الشيخ صبحي الطفيلي:حزب الله في مرحلة السقوط
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 11 سنة و 4 أشهر و 14 يوماً
الثلاثاء 25 يونيو-حزيران 2013 07:19 م

مشروع الطائفية والمذهبية هو مشروع النظام.. والمعارضة كانت حريصة جداً على تلوّن أطيافها

أتحدى مَنْ يقول إن الشيعة مع الأسد وغالبية شريحة حزب الله الداخلية ضد التدخّل في سوريا

التكفيريون ورقة يستخدمها كثيرون وسيضع السوريون حداً لهم

الحزب دخل الصراع السوري مكرهاً بأوامر إيرانية

في منزله المطل على باحة خضراء في بلدة عين بورضاي البقاعية، يفرد الأمين العام الأسبق لحزب الله، الشيخ صبحي الطفيلي، يومياته، يكشف لـ «الشرق» عن رؤيته وقراءته وموقفه من كل ما يجري من أحداث تعصف بالمنطقة.

يُكرِّر الرجل جهارةً، في الجزء الأول من الحوار، وقوفه إلى جانب الشعب السوري المقهور في وجه نظامه الظالم، يُدين تدخّل حزب الله في معركة القصير، لكنّه يعتب على علماء دين سنّة يرى أنهم يؤججون الفتنة، يدعوهم إلى العودة إلى القرآن الكريم، وعدم النفخ في نار الفتنة الطائفية باعتبار أن أغلبية الشيعة تقف إلى صف الشعب السوري وتألَمُ كما يألَم بعكس ما تُصوّر وسائل الإعلام ظلماً، وإلى نص الحوار:

كيف تنظر عموماً إلى الربيع العربي؟

- نحن نعيش منذ قرن مرحلة احتلال، احتُلَّت بلادنا بداية القرن الماضي، وُضِعَت لها أنظمة ودساتير، لنا حق أن نرسم مستقبلنا بيدنا، لنا حق أن نُعيِّن الحاكم الذي نريد، أن نضع القوانين التي تختارها شعوبنا، أن نخطط لمستقبل أفضل وننشد العدالة للجميع، وأن نعيش كما تعيش باقي الأمم، لا يجوز أن نبقى مجرّد قطيع تتحكم به الذئاب، ليس لدينا أي دور ولا أي كلمة، لسبب أو لآخر فُتح الطريق كي تُقرر بعض الشعوب مصيرها، في تونس رحل الحاكم، صار فيها انتخابات، يُمكننا القول إن صندوق الاقتراع يُعبّر عن السلطة، في مصر أيضاً، وأتمنى على الجميع أن يحتكموا إلى صناديق الاقتراع، أنا مع أن يصل الحاكم إلى السلطة بنصف الناخبين + 1 كي يتشجع على العمل، الربيع في تُركيا يُصنَع في صناديق الاقتراع، في تركيا لا إمكانية لربيع شعبي، ولذلك حينما طالبهم رجب طيب إردوغان باستفتاء رفضوا لأنهم أقلية، هذه ديكتاتورية عندما تقرر أقلية التحكّم في البلد تحت عنوان الأذى وشل البلد، هذا عمل فيه عدوان على الشعب ومؤسساته ومصالحه ومستقبله، الربيع يكون في الأنظمة الديكتاتورية، كما جرى في مصر وسوريا وليبيا وتونس، أنا في المطلق مع الربيع العربي، لأن الله سبحانه وتعالى جعل سلطان الأمة في يدها انطلاقاً من الآية الكريمة «وأمرهم شورى بينهم»، وكل ما يُخالف هذا الفهم لا أساس شرعياً له، الأمة هي التي تُعيّن الحاكم، وهي التي تعزله، ليس من حق أحد أن يتولى سلطان الأمة ويرسم مستقبلها من دون رضاها.

إلى أين يسير الوضع في سوريا؟ وهل ترى أفقاً للحل؟

- في الأسابيع الماضية استطاع النظام أن يضغط ما أوحى بأن المعارضة إلى انحسار، خاصة بعد مشاركة حزب الله العلنية في القتال إلى جانب النظام في القصير، لكن حسب ظني ليس مطروحاً انتصار أحد من الطرفين على الآخر، يمكن للمرء أن يصل إلى قناعة أن الدول الكبرى ليست بصدد حل المشكل السوري أو انتصار طرف على آخر، إنما هم بصدد إيجاد توازن عسكري واقتتال مستمر حتى تنضج الحلول المتوخاة لدى هذه الأطراف الدولية، الأمور ذاهبة إلى مزيد من التوتر، مزيد من القتال، وقد تكون إلى انتشار أوسع.

