مقتطفات من حياة الشيخ المجاهد " أسامة بن لادن"
بقلم/ أبو الفداء رشاد محمد سعيد إسماعيل
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 3 أيام
الثلاثاء 10 مايو 2011 04:49 م

في سطور تقف على خجل وحياء وهي تتكلم عن قطرة من فيض بحر حياة سيد الشهداء وفارس الفرسان في هذا الزمان الشيخ المجاهد " أسامة بن لادن رحمه الله وتقبله في كوكبة الشهداء " كتبنا هذه الكلمات وهذه الحروف بحبر الألم لفراقه والأمل بأن موت العظماء واستشهادهم هو ضريبة للنصر ويؤذن بفجر قادم وفتح ونصر عظيم وقريب بإذن الله نبدأ حديثنا وكلامنا عن زهده رحمه الله / كان مسكنه من طين أدواته أبسط مما يتوقع البسطاء أدوات بقدر عدد الأفراد حصير يفرشه وغطاء بسيط يلتحفه وفرش بسيط من القطن ينام عليه ومجموعة من الأواني المطبخية لا يوجد غسالة أو ثلاجة أو مكواة وغيرها من الكماليات .( وكان يصف الاكثار من المتع الدنيوية انها من عوائق الرحيل لله بسلام وامان) أما عن ملابسه رحمه الله تعالى فكانت ملابس عادية مما يلبس بسطاء القوم ولم يتفضل على أحد من أصحابه بشيء من ذلك , أما عن أكله فمما يأكل الآخرون على حسب الحال بدون كلفة كأن تارة يأكل الخبز وزيت الزيتون مع السمسم وأحياناً بيض مع الخيار... وما عاب طعاما يوما قط أما عن الغداء: فكان تارة يأكل الأرز واللبن الممزوج بالماء ويسمى " الشرنبة" وأحياناً يوجد اللحم والعشاء ما تيسر ووجد . حياة فيها لذة ومتعة وراحة فما أروعها وأطيبها وأسعدها من حياة . ولم يتفضل على أحد من أصحابه بمأكول أو مشروب، فهناك شخص مكلف يقوم بجلب المشتريات والاحتياجات المنزلية يومياً ثم يقوم بتوزيعها على الأسر حسب حاجتها دون تفاضل ولا تمييز . وكان إن طبخ في بيته أكلة أوطعاماً معيناً يخرجها إلى رفقائه ليشاركهم هذه الهدية وإن كانت بسيطة أما عن عبادته فلا تسأل / كان كثير العبادة صواماً بالنهار قواماً بالليل يكثر من الذكر والاستغفار والتلاوة لا يترك ورده من القران والسنة يجلس بعد الصلوات طويلاً ذاكراً مسبحاً لله تعالى وبعد الفجر يجلس في مصلاه حتى الاشراق ويصلي ركعتين كان كثير التنفل في الحل والترحال ولا يتركها حتى وإن كان مسافراً وكان غالباً يجلس قبيل المغرب متفكراً رافعاً بصره إلى السماء وكأنه ينظر إلى الشمس في غروبها فيتذكر نهاية الدنيا وزوالها والآجال وذهابها فيستعد لها ويبقى الأمل بفجر جديد تشرق فيه شمس النصر والحرية للمستضعفين في الأرض وللإسلام والمسلمين وكان ينهج منهج حبيبه محمد صل الله عليه وسلم في عبادته وطاعته قربة لله تعالى .

