إسبانيا تُواجه كارثة هي الاولى من نوعها... حداد وطني وعدد الضحايا في ارتفاع المليشيات تستكمل «حوثنة» الوظيفة العامة بقرارات جديدة لماذا تعرقل إيران انضمام تركيا إلى البريكس؟ إغتصاب الأطفال.. ثقافة انصار الله في اليمن صحيفة فرنسية...جنود الاحتياط ينهارون و 170 ألف جندي إسرائيلي يغرقون .. تفاصيل الإنهيار من الداخل ثمانية مرشحين لجائزة هدف الشهر في الدوري الإنكليزي تكشف عنهم رابطة الدوري وزير الأوقاف يشدد على اللجنة العليا للإشراف على موسم الحج انتقاء أفضل الخدمات لحجاج اليمن في كل المحطات مسؤول سوداني رفيع يكشف حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التهريب 55 ألف تأشيرة متاحة للهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. السفارة الأمريكية باليمن تمدد الموعد النهائي لتقديم طلبات الهجرة غارات امريكية في الحديدة
تكمن أهمية وقيمة الوحدة اليمنية عند بعض اليمنيين في الحدث نفسه وليس في الآثار التي ترتبت أو لم تترتب على الوحدة .
وفي المقابل فان أهمية وقيمة الوحدة عند الكثير من اليمنيين تكمن في الطريقة التي لامست بها الوحدة حياتهم خلال ال17 عاما الماضية. ولذلك
يركز الكاتب في مقاله هذا على الطرق المختلفة التي لامست بها الوحدة اليمنية سكان ما كان يعرف بالشطر الجنوبي من الوطن .
مشاعر الأقلية
إذا كان اليمنيون جادون في الحفاظ على وحدة بلادهم فان على الأغلبية التي ان لم تكن قد ربحت فإنها لم تخسر ان تهتم كثيرا بمشاعر الأقلية ليس للنكاية بالنظام ولكن للفت الانتباه إلى مصادر التهديد المتنامية. ولا يفشي الكاتب سرا هنا عندما ينبه السلطة والمعارضة والمجتمع اليمني بشكل عام إلى المشاعر المعادية للوحدة والتي تنمو باستمرار في أوساط الجنوبيين والتي هي بحاجة إلى وقفة جادة قبل ان تصل إلى مرحلة الخروج عن السيطرة. ومع انه من الطبيعي ان يخلق حدث بحجم الوحدة اليمنية نوعا من الاغتراب والمشاعر السلبية لدى بعض الفئات الاجتماعية المتضررة ومن الطبيعي كذلك أن يؤدي حدوث تغيير كبير في حياة الناس إلى تذكية الشعور بالحنين إلى الماضي إلاَّ أن ما يتم الحديث عنه هو أمر يتجاوز كل ذلك. ما يتم الحديث عنه هنا هو شعور عدائي يمتاز بعدد من الخصائص التي تبعث على القلق. أولا، يتركز الشعور السلبي تجاه الوحدة بين أبناء المحافظات الجنوبية على نحو خاص وتحديدا بين مواطني ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. ثانيا، برغم اختلاف حدة المشاعر المعادية للوحدة من فئة اجتماعية إلى أخرى إلا ان الملاحظ أن ذلك الشعور يشمل جميع الفئات الاجتماعية بما في ذلك نشطاء الحزب الحاكم. ثالثا، تعاني مشاعر الجنوبيين تجاه الوحدة اليمنية حالة من الكبت لان السلطة عمدت إلى سد كل منافذ التعبير أمام الجنوبيين. وحتى الصحيفة الوحيدة التي تبنت خط الدفاع عن المصالح الجنوبية في المرحلة التالية لحرب عام 1994 سرعان ما وجدت في ذهب المعز خير العزاء. وتحولت إلى معبر عن مصالح السلطة مع الاحتفاظ بحيز معين تدافع من خلاله عن مصالح مناطقية وسلالية ضيقة وهو الأمر الذي لا تجد فيه السلطة باعثا على القلق. رابعا، برغم ان استمرار الوحدة مرهون برضاء الجنوبيين عنها الإ ان السلطة لا تلتفت إلى اتجاهات الرأي العام في أوساط الجنوبيين. وفي الحالات التي تظهر فيها صيحات الجنوبيين هنا أو هناك فان السلطة تتعامل مع تلك الصيحات بفجاجة حيث تتهم كل من انتقد الممارسات أو وضع مطالب معينة بالانفصال وهو بالتأكيد شكل من أشكال الإرهاب الذي يحول الجنوبيين إلى معارضة صامتة تعتمل تحت الرماد ليس للنظام فقط ولكن للوحدة ذاتها.