لو تمت التسوية، هل ترضى الدول الإقليمية اللاعبة في الأزمة ببشار الأسد أو بأحدٍ من حاشيته رئيساً يحكم سوريا؟

- كي نكون منطقيين، بقاء الأسد أو أحد أسرته على رأس السلطة يعني عملياً أنّ سوريا ما زالت كما كانت، حاكم مطلق الصلاحيات، وسلطة ما زالت في يد أسرة فوق القانون، ولأن الأنظمة الديكتاتورية ديكتاتورية، فهي تطرح شعارات ديمقراطية لكن ممارساتها ديكتاتورية، من هنا، موضوع طرح مرحلة انتقالية يعني تشكيل وزارة تملك صلاحياتها الكاملة وتؤسس لمناخ ديمقراطي كما تؤسس لدستور جديد وتهيئ الظرف لانتخابات شفّافة وحقيقية، هذا موضوع أساسي لحل الأزمة في سوريا، والطرح الذي يقول إن الرئيس السوري يدعو إلى الإصلاح كلام يثير أشد الاستغراب، إذ أي إصلاح يدعو إليه هذا، إذا لم يكن إصلاحاً سياسياً، إصلاحاً ينقل سوريا من نظام ديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي حقيقي، هذا الأمر لا يمكن أن يتم مع بقاء الأسد الذي أثبت أنّه غير ديمقراطي، لا يسمح لأحد أن يناقش أفكاره أصلاً قبل أن ينافسه على السلطة، برأيي هو غير مؤهل أن يكون هو المرحلة الانتقالية أو جزء أساسي منها، بل بالعكس، أنا مطمئن أن بشار إذا تُرك في موقعه خلال المرحلة الانتقالية، فلن ننتهي إلى نظام جديد، سنبقى على النظام القديم، ومن هنا، ترفض المعارضة بقاءه كي يكون هناك مجال لانتخابات حقيقية تأسيسية، وأتمنى أن يصل النظام السوري إلى مكان يفكر جدياً بالإصلاح، إذ هل يعقل مع كل هذا الدمار والخراب والحرب أن يفكر أي إنسان، أنّه هو مؤهل لأن يقود سوريا في المرحلة المقبلة، الحكام يسقطون في بلاد أخرى لحوادث تقع بالصدفة، فيعتبرون أنفسهم مسؤولين عنها ويستقيلون من الحكم، أنت حرقت البلد بيدك، أشعلتها من أقصاها إلى أقصاها، وتقول إنك مهيأ للحكم، لا.. الأمر ليس كذلك.

يقال إنّه لو كانت المعارضة قوية وموحدة لكانت فعلاً أسقطت النظام؟ كيف تنظر إليها؟

- حتى لو كانت المعارضة موحدة، لا يسقط النظام بسهولة، وإنما بعد حريق سوريا، لأنه نظام مدعوم من طائفة تملك قدرة عسكرية كافية لدمار سوريا، نحن من اليوم الأول دعونا إلى تغيير سلمي، وأنا كنت من الحريصين على ألا نقطع الأمل في الحلول السلمية، لأن ذلك يعني أن تُفكّر بمئات آلاف الضحايا، لا وبالملايين ربما، لإحداث التغيير في سوريا، لذا كان يجب أن تعمل المعارضة جاهدة لتُبقي معارضتها سلمية حتى تسقط النظام، للأسف النظام وكثير من الدول سعت إلى عسكرة المعارضة، لماذا تقاطعت مصالح هؤلاء في عسكرة المعارضة، من النظام إلى حلفاء المعارضة، هذه مسألة فيها نظر، اليوم تعسكرت المعارضة، واحترقت سوريا، ومع هذا، آفاق الحل العسكري ما زالت بعيدة، والاعتماد على الحل العسكري، يعني بالتأكيد، مئات الألوف من القتلى، بينما حسب نظري، بالإمكان لو كانت هناك نية صادقة لحل الأزمة في سوريا، بإمكان الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا، أن تفرض، وليس بالعسكر، على الرئيس السوري الاعتزال، أنا مقتنع بهذا منذ البداية، وأتمنى بجد أن يُعمَل للوصول إلى حل سلمي، يقولون إنّ تسليح المعارضة، هو لأجل إقناع الرئيس بالحل السلمي، أظن أنّ الأمر ليس كما يقولون.

