ارتفاع أسعار النفط مع تعطل الإنتاج في أكبر حقول غرب أوروبا تهريب الذهب... تفاصيل واقعة صادمة هزت الرأي العام في دولة عربية اتفاقية تعاون جديدة بين روسيا والسودان روسيا تستخدم الفيتو ضد قرار بريطاني عن السودان استعداداً للانفصال.. ليفربول يستبدل صلاح بـ نجم شباك أول دولة خليجية عظمى تستعد في إنشاء ائتلاف عسكري مع الولايات المتحدة لحماية الملاحة في البحر الأحمر صواريخ تضرب تل أبيب في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب
كشف وزير الإعلام، على العمراني، عن توجه لإلغاء وزارة الإعلام، وقال بأنه يتمنى أن يكون آخر وزير للإعلام، مشيرا إلى أن هذا التوجه قد يحول قريبا إلى مشروع أو برنامج عمل يحدد توجهات الإعلام خلال الفترة القادمة.
وأكد العمراني في حوار له مع صحيفة 26 سبتمبر على ضرورة إلغاء محكمة الصحافة، وأن يظل القضاء العادي في المختص في مقاضاة الصحفيين كغيرهم.
وتحدث العمراني في الحوار عن عدد من القضايا، ويعيد «مأرب برس» نشر الحوار فيما يلي:
- نبدأ الحوار بسؤال عن الإعلام الجاني والمجني عليه.. الجاني لأنه خلق أنماطاً أوجدت جملة من المشاكل.. ومجني عليه.. لأنه عاش تكلساً وإحباطاً وكبل بأعباء لا حول لها.. كيف تقرأ هذه الإشكالية وهذه المعطيات؟
* إعلامنا هو إعلام متخلف في حقيقة الأمر وأقولها بصراحة.. إعلامنا كان في الشطرين سابقاً إعلاماً شمولياً وإعلام دعاية .. دعاية للحزب أو للحاكم وكان ضد أي رأي آخر بالحق أو بالباطل.. ومنذ سنوات ونحن نحاول أن نخرج من تأثير هذا الإعلام الشمولي الى آفاق الإعلام الحر.. وحالياً بعد ثورة الربيع صار الاعلام يأخذ من الحرية أكثر.. وأن كانت حرية غير مسؤولة وغير منضبطة.. الإعلاميون لا يتلاومون فيما بينهم وإنما هم يلومون غيرهم عندما يتعرض الاعلامي للوم أو للمؤاخذة.. لكن عندما يخطئ الاعلامي في حق أي أحد فإننا نجد الاعلاميين يصمتون عنه.. ولذلك أقولها بكل صراحة أن اسلوب النقد بات هو أشبه بنظام القبائل ومن يتفلسف يتفلسف على هذه القضية.. في النظام القبلي إذا أحد أخطأ على آخر فإن القبيلة تقول له قف عند حدك.. لكن في الاعلام الوضع يختلف فهم اليوم ينشأون مواقع الكترونية ليس لها عمل الا الافتراءات وتوجيه الاتهامات.. صحيح نحن مع حرية الاعلام والاعلاميين ولكن الحرية الشريفة والنزيهة والحرية المسؤولة.
في السابق كان الكثير من الإعلاميين يسبحون بحمد الأخطاء وبحمد الاستبداد وبحمد الاستحواذ وتبريرها.. ولذلك ينبغي أن يكفوا عن ذلك الآن، ولكن بالمقابل لا ينبغي أن يظلموا.
فكثيراً منهم اليوم بمجرد أن يغضبهم شخص يسارعون للكتابة عنه أو ينشرون عنه أخباراً غير صحيحة.
إذاً لابد من أن يجلس الاعلاميون مع بعضهم قبل أن يحاسبوا أو يؤاخذوا بالقوانين.. ينبغي عليهم أن يجلسوا مع أنفسهم ويراجعوا مواقفهم ويتلاوموا ويحسنوا الأداء في مهنتهم بحيث تكون مهنة الشرفاء ومهنة المحترمين.
اليوم نسمع من يتحدث عن ميثاق شرف صحفي وهذا شيء جيد لكن مع الاسف كثيراً ما نقرأ في الصحف وفي مواقع الكترونية كلاماً هو أقرب الى الافتراء.. ولا يدركون أن الناس المتخصصين يستطيعون أن يميزوا بين ما هو حق وبين ما هو باطل.
وعليه لا نريد ذلك الاعلام المجني عليه الذي يظل فيه الاعلاميون يؤاخذون وإنما نريد ذلك الإعلام الموضوعي الذي يستطيع من خلاله الاعلاميون ممارستهم لحرياتهم وتصويبهم لأخطائهم وانتقاد أخطاء المسؤولين بموضوعية.. فالبشر خطاءون.. وأي مسؤول لا يتقبل النقد لأخطائه فهو مسؤول لا يُعتمد عليه.. المسؤول يجب أن يكون مساءلاً أمام الناس.. فلسنا ضد أن ينتقد المسؤولون لأخطائهم وأنا أحد المسؤولين أخطأت وسأظل أخطئ وأتقبل برحابة صدر أي نقد على الأخطاء التي ارتكبها ومعروف أن من يعمل يخطئ، لكن قد يحز في النفس عندما يشعر المسؤول أنه يفترى عليه وأنه مجني عليه من أية جهة إعلامية.. وأنا دوماً أقول للشباب اعملوا في الاعلام باتجاهاته المختلفة سواءً كان رسمياً أو حزبياً أو أهلياً أوفي المواقع الالكترونية ولكن كلوا لقمة العيش بشرف ولا ينبغي أن يوظفكم أحد ضد أحد وإنما اخدموا قضايا البلد.
وينبغي أن تتعامل الجهات مع الاعلاميين على أساس مهني وليس على أساس أنني سأوظفك في قناتي أو في صحيفتي أو في موقعي من أجل أن تشتم الآخرين وتفتري عليهم وتثير الفتن، هذا ليس عملاً إعلامياً، فعندما يقوم أي إعلامي بالدفاع عن أخطائي وعن جرائمي فإنه يسيئ الى نفسه أولاً ويفقد ثقة الآخرين فيه.. نحن نريد مع الزمن أن نتخلص من الاعلام الرسمي والحزبي والاهلي وننشئ إعلام المهنة وإعلام الشرف كما هو حاصل في الغرب وفي الدول المتقدمة.
في الغرب يستحي الاعلامي أن يقول إنه ينتمي الى حزب أو يناصر حزباً.. ولذلك أنا مع من يطالبون بإلغاء وزارة الاعلام وطبيعة الاعلام الرسمي.. وكذلك أنا مع إلغاء الإعلام الحزبي.. في الدول الديمقراطية لا يوجد أحد يتحدث باسم أحزاب ولا قنوات ولا إذاعات ولا يوجد صحفيون حزبيون .. الصحافة هي السلطة الرابعة ويجب أن تبقى مستقلة ومحايدة.
كيف ترى دور الإعلام خلال ما تبقى من عمر حكومة الوفاق الوطني وما الذي سيقوم به من مشروع يترك أثره على المجتمع وعلى المشهد الاعلامي؟
نأمل أن يتطور الإعلام نحو الموضوعية ونحو المهنية ونحو تعزيز الوفاق والاتفاق والوئام والوحدة والإخاء والتغلب على رواسب الجراح.. ويجب أن يبدي الاعلاميون تسامحاً فيما بينهم البين في كل المؤسسات الاعلامية سواء أكانت مرئية أو مكتوبة أو الكترونية ويتغاضون عن اجتهادات بعضهم كيفما كان حالها قبل الوفاق وأن يعملوا كفريق واحد لخدمة قضايا الوطن ومن أجل اليمن.
لاشك أن أحلامنا كبيرة وتطلعاتنا اكبر لكن القيود التي تكبل الإعلام وخاصة الاعلام الرسمي هي قيود لا حصر لها.. فأنا عندما زرت دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة بداية الاسبوع الحالي والتي تصدر عنها صحيفة «26سبتمبر» ومطبوعات أخرى وجدت فيها محطة إرسال تلفزيوني راقية جداً ووجدت محطة إرسال إذاعي.. ولكن عندما زرت مقر تلفزيون الجمهورية اليمنية وجدت الخراب ووجدت البلاط مخلعاً ووجدت في مكتب واحد عشرة أجهزة منها ثمانية معطلة ووجدت أن الوظيفة التي نحتاج لإدارتها اثنين وجدت فيها عشرة، ووجدت أيضاً أن المخصص أو المورد الذي يكفي اثنين يوزع على عشرة وعلى عشرين، لذلك أريد القول أن تطلعاتنا الى إعلام يواكب العصر ولكن التحديات أمامنا كبيرة، وسنحاول بقدر المستطاع أن نعمل شيئاً خلال الفترة القصيرة القادمة.. الإعلام سيشهد تطوراً كبيراً وواسعاً في المستقبل القريب بما يحقق الطموحات ويواكب المسيرة.
يتردد أن علي العمراني هو آخر وزراء الإعلام وأن هيئة عليا ستكون مشرفة على سير الإعلام.. ما رأيكم وكيف ترون مثل هذه التوجهات؟
هذا ما أتمناه أن يحصل.. الدول التي ليس لديها وزارات إعلام لديها وكالات تقوم بدور شبيه لإدارة الإعلام.. بشرط ان مسؤولها لا يكون عضواً بمجلس الوزراء.. لكن مع هذا أنا شخصياً أميل بقوة الى إلغاء وزارة الإعلام وإلغاء مفهوم وممارسة الإعلام الرسمي التقليدي الذي عرفناه في الفترات الماضية.. وآمل أيضاً بالمقابل أن يلغى وأن يتلاشى المفهوم المعاصر لطبيعة الإعلام الحزبي.. نريد إعلاماً من أجل الشعب .. إعلاماً يخدم الشعب ويخدم قضايا المجتمع.. لايخدم الاحزاب ولا يخدم ايضاً الساسة ولا القادة بقدرما يراقبهم ويتعامل معهم بكل أمانة وكل مصداقية وبحيث أنه يقوم بدوره على النحو الصحيح.
الإعلام الرسمي والإعلام الحزبي ينبغي أن يتلاشى وسنحاول بقدر الإمكان أن نصل الى هذه النتيجة أو بمعنى آخر أقول أن عندنا هذا التوجه الذي نأمل أن يتحول الى برنامج والى مشروع بإذن الله.
قانون الصحافة والمطبوعات ارجئ.. هل سيبقى طويلاً في الأدراج .. بل يقال انه سحب لماذا؟
لدينا قانون صحافة ومطبوعات يحتاج الى تعديل والى اصلاح.. ولدينا الى جانب هذا قانون الاعلام المرئي والمسموع.. وهو ضمن المصفوفة التي ستقدم للحكومة.. والتي كان يفترض أن تقدم خلال هذا الشهر.. طبعاً نحن قدمناه وسحبناه وقررنا أن نستعيده من مجلس الوزراء لنناقشه مع نقابة الصحفيين بحيث يخدم القانون الجميع بشكل موضوعي ويكون أفضل مما هو عليه الحال الآن.
