غارات امريكية في الحديدة احزاب تعز تقترح حلا لمواجهة الوضع الاقتصادي المتأزم وتطالب الرئاسة والحكومة بسرعة انقاذ العملة العليمي يبحث مع سفير واشنطن الدعم الإقتصادي المطلوب وموقف اليمن من انتهاكات إسرائيل في فلسطين مسئول كبير في الشرعية يكاشف الجميع حول قضايا وملفات مهمة: سبب التراجع عن قرارات البنك المركزي ومصير التوقيع على خارطة الطريق وخيار الحسم العسكري كوريا الشمالية تختبر صاروخاً باليستياً يمكنه الوصول الى أمريكا الإعلام الأمني ينشر أسماء ضحايا حادث التصادم الأليم في طريق شحن بمحافظة المهرة موسكو هربت قيادي ايراني من ميناء الحديدة.. تورط متزايد لروسيا مع الحوثيين في اليمن وامريكا تدرس كيفية الرد اول دولة عربية تعلن عن تطوير 8 منظومات متكاملة لصناعة الطيران حادث مروري مروع في المهرة يخلف 11 ضحية إعادة فتح طريق مطار عدن بعد سنوات من الإغلاق
لا شك أن روسيا قوة عسكرية وسكانية وجغرافية وحتى سياسية «كبرى» كونها عضواً في مجلس الأمن الدولي، لكنها تبقى مجرد قزم مالي واقتصادي وتكنولوجي صغير جداً في عالم اليوم. ولا يكفي أبداً أن تكون كبير الحجم سكانياً وجغرافياً وعسكرياً كي تنافس الكبار، أو أن تصبح قوةً عظمى؛ فالعالم الجديد لا تحكمه الترسانات النووية، ولا الكتل السكانية الضخمة، ولا المساحات الشاسعة من الأراضي، بل صارت تحكمه الشركات العملاقة وبخاصة شركات التكنولوجيا والسلع الاستهلاكية وليس القنابل النووية والصواريخ والجيوش العملاقة. ولا شك أنّ الروس يعلمون جيداً أن الاتحاد السوفياتي المنهار كان يملك قبل سقوطه المدوي قنابل نووية تستطيع أن تدمر العالم ثلاثاً وثلاثين مرة، مع ذلك لم تستطع الترسانة النووية ولا الجيش الأحمر حماية الاتحاد من الانهيار والتشظي بل وُصف الاتحاد السوفييتي في نهايات الحرب الباردة أنّه عملاق بمعدة خاوية! لكن يبدو أن الدب الروسي لم يتعلم من التاريخ لا القديم ولا الحديث، فبدل أن تبدأ روسيا بمنافسة الكبار تكنولوجياً وصناعياً مازالت تفكر بالعقلية السوفياتية البائدة نفسها التي تعتمد بالدرجة الأولى على القوة العسكرية والأسلحة الفتاكة.
صحيح أن موسكو تخلت عن الأيديولوجيا الاشتراكية، ودخلت العالم الرأسمالي، لا بل اختارت النيوليبرالية المالية والاقتصادية المتوحشة كالصين، لكنها لم تحذُ حذو الصين العملاق الصاعد، فما بالك أن تنافس الغرب الذي نهلت منه الصين تكنولوجياً وصناعياً. مازال الروس يتفاخرون بصواريخهم وقنابلهم النووية وطائراتهم الحربية، وقد استخدموا الأرض السورية على مدى السنوات الست الماضية كمعرض للسلاح الروسي القاتل، لأنهم لا يمتلكون أي سلعة أخرى للمنافسة في السوق الدولي. وبالرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على انهيار الاتحاد السوفياتي، إلا أن روسيا لم تستطع دخول المسرح الدولي بسلعة تجارية منافسة واحدة، ومازالت السلعتان الوحيدتان اللتان يصدرهما الروس للعالم الروسيات والروسيات، فالأولى عبارة عن بندقية شهيرة معروفة في الشرق الأوسط بـ«الروسية» أما السلعة الثانية فهو المنتوج الوحيد الذي نجحت روسيا في تصديره للخارج بعد أن دخلت السوق الرأسمالي العالمي، ألا وهي الجميلات الروسيات اللواتي تدفقن على مناطق كثيرة في العالم للمنافسة في سوق اللحم الأبيض؛ وبدل أن تقدم «الروسيات» صورة جديدة جميلة عن روسيا الرأسمالية الجديدة قدمن صورة الانحلال والتجارة الجنسية الرخيصة.