ورقة التكفيريين

يُقال إن رأس حربة المعارضة هي جبهة النصرة والمجموعات التكفيرية؟ هل هذا الصحيح، وإن كان صحيحاً، هل برأيك يمكن لهذه المجموعات أن تصل بسوريا إلى دولة مدنية ديمقراطية أو أن يُتَاح المجال لهم كي يحكموا؟

- لا جدال أن هذه الورقة، ورقة التكفيريين، قاعدة وغيرها، هي ورقة تُستخدم من قِبَل كل مَنْ يظن أنّها يمكن أن تنفعه، معروف لدى الدوائر الأمنية والدولية أبعادها وحقيقتها وحجم خطرها، قبل شهور لم يكن أحد سمع بشيء اسمه جبهة النصرة، إلا بعدما أعلن الأمريكيون عن وجودها، ثم إن هناك علامات استفهام كثيرة عن الجهات التي تموّل هذه الجبهة وأهداف التسليح، ينقل كثيرون أن هذه الجبهة لديها أموال كثيرة، وأنّه في أحيان كثيرة سلاحها أفضل من الباقين، هناك جهات دولية تقف وراءها، مَنْ هم هؤلاء؟ إذا كان حقيقةً أن الأمريكيين وحلفاءهم خائفون من المتطرفين، يُفترَض على الأقل أن يعلموا مَنْ يقف خلف تسليحهم والإمكانات المالية، هذا إن لم يكونوا هم، الأمر الآخر أثبتت الشعوب في المنطقة أن المناخ الغالب هو الاعتدال، والانتخابات وصناديق الاقتراع في كل من تونس وليبيا ومصر، أثبتت أن الشعب مع الاعتدال، وضد التطرف، خاصة هذا النوع من التطرف، الأكيد أن الشعب السوري أيضاً هو من نسخ هذه الشعوب، وهو ينبذ التطرّف، لذلك أنا مطمئن إلى أن الشعب السوري يستطيع أن يضع حدّاً لأمثال هذا التطرّف، وإذا حاول البعض أن يتصيّد في هذا الماء، فهذه مسائل قد تكون من جهات تُريد الإساءة للمعارضة، تلبس لبوسها وترتكب جنايات وأعمالاً إجرامية وتصوّرها وتنشرها حتى تلصقها بالمعارضة.

الأمر الثاني، هناك مجرمون وقتلة ولصوص في أي مجتمع، وهؤلاء يرتكبون هكذا أعمالاً لأنهم مجرمون، في سوريا تكثر الجريمة ولا أحد يستطيع أن يمنع أحداً لأنه كما هو معروف المعارضة ممزقة وممنوع أن تتوحّد، حتى تضع حدّاً لأمثال هؤلاء.

ثالثاً: في كل مجتمع هناك متطرفون والظلم يزيد التطرف، نحن ندين أي جريمة وندعو لمعاقبة أي مجرم تحت أي عنوان كان، هناك أناس نتيجة الظلم اللاحق بهم، ومقتل كثير من أصحابهم وأهليهم، يشطحون بالتطرف إلى أماكن مرفوضة شرعاً وإنسانياً، هل يُعقل أن أتذكر فقط جريمة ارتكبها شخص بقتل طفل أو امرأة أو شيخ، ولا أتذكر الطائرات والصواريخ التي تقتل البشر وتحرق منطقة بأكملها، هذه جريمة شخص، لكن هذه جريمة دولة، نحن مع معاقبة هؤلاء الذين قتلوا هذا بغير حق، لكن على أن يقف النظام بالقفص نفسه ليُحاكَم على كل جرائمه.

في رأيك، ما يحصل في سوريا حرب أهلية أم فتنة طائفية؟ ماذا عن السنّة الذين يقفون في صفّ النظام السوري؟

- إذا لاحظت أنّه مع بداية الاعتراض، الرئيس السوري كان واضحاً، حذّر من انفراط الوحدة الوطنية، يومها استغربت جرأته المبكرة على التهديد بتقسيم سوريا، كان يعني حينها أنّه إما أنا على رأس البلد أو تقسيم سوريا، والتقسيم يعني منطقة علوية ومنطقة سنية وهكذا، من هنا أريد أن أصل إلى أن مشروع الطائفية والمذهبية هو مشروع النظام، بينما المعارضة كانت حريصة جداً على تلوّن أطيافها، كانوا يحتفلون عندما يكون في المظاهرة علوياً، كي تعطي انطباعاً أنّها معارضة وطنية، بينما النظام كان حريصاً أن يدفعها باتجاه الصراع المذهبي كي يحمي ظهره، أما أنه في النظام مَنْ هو مستفيد، صحيح هناك ناس مستفيدون من الوضعية لكن ذلك لا يُغيّر في الحقائق شيئاً، لا يعني أنّ الأمر خرج عن كونه صراعاً طائفياً، مثلاً رئيس الائتلاف مسيحي، وقبلها كان كردياً، كذلك تسعى المعارضة لضم عديد من العلويين إلى المجلس الوطني كي يُعطَى هذا البُعد، سياستهم ضد أي ممارسة تأخذ منحى مذهبياً، ودخول حزب الله إلى سوريا علناً، والقول إن كل مَنْ يخالفنا القول فليذهب ويقاتلنا في سوريا، وما أعقب ذلك من مواقف دول عربية وإسلامية وعلماء مسلمين من أبناء مذاهب أخرى، جعل الصراع في السوريا على سكة صراع مذهبي تشمل المنطقة وهذا جنون، لا أستطيع أن أتصور مكاناً ثانياً لمَنْ خطط له.

هل يجوز القول إن العلويين يُدافعون عن النظام ضد السنّة؟

- معلوماتي أن العلويين ليس كلهم منخرطون في الصراع، كمثال: «المرشدية» وهي طائفة من العلويين، هي على الحياد والجميع يحترم حياديتهم، نعم النظام بحكم قدرته ومجموعة اعتبارات استطاع أن يوجد مناخاً في الوسط العلوي يستفيد منه لتجنيد المقاتلين لخدمته، وهذا ما حصل.

مصلحة إسرائيل

ماذا عن مصالح الدول المحيطة بسوريا، لنبدأ بإسرائيل، ما هي مصلحتها في رحيل النظام الذي وفر لها الأمان على مدى سنوات، كي يأتي نظام لا تعلم عنه شيئاً؟

- أحد أبرز نتائج دراسة معالم الوضع مستقبلاً هو أن يقف الإنسان عند المصلحة الإسرائيلية المدعومة غربياً، الإسرائيليون مرتاحون، والتغيير في سوريا، إذا لم يكن لمصلحتهم في المستقبل، فبالتأكيد سيعملون على ألا يحصل، لن يسعى الإسرائيليون وحلفاؤهم إلى تغيير يضرهم، وحسب نظري، مصلحتهم، إذا تمّ حسم مسألة رحيل النظام، تنحصر في خيارين، إما دمار سوريا نهائياً، وإخراجها من الخارطة السياسية، تمزيقها، بمعنى إرجاعها ستين أو سبعين سنة إلى الخلف، أو المجيء بقيادة تخدم مصالح إسرائيل تماماً كما كان يفعل بشّار، من هنا نفهم الضغط على المعارضة السياسية الحالية ومنعها من التوحّد، على أمل القبول بخيارات تخدم المصالح الإسرائيلية.

فيما يتعلق بدور لبنان، بداية طُرِح نأيه عمّا يجري في سوريا، وحُكِيَ عن نأي إيجابي ونأي سلبي، كيف ترى الدور اللبناني في الأزمة السورية؟

- الأزمة تؤثر في لبنان وهو لا يؤثر في الأزمة السورية، لبنان صغير وضعيف وغير قادر على أن يكون فاعلاً في الأزمة رغم كل ما يقال عن تدخل حزب الله أو غيره، حزب الله له إمكانات محدودة وقدرته على التوغل في المستنقع السوري ضيقة، وإذا أصرّ على بقائه مشاركاً في القتال في سوريا، تأكله الفتنة بسرعة ولا يبٍقى منه شيء، مصلحته في أن يهرب وبسرعة قبل أن تبتلعه نارها، نحن سقطنا وننتظر الارتطام، نحن في مرحلة السقوط.

مَنْ أنتم؟ الشيعة أم حزب الله؟

- نحن حزب الله، ومهما حاولنا إعطاء الانطباع بأن الطائفة الشيعية هي المتورطة فهذا غير صحيح، وأنا أتحدى كل مَنْ يقول هذا، رغم كل التضليل الإعلامي ولنقُم باستفتاء حقيقي في الطائفة، أنا مستعد أن نستفتي شريحة حزب الله الداخلية، سنجد الأغلبية الساحقة ضد التدخّل في سوريا.

إذاً، لماذا تدخّلوا؟

- دخلوا مكرَهين بأوامر من إيران.