لدينا حالياً عدد من المحطات التلفزيونية ليست مرخصة وبعضها يبث من عدة سنوات ومن قبل أن آتي إلى الوزارة.. بالإضافة الى أن غالبية المواقع الالكترونية غير منظمة، ولذلك القانون الجديد سيكون قانوناً تنظيمياً يضبط الإعلام بقدر الإمكان .. مع أن عملية ضبط الاعلام في عصر السماوات المفتوحة ليست عملية سهلة.. نحن نواجه ثورة إعلام ومعلومات والتحدي في هذا الجانب كبير جداً ومعقد.
المؤسسات الاعلامية.. مثل «الثورة والجمهورية و14اكتوبر وباكثير» لم تشهد انعاشاً أو حتى محاولة لإحياء دورها.. لماذا؟ وهل المشكلة مادية بحتة وتتعلق بمسألة غياب الموارد؟
أعتقد أن هذه المؤسسات الصحفية بدأ يتحسن أداؤها في الفترة الأخيرة بشكل كبير.. صحيح أن بعضها لديها ما يعيقها وهي إعاقات موضوعية مثل الذي حصل لصحيفة الثورة من حصار وتوقفت عن الصدور لعدة أيام لأسباب واهية وغير منطقية.. أما صحيفة «14اكتوبر» فلها وضع خاص والجمهورية تصيب وتخطئ وأن كنا نعتز بأدائها.. لا ننكر أن الجمهورية لها أخطاؤها لكن مع الأسف هناك من يهول من هذه الأخطاء مع أن العمل لابد وأن يرافقه أخطاء.
يوجد بعض من الناس يرتكبون أخطاء فادحة ولا يقبلون النقد عليها.. نحن مع النقد الموضوعي والبناء.. صحيح قد يحصل أحياناً نقد جارح وغير إيجابي وهذا لا يجب أن يكون لاسيما واننا نعيش مرحلة تجربة الصح والخطأ ونأمل أن تستقيم أمورنا وتستقر على النحو المرغوب.
طبعاً مشكلة الموارد متعبة لنا الى أقصى درجة لأن الموارد كما هو معروف هي أساس كل شيء والإغراق في الالتزامات فوق مستوى القدرات.. على سبيل المثال مؤسسة الثورة عليها التزامات بمئات الملايين.. لديها موظفون بالمئات معظمهم لا حاجة للمؤسسة لهم لكن لابد أن يكون التزامنا إزاءهم التزاماً ادبيا ولابد أن نعالج أوضاعهم، موارد الدولة تعاني من مشاكل وكذلك وزارة المالية التي أكاد أكون على شفا الخلاف الكبير مع أخي وزميلي العزيز الاستاذ صخر الوجيه وزير المالية.. لأننا نطلب منه دعماً حتى خارج إطار الموازنة لكي لا تنهار هذه المؤسسات.
أيضاً التلفزيون نفسه القناة الاولى والقناة الثانية بالإضافة الى قناتي الإيمان وسبأ أصبح عندنا ثلاث قنوات تعمل بإمكانيات قناة واحدة.. لقد حصل توسع في السابق دون أن تتوفر إمكانيات لذلك التوسع.
قناة عدن تعاني الأمرّين.. ولذلك فإننا نحتاج الى جهود كبيرة جداً بحيث نستطيع أن نخلص المؤسسات الاعلامية المختلفة من كل الاغراق والدمار الذي عانت منه في الماضي سواء كان ذلك يرتبط بالقيم وأفكار وقناعات الناس وطريقة أداء الذين يعملون في هذه المؤسسات وهم رائعون جداً لكن كانوا هكذا ملزمين بأن يكون أداؤهم على نمط معين أو بالنسبة لطريقة الإدارة وقلة الموارد التي تحتاجها هذه المؤسسات حتى يستقيم أمرها.
يتردد أنكم جئتم كجهوية سياسية.. ومارستم إقصائية ضد كفاءات إعلامية محددة.. هل حللتم هذه المشكلة؟ وما تعليقكم على ما ينسبونه إليكم؟
أنا أتمنى أن يثبت الناس ذلك ولو بدليل واحد.. هذه للأسف الشديد من الجنايات التي يرتكبها الإعلاميون على بعضهم ويقومون بها احيانا نيابة عن سياسيين لا يريدون اطلاقا إلا ان يستمروا في العمل بالطريقة التي اساءت الى البلد واتعبته.. اؤكد انه لا تتوفر لدينا نسبة واحد في المليون من تفكير وممارسة الاقصاء.. نحن لا نؤمن بالاقصاء على الاطلاق فما بالك ان نمارسه.
لكن اريد ان اقول ان التغيير والتطوير هو من سنة الحياة ونحن سنغير ونطور في المستقبل، نحن لم نغير احدا ربما شخص واحد في التلفزيون كان عنده منصبان فسحبنا منه احد المناصب.. لكننا لم نغير احدا هذا نوع من الفجور في المواقف.. ونوع من الافتراءات التي ليس لها اساس من الصحة.
قدمتم مشروع السياسة الاعلامية الى مجلس الوزراء ما هي دواعيه واهدافه وماذا عن ملامحه؟
كانت توجد لدينا سياسة اعلامية محددة قبل اندلاع ثورة الربيع واثناء الازمة والثورة حصلت ممارسات معينة تم من خلالها تقديس الاشخاص وظلم الآخرين.. ولذلك فإن السياسة الاعلامية التي نأمل ان تسود مستقبلا هي قائمة على التسامح وعلى الحرية وقائمة على الوفاق والاتفاق لا تقدس الاشخاص ولا تسيء اليهم وهي سياسة اعلامية قائمة على دعم وجهود فخامة الاخ رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وقائمة على دعم حكومة الوفاق والتسامح والسلام.. وقائمة على التأكيد بأن الوحدة اليمنية هي قدر هذا الشعب وانه لا سبيل غير الوحدة والاصلاح في كل مجالات الحياة.. وقائمة ايضا على مواجهة التطرف والارهاب الذي تعاني منه البلد.. وقائمة على مكافحة الفساد والاشادة بالنزاهة هذه هي الملامح والغايات التي نتوخاها من السياسة الاعلامية الجديدة.
محكمة الصحافة ونياباتها.. هناك مطالب بالغائها والغاء حبس الصحفيين.. هل انتم مع هذا التوجه؟
ان يحبس الصحفي لرأيه فهذا خطأ لا نوافق عليه.. لكن اذا الصحفيون اقترفوا اخطاء متعمدة ضد الغير فهذا وضع مختلف.. وان كنت اجد نوعا من اللبس في هذا الجانب، ان يحبس الصحفي على رأيه فهذا لا يجوز.. لكن ان يعامل الصحفي كبقية الناس فهذا هو الذي ينبغي ان يكون. محكمة الصحافة انا اذكر انه دار حول انشائها لغط وانا كنت من المتحفظين عليها ومازلت.. وقد قيل عنها حينها انها ميزة وليست مشكلة. لكن اذا نظر اليها الناس على انها مشكلة فيجب ان تلغى هذه المحكمة في كل الاحوال ويبقى القضاء العادي هو المسؤول عن مقاضاة اصحاب المشاكل من صحفيين وغيرهم.
في مقابلة سابقة اجريتها مع وزير العدل القاضي مرشد العرشاني قال فيها عن محكمة الصحافة والمطبوعات انها فرضت على القضاء هي وبعض المحاكم الأخرى ولا تخضع لقوانين وزارة العدل؟
وهذا ايضا من اسباب مطالبتنا بتغيير النظام السابق بالكامل.. حتى القضاء لم يكن مستقلا.. ولذلك نريد القضاء ان يكون مستقلا ويمارس دوره بمهنية.
< قانون العدالة الانتقالية وكذا المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لم تحظ بالمتابعة الاعلامية المكثفة وهل هي مقصودة لسبب ما؟
<< أنت إعلامي في صحيفة 26سبتمبر واعتقد ان صحيفتكم لم تقصر في متابعتها الاعلامية للمبادرة وقانون العدالة الانتقالية وكذلك نفس الشيء لم تقصر صحيفة الجمهورية وصحيفة الثورة وصحيفة 14 اكتوبر على الرغم من ان 14 اكتوبر كان لها بعض الشطحات البسيطة واحيانا اجتهادات من قبل رئيس تحريرها حول بعض القضايا وقد تخلص منها، انا اعتقد ان الاعلام الرسمي تصرف مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقانون العدالة الانتقالية بشكل مسؤول ومتابعة اعلامية واسعة ومازال يتابع هذه القضايا الى الآن.. والمبادرة الخليجية لم تمض عليها إلا فترة محدودة.. على سبيل المثال الاعلام كان مع حكومة الوفاق علي اعتبار انها من نتاج المبادرة الخليجية وكان الاعلام قويا جدا ومؤازرا لانتخابات 21 فبراير 2012م وهذه ايضا كانت مرتبطة بالمبادرة الخليجية.. وكان الاعلام مؤازرا وداعما لقرارات الاخ رئيس الجمهورية فيما يخص هيكلة الجيش والتعيينات التي تمت في عدد من المرافق.. فما هو المطلوب بالذات من الاعلام وهو يقوم بدوره على أكمل وجه.
لقد تحدثنا سابقا عن الاعلام الجاني والمجني عليه عندما يخطئ الاعلام والاعلاميون واوضحنا جملة من الحقائق.. لكن لسبب أو لآخر بعض الناس غاضبون من وزير الاعلام لانه سمح بتعدد الآراء وهم يعرفون ان الاعلام في السابق كان يسير بوتيرة واحدة ويخدم توجها معينا ولذلك فقد كانوا يريدون ان يستمر على تلك الوتيرة فصاروا يبثون حول الاعلام الدعايات ومنها ان الاعلام غير مواكب للمبادرة الخليجية.
ألم يقف الاعلام مع الانتخابات وشكره الداخل والخارج؟ ألم يقف الاعلام مع الوفاق والاتفاق؟ صحيح من وقت الى آخر قد ينتقد الاعلام هذا الطرف او ذاك.. قد ينتقد اناساً في اللقاء المشترك وينتقد اناساً في المؤتمر الشعبي وينتقد اناساً حتى في الجيش.. مثلا قد ينتقد قادة عسكريين لا ينصاعون لتوجيهات الاخ الرئيس وعندما ينتقدهم يقول البعض ان هذا الاعلام منحاز.. بالعكس نحن مع قرارات الاخ الرئيس وتوجيهاته جملة وتفصيلا لأن هذا الرجل أُعطي شرعية كاملة ومطلقة من الشعب اليمني والاعلام ايضا مع الوفاق على أساس وطني وهذا التوجه بعيد عن الولاء الحزبي او العشائري او القبلي.. واذا كان يغضب البعض فذلك شأنهم.
اما اذا الاعلام مقصر في متابعة ما يخص الشأن الوطني فلا شك ان الاعلام يؤاخذ ومن حق كل الناس ان ينتقدوه، نحن مع التغيير المنبثق من المبادرة الخليجية نفسها ومع هذا لا ندافع عن القصور.. فالقصور موجود ومتعدد وان كان للقصور اسباب كثيرة لكن الناس لا يساعدونا على معرفة هذا القصور.
مثلا قد نجد احدهم يمارس اخطاء معينة في الاعلام فتقوم الدنيا ولا تقعد ويقال عن ذلك انه اقصاء وعدم تمكين جهة معينة.. الاعلام يتعرض لظلم كبير جدا لأن هناك كثيرين يريدون ان يسيروه بأمزجتهم ولخدمة مصالحهم وليس لخدمة مصلحة الوطن.. نحن حريصون ان يكون الاعلام الرسمي وكل الاعلام بشكل عام مع المصلحة الوطنية.
الاعلام لم يقصر على الاطلاق.. آزر الانتخابات ويؤازر الآن الجيش بالرغم من موارده الشحيحة وحالة الاغراق التي يعاني منها.. الاعلام كان منقسما مثله مثل الجيش.. ومع هذا نعتقد اننا ناضلنا من اجل ان يبتعد الاعلاميون عن المناكفات وان نكون لهم رسالة واحدة وأجزم اننا حققنا خلال هذه الفترة القصيرة نجاحات اكثر مما كنا نتوقع. هناك ظلم كبير نتعرض له في الاعلام ومع ذلك سنظل نتحمل من اجل اليمن.
قانون العدالة الانتقالية الذي يناقش الآن.. متى سيتم الانتهاء منه؟
لقانون العدالة الانتقالية مازال هناك نقاش حوله لأنه قانون مصالحة وعندما يتم الاتفاق حول ما الذي يمكن ان يكون عليه هذا القانون سيتم متابعته وتغطيته اعلاميا.
هل في مجتمع قبلي مثل مجتمعنا اليمني يمكن ان يطبق مثل هذا القانون.. وهل مجتمعنا مهيأ للقبول به؟
المجتمع القبلي اساسا قائم على التصالح عبر التاريخ وإلاَّ لا يمكن ان يقوم.. بالنسبة لي انا مع المصالحة ومع العدالة.. لكن مع هذا اقول انه الى حد الآن هذا الموضوع محال الى اللجنة المسؤولة عنه لمناقشته.. عندما نتفق على ماذا يجب ان نقدمه للناس.. الاعلام سيواكبه والاعلام قد واكب ما تم الى الآن.
< هناك قضية صعدة وقضية الحراك الجنوبي.. قضيتان مسكوت عنهما في الاعلام الرسمي.. هل ترون ذلك عملاً صائباً؟
<< الاعلام لم يسكت عن قضية صعدة ولا عن قضية الحراك الجنوبي بل العكس الاعلام تناول هاتين القضيتين بطريقة او بأخرى وتناولهما بشكل صحيح لكن ما ذنبنا اذا كان الخطأ في تقدير الآخرين. بل هناك من لام الاعلام عندما قدم التلفزيون حلقة استضاف فيها بعض قادة الحراك الجنوبي وتحدثوا عن قضيتهم.. ايضا صحيفة 14 اكتوبر انفتحت اكثر من اللازم حول قضية الحراك وانا لست مرتاحا لهذا الانفتاح.. اذاً ارضاء الناس غاية لا تدرك.. ان تحدثنا لامونا وان سكتنا لامونا.
اذكر ان احدى المؤاخذات التي تعرضت لها في مجلس الوزراء كانت حسب ما قيل حينها ان صورة عبدالملك الحوثي طلعت في الصفحة الاولى مع انهم لم يجروا معه مقابلة ولكن كان هناك خبر او تغطية.. فنحن منفتحون في الاعلام بما يجعل اليمنيين اقرب الى بعضهم.
نحن لا ننظر الى الحراك وكأنه حراك انفصالي وانما حراك مطلبي وان كان فيه انفصاليون لكننا لسنا معهم.. ولا ايضا ننظر الى الحوثيين في صعدة على انهم يريدون عودة الامامة كما كان يشاع عنهم وانما هناك نوع من الافكار لديهم يتفق معها البعض ويختلف معها كثيرون.. لكن مع الزمن كل شوائب الحوثية سوف تتلاشى وايضا المشاكل التي لا نحبذها في الحراك ستنتهي خاصة ما يتعلق بالتوجه الانفصالي.
انا مع الانفتاح.. لكن الانفتاح المسؤول الذي لا يروج للمشاريع المريضة.
الحوار الوطني.. ما هو شكل هذا الحوار الذي ترونه.. ومن هم اطراف الحوار الذين يجب ان يشاركوا فيه.. وما هي ابرز القضايا التي ستطرح على طاولة الحوار؟
الحوار الوطني ينبغي ان لا يستثني احدا من الاطراف السياسية وقد حان الوقت لأن يأتي الجميع بدون استثناء ويفكرون بصوت مرتفع ويطرحون قضايا بناء دولة اليمن الجديد.. يمن المستقبل.. كيف تبنى؟ ويجب ان يأخذ الجميع وقتهم ويتحاورون بمسؤولية.. لكن في اطار ما يجعل اليمن موحدا وما يجعل اليمن مستقرا.. لا نريد ان ينتهي الحوار الى ان تتجزأ اليمن لا روحيا ولا سياسيا.
