يدرك الجميع أن غياب الدولة هو ما تعانيه اليمن منذ فترة طويلة، وهو كذلك السبب الرئيس في ظهور قوى التخلف والتطرف والإرهاب في مناطق متفرقة من البلاد.
ويعتبر فريق بناء الدولة البوابة الرئيسية لمؤتمر الحوار الوطني التي تبدأ منها خطوط السير نحو المستقبل.
رئيس فريق بناء الدولة بمؤتمر الحوار الدكتور محمد علي مارم وهو رئيس الملتقى الوطني لأبناء الجنوب – عدن - يتحدث في حوار خاص لـ"مأرب برس" عن الفريق وعن أنشطته التي أُنجزت حتى الآن وعن مستقبل الحوار واليمن بشكلٍ عام.. إلى نص الحوار:
حوار - مجيد الضبابي
حدثنا بداية عن الحوار وأهميته بالنسبة لليمن الآن؟
طبعاً لا يوجد خيار غير الحوار ولا يمكن حل إشكالات البلاد إلا به وأكبر دليل هو ما يجري في الدول الشقيقة التي تجري بها الأحداث وستودي بهم إلى مهالك لم يعملوا حساباً لها ،ونحن بحمد الله ووقوف العالم الخارجي معنا نعلم أن ما وصلنا إليه هو دليل على رضا الله على هذا الشعب.
ضعنا في صورة عن طبيعة عمل الفريق في الفترة السابقة وأبرز المحاور التي تطرقتم لها؟-
فريق بناء الدولة هو مهتم جداً بدرجة أساسية في سبعة محاور جزء كبير منها ينصب في نتاج أعمال الفريق الأخرى و لكن في الإطار العام تشكل في الهيكل الأساسي للدولة وهذه المحاور هي هوية و تحديد شكل الدولة و تحديد النظام الانتخابي و نظام الحكم و النظام الإداري بالإضافة إلى النظام القضائي و السلطة القضائية ، السبعة المحاور هي الركيزة الأساسية لبنية الدولة و المحور الأساسي يقوم بناءً على نتاج أعمال بناء الدولة المكوَّن من خمسة و خمسين عضواً.
- طيب ماذا عن أبرز الأطروحات التي عملتم عليها و تم الانتهاء أو البت فيها ؟
أولاً أود الإشارة إلى أن فريق بناء الدولة مشكل من خمسة و خمسين عضواً هؤلاء مسئولون بتحديد هذه المحاور لكن المتواجد في الفريق هم عبارة عن مندوبين لمكونات سياسية هذه المكونات الموجودة داخل الساحة اليمنية المسؤولة على طبيعة القرار و طبيعة التحول .
هناك مكونات سياسية يتم فيها التفحيص والتمحيص و عرضها على الفريق للنقاش حول هذه المحاور و بناءً على هذا الطرح سواء كان بناء الدولة أو هويتها أو النظام الانتخابي يحصل شيء من التقارب فيما بين الأحزاب و المكونات السياسية و بين من لديه فكرة في الساحة و الرؤى المطروحة ، فهذه شرائح واسعة تواجدوا في بناء الدولة حيث أن كل واحد منهم يمثل كياناً واسعاً طُرح ما بين دولتين اتحادية و مركزية ذات صلاحيات واسعة ، بين هذا و ذاك تأخذ مجال واسع من النقاش الفصل فيها لم يأتِ لأن جزءاً كبيراً منها متعلق في مخرجات بعض الفرق .
أين يصب هذا التباين..؟ -
البعض لايزال متزمت ..مثلاً شكل الدولة اتحادية و لكن بإقليمين و البعض يقول اتحادية و لكن الأقاليم متساوية كثلاثة في الجنوب و أربعه أو ما يعادلها في الشمال و يكون القرار في الأعلى بحيث لا يُظلم إقليم على حساب الآخر، و توزَّع الثروة بالتساوي ، و آخر يطرح عدداً من الأقاليم وليس بالضرورة التساوي في الشمال أو في الجنوب و لكن يغلب عليها المنطق حسب إمكانيات البلاد ، و نتحدث عن إمكانياتنا هل هذا الإقليم قادر أن يقود نفسه ؟ و لديه الكوادر البشرية و الإيرادات المادية و بالتالي هو قادر على أن يحكم نفسه ؟ ليس الأمر مبني على رغبات شماليين أو جنوبيين و الهدف الحقيقي هو..هل لدينا إرادة لتحقيق هذا الشكل ؟ و هل لدينا إمكانيات بشريه ومادية لقيادة الإقليم ؟..لا زال الكثير ينظر إلى هذا من جوانب نفسية وليس من جوانب حقيقية واقعية - خارج الإطار النفسي- و لكن في الأخير سيخضع إلى تحليل منطقي في الماديات قبل النفسيات و بالتالي نقول أنّا وصلنا إلى نقطة التوافق ليخرج فريق بناء الدولة بقرار .
متى سيخرج هذا القرار ..؟-
في الشهرين القادمين من خلال العمل على هذا الموضوع .
- طيب دكتور كونك من الجنوب و رجل أكاديمي نظرتك الشخصية ورأيك حول الفدرالية أو الاتحادية لأنك على رأس الفريق؟
أخي العزيز أبعِدْني عن الجانب الشخصي أولاً لأني أقود فريقاً يعبر عن مخرجات كافة الفرق و هو ركيزة مهمة و الكل ينظر إليه ورأيي بشكل مباشر قد يعكس نظرةً ماعلى عمل الفريق ولكن في الطرح الحقيقي النهائي أكيد سأطرح كعضو أما في الوقت الحالي فيجب أن أكون في الجانب الوسط بين كل المكونات .
ماذا عن النظام الانتخابي و القائمة النسبية .؟-
في هذا الخصوص لم يتم البت فيه لأنه عبارة عن أطروحات و نقاشات لكن في الأخير سيكون هناك مخرجات تلبي تطلعات المجتمع و لكن العمل حتى الأن يرتبط بشكل الدولة و طبيعتها و هذا سينعكس على طبيعة النظام الانتخابي و السلطة التشريعية أيضاً مرتبط بالنظام الانتخابي و كيف تشكل هذا النظام فكل الرؤى التي ستأتي من الفرق كما قلت لك ستصب في فريق بناء الدولة الذي سيرى ما يناسب المجتمع.
ماذا عن المرحلة المقبلة ؟؟ -
في المرحلة القادمة سوف يتم النظر في كل الرؤى المطروحة وقد تحدد كل نقطة مدة ثلاثة إلى أربعة أيام لكل مكون سياسي ثم سننظر كم نسبة التقارب حول شكل الدولة لو وصلنا إلى 70 % سيكون نسبة الخلاف 30 % هنا سنقعد على معدل الاختلاف فإذا خرج الفريق بالتوافق وهذا ما نتمناه لن يصل الفريق إلى لجنة التوفيق.
هل هذه ثقة ..؟ -
نظراَ لأن الفريق يتمتع بخبرة واسعة وأعضاؤه مميزون بخبراتهم و قدراتهم الذين يعملون من خلال حصر نقاط التوافق في مخرجات الفرق و يقعد على نسبة الخلاف و بالتالي نصل إلى نقطة الالتقاء هذا ما سيحصل إن شاء الله في الفترة القادمة.، نعم ثقتي كبيرة بالفريق ..
ما تقييمكم لتقارير الفرق الأخرى ..؟ -
النقطة التي ترتبط بضعف نسبي موجود في الخطط وإيصال التقارير والتحليل لمدى إصابتها لتطلعات الشعب ليست من قادة الفرق أو الأعضاء .لكن من التحديد الدقيق و الخطة المطروحة من خلال ما حصلنا عليه من نتائج لا بد أن يخضع لفحص و تدقيق شامل خلال الفترة القادمة حتى نتمكن من الخروج فأفضل النتائج ، بعض الآراء والنقد على التقارير أو رؤسا الفرق.. أنا لا أُأَيد هذا مطلقاً فالجهة المنظمة للحوار ساهمت في تداخل عمل بعض الفرق في عملها كما في فريق الحكم الرشيد جزء كبير منه موجود في فريق استقلالية الهيئات وكان من المفترض أن تراعى هذه النقطة من البداية عند إعداد الخطط وتنظر إلى التداخل وتوقفها قبل بدء الفرق في النقاشات ويجب علينا أن نراعي هذه الاشكالات في الفترة المقبلة لأنه لن يسعفنا الوقت ولن يسامحنا المؤتمر ولن يغفرلنا الشعب .
ما الذي يتوجب عليكم فعله في هذا الخصوص ؟ -
علينا أن نفحص بدقة مهام ومحاور كل فريق وما الذي يجب أن نخرج به في النهاية ولذا يجب محاسبة ومساءلة قيادة الفرق التي قصَّرت عندما نقارن المخرجات بالخطة.
فريق بناء الدولة ستنْصَب إليه في النهاية كل مخرجات الفرق الأخرى فما هي آلية التعامل مع الفرق ومخرجاتها ؟
يوجد مندوبون في المكونات السياسية داخل كل فريق ولا يخفيك ما طرحناه وتعقيبنا على التقارير.. لكن هؤلاء المندوبين يفترض بهم أن يأخذوا الخطة والتقارير ويعودوا بهما إلى مكونهم السياسي بحيث يتم إقرارها حتى لا يتم الاعتراض لأنه تم الموافقة عليها وهم موجودون.
