مَعَ العَقْلِ.. ضِدَّ المَهْزَلَة!
بقلم/ معاذ الخميسي
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 11 يوماً
الإثنين 19 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 09:20 ص

* لم أعدْ أدري بالضَّبطِ.. ما الَّذي يريدونَه مِنْ طالبٍ مُجتهدٍ ومُتميِّزٍ، ذهَبَ في منحةٍ دراسيَّةٍ خارجيةٍ فلم يلعبْ ولم يفشلْ ولم يتحوَّلْ إلى سفيرٍ متجوِّلٍ للفشلِ و(الصَّعلكةِ)!!.. ولم يستمرْ سنواتٍ طوالاً وهو في مكانِهِ يُكرِّرُ (الرُّسوبَ) بينما مساعدتُهُ الماليةُ مستمرةٌ.. ولم يكنْ من أولئك أصحابِ السَّطوةِ والحظوةِ ممَّن يتركون مقاعدَ الدِّراسةِ في الجامعاتِ ويغادرون إلى بُلدانٍ أُخرى للنُّزهةِ أو يعودون إلى اليمنِ، والمصروفُ الشَّهريُّ المُقرَّرُ يلحقُ بعدَهم إلى حيث ولُّوا وجوهَهم.. !

* ماذا يريدُ القادمون الجُددُ.. من طالبٍ متَفَرِّغٍ لحصدِ النَّجاحاتِ العلميةِ في الخارجِ.. ملتزمٍ سلوكياً ودينياً وعلمياً.. ولا يعرفُ في الغُربةِ سوى الطَّريقِ منَ السَّكنِ إلى الكُلِّيةِ.. لا يزوغُ يميناً ولا يلعبُ شمالاً.. ولا يهتمُّ بالمظاهرِ التي أغرقتْ كثيراً مِنَ الطُّلابِ الدَّارسين وخاصَّةً الكثيرَ منَ (المُنغنغين).. وكلُّ ما يسعى له ويبذلُ من أجلِهِ التَّعبَ والسَّهرَ هو النَّجاحُ.. وليس فقط النَّجاحُ بل الإمتيازُ حتَّى يعودَ إلى وطنِهِ ليُسهمَ في البناءِ والنَّماءِ والتَّطوُّرِ بما يحملُه مِنْ قدراتٍ ومؤهَّلاتٍ علميةٍ هي عند مَنْ وصلوا إلى الحَدَاثةِ والنَّجاحاتِ الاقتصاديةِ والعلميةِ والاجتماعيةِ بيتُ القصيدِ وأهمُّ المُهمِّ في رحلةِ الألفِ ميل التي تبدأُ بخطوةٍ.. وهذه الخطوةُ هي بلا شكٍّ (العِلمُ) وليس الجهل كما قد يظنُّ البعضُ، فيعملُ على استثمارِ محدوديةِ قدراتِهِ ومؤهَّلاتِهِ ليقفَ حَجَرَ عثرةٍ أمامَ مَنْ يأتي بالنَّجاحِ العِلميِّ والتَّميُّزِ مِنْ قرونهما!!

* أتمنَّى أنْ أعرفَ ما الذي يريدونَهُ مِنْ أصحابِ العقولِ النَّيِّرةِ.. وعباقرةِ العِلمِ.. الَّذين يرفعونَ رؤوسَنا عالياً بنجاحاتِهم.. ثمَّ يأتي مَنْ يريدُ أنْ ينكسَ رؤوسَهم مرَّةً واحدةً.. بلا ذنبٍ.. وبلا جُرمٍ.. سوى أنَّهم أخلصوا.. أبدعوا.. تألَّقوا.. وتميَّزوا.. ظنَّاً منهم أنَّهم في بلدٍ يحتفي بالتميُّزِ.. ويُسعدُهُ جداً عندما يأتي طالبُ الدِّراسةِ الجامعيةِ أو العُليا مِنْ منحةٍ تعليميةٍ خارجيةٍ وهو يحملُ تقديرَ جيِّد جداً.. أو امتياز.. فتتمُّ رعايتُهُ.. والاهتمامُ به..!!