هناك صيغ سياسية من شأنها ان تجعل الدولة اليمنية ضعيفة وهناك صيغ سياسية، اخرى من شأنها ان تجعل المركز مستبداً ومهيمناً بشكل يجعل الناس يشعرون بالظلم وتهميش الاطراف اذاً انا اريد ان اقول: ان الذي نأمله ان تحضر الحوار كل الاطراف وتغلب في الاخير ما من شأنه انشاء دولة تتسم بالعدل وتتسم بالمواطنة المتساوية وتتسم ايضاً بالاستقرار وليس الاضطراب، انا لا اريد من الحوار ان ينتهي بدولة مثل العراق المضطرب طائفياً وسياسياً ولا نريد من الحوار أن ينتهي بدولة مثل لبنان ولا اريد من الحوار أن ينتهي بدولة مثل السودانيين حيث تقسم بلدهم الى شمال وجنوب.
نحن نريد من الحوار ان ينتهي بانشاء دولة قوية وموحدة يكون اساسها العدل والمواطنة المتساوية.. دولة ايضاً مستقرة صحيح اننا نحلم بنظام ديمقراطي فضفاض.. لكن مثل هذا النظام الفضفاض قد ينتهي باليمن الى ان تكون دولة مثل باكستان او مثل بنغلادش أو لبنان آخر.. انا مع الدولة اليمنية الديمقراطية المستقرة القوية التي لا تنفلت اطرافها عن قلبها ولا يسيطر الرأس على البقية ويدوس عليهم.
المعادلة ليست سهلة.. وآمل ان لا نخطئ على الرغم من أننا في التاريخ الحديث المعاصر كانت لنا انجازاتنا ولكن كانت لنا اخطاؤنا الكبرى.. والعقل السياسي اليمني عادة هو بقدرما يصيب يخطئ ولذلك أملي أن لا نكرر أخطاءنا.. ولو تأملنا قليلاً في وضعنا لوجدنا أن العواطف تغلب علينا.
مثلاً وحدة 22 مايو 1990م لو كانت فيدرالية.. هل كانت مشكلة؟ لا توجد مشكلة ثم يمكن ان تكون اندماجية.. ولا احد يستطيع ان يقول خلاف ذلك حينها ويطرح طرحاً آخر.
اذاً المطلوب اليوم أن يكون النقاش او الحوار مسؤولاً من قبل الاعلام لأن الاعلام احياناً قد يرهب الناس وقد يربكهم وكذلك الايديولوجيات الحزبية هي الاخرى قد ترهب وقد تربك.. اذا سيطرت الايديولوجية لن ننتهي الى حوار صحيح واذا سيطر الاعلام لن ننتهي الى حوار صحيح.. واذا سيطرت المصالح الآنية وفصلت الدولة اليمنية على مقاسات اصحاب المصالح ومراكز القوى القائمة- صدقني ان كل من معه اموال في الخارج سيتلاعب باليمن وسيجد له وكلاء داخل اليمن ينفذون اجندة اهل الخارج كما نلاحظهم الان وهذا ليس لصالح البلد.. أنا بصراحة مع دولة مستقرة دولة اليمن النظام والقانون وضد أيّة دولة تكون مستباحة كل طرف يأخذ منها جزءاً.. أنا لا اخاف على تشتيت جغرافية اليمن وانما اخاف من تشتيت قلوب اليمنيين ومشاعرهم وتناحرهم بالنيابة عن اصحاب المصالح والايديولوجيات اقليمياً ودولياً، وايضاً اخشى من عواطف اليمنيين واخشى ان تتغلب مصالح فئات معينة لديها الان اعلام وقنوات تلفزيونية ولديها صحف ومواقع الكترونية ولديها دجالون ولديها شقاة توجههم كيفما تريد.. اذاً لابد أن تكون لدينا حرية بحيث نستطيع ان نخدم القضايا الوطنية اما اذا لم يستطع الاعلام ان يمارس عمله على الوجه الصحيح فمعنى ذلك اننا يجب ان نطبل مع المطبلين حتى في الأشياء الخطأ.
اذاً فأنا اخشى من الاعلام والايديولوجيات والمصالح السياسية ان تعرقل مسيرة اليمنيين.. اما اذا ضمنا تحييد الاعلام واقصد الاعلام السلبي الدعائي وتركنا الايديولوجيات جانباً وحجمنا اصحاب المصالح واصحاب النفوذ فاليمن ستكون بخير.. الدولة اليمنية القادمة لا يجب أن نفصلها لاضد ولا مع لاضد اطراف بعينها ولا مع اطراف بعينها.. هذا قد يحصل وهذا الذي اخشاه.. نحن بحاجة إلى من يشخص أوجاع اليمن ويدرس الفرص المتكاملة فيها ويصف لها العلاج والاطار الذي سيجعلها تنمو.
ماهو مفهوم هيكلة الجيش بالنسبة لك كوزير للإعلام.. وكيف يمكن أن يكون لدينا جيش وطني تكون مهمته حماية سيادة واستقرار اليمن؟
ينبغي أن ينتهي الامر لدينا الى جيش وطني من كل مناطق اليمن ويكون قادته من كل المحافظات وتفتح الكليات لكل ابناء اليمن.. لأن القادة الذين قادوا الجيش في السابق استحوذوا على الدخول الى كليات الشرطة والحربية وكل الكليات العسكرية وحصروها على ابنائهم واقاربهم ومن يحبون حتى انتهى الجيش في السنوات الاخيرة الى جيش عشائري وجيش عائلي وهذا من اخطر ما شهدته اليمن في تاريخها الحديث.. نريد جيشاً وطنياً يحمي السيادة ولا يتدخل في السياسة.
نريد قادة جيش يلتزمون بالانظمة والقوانين العسكرية ولا يتجولون في الاسواق ببدلاتهم العسكرية للاستعراض وتخويف الناس.. نريد جيشاً مبنياً على أُسس وطنية ويكون لمنتسبية معيشة محترمة ويؤمن لهم العلاج وكل وسائل الحياة المريحة كما هو حال جيوش العالم المتقدم وان يبتعدون عن كلما يعيب ويشين.. ولا يتدخلون في التجارة ولا في التهريب ولا ينهبوا الاراضي ولا يتدخلون في السياسة.. نريد جيشاً يخدم امن البلد ويبقى على الحدود مرابطاً وليس جيشاً في النقاط العسكرية او داخل المدن.. الذي هو في المدن هو الامن واذا احتجنا نقاطاً في المستقبل فهذه من اختصاص الامن اما الجيش فهو يحمي السيادة ويحبه الناس جميعاً.. جيش مكون من كل فئات المجتمع.. جيش يتبع اليمن ولا يتبع اية جهة أو قبيلة هذا هو الجيش الذي نريده.
خذ مثلاً الولاياة المتحدة الامريكية التي تتحكم في العالم اليوم القائد الاعلى للجيش فيها هو رئيس الجمهورية يجب أن يكون مدنياً واذا كان عسكرياً يجب أن تمر عليه فترة لا تقل عن خمس سنوات بحيث يكتسب الشخصية المدنية.. وزير الدفاع يجب أن يكون مدنياً.. اريد أن اقول ان السياسة والادارة في الاصل يديرها مدنيون والعسكريون مجالهم آخر هو الدفاع عن البلد وحماية أمنه واستقراره.
لكن عندما تأتي بالدبابة وبالبندق وتدخلها في السياسة هنا تخرب السياسة ويختل توازنها وهذا هو الذي خرب بيوت المواطنين العرب.. ولذلك قامت ثورة الربيع العربي في البلدان التي حكمها عسكريون حتى وان لبسوا بزات مدنية ولكنهم عسكريون.
هيكلة الجيش هي هكذا وقد سبق لي ان تحدثت عن هذا الموضوع قبل خمس سنوات طبعاً في البداية تغاضى اليمنيون عن توظيف الرئيس السابق لاقاربه في الجيش لانهم كانوا يشعرون بعقدة من الانقلابات العسكرية.. لكن بعد أن تم بناء دولة ديمقراطية صار الوضع مختلفاً وكانت الصيغة للجيش وللسياسة صيغة متضاربة وقد قلت في عام 2007م في مقابلة مع احدى الصحف انه لا بد ان تعاد هيكلة الجيش اولاً وقلت هذا الكلام مرة اخرى مع بداية ثورة الربيع ولم يكن عندنا مانع حينها ان يستمر الرئيس السابق الى عام 2013م بشرط أن يأتي هذا العام وقد تمت هيكلة الجيش ولا يأتي الرئيس الجديد الا وقد اصبح الجيش وطنياً لا تسيطر عليه لا قبيلة ولا عائلة.. ان هذه الصورة المبسطة لهيكلة الجيش تجعل منه جيشاً احترافياً ومهنياً وان كانت عملية اعادة البناء ستأخذ وقتاً طويلاً.
كيف ننظر الى ثورة الربيع العربي التي قادها الشباب واطاحت بعدد من الانظمة ما المطلوب منها وكيف تسير؟
اوصي الشباب العربي ان لا تموت احلامهم..وثورة الربيع العربي التي قاموا بها هي بالدرجة الاولى ثورة تصحيح واذا لم تنته بوحدة العرب من المحيط الى الخليج فهي لم تبلغ اهدافها.. انظر على سبيل المثال العرب هم الوحيدون الذين لا يملكون مشروعاً وطنياً قبل الربيع العربي.. ولذلك السؤال الكبير الذي يطرح نفسه بقوة اليوم هو: هل ثورة الربيع العربي سينتج عنها المشروع العربي الذي كان غائباً في فترة ما قبل الثورة؟
الايرانيون لديهم مشروع والاتراك لديهم مشروع لكن العرب لا يملكونه.. ومن المفارقات اننا عندما نتحدث عن ايران ونقول عليهم بأنهم فرس هم ليسوا كلهم فرس ايران شعوب متعددة من البلوش والترك والعرب والفرس بل ان الفرس لا يشكلون اغلبية بالاضافة الى قوميات اخرى لكن لديهم مشروع وهم ماضون فيه منذ مائة عام.
ايضاً اخواننا في تركيا لديهم مشروع وحتي جيراننا في افريقيا لديهم مشروع على سبيل المثال الحبشة تملك مشروعاً.. ومن اجل ان يكون لدى العرب مشروع فيجب أن يكون مشروعاً توحيدياً بصيغة ما وتطور مع الزمن وان شاء الله يستمر ثلاثين عاماً حتى يتحقق وينتهي بكيان يتنافس مع مشاريع اخرى.
وان ظل العرب بدون مشروع وطني فعليهم ان يستعدوا ليكونوا مجالاً لمشاريع الآخرين ولنفوذهم.
اليوم هناك مشاريع لامبراطوريات اقليمية وقد تكون في المستقبل مشاريع لامبراطوريات دولية وهذه المشاريع الاقليمية عندما نتأمل فيها سنجد أن لها جذوراً تاريخية.. مثلما كان للاتراك وللفرس ولغيرهم.. صحيح أن الوضع اختلف الآن ومن الصعب ان نتصور ان امبراطورية ستهيمن على العالم لكن التوازن سيكون مهماً جداً.. ولذلك اقول ان العرب اذا كان لديهم مشروع وهو مشروع ثورات الربيع العربي فلا ينبغي أن ينتهي الان الذي عموده كما يبدو اسلامي ولا نريد له ان يكون مثل المشروع القومي عندما كان يتصارع القوميون مع بعضهم مثلما حدث في سورية والعراق.