لم تستقر هناك عدد من المؤشرات على أن الوحدة اليمنية لم تستقر بعد. ولعل أول مؤشر على غياب الاستقرار هو الاحتفال بها بهذه الطريقة التي لا يمكن سوى أن تعيد الناس إلى الجدل حولها من جديد كلما انتقلوا للحديث حول أمر آخر. وفي الوقت الذي تحاول فيه السلطة البحث عن مصدر للشرعية من خلال تذكير الناس بالوحدة، فان ما تفعله في الواقع هو تذكير للناس بالتشطير وإرغامهم على عقد مقارنات بين العهد السابق للوحدة وعهد الوحدة برغم ان تلك المقارنات غير واقعية ولا تقود إلى نتيجة منطقية وليست في صالح الوحدة. ويعتقد الكاتب ان قرار الرئيس بان يتم الاحتفال بعيد الوحدة كل خمس سنوات هو قرار في محله. والمهم هو أن يلتزم الرئيس بالقرار وخصوصا بعد أن أصبح الاحتفال بعيد الوحدة مناسبة للابتزاز عند الكثير من المحسوبين على السلطة. أما المؤشر الثاني على وجود مراجعة مستمرة للوحدة فيتمثل في الطابع الرسمي للاحتفال بها وغياب التفاعل الشعبي مع الحدث ليس لان اليمنيين يكرهون الوحدة ولكن بسبب الظروف الصعبة التي يرزح تحتها معظم اليمنيين. وفي الوقت الذي يحمل فيه الناس في الشمال النظام القائم مسئولية تلك الظروف فان الجنوبيين ربما نتيجة لكونهم أقلية في دولة الوحدة وربما بسبب الطريقة التي تطورت بها الوحدة وخصوصا بعد انتخابات عام 1993 يحملون الوحدة نفسها مسئولية التدهور الكبير في أوضاعهم. لقد دخل الجنوبيون الوحدة على قاعدة المناصفة التي استمرت خلال السنوات الأربع الأولى وحتى اندلاع حرب عام 1994. وعندما اندلعت الحرب كانت مشاعر الجنوبيين في معظمها مع الوحدة. وقد كان ذلك احد الأسباب التي ساعدت في إفشال الانفصال.
وإذا كان الجنوبيون قد نالوا أكثر من نصيبهم خلال السنوات الأربع الأولى من الوحدة، فان ما حدث بعد الحرب الأهلية قد كان سلسلة من السياسات الخاطئة التي عمقت الجرح الذي خلفته الحرب وعبرت عن فهم سيء لقاعدة ابتلاع الأكبر للأصغر كما حدث في الوحدة الألمانية مثلا. وأدت تلك السياسات إلى تحويل الجنوبيين سياسيا إلى مجرد قوة هامشية وتم تخفيض تمثيلهم السياسي في المواقع الرئيسية والمؤسسات السياسية المختلفة وبالتدريج إلى أن أصبح في نظر الكثيرين منهم مجرد تمثيل رمزي. وتم تسليط سيف التقاعد على الكثير من القيادات الجنوبية في القوات المسلحة والأمن. أما أراضي الجنوب فقد تم توزيعها على المؤلفة قلوبهم من النافذين في السلطة. وتحول الجنوبيون في الكثير من المدن والمراكز الحضرية إلى غرباء في بلادهم.