صبرُه رحمه الله

لا تستطيع أن تصف صبره فما رأيناه شاكياً من ألم أو تعب أو مكر أو كيد أو حزن أو حال كان كثير التوكل على الله ويقضي حاجاته بنفسه رغم حالاته وظروفه الاستثنائية من تآلب الكفر العالمي وأحلافه وكان يتلذذ بالغربة التي يعيشها في هذا العالم الفسيح في مساحاته الكثير في أعداده وكان كثيراً ما يردد أحاديث الطائفة المنصورة وفضائل الغربة وحال النبي صل الله عليه وسلم وأصحابه قبل التمكين . حلمه / لم نره يوماً غضب أو أنفعل لم نراه معاتباً أو متهماً وإنما يغلب عليه حسن الظن وسلامة الصدر على الآخرين من الخصوم وغيرهم فكيف بإخوانه وأتباعه وإن أخطأ بعضهم يبحث لهم عن المعاذير ويتثبت منهم مباشرة وبطرق معينة وكان يكره الظلم والحيف ولذلك شكل مجلس قضاء لفض الخصومات والنزاعات بين الأفراد ولا يستثني منه أحد ا حتى أهله وذويه ويقول " الحق أكبر من أسامة" فالله درك يا أسامة لله درك. كانت كلماته عذ بة تروي الظمأن وتغني المحتاج تؤلّف ولا تفرق وتفرح ولا تحزن تبشر ولا تنفر كان كثير التفاؤل في كل الأحوال كثير الاسترجاع والقول " ربنا لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا " أما عن شجاعته فقد كان شجاعاً مقداماً بحكمة شديد على الكافرين رحيما بالمؤمنين ولا يحب الإجراءات الأمنية الكثيرة يصعد الجبال في مقدمة الشباب وإن مشى يكون أمامهم لا يترك سلاحه في أي حال من الأحوال يطلب الموت مظآنه، وإن رأى ما يخيف لا يفزع ولا يضطرب ولا يفر بل يقف بسكينة ووقار ويتعامل مع الموقف بهدوء وروية حقاً كان جنة لأصحابه يُحتمي به كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الامام جنة يتقى به) وكان شيخنا هكذا يتقى به وقت الشدائد والمحن. وكان ان اُعلن استنفار تراه اول الخارجين والسابقين . وعندما نتكلم عن كرمه تتيه الكلمات وتضيع الحروف خجلاً مما نقول كان لا يرد سائلاً ولو طلب منه ملبسه واذكر من المواقف أنه ذات يوم جاء شاب من الجزيرة " ضيف" وجلس معه ثلاث جلسات في ثلاثة ايام وفي الاخير طلب منه مشلحة ( الجبة ) فخلعها الشيخ وأعطاه بدون تأفف ولا حزن وكنت شاهدا على ذاك ولو سأله أحد شيء ولم يكن عنده ظهر الحزن على وجهه ويتمثل ذلك في قول الشافعي (يا لهف نفس على المقلين من أهل المروءاتي.. ان اعتذاري الى من جاء يطلبني ما ليس عندي لمن إحدى المصيباتي) ويعد الطالب والسائل خيرا فإذا أتى خير طلبه ولو كان مسافراً أعطاه أو أرسل إليه ما كان يطلبه . وكان رحمه الله يكره التحقق من حاجة من يطلب منه ويكره مماكسة التجار الأفغان وينهى أتباعه عن ذلك وذلك لتعشم الافغان الاستفادة والربح من إخوانهم العرب. كان يكرم من أتاه بالموجود والممكن فتارة بيضاً مسلوقاً وأخرى حنيذاً مذ بوحاً لا يوادع أحداً دون أن يعطيه ما يعينه على حاجاته وإن لم يسأله أو يطلبه . يعطي دون أن يسأل فإن رأى وجهاً شاحباً أو ملبساً رثاً واسى صاحبه وإن سمع بمرض أو ألم لفلان عاده وواساه وتكفل بعلاجه وقضى حاجته وأدخل السرور عليه . وكان إن أتته هدية دفع بها إلى المال العام وإن رأى أخاً تأخر بالزواج رغبه وزوجه وإن علم بحال أسر بعض الشباب أرسل إليها وواساها وأعانها وأدخل على ذويها السرور والفرح .

 تواضعه

أما عن تواضعه يقف التواضع حياءً بين يديه كيف لا وهو تربى على مائدة سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم كان غاية في البساطة في التعامل مع الاخرين فيقابل من أراد دون تميز أو تحفظ يجلس مفترشاً الأرض ملتحفاً السماء وكانت بيوته من طين ولكل زوجة من زوجاته غرفه ومطبخ صغير وحمام وعريش في الحوش للاستراحة. كان يمازح أصحابه ويداعبهم ويذهب لزياراتهم يتعايش معهم أفراحهم وأتراحهم وأحزانهم ويذهب لمواساتهم من مرض أو نائبة يتفقد الجميع ويسأل عن أحوالهم وإذا علم بغيبة أحد يسأل عن أسباب غيابه ويعالج الاسباب دون سؤال أو يكلف من يعالجها ويشرف على ذلك .. من جلس معه لا يمل جلوسه ولا يمل حديثه وكأن لسان حال الجالس معه يقول له " بالله لفظك هذا سال من عسل أم قد صببت على أفواهنا العسل " لا يقوم حتى يقوم الجالس وإن صافحته لا ينزع يده حتى ينزعها الاخر ولا يسمح بتقبيل يده أو رأسه يأكل مع الجميع في أغلب الأحوال لا يغسل يده إلا بعد فراغ أضيافه من غسل أيديهم ويأمر أولاده بخدمتهم ويسعى معهم لتوديعهم إلى آخر مكان من مجمع مسكنه ثم يكلف من يودعهم إلى مأمنهم إنها غاية الكرم والجود . لم نره يوماً تقدم إماما للصلاة تواضعاً منه وكان يعفوا ويكرم من أساء ويجازيه حقه دون أن يغمط سابقته أو ما قدمه . كان يفرح بالمجاهدين وطلبة العلم وحفاظ القران والمهتمين بالدعوة ويكرمهم ويجلهم وكذا يفرح بانتصار المجاهدين على أعداءهم فالله درك يا اسامة . وكان يحزنه قتل الأبرياء وحال البؤساء والاعتداء على الحرمات والمقدسات وأسر المؤمنين والصالحين وأسر المؤمنات الحرائر وظهور المنكرات . وكان كثير الذكر لفلسطين والحنين إليها ويتشرف بأن والده هو من رمم القدس الشريف وكان يأمل بأن يكمل مسيرة أباه في هذا الشرف وإن شاء الله سيكون ذلك الشرف على يد من ربى ..