أنا آمل أن تكون الدول الثلاث التي شهدت ثورات وهي مصر وتونس وليبيا أن يكون عندهم مشروع توحيدي لكن بشرط أن لا يقول الكبير اتبعوني وانما يجب على الكبير أن يراعي الصغير.
الولايات المتحدة الامريكية عندما توحدت قبل اكثر من مائة عام كانت خمسين دولة ونيويورك كانت اكبر المدن الامريكية وما تزال ولم يقولوا يجب أن تكون هي العاصمة ولا حتى كاليفورينيا وانما اختاروا منطقة صغيرة في الوسط وعملوا منها عاصمة ونفس الشيئ في الاتحاد الاوروبي لم تصر الدول الكبيرة مثل المانيا وفرنسا ان تكون العاصمة برلين أو باريس وانما اختاروا مدينة صغيرة جداً لتكون عاصمة الاتحاد هي بروكسل عاصمة بلجيكا، ولذلك نأمل من قيادات ثورات الربيع العربي ان يتخذوا خطوات مهمة تعيد احياء الامل في توحيد الشعوب العربية من خلال ابتكارها اطاراً يجعل الشعوب اقرب الى بعضها البعض وليس بالضرورة ان يتوحدوا بنفس الصيغ او الاحلام التي كانت تراودهم في الماضي..وليس بالضرورة أن يكون المشروع طبق الاصل لاي مشروع على مستوى العالم.. الايرانيون لديهم مشروع يجب أن نحترمه ولا يجب أن نلومهم وانما نلوم انفسنا لان نحن ليس لدينا مشروع حتى جزيرة العرب التي وحدها النبي محمد عليه الصلاة والسلام اصبحت مكونة من عدة دول لذلك انا اعول على الربيع العربي كثيراً وارجو ان لا يخيبوا آمالنا كما خيبت آمالنا مشاريع سابقة نأمل ان نستفيد من الاخطاء السابقة ونبني للاجيال القادمة مجالاً يتحرك فيه المواطن العربي من شرق الوطن العربي الى مغربة بحريه.
برزت مع ثورات الربيع العربي الحركات الاسلامية هل تعتقد أنها قادرة ان تحكم في حال وصولها الى السلطة.. ام انها ستفشل كما فشل قبلها القوميون واليساريون؟
لا اظن ان الفشل قدر هذه الامة بل بالعكس يجب على الحركات الاسلامية ان تستفيد من اخطاء من سبقها وايضاً تستفيد من اخطائها الاسلاميون كانوا يحلمون بوحدة أمة يزيد سكانها عن مليار ونصف من البشر وقد جاء الوقت الذي نقول لهم فيه ان هذا الحلم مشروع لكن عليهم اولاً أن يوحدوا العرب وبعدها تتوحد مع الايرانيين ثم مع الاتراك ثم مع شرق آسيا.. امة العرب ليست سهلة وانما هي من الامم التي اثبتت انها امة قوية ولا ننسى أن لغتها واسماءها وانجازاتها موجودة في كل ارجاء الدنيا لا اريد أن اقول ان التيار الاسلامي سينجح لانه اسلامي ولا ان القومي فشل لانه قومي.. لكن كان هناك نواقص واخطاء عانى منها المشروع القومي فكانت تعجلات وعواطف.. ولذلك آمل أن يستفيد المشروع الاسلامي ممّن سبقه بحيث يكون اكثر قابلية للنجاح وعملياً في نفس الوقت وان يخفض من غلواء الايديولوجيا.. لكن مع هذا لا اعيب على الايديولوجيا التوحد.. ولكن يجب أن تكون ايديولوجيا عملية وليس من النوع المحبط.
الشعارات التي ترفع الآن من قبل الحركات الاسلامية الا ترى فيها مبالغة وخاصة ما يتعلق بالاسلام هو الحل؟
ليس كل الشعارات يجب أن تكون تحت هذا البند.. بعضها معقولة جداً وبعضها فضفاضة مثل الاسلام هو الحل اليوم هناك مفاهيم متعددة للاسلام وعلينا ان نعتبر بما يجري في اليمن فأنصار الشريعة لهم فهم والحوثيون لهم فهم وحركات اسلامية اخرى لهم فهم فأي اسلام يريدون.. حتى غلاة التشيع يرفعون نفس الشعار.. لكن اريد القول ان الاسلام هو ذلك الاسلام الذي يستوعب العالم كله.. الاسلام القائم على رحمة كل من ليس مسلم وعلينا ان نتذكر ان الرسالة لم تنزل على النبي للعرب والمسلمين وانما هي نزلت لكل العالم -وما ارسلناك الا رحمة للعالمين- ولذلك يجب على المشروع النهضوي العربي الاسلامي ان ننظر اليه ليس ديناً فحسب وانما مشروع هوية وحضاة بالنسبة لنا وللعالم ويجب أن يستوعب الآخر لا ان يدمره.. الاسلام يتكامل مع العالم.. الرئيس التونسي قال انه يأمل من ثورة الربيع أن تكون ثمارها على العالم العربي والعالم اعظم من ثمار الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر وأعظم من الثورة الروسية في القرن العشرين نريد من ثورات الربيع العربي ان يكون لها عطاءات انسانية عابرة الحدود وعابرة الأديان.