وقد لخص احد الإعلاميين في حضرموت مأساة الجنوبيين للكاتب عندما أشار بإصبعه، وكان الوقت ليلا، إلى كتلة كبيرة مشتعلة وقال "كانت تلك الأراضي مخصصة للإعلاميين" قبل ان يحولها أحد النافذين إلى معسكر. "لقد وزعوا كل الأراضي." قال متحسرا قبل أن يسأل: "أين سيذهب أطفالنا؟ في أي أرض سيبنون بيوتهم؟" أمم الاشتراكيون خلال الفترة التي حكموا بها الجنوب الأرض وأمتلك الحزب تحت غطاء الدولة كل عناصر الإنتاج. ثم جاء الشماليون فأمموا كل شيء ليس لصالح الدولة ولكن لصالح المتنفذين داخل السلطة. أمم الاشتراكيون بساتين السلاطين في أبين، وجاء من بعدهم رموز النظام فأمموها لصالحهم. ويسأل الزائر لتلك البساتين. "لمن هذه المزرعة؟" ويأتي الجواب "هذه مزرعة الأفندم؟" "وتلك؟" ويأتي الجواب "للافندم أخو الأفندم!" "وتلك لأبن أخ الأفندم." وهكذا دواليك. ولا يمكن للمسافر من عدن إلى أبين سوى أن يلاحظ تلك الأسوار العملاقة الممتدة على يمين الطريق والتي التفت حول آلاف الكيلومترات من الأراضي المطلة على الساحل. والغريب ان تلك الأسوار قد حجزت ضمن ما حجزت ساحل البحر دون ان تترك أي فراغ لقيام خط ساحلي يشكل متنفسا للحياة كما في كل مدن العالم الساحلية. تلك الاستقطاعات الهائلة التي لم يقم عليها أي بناء لا يمكن ان تكون سوى عامل تذكير للجنوبيين بالنهب الذي تعرض له الجنوب في السنوات اللاحقة لعام 1994.
أما المناصب العامة في المحافظات الجنوبية فقد أوكلت بشكل عام إلى شماليين. ولو انه تم تعيين الجنوبيين في مواقع عامة في الشمال لكان ذلك مقبولا لكن المشكلة ان تمثيل الجنوبيين في السلطة بكل فروعها ظل يتدهور عاما بعد آخر. لقد أرسل احدهم إلى الكاتب برسالة تحوي أسماء سفراء اليمن في مختلف دول العالم. وكان واضحا ان السفراء الجنوبيين يعيشون حالة انقراض مستمر. وبعث أخ آخر برسالة إلى الكاتب يسأل فيها عن عدد الجنوبيين في جهازي الأمن القومي والسياسي وفي المواقع القيادية في الجيش والأمن؟ وفي الوقت الذي لا يملك فيه الكاتب أجوبة محددة لتلك الأسئلة فانه يدرك تماما طبيعة المشكلة القائمة.
النظام الحاكم
خذل النظام الحاكم اليمنيين جميعا في الشمال والجنوب. لكن ذلك الخذلان ولأسباب كثيرة أنعكس كما يبدو سلبا على الجنوبيين أكثر من الشماليين. ولم تكن السياسات التي اتبعها النظام خلال العقد الماضي هي السياسات التي انتظرها الناس بعد حرب عام 1994. وهناك أخطاء ارتكبت سيكون تبريرها أو محاولة التغطية عليها جريمة بحق الوحدة اليمنية وفعلاً يصب في خانة الإنفصال. ومع أن بقاء واستمرار النظام الحاكم يشكل في المرحلة الحالية ضمانة هامة للوحدة اليمنية الا ان بقاء السياسات القائمة على ما هي عليه لن تقود في الأجلين المتوسط والطويل سوى إلى كارثة وطنية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. وما لم تتمكن دولة الوحدة من تحقيق عملية دمج سياسي، اجتماعي، اقتصادي، وثقافي للجنوبيين في إطار دولة الوحدة، فان الوحدة اليمنية ستظل وعلى نحو مستمر معرضة للمخاطر وبغض النظر عن أشخاص الحكام. فالتحولات الدولية والإقليمية التي سمحت بقيام الوحدة اليمنية يمكن أن تعمل في مرحلة تالية على العودة باليمن إلى التمزق من جديد. وتؤكد الأدلة التاريخية أن الوحدة التي تستمر هي الوحدة المدعومة بقناعات مختلف الأطراف. أما الوحدة التي يفرضها النظام بالقوة فغالبا ما تنتهي بانهيار النظام أو بتراجع قوته. والدارس لأسباب انهيار الوحدة المصرية السورية أو الوحدة اليوغسلