آخر الاخبار

دراسة جديدة تناقش انهيار الأذرع الإيرانية وانحسار الوهم الإمبراطوري الهلال السعودي يوجه صدمة إلى أحد أبرز نجومه عاجل قائد القوات المركزية الأمريكية يلتقي بالرياض برئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية وكبار أركانه وبحضور رئيس هيئة الأركان اليمني الفريق بن عزيز الحوثيون يحولون جامعة صنعاء إلى معسكر إرهابي ويجبرون الطلاب على حضور دورات طائفية مقابل الدرجات هل حقا حرائق كاليفورنيا تحاصر شركة ميتا فيسبوك وهل ستتوقف خدمات وتساب وانستجرام؟ الرابطة الوطنية للجرحى والمعاقين تعقد اجتماعًا استثنائيًا بمأرب وتنتخب الرمال رئيسًا وزير الأوقاف يطالب بزيادة حصة اليمن من الحجاج ويوقع مع مع نظيره السعودي اتفاقية ترتيبات حج 1446هـ تعليمات حول اصدار تأشيرة خروج نهائي للمقيمين في السعودية ومدة صلاحية الهوية قرارات لمجلس القضاء الأعلى وحركة تنقلات واسعة في المحاكم والنيابات.. تفاصيل تطورات السودان.. حميدتي يعترف بالخسارة والبرهان يتعهد باستعادة كامل البلاد

الرئيس يصلح النافذة والباب مخلوع
بقلم/ صادق المولد
نشر منذ: 17 سنة و 8 أشهر و 17 يوماً
الخميس 26 إبريل-نيسان 2007 04:39 م

مأرب برس - أمريكا - خاص

الرئيس
صالح واليمن في نبأ عظيم. فسيسطر التأريخ أن هذا المحارب المسن ورفاقه حولوا بلدهم

بسوء نية أو بحسنها– إلى كنتونة صفيح متآكلة
  
في بيداء عاصفة، تتكدس داخلها بقايا كائنات آدمية ، يطحنها العوز واليأس في
صمت خانق، وتحمل العواصف فتات عظامهم وأحلاهم لتنفثها على صفحاته عارا
أبديا .

اليوم، الكنتونة تكاد تتفتت، والمحارب- دون شك - يريد أن يحفظ البقية الباقية منها ومنهم، منهمك في إصلاح نافذة الاستثمار الصغيرة، غارق حتى أذنيه فيها، ناسيا.. أو متناسيا أن باب الأمن والقانون مخلوع تماما، وأنه مهما فعل في إصلاح النافذة، فستظل العواصف العابثة تخترق فجوة الباب المتسعة لتحثو التراب على رؤوس الجميع .

فماذا يمكن لنظام الرئيس صالح أن يفعله لتحويل اليمن إلى بيئة جاذبة للاستثمار؟، أنا آمل أن يحقق المستحيل ذاك، وأعرف أنه لن يستطيع - وإن فعلا أراد. فأبجديات الاستثمار تقول أنه يحتاج إلى بيئة آمنة ، تحكمهما سلطة شفافة، في أطر قانونية مدنية نافذة تحت سلطة قضائية نزيهة .. مستقلة..وذات صلاحيات حقيقية .

فماذا يملك يمن الرئيس صالح من كل ذاك؟

لا شئ. هي فقط أطغاث أحلام،

مكايدات سياسة ربما، أو استباق عجول لاستصدار أحكام التأريخ .

***

فاليمن، ابتداء، لا يملك البيئة الآمنة، لأن نظام الرئيس صالح ، أرتكز منذ يومه الأول على مقامرة ومغامرة؛ المقامرة: سياسة "الثعابين" من خلال خلق الأزمات الداخلية لتحييد أطراف النفوذ؛ والمغامرة: الإمساك بحبال التوازنات المتفجرة. واستطاع النظام فعلا الاستمرار لثلاثين عاما، إلا أن الثمن كان باهضا: تآكل الدولة اليمنية الحديثة الحلم الذي قدم له آلاف الرجال الشرفاء رؤسهم في رضى، وظهور ممالك صغيرة مموهة وإقطاعيات مشيخية بهيكليات الدولة المصغرة (mini-state)
لها أنظمتها وقوانيها وحتى....سجونها الخاصة- وتلك تحديدا أكثر النتوءات وقاحة !

  وعندما يُسحق القانون تحت نعال النفوذ، تتحول الدولة إلى أدغال موحشة تحكمها شريعة الغاب، ويصبح الإرتهان للدولة في الأنفس والممتلكات ضرب من الجنون. وأحداث العنف المسلح كلها ( على تشعب تفصيلاتها ) تدخل في هذه الجادة .

***

واليمن ثانيا - كدولة – لا يملك الشفافية. البلد محيط لجي من الغموض، لا أحد فيه يعرف شيئا على وجه الحقيقة، الجميع يتساءل عن الجميع، أحداث (وجرائم) سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة تظهر بلا مقدمات؛ وتختفي بلا أسباب كأن لم تكن، ولا يعرف أحد لماذا ظهرت ولماذا وكيف اختفت؟! ولعل الفساد وعار الجعاشن، وعدم نفاذ قانون الذمة المالية في حق الرئيس وأركان نظامه على ، وحرب الاستنزاف الغامضة في صعدة، جميعها، وكثير غيرها، هي أمثلة لا يمكن تجاوزها. وفي بيئة كهذه، من يجرؤ على استثمار درهمين؟ !

***

ويبقى القضاء، وهو ركيزة أساسية من ركائز الدولة الحقيقية، فالدولة التي تخلو من مكون القضاء العادل والمستقل والنزيه والفعال، هي في أبسط صورها عقد اجتماعي منفرط، لا يمكن معه بناء وتطوير الأركان الأخرى.أتصور أن هذا الطرح جلي الشواهد، واللغط فيه هو حالة "إنكار" لواقع لا ينكر أصلا .

***

ويبقى أن أقول أنه يجدر بالرئيس صالح، إن كان صادقا في إصلاح ما أفسده دهرا، أن يعيد ترتيب الأولويات لبناء الدولة المدنية الحديثة. لا بد أن يحيّد الجيش والأسرة، ولابد من إبعاد الثقافة العسكرية المهيمنة على المشهد المدني (وكأننا نعيش ساعات انقلابية أولى لا دولة مضى عليها ما يقارب نصف قرن)، ولابد له كذلك من إعطاء مستشاريه الأفاضل وأعضاء مجلس الشورى الحاليين أجازة أبدية، فليس بمقدورهم أكثر مما كان، كالخمر: ضررهم أكثر من نفعهم .

  لابد عليه أن يغير كل شئ تقريبا، لكي يبني دولة مدنية جديدة ذات أسس حقيقية لا أن يورث ملكا. فإذا ما فعل، فستأتينا الاستثمارات تسعى، تطرق أبوابنا، وتأمل أن تجد قبولا، ولا غرو والأرض اليمن بميزاته التي قل نظيرها.

وأما إذا تعامى عن هذه مأساة هذا الوطن واستمر في متوالية بيع الأوهام العبثية هذه، فسيمتد به العمر ليرى بأم عينيه أنه كان يحفر بئر بإبرة ونصف !

*مدير مركز الراصد الإعلامي - نيويورك

Sadek76@gmail.com