علمه

كان الشيخ رحمه الله حريصا على العلم وكثير القراءة لكتب ابن تيمية وابن القيم وابن رجب والإمام محمد عبدالوهاب وأحفاده وابن حجر العسقلاني وكتب الألباني والسير واشهرها " سير اعلام النبلاء " وكان لا يحدث بحديث حتى يعلم صحته حيث كان كثير الاستشهاد بالآيات والاحاديث كما هو ظاهر في محاضراته ويقول " من قسوة القلوب التأثر بكلام البشر وعدم التأثر بكلام الله عز وجل ورسوله صل الله عليه وسلم " وكذا يهتم بعموم كتب السلف ويصطحب دائماً الجامع الصحيح لأنه كان له ورد منه مع القران الكريم وكذا ينصح بالفتاوى والدرر السنية وكتاب نظرة النعيم وكان كثير المتابعة لأحوال المسلمين بتفاصيلها في كل مكان وزمان ويتفاعل معها بوجدانه وجوارحه وكيانه وكان يجتهد في الاعمال المتعدية التي نفعها للغير من جهاد ودعوة واغاثة واحسان ولا نعلم خير الا وله بصمة فيه فهنيئا لك ابواب الجنة الثمانية ان شاء الله كسلفك ابي بكر رضي الله عنه فالله درك . وكان يقول الشعر وكان مسددا في اجتهاداته ثاقب الاستنباطات وهذه منه حباه الله إياها .. ولما كنّا نتدارس معه بعض الآيات والأحاديث ويستنبط منها يذكرنا بقول السلف " إنهم إذا أعيتهم مسألة عادوا إلى أهل الثغور " وكان يكثر التفكير مع القراءة للتدبر والاستنباط والاستئناس بأقوال السلف كثيراً رحمهم الله جميعاً .. وأخيراً وليس بأخير كانت هذه الأسطر التي كتبت عن حياة الشيخ أسامة نتفاً وقطرة من فيض بحر حياته الزاخرة بنبله وقيمه وصفاته وتضحياته ومواقفه كنت أكتبها دمعي ينهمر لألم فراقه رويتها من معايشتي ومشاهدتي له رحمه الله تعالى وجمعنا به في جنة الفردوس الأعلى مع الحبيب محمد صل الله عليه وسلم وأصحابه.. حقاً إنه كما قال عنه الدكتور النفيسي" إنه فلتة هذا العصر ولم يسبق له مثيل من دون الصحابة جهاد بالنفس والمال والاهل والولد على سعة ما بين يديه ضد الكفر العالمي بكل مكوناته وليس له دولة يتكأ عليها أو عشيرة يأوي إليها إلا الله سبحانه القوي القادر الحافظ " وقد نجح الى حدٍ كبير في تجحيم وإرعاب قوى الاستكبار العالمية وأحلافهم وأسس طريقاً للعز والكرامة في عهد الذل والمهانة فرحل قرير العين فوداعاً شيخنا في رحاب الخالدين .. والحقيقة تعجز العبارات والادبيات عن كنه صفاته لأنه تاريخ واحداث ومواقف وتضحيات ولأنه كان قراءنا يمشي بين الناس ويتخذ من سيرة وحياته حبيبه محمد صل الله عليه وسلم سلوكاً ومنهجاً وهو عملاق فذ يندر معدنه وقل أمثاله وتسامت صفاته يخجل الانسان عند الوقوف بين يديه لحيائه فمن سمع به هابه ومن قرب منه وجلس معه أحبه وألفه. فنم قرير العين .. فلا نامت أعين الجبناء ... لا نامت أعين الجبناء ... لا نامت أعين الجبناء وداعاً أسامة لقد كنت وستكون وستبقى في جبين التأريخ شامة وداعاً أسامة في رحاب الخالدين وداعاً لم ولن ننساك إلى جنات الفردوس بإذن الله في رفقة الأنبياء والصديقين والشهداء وإنا لفراقك لمحزونون وبشهادتك متشرفون وعلى خطاك سائرون حتى يأذن الله بالفتح أو أمر من عنده فقد ربيت جيلا وجيشا على الحق والمنهج كما تربيت عليه أنت من قبل على مائدة محمد صلى الله عليه وسلم وداعا .... وداعا .... وداعا .... في جنة الخلد ملقانا إن شاء الله.

*أحد الأفغان العرب