|
ليس هناك من شك في أن لدى الجميع قناعة تامة وإيمان راسخ بأن الحوار قيمة عليا دعت إليها الديانات السماوية وحثت عليها، وتمثلها الأنبياء في إقناعهم المدعوين، وأفضت تجارب الأمم إلى قناعة فحواها أن لا بديل عن الحوار كونه العلاج الناجع والطريق القويم للبحث في بدائل مختلفة لحل المشكلات المتراكمة واختيار البديل المناسب بأقل الخسائر وأقصر الطرق.
وعند اختلال ميزان هذه القيمة العظيمة أو اختفائها فإن البديل عن ذلك ظهور قيم أخرى مضادة هي أكثر قربا إلى قانون الغاب الذي يكون فيه القوي هو من يتحكم في المقدرات ويرتع وفقا لرغباته وغرائزه التسلطية، والشواهد على ذلك متناثرة في أرجاء التاريخ قديمه وحديثه، وحتى لا نبتعد كثيرا فما شهدته الأنظمة العربية التسلطية – ومنها بلا شك اليمن – من استفراد طرف واحد بكل مقدرات الأمة وتعطيل قيمة الحوار مع الآخر وإحالته مبكرا للتقاعد، فكان من الطبيعي أن تتولد حالة من الكبت الذي ينتهي -طبيعيا- بالانفجار الشعبي المدوي والذي شهدنا أمثلة عليه في الثورات الشعبية الشبابية السلمية التي هدفت فيما هدفت اليه إلى استعادة منظومة القيم التي دفنتها النظم الفردية التسلطية، وإعادة الأمور إلى نصابها لتفضي إلى تغيرات طالما حلم بها كل مواطن تطال المنظومة القيمية والأخلاقية وتبعث فيها الروح من جديد، تغيرات تطال البنية الاجتماعية المهترئة بفعل التفكيك الممنهج لتلك البنية من الأنظمة الغاصبة بغية إيجاد مراكز اجتماعية مضمونة الولاء لرأس النظام، تغيرات تطال أيضا الوضع الاقتصادي المنهار منعدم الرؤية ومتفاقم السوء.
ولا شك أن قيمة الحوار تأتي على رأس سلم القيم التي استطاعت الثورات الشعبية إعادتها إلى الوجود ولتكون الساحات الممتدة على طول البلاد وعرضها مسرحا لتمثلها من خلال الاستماع إلى كل وجهات النظر واحترام الرأي والرأي الآخر وليختلف كليا عما كان يدار في العقود الماضية شكلا ومضمونا.
إننا إذ نقترب من ساعة الصفر لتحديد مستقبل اليمن ورسم ملامح ذلك المستقبل فإنه تثور تساؤلات منطقية وملحة في هذا الصدد وهي هل الأجواء السياسية والعلاقات البينية بين كافة الأطراف والقوى ملائمة لإجراء هذا الحوار؟ وهل الأطراف الفاعلة لديها القناعات بضرورة تقديم تنازلات لمصلحة الوطن؟ هل أزيلت كافة العقبات والمطبات السياسية والأمنية التي نصبت لإفشال الحوار؟ ما مدى قبول الأطراف المتحاورة بضرورة خلع رداء الحزبية الضيقة والمناطقية البغيضة والاتشاح برداء الوطن فقط؟ ما السبيل إلى إيقاف التدخلات الخارجية التي تسعى جاهدة إلى عرقلة الحوار وتنفيذ أجندتها الخبيثة؟
كل تلك التساؤلات وغيرها كثير تحتاج إلى إجابات منطقية تزيل اللبس وتزيح الضبابية القاتمة التي تحجب إلى حد كبير الرؤية عن الغالبية العظمى من أبناء الوطن، خصوصا وأن مقدار التجاذبات والصراعات السياسية ما تزال عميقة والفجوة التي بين كافة الأطراف عميقة أسبابها متعددة ومعقدة إلى حد كبير بعضها يرجع إلى إرث تاريخي داخلي والآخر بلا شك خارجي متعدد الأطراف والأطياف والنوازع.
إننا إذ نقف على أعتاب مرحلة فاصلة في التاريخ اليمني المعاصر فإن مسئولية إنجاح المؤتمر ووضع لبنات الوطن الجديد وتحديد معالمه تتوزع على كل أفراد الشعب بداية برئيس الجمهورية وحكومته ومرورا بالأحزاب السياسية والمنظمات الجماهيرية والكيانات المختلفة وانتهاء برجل الشارع، وهذه المسئوليات تختلف في حجمها وأثرها من طرف لطرف ومن كيان لآخر لكن المسئولية الوطنية تقتضي تحمل كل الأطراف هم الوطن وإخراجه من عنق الزجاجة إلى فضاء رحب تسود فيه قيم ومبادئ يتم الاتفاق عليها ويرتضيها الجميع.
