الكشف عن القيادي الحوثي المسؤول عن تهريب الأسلحة الإيرانية التحركات واللقاءات العسكرية العليا.. هل قررت الشرعية خوض معركة الحسم مع مليشيا الحوثي؟.. تقرير رفقة محمد بن زايد.. شاهد ثاني ظهور لطارق صالح عقب إصابته بحادث مروري في الساحل الغربي حزب الإصلاح يعلق على إشهار التكتل الوطني للمكونات السياسية تونس تحقق نجاحاً كبيراً في تصدير الذهب الأخضر إسرائيل تدك أكثر من 40 ألف وحدة سكنية في جنوب لبنان وتجعلها ركاما وانقاضا عاجل: أمريكا تحبس أنفاسها وتتحصن مع تفاقم التوترات وترامب يعلن واثق من الفوز وايلون ماسك يحذر من هزيمة المرشح الجمهوري واخر انتخابات في تاريخ أمريكا لأول مرة في تاريخها… التعديلات الدستورية الجديدة في قطر وتجربتها الديمقراطية عثمان مجلي يصارح الخارجية البريطانية: الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة بحضور دبلوماسي ومباركة رئاسية .. عدن تشهد ميلاد أكبر تكتل وطني للمكونات السياسية يضع في طليعة أهدافه استعادة الدولة وإقتلاع الإنقلاب وحل القضية الجنوبية
مأرب برس – خاص
دعونا نقرر في البدء مشروعية بل وجوب المطالبة الحثيثة بممارسة حرّية التفكير والتعبير، نظرا لواقع القمع والقهر الذي يعيشه الإنسان العربي على وجه الخصوص . ولكن لابد من الإشارة كذلك إلى أن ثمّة خطأ شائعاً لا يزال يحظى ببعض الرواج بين قطاع من عوام المثقفين ولا سيما بعض أولئك المعجبين بالنموذج الغربي في إطار حرّية التفكير والتعبير ظناً منهم أن ثمّة تلازماً بينهما بلا حدود أو قيود .
والحق أنه مع التأكيد على مشروعية تلك المطالبة بل ووجوبها فإن الاعتقاد بذلك التلازم والإطلاق هو الإشكال الحقيقي الذي يشغب على المسألة من جذورها، ويفقدها المشروعية- من ثمّ- شيئاً فشيئاً، كما يسهم في إضعاف المصداقية لدى المطالبين بها، و يحيل الأمر برُمّته بعد ذلك إلى مطلب ترفي أو أقرب إليه، إذ الشطط في المطالبة ليس بأكثر من دعوة مباشرة لرد فعل متطرّف يساويها في القوّة ويضادّها في الاتجاه، وفق القانون الفيزيائي الشهير.
وإذا كان من المتعّذر على كاتب هذه السطور في هذه الزاوية إيراد الشواهد العديدة من واقع حرّية التعبير في الدوائر الفكرية والثقافية والسياسية الغربية المؤكّدة أن الغرب يضيق بحرّية التعبير حين تتعارض مع ثوابته السياسية – قبل أي ثابت فكري أو ثقافي أو ديني- ؛ فإنه سيقتصر هنا على إيراد نص المادتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن هيئة الأمم المتحدة. وقد نصّت المادة (18) على حرّية التفكير ولكن على النحو التالي:
"1- لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده أو مع جماعة ، وأمام الملأ أو على حده.
2-لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره.
3-لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.
4-تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة."
وأما المادة(19) فمع تأكيدها على حق الحرّية في التعبير فإنها تتبع ذلك ببعض القيود واضحة الصرامة، وذلك على النحو التالي:
"1-لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2-لكل إنسان حق في حرية التعبير . ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فنى أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
3-تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة(2) من المادة واجبات ومسؤوليات خاصة . وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية: (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم.
( ب)لحماية الأمن القومى أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة".
والآن لا بد أن هذه القيود الواردة في نص المادتين ولا سيما الثانية منهما(19) ستثير فينا إعادة السؤال المحوري حول وهم التلازم والإطلاق بين حرية التعبير وحرّية التفكير، مع التذكير بأن هذه الصياغة لم يشترك فيها فقيه أو حقوقي مسلم يستند فيها إلى المرجعية الإسلامية، بل هي صياغة (علمانية) و(ديمقراطية) بامتياز! حيث التحرّر من كوابح الدين وأيديولوجيات المتدينين.
من هنا فلا غرو أن يحدِّد المجتمع الإسلامي النظرة إلى حرية التفكير وفق قوانين الشريعة الإسلامية، وبما تقتضيه حماية السلامة العامة، أو النظام العام في هذا المجتمع، وفق القانون الإسلامي. وليس مقبولا ولا معقولاً بحال أن نتفق على ضرورة قيام الضوابط والقيود لممارسة حرّية التعبير، ثمّ يُطالَب المجتمع الإسلامي وحده بالتحلّل من القيود والضوابط المنبثقة من مرجعيته الإسلامية وروح التشريع الإسلامي ومقاصد الدين. فضلا عن أن يندفع بعض غرباء المكان للمطالبة بالتقيّد بضوابط الآخر وقيوده، وكأنّها وحدها المقدّسات المطلقة الصالحة للعالمين، وكل الأزمنة والأمكنة، بحيث لا يأتي عليها التعقيب أو الاستدراك من بين يديها ولا من خلفها!
ولعل خير ما يجسّد فلسفة حرّية التعبير في الإسلام هو الحديث الشريف –كما في البخاري-
" مثل القائم في حدود الله والواقع فيها ، كمثل قوم استهموا على سفينة ، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم فقالوا : لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقاً، ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً".