدث مع الفلسطينيين، وباقي الرأي العام في العالم، بإذاعة إسرائيل، وهي تنشر خبر الزواج.ولم يكن لدى المتحدثين باسم عرفات وحركة فتح ومنظمة التحرير، ما يردون فيه على استفسارات الصحافيين، بعد نشر الخبر من إسرائيل، واخذت البعض العزة بالإثم، ليعتبر ما بثته إذاعة إسرائيل أكاذيب وجزءا من الحرب النفسية التي تستهدف عرفات.

ولكن صمت عرفات، وعدم نفيه بشكل رسمي لزواجه من سهى، اكسب الأمر مصداقية، دون أن ينهي أسئلة تطرح حتى الان حول الأسباب التي دعت عرفات للزواج من سهى، او من هو صاحب المصلحة في اعلان الزواج الذي اراده عرفات سريا، وتسريب الخبر الى الاذاعة الاسرائيلية، عبر اصدقاء ومعارف من الصحافيين الاسرائيليين؟.وكل الأسئلة كانت تنتهي بان السر، إذا كان هناك سر فسيكون لدى أمها، التي عادت بعد اتفاق أوسلو إلى الأراضي الفلسطينية، وهذه المرة كحماة للحاكم المتفرد في أجهزة الحكم الذاتي المحدود ياسر عرفات.

ورغم أن سهى التي أصبحت السيدة الأولى في السلطة الفلسطينية، لم يظهر لها نشاط سياسي مميز أو استثنائي، أو حتى في العمل العام، إلا أن ذلك لم يمنع من الزج باسمها في بعض قضايا الفساد التي كانت تنشرها الصحف الإسرائيلية والعالمية، مثل علاقتها المفترضة مع شركة البحر التي كانت تتاجر في كل شيء.

أما والدتها ريموندا، فبعد عودتها، أعادت إصدار مجلة العودة التي كانت تصدر عن مكتبها، وتلقت مخصصات من عرفات لهذه الغاية، وكانت تكتب مقالا افتتاحيا، يحتاج إلى إعادة صياغة وتنقيح من صحافي فلسطيني مخضرم، ودع الحياة قبل اشهر، كانت تستفزه كثرة الأخطاء التي تقع فيها ريموندا الطويل، التي لا تجيد الكتابة، بمثل إجادتها لفنون العلاقات العامة.

وحدث أن وقع خلاف كبير بين ريموندا وياسر عرفات، لا يعرف سببه تحديدا، وان كانت حاولت ريموندا الإشاعة بأنه نتج من تصريحات لها أدلت بها للصحافة العالمية ضد الفساد والفاسدين في السلطة الفلسطينية، ولامر ما لم يكن أي أحد مستعدا ليصدق ذلك.وعاشت ريموندا ظروفا صعبا، كانت فيها سهى قد غادرت غزة، إلى باريس، بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، تحف بها المعلومات الصحافية الأجنبية التي تحدثت عن تحويلات بملايين الدولارات من السلطة الفلسطينية لحساب خاص بها في باريس.وتمكنت ريموندا من مصالحة عرفات، بعد فترة من الجدب والقطيعة، ووفقا لمعلومات توفرت لايلاف، فان رجل الأعمال الفلسطيني حسيب صباغ لعب دورا مهما في ذلك، وتمكن من إقناع عرفات باستقبال ريموندا على مائدة الإفطار في أحد اشهر رمضان.
 

وخرجت ريموندا رابحة منذ هذا الصلح، حيث حول لها عرفات أموالا، لإصدار صحيفة أسبوعية باسم (فلسطين) لم يكن حظها مثل مجلة (العودة) من حيث عدد القراء، هذا إذا كان هناك قراء لها أصلا.ومارست ريموندا عملها في مشروعها الجديد من مكتب فخم في عمارة حديثة وسط رام الله، واستعانت بالطاقم الذي عمل معها سابقا.

ولكن الأمور لم تسر كما يجب، حيث لم يكن التزام عرفات، بمنح الأموال كاملا، ولم يكن يمنح الأموال لها بالسهولة المتوقعة، حتى انتهى الموضوع بوفاة عرفات في باريس، وبروز دور يعتبره البعض غامضا لسهى، وهو ما أشار إليه طبيب عرفات الخاص اشرف الكردي الذي تحدث بصراحة بان سهى الطويل، رفضت سفره إلى باريس للاطلاع على الملف الطبي لرئيس السلطة الفلسطينية الذي يقول كثير من الفلسطينيين إنه مات متسمما.

وأظهرت سهى وهي بجانب عرفات في أيامه الأخيرة أداء إعلاميا، مستفزا للرأي العام الفلسطيني، إلى درجة أن المتظاهرين خرجوا في مدينة رام الله يهتفون ضدها ويعايرونها بترك فلسطين والإقامة في باريس خوفا على حياتها وحياة ابنتها.وتوترت العلاقة بين سهى ورفاق عرفات، وعندما عاد عرفات إلى رام الله ميتا، رافقته سهى إلى القاهرة، ولم تكمل الطريق إلى رام الله خشية من التعرض لها.

أما والدتها، التي أمت سرادق العزاء بعرفات، فحضرت برفقة بعض من عملوا معها سابقا وكان لها دور في ارتقائهم المناصب في السلطة الفلسطينية، وكانت تنزوي في ركن، مثل باقي المعزين.وإذا كان يمكن معرفة لماذا منحت الجنسية التونسية، فهل سيعرف قريبا لماذا سحبت منها؟

من جهتها رفضت سهى عرفات أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات التعليق على قرار تونس سحب جنسيتها معتبرة أن "هناك قضايا كثيرة مهمة وجدية تستحق التعليق عليها أكثر" من السحب المفاجئ للجنسية التونسية.

وقالت عرفات لـصحيفة الحياة إن "ما يشغل بالي اليوم هو الأوضاع الصعبة جداً التي يعيشها شعبنا من قهر وظلم الاحتلال الإسرائيلي، الى جانب التشرذم والاقتتال والأوضاع المعيشية الصعبة. واسمحوا لي من هذا المنطلق رفض التعليق على هذا الموضوع (سحب الجنسية) جملة وتفصيلاً".

وردت صحيفة الحياة قرار سحب الجنسية وفق مصادر مطلعة الى خلاف نشب بين سهى عرفات وليلى بن علي زوجة الرئيس التونسي حول مشروع إنشاء مدرسة. والمعروف أن صداقة متينة ربطت السيدتين منذ أيام إقامة الرئيس الفلسطيني الراحل في تونس التي عادت إليها عرفات مجدداً بعدما نقل الرئيس الفلسطيني الراحل مقر إقامته من غزة إلى رام الله. وأكدت هذه المصادر أن السيدة عرفات قد تختار الإقامة في مالطا إلى جانب شقيقها، نظراً إلى وجود مدارس تستطيع ابنتها الوحيدة زهوة (12 عاماً) متابعة دراستها فيها.