دلني على سلعة روسية تنافس بها روسيا في السوق الدولي غير السلاح. هل اشتريت يوماً بدلة روسية أو قميصاً روسياً أو ربطة عنق روسية؟ هل سمعت بعطر روسي مشهور؟ هل اشتريت سيارة روسية فاخرة؟ لا شك أنّ الروس يشترون ماركات الألبسة الروسية داخل بلدهم، ولا شك أن سيارة (لادا) الروسية الكوميدية لم تعد السيارة الروسية السخيفة الوحيدة التي يضحك عليها العالم، فقد نجح الروس حتى في تقليد سيارة رولز رويس البريطانية الشهيرة، لكن هل استطاعت هذه السيارة التي يركبها بوتين في مواكبه الرسمية أن تنافس أي سيارة غربية أو يابانية أو كورية؟ بالطبع لا، بل لا أحد يشتريها أو يركبها إلا في روسيا، ولو قارنت عدد الأثرياء الروس الذين يقتنون السيارات الغربية بالذين يقتنون السيارات الروسية الفاخرة لوجدت أن الغالبية العظمى مازالت تفضل السيارات البريطانية والألمانية والأمريكية واليابانية على السيارات الروسية المنافسة، وحتى لو شاركت السيارات الروسية في معارض عالمية كالتي تقام في الخليج، فإنها بالتأكيد لا يمكن أن تنافس السيارات الغربية ولا حتى الكورية لا بالمواصفات ولا بعدد المبيعات. وبدل أن تنافس روسيا الأوربيين بالسلع الاستهلاكية الشهيرة، فهي تبتزهم بسلاح الغاز باعتبارها أكبر منتج للغاز في العالم. وهنا لا بد أن نشير إلى أن بعض التقارير الدولية تصنف روسيا كدولة نفطية ريعية لأن نسبة كبيرة من دخلها القومي يعتمد على الغاز والنفط وليس على الصناعة والتكنولوجيا.
ولا شك أن كثيرين سيصابون بالصدمة عندما يعلمون أن مساحة روسيا تزيد على سبعة عشر مليوناً ومائة ألف كيلو متر مربع، وهي أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، بينما لا تتجاوز مساحة كوريا الجنوبية مائة ألف كيلو أو أكثر بقليل. ولو قارناها بمساحة روسيا لوجدنا أن مساحة كوريا تمثل الرقم الصغير الذي يأتي بعد السبعة عشر مليوناً من مساحة روسيا. بعبارة أخرى، فلا تكاد مساحة كوريا تزيد عن مساحة منطقة روسية صغيرة جداً، مع ذلك تعالوا نقارن الإنتاج الإجمالي المحلي الروسي لأكبر دولة في العالم من حيث المساحة مع إجمالي الناتج القومي لدولة صغيرة جداً بالمساحة ككوريا الجنوبية، فسنجد أن روسيا «العظمى» بين قوسين أنتجت العام الماضي ما قيمته ترليون وأربعمائة مليار دولار، بينما أنتجت كوريا الجنوبية ما قيمته ترليون وستمائة وأربعين مليار دولار، رغم أنها بحجم مقاطعة صغيرة جداً من مقاطعات روسيا التي تطاول ملايين الكيلومترات المربعة من الأراضي والدول. هل هناك أي موبايل روسي ينافس سامسونغ الكوري؟ هل هناك أي سيارة روسية تنافس عشرات الموديلات من السيارات الكورية الجنوبية؟ بالطبع لا. لهذا قبل أن تتنطع روسيا لمنافسة أمريكا وأوروبا، عليها أولاً أن تحاول منافسة كوريا الجنوبية التي تبدو على خارطة العالم بحجم نقطة صغيرة مقارنة بروسيا التي تسمي نفسها «عظمى». من العملاق الحقيقي ومن القزم في حالة روسيا وكوريا؟ ولعل مقولة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما هي الأدق حينما قال بعد غزو الروس لجزيرة القرم: روسيا دولة «إقليمية» أخطأت الحسابات! فأين هي الدولة العظمى التي يسوّق لها بوتين وأشياعه؟
على شو يا خراشو؟ لمن لا يعرف الروسية: «خراشو» تعني باللغة الروسية «جيد».