غزة التي رأيت (1)
بقلم/ محمد بن ناصر الحزمي
نشر منذ: 14 سنة و 5 أيام
الأحد 31 أكتوبر-تشرين الأول 2010 08:32 م

كم كنت أتمنى الوصول الى غزة هاشم غزة الصمود فكتب الله لي ولأخي عبد الخالق بن شيهون ما تمنينا فقد كنا نتمنى أن نصل الى غزة الجهاد لنلتقي بأبطالها وقيادتها ولهذا كانت لنا محاولة أولى عبر أسطول الحرية وقدر الله الا نصل اليها، ولكن بحمد الله محاولتنا الاخيرة عبر قافلة شريان الحياة (5) كللت بالتوفيق والنجاح ونسأل الله ان يجعل ذلك خالصا لوجهه جورج المؤمن وقد كانت هذه الرحلة بقيادة الأخ /وأقول الأخ/ جورج جلوي الرجل المؤمن كتب الله أجره وجمعنا به في دار رحمته ،لا أنسى كلماته الإيمانية في مدينة اللاذقية حين قال ( ان شاء الله سنوقف محركات السفينة في النقطة البحرية التي ارتكب اليهود فيها المجزرة ضد أسطول الحرية لندعو للشهداء ولن نخاف من اليهود اذا هاجمونا ،لأننا لا نخاف إلا الله ويوم الحساب يوم يسألنا الله عن أعمالنا ) وسئل في مؤتمر صحفي ماذا ستفعل اذا قرر مبارك أن لا تدخل غزة؟ فاجاب قائلا ( اننا يوم القيامة لن نسأل عما قال مبارك بل سنسأل عما قلنا نحن وفعلنا) انها كلمات اثرت في كثير من الحاضرين ، لا تصدر الا من قلب مؤمن دعوة على الطريق ولطول مكوثنا في اللاذقية فقد كانت تقام مناشط لأعضاء القافلة حتى لا يصابوا بالملل وفي إحدى هذه المناشط وقفت قائلا للمسلمين المشاركين ان هؤلاء المشاركين الأجانب من غير ملتنا قطعوا ألاف الأميال بدافع إنساني ليمزقوا معنا جدار الحصار فلا يليق بنا ألا نكافئهم واهم مكافأة أن ندعوهم إلى الاستلام بحسن التعامل معهم وبعرضه عليهم بحب وود ورحمة حتى لا يأتي أحد منهم يوم القيامة فيقول يا رب هؤلاء ذهبنا معهم وناصرناهم في قضياهم فما قالوا لنا أن الجنة طريقها من هنا ،فيتعلقوا برقابنا، والحمد لله تم شراء أكثر من مائة كتيب باللغة الانجليزية تتحدث عن الإسلام ووزعنها على المشاركين الأجانب ،وقد وجدنا استجابة والقبول بها ، نسأل الله أن ينفع بها أولائك ويجزيهم الجنة، وقد شجعنا على ذلك أنه في أسطول الحرية أسلم أحدهم وفيما بعد أسلمت إحدى الناشطات علمنا بها في قافلة شريان الحياة(5) وهذه نعمة أن تكون سببا لإنقاذ أحدهم من النار ، ونشير هنا وللحقيقة فقد أكرمنا طيلة مكوثنا في اللاذقية من قبل الشعب السوري والحكومة السورية ، وقدموا لنا جميع التسهيلات ،وبعد مرور ما يقارب ثلاثة أسابيع وبعد مفاوضات شاقة وعسيرة ، جاء الإفراج من قبل السلطات المصرية بأنهم سيستقبلوننا في ميناء العريش ، وتم التواصل مع الشركة الناقلة فأرسلت لنا السفينة من اليونان بعد أن تم الاتفاق معهم على كل شيء ولكن قبطانها لما وصل إلى اللاذقية نقض الاتفاق وبدا يمارس الابتزاز فطلب مئة وعشرين ألف دولار فتم الموافقة لأن القيادة تشعر بحرج من طول الفترة ، ولكنه انتقل الى مطالب أكثر صعوبة وكأنه قد اتفق مع العدو على تعطيل الرحلة ولكن الجهات المسؤولة في سوريا ضغطت عليه لينفذ العقد فوافق على نقل السيارات وثلثين راكبا ، وتم استئجار طائرتين لنقل البقية جوا الى ميناء العيش ، في ميناء العريش تسهيلات غير متوقعة في ميناء العريش تم استقبالنا وتم التعامل معنا بيسر وتسهيلات غير متوقعة ، يبدوا ذلك لأسباب سياسية تخص المصريين خاصة وأن أغلب النشطاء معنا هم من الجزائر ومصر تريد تلطيف العلاقات مع الجزائر ، لقد حملت معي الجنبية لأهديها لإسماعيل هنية من الشعب اليمني تقديرا وعلامة على وقوف أبناء اليمن مع صمود أبناء فلسطين ، ولكن بمجرد ان نزلت الى مطار العريش طلب مني ترك الجنبية هناك إما أن أتنازل عنها ا وان أأخذ وصلا بها حتى عودتي من غزة أستلمها فرفضت ، وكانت حجتهم أنها سلاح كما قال أحد الضباط (ده مثلها مثل الطبنجة ممنوع دخولها غزة ، )فقلت لهم من المعيب أن اليهود اخذوا جنبيتي الأولى من أسطول الحرية بحجة أنها سلاح ولا يليق بكم أن تفعلوا مثلهم ، وبعد جهد جهيد استغرق الساعتين وبعد تدخل السفير الدكتور/عبد الولي الشميري جزاه الله خيرا تم السماح لنا بإدخالها الى غزة، خرجنا من المطار واستقبلنا أبناء العريش من الشعب المصري بالترحاب والتلويح بالأيادي والسرور على وجوههم ظاهر ، فقلت كم هذه الشعوب موحدة في مشاعرها ودينها وثقافتها، لكن الأنظمة هي التي فرقتها ، ووضعت الحواجز السياسية والاقتصادية والجوغرافية بينها ، وصلنا الى حدود غزة ووجدنا الجدار والأسلاك الشائكة التي تفصل بين الشعبين الشقيقين ، فقلت في نفسي هذه الحدود المصطنعة مقدسة عند الأنظمة أكثر من تقديسهم لله برغم انها مزقت وحدتنا واخوتنا وخدمت أعداءنا، دخلنا غزة بيسر ودون تعقيد .

فرحة من بين الأنقاض

أول ما يستقبلك في غزة وتراه عيناك ذلك الدمار وتلك الأطلال الناتجة عن الحرب التي شنها العدو الصهيوني ولكن تلك المناظر يحجبها بسرعة منظر أهل غزة وقد اصطفوا صغارا وكبار رجالا ونساء قيادة وشعبا يحيوك ويلوحون لك بالترحاب ويكبرون ويسلمون ويصفقون للقادمين ، سجد المشاركون لله سجدت شكر انهمرت الدموع من كثير منهم ومن المستقبلين كان منظرا يدل على وحدة المشاعر ، لقد أنسانا ذلك اللقاء ما لاقيناه من عنت وتعب في الرحلة ، أقيم حفل استقبال مصغر من قبل الحكومة الفلسطينية ، وألقيت بعض الكلمات ثم انطلقنا وسط حشود الجماهير الى مكان تسليم السيارات والمؤن التي تحملها، ومن ثم أخذنا إلى مكان إقامتنا وللحديث بقية ان شاء الله تعالى.