كثير من الفرق استقدمت خبراء دوليين ومحليين ..حدثنا عن أهمية استقدام خبراء في فريق بناء الدولة ومدى الاستفادة منهم؟
فريق بناء الدولة مهما كانت إمكانياته فنحن بحاجة إلى كثير من التفاصيل الدقيقة التي نحتاج إليها وبالتالي تواجدَ معنا خبراء من فرنسا والولايات المتحدة الامريكية وسيريلانكا وخبراء يمنيون كل منهم تحدث بدقة حول المحاور السبعة وحول بعض التغييرات التي حصلت في دول مشابهه للجمهورية اليمنية ونحن بحاجة للاستفادة من الآراء وهذه الخبرات تفيد في كيفية اختيار نظام وشكل الدولة وكيفية دمج هذه الرؤى وملاءمتها مع خصوصياتنا في اليمن فالخبراء لا يطرحون آراءهم بشكل مباشر وما يتناسب مع اليمن نظراً لمدى حساسية الأمر لدى كثير من أعضاء الحوار الوطني والانطباع أن هذه إملاءات معينة ولكنهم يتحدثون حول تغييرات حصلت في العالم مثل ما حصل في جنوب أفريقيا وفرنسا وموريتانيا وألمانيا وكيف قامت هذه الأنظمة ورتبت حالها وانعكست هذه الأنظمة على الشعوب وفريق بناء الدولة يستوعب كل تلك التحولات وسنعمل على ما يتناسب وطبيعة الجمهورية اليمنية من خلال أي منهجية ونظام مناسبين.
- أكيد في الفترة السابقة من عمل الفريق حدثت نقاشات حادة وتباينات ..ما طبيعة هذا التباين الذي بلا شك صب في النهاية في الجانب الإيجابي لعمل الفريق ؟
أولاً كل الخلاف داخل الفريق انتهى بالأحضان ولابد أن أتحدث بشفافية لأنه لو خبيت عن أي مشاكل ستكون قنبلة موقوتة،
نعم حصلت في فريق بناء الدولة كثير من المشادات وكثير من الاختلافات على الرؤى المطروحة وأكثرالأسباب الخلافية حول التحليل الحقيقي للقضية الجنوبية رغم أن القضية لديها فريق متكامل يقوم بعمله.. تحدث الاختلافات مع من يقدم رؤية من المكونات السياسية حول شكل الدولة حيث يرى بعض أعضاء الحراك الجنوبي أن هذه لا تتناسب من وجهة نظرهم ورغم كل هذا الخلاف لم يصل إلى توقف عمل الفريق وفي الأخير يتم استيعاب كل الرؤى المطروحة..
أيضا يحدث خلاف حول التفاصيل الدقيقة لمرحلة سياسية معينة أو منعطف سياسي معين في فترات سابقة هنا تحدث اتهامات لشخصيات معينة يواجهها دفاع عنها من الطرف الآخر .
أيضاً هناك معوقات واجهت عمل الفريق وعملت دون تحقيق المتوقع ماهي المعوقات ؟-
من المعوقات انتظار المخرجات فيما يخص فريقا القضية الجنوبية وقضية صعدة وهذا قد يكون معوق سياسي إذا لم يتحرك الفريقان في أداء عملهم فبعض القوى لا تستطيع تحقيق رؤاها على الواقع وليس بالضرورة أن الذي بنفس الشخص يتحول إلى واقع لأنه قد تخرج النفس عن الرغبات ويجب تحكيم العقل حول ماذا نريد وكيف نحقق ما نريد.
يجب على المكونات أن تدخل في هذا العمق بشكل واضح حتى يتم وضع المقاربات حول هذه الرؤية أو تلك حتى نصل إلى نقطة تقارب..المعوق أنه لم يتم عرض تلك الرؤى حتى الآن .
ما الشيء الإيجابي في الحوار ؟-
في الحوار لا يوجد رئيس ومرؤوس ، شيخ ومواطن عادي فكل أعضاء الحوار هم سقف واحد وينظرون بعين واحدة لسلبيات النظام السابق أو في الوقت الحالي كما أن الحوار أعطى لمندوبي المكونات السياسية حرية إبداء الرأي وتوصيله لصناع القرار
لكن يوجد أطراف وقوى سياسية تسعى إلى فرض رأيها وعنجهيتها وتعمل على تحويل الحوار إلى نقاط خلاف لايتفق عليها الناس , والحقيقة أن الحوار وحَّد الناس وكأنهم داخل مسجد لتأدية شعائر دينية من أجل تكوين شكل الدولة ونظامها ومرتبط بمستقبل وحياة المواطن اليمني وحل كافة القضايا والصراعات .
كيف تطمئن الشارع اليمني على مخرجات الحوار ؟ -
الحقيقة هذا سؤال ليس بالسهل ولكن من خلال عملنا كلمة نرددها دائماً لا يوجد لنا مخرج آخر , وأي مخرج آخر قد يكون احتراب أو صراع ويجب استغلال هذه المرحلة وعلى كل الأطراف السياسية المتواجدة التحلي بالمسؤولية لأنهم مصدر أمل سياسي لهذا البلد وهذا الشعب ويجب أن تؤخذ هذه المسؤولية بعين الاعتبار بالنظر للفترة الزمنية وتقدم الفرق أعمالها بشكل منطقي ولايخضع للرغبات بل للمنطق والعقل.
ونستطيع نطمئن الشارع اليمني بأنه يوجد رجال يعملون بقوة وعليهم أن يحفزوهم ويدفعوا بهم من خلال المشاركة المجتمعية ويعملوا على ما يعول عليه الشارع اليمني في الفترة المقبلة . فمخرجات الحوار كفيلة بأن تلحق بنا في قطار التغيير وتحقق رغبات الشعب .