* أمامي قرارُ إيفادِ لوزيرِ التَّعليمِ العالي هشام شرف وهو يؤكِّدُ في المادةِ الرَّابعةِ على التَّالي (لا يحقُّ للطُّلاب المطالبةُ بالرُّسومِ الدِّراسيةِ أثناءَ الدِّراسةِ أو لاحقاً).. هكذا بدونِ مُقدّماتٍ ولا تقديرٍ ولا احترامٍ للجهدِ ولا للتميُّزِ.. يدخلُ طُلابُ الماجستير والدكتوراه (حفرةً) مُخصَّصةً لقتلِ نجاحاتِهم ووأدِ طموحاتِهم وهم الذين منحهم قانونُ التَّعليمِ العالي فرصةَ نيلِ الماجستير أو الدكتوراه إذا ما حصلوا على تقديرِ (جيِّد جداً) أو (امتياز).. وفجأةً يأتي مَنْ يعتبرُهم (شويه فرغ) بل ويزيدُ في القولِ: (لا يدوشونا بالدَّال.. بكره أنا قادر أجيبها من أي جامعة..يبطلوا فلسفه).. وبالطَّبعِ هذا نموذجٌ لمن افسدوا أنفسَهم ومَنْ حولَهم ويريدون أن يفسدوا على الآخرين حقَّهم في نيلِ الدَّرجةِ العلميةِ العاليةِ.. وهم مِنَ الذين استطاعوا (بفلوسهم) شراءَ البكالوريوس وربما الماجستير وما بعدها بالمُراسلةِ أو بطُرقٍ أُخرى وما أكثرها!!

* قولوا لي في أيِّ دولةٍ.. وأيِّ قانونٍ.. وأيِّ عُرفٍ.. وأيِّ عقلٍ.. يتمُّ تحميلُ طالبَ الجيِّد جداً والامتياز رسومَ المقعدِ الدِّراسيِّ إذا ما أرادَ أن يواصلَ دراستَهُ؟! وكيف يمكنُ لطالبِ الماجستير أو الدُّكتوراه أن يوفِّرَ رسومَ المقعدِ الدِّراسيِّ الذي يصلُ في كلِّ عامٍ إلى (سبعة آلاف دولار)؟!.. وهل يعتقدُ المسئولون عن هذه (المهزلةِ) أنَّ الذين أتوا بالامتيازِ وطموحهم في المواصلةِ هم مِنَ المسنودين إلى ظهورِ أبائِهم المسئولين أو المريِّشين ومِنَ السُّهولةِ أنْ يوفِّروا المبلغَ السَّنويَّ في لَمحِ البَصَرِ..!

* أنا هنا لا أبالغُ.. ولا أهاجمُ.. ولستُ مُتحاملاً.. فقط.. أنا متضامنٌ معَ العقلِ الذي يريدُ أن يتميَّزَ ويبني ويطوِّرُ.. وسبقَ أن كتبتُ في نفسٍ الموضوعٍ قبلَ أسابيعَ ووافاني الشَّبابُ بصورةٍ من توجيهِ رئيسِ الحكومةِ الأستاذ محمَّد سالم باسندوة الموجَّهِ لوزيرِ الماليةِ باعتمادِ الرُّسومِ.. وهذا تفاعلٌ مشكورٌ لرئيسِ الوزراءِ ومحلُّ ثناءِ الجميع.. لكن وإذا بعدُ هذا التوجيهِ؟.. وهل يتجاوبُ الوزيرُ صخر الوجيه أم سيعتبرُ هؤلاء الطُّلابَ مجرَّد عقولٍ فائضةٍ لا حاجةَ لها.. أو (مشعبيّن) يريدون أن يثقلوا ميزانيةَ الدَّولةِ.. وكلُّ الذي يحتاجونه لا يصلُ إلى جزءٍ بسيطٍ جداً مما يُنفقُ على أعضاءِ سفاراتٍ لا مهامَ لهم ولا مسئوليةَ ولا داعيَ لوجودِهم على الإطلاق..!

* سنتفاءلُ خيراً في الوزيرِ المالي.. وكلُّ ما يفترضُ أن يفعلوه.. اعتذارٌ لعقولٍ ذنبُها الوحيدُ أنَّها تميَّزتْ.. واعتمادُ الرُّسومِ.. وكشفُ مَنْ هو صاحبُ الفكرةِ الجهنميةِ (تنزيل رسوم المقعد الدراسي على طُلاب الدراساتِ العُليا) لنعرفَ مَنْ هو هذا (الطّحطوح) الذي يقفُ وراءَ (المهزلة)!!

مشاهدة المزيد