وقبل الولوج في هذا الحوار الذي يعلق الجميع عليه كافة الآمال فإن هناك مسئوليات مشتركة ومستعجلة ينبغي تبنيها لتهيئة الجو المناسب وإعادة الثقة بين الأطراف الممثلة في المؤتمر، فرئيس الجمهورية وحكومته يتحملون الجزء الأكبر والعبء الأثقل وذلك بأن يستمروا في ضخ مزيد من القرارات الجريئة والسريعة في الجانبين العسكري والمدني -والتي قُطعَت فيها أشواط كبيرة- حتى تزيل الركام العميق وتعيد الثقة في مدى جدية الحوار وجدواه، كما أن على الأحزاب مسئولية كبرى في جسر الفجوة العميقة وذلك بأن يقفوا بجدية أمام أنفسهم ومكوناتهم التنظيمية لينتصروا لإرادة الوطن لا لإراداتهم الحزبية الضيقة، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن عليهم أن يوقفوا حملات التحريض والتخوين ضد بعضهم البعض، ليتبنوا خطابا تصالحيا معتدلا، كما أن المسئولية لا تقتصر على تغيير لغة الخطاب فحسب بل يتعدى ذلك إلى تشغيل ماكيناتهم التوعوية وأجهزتهم المختلفة لتنزل إلى القواعد الحزبية والشعبية لتهيئتهم وتوعيتهم بأهمية الحوار في حل ما يمكن حله من قضايا شائكة وركام من المشكلات المستعصية وتقديم تنازلات كلما اقتضت مصلحة الوطن ذلك، كما إن مسئوليةً كبرى أمام الأحزاب عليهم تحملها وهي أن يتبنى كل حزب رؤية وقرارات يمنية خالصة تنطلق من قناعات ذاتية وطنية لا ترتهن للخارج بأي شكل من الأشكال وتتبنى أجنداته، وهنا لا بد أن يدرك الجميع أن مصلحتهم ومصلحة اليمنيين أجمع مستقبلا ليس في تبني رؤية خارجية لها مغازيها وأطماعها وبالتالي الوقوف أمام تلك الأطماع والأهداف الخبيثة بالتحذير منها ورفضها بشكل قاطع.
إننا اليوم أمام لحظة فارقة في تاريخ اليمن واليمنيين ومفترق طرق يجب أن يقدموا أنموذجا فريدا للتغيير نحو بناء الدولة الحديثة ويثبتوا للعالم أنهم قادرون على إدارة أمورهم بأساليب متحضرة لإنقاذ بلدهم من الانزلاق إلى الهاوية والولوج في أتون صراعات لا تنتهي، سيكون الوطن فيها هو الخاسر الاول ولا يكون فيها مكان لمنتصر سوى أعداء الوطن من الخارج والداخل.
وعند اختلال ميزان هذه القيمة العظيمة أو اختفائها فإن البديل عن ذلك ظهور قيم أخرى مضادة هي أكثر قربا إلى قانون الغاب الذي يكون فيه القوي هو من يتحكم في المقدرات ويرتع وفقا لرغباته وغرائزه التسلطية، والشواهد على ذلك متناثرة في أرجاء التاريخ قديمه وحديثه، وحتى لا نبتعد كثيرا فما شهدته الأنظمة العربية التسلطية – ومنها بلا شك اليمن – من استفراد طرف واحد بكل مقدرات الأمة وتعطيل قيمة الحوار مع الآخر وإحالته مبكرا للتقاعد، فكان من الطبيعي أن تتولد حالة من الكبت الذي ينتهي -طبيعيا- بالانفجار الشعبي المدوي والذي شهدنا أمثلة عليه في الثورات الشعبية الشبابية السلمية التي هدفت فيما هدفت اليه إلى استعادة منظومة القيم التي دفنتها النظم الفردية التسلطية، وإعادة الأمور إلى نصابها لتفضي إلى تغيرات طالما حلم بها كل مواطن تطال المنظومة القيمية والأخلاقية وتبعث فيها الروح من جديد، تغيرات تطال البنية الاجتماعية المهترئة بفعل التفكيك الممنهج لتلك البنية من الأنظمة الغاصبة بغية إيجاد مراكز اجتماعية مضمونة الولاء لرأس النظام، تغيرات تطال أيضا الوضع الاقتصادي المنهار منعدم الرؤية ومتفاقم السوء.
ولا شك أن قيمة الحوار تأتي على رأس سلم القيم التي استطاعت الثورات الشعبية إعادتها إلى الوجود ولتكون الساحات الممتدة على طول البلاد وعرضها مسرحا لتمثلها من خلال الاستماع إلى كل وجهات النظر واحترام الرأي والرأي الآخر وليختلف كليا عما كان يدار في العقود الماضية شكلا ومضمونا.
إننا إذ نقترب من ساعة الصفر لتحديد مستقبل اليمن ورسم ملامح ذلك المستقبل فإنه تثور تساؤلات منطقية وملحة في هذا الصدد وهي هل الأجواء السياسية والعلاقات البينية بين كافة الأطراف والقوى ملائمة لإجراء هذا الحوار؟ وهل الأطراف الفاعلة لديها القناعات بضرورة تقديم تنازلات لمصلحة الوطن؟ هل أزيلت كافة العقبات والمطبات السياسية والأمنية التي نصبت لإفشال الحوار؟ ما مدى قبول الأطراف المتحاورة بضرورة خلع رداء الحزبية الضيقة والمناطقية البغيضة والاتشاح برداء الوطن فقط؟ ما السبيل إلى إيقاف التدخلات الخارجية التي تسعى جاهدة إلى عرقلة الحوار وتنفيذ أجندتها الخبيثة؟
كل تلك التساؤلات وغيرها كثير تحتاج إلى إجابات منطقية تزيل اللبس وتزيح الضبابية القاتمة التي تحجب إلى حد كبير الرؤية عن الغالبية العظمى من أبناء الوطن، خصوصا وأن مقدار التجاذبات والصراعات السياسية ما تزال عميقة والفجوة التي بين كافة الأطراف عميقة أسبابها متعددة ومعقدة إلى حد كبير بعضها يرجع إلى إرث تاريخي داخلي والآخر بلا شك خارجي متعدد الأطراف والأطياف والنوازع.
إننا إذ نقف على أعتاب مرحلة فاصلة في التاريخ اليمني المعاصر فإن مسئولية إنجاح المؤتمر ووضع لبنات الوطن الجديد وتحديد معالمه تتوزع على كل أفراد الشعب بداية برئيس الجمهورية وحكومته ومرورا بالأحزاب السياسية والمنظمات الجماهيرية والكيانات المختلفة وانتهاء برجل الشارع، وهذه المسئوليات تختلف في حجمها وأثرها من طرف لطرف ومن كيان لآخر لكن المسئولية الوطنية تقتضي تحمل كل الأطراف هم الوطن وإخراجه من عنق الزجاجة إلى فضاء رحب تسود فيه قيم ومبادئ يتم الاتفاق عليها ويرتضيها الجميع.
وقبل الولوج في هذا الحوار الذي يعلق الجميع عليه كافة الآمال فإن هناك مسئوليات مشتركة ومستعجلة ينبغي تبنيها لتهيئة الجو المناسب وإعادة الثقة بين الأطراف الممثلة في المؤتمر، فرئيس الجمهورية وحكومته يتحملون الجزء الأكبر والعبء الأثقل وذلك بأن يستمروا في ضخ مزيد من القرارات الجريئة والسريعة في الجانبين العسكري والمدني -والتي قُطعَت فيها أشواط كبيرة- حتى تزيل الركام العميق وتعيد الثقة في مدى جدية الحوار وجدواه، كما أن على الأحزاب مسئولية كبرى في جسر الفجوة العميقة وذلك بأن يقفوا بجدية أمام أنفسهم ومكوناتهم التنظيمية لينتصروا لإرادة الوطن لا لإراداتهم الحزبية الضيقة، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن عليهم أن يوقفوا حملات التحريض والتخوين ضد بعضهم البعض، ليتبنوا خطابا تصالحيا معتدلا، كما أن المسئولية لا تقتصر على تغيير لغة الخطاب فحسب بل يتعدى ذلك إلى تشغيل ماكيناتهم التوعوية وأجهزتهم المختلفة لتنزل إلى القواعد الحزبية والشعبية لتهيئتهم وتوعيتهم بأهمية الحوار في حل ما يمكن حله من قضايا شائكة وركام من المشكلات المستعصية وتقديم تنازلات كلما اقتضت مصلحة الوطن ذلك، كما إن مسئوليةً كبرى أمام الأحزاب عليهم تحملها وهي أن يتبنى كل حزب رؤية وقرارات يمنية خالصة تنطلق من قناعات ذاتية وطنية لا ترتهن للخارج بأي شكل من الأشكال وتتبنى أجنداته، وهنا لا بد أن يدرك الجميع أن مصلحتهم ومصلحة اليمنيين أجمع مستقبلا ليس في تبني رؤية خارجية لها مغازيها وأطماعها وبالتالي الوقوف أمام تلك الأطماع والأهداف الخبيثة بالتحذير منها ورفضها بشكل قاطع.
إننا اليوم أمام لحظة فارقة في تاريخ اليمن واليمنيين ومفترق طرق يجب أن يقدموا أنموذجا فريدا للتغيير نحو بناء الدولة الحديثة ويثبتوا للعالم أنهم قادرون على إدارة أمورهم بأساليب متحضرة لإنقاذ بلدهم من الانزلاق إلى الهاوية والولوج في أتون صراعات لا تنتهي، سيكون الوطن فيها هو الخاسر الاول ولا يكون فيها مكان لمنتصر سوى أعداء الوطن من الخارج والداخل.
في الثلاثاء 12 مارس - آذار 2013 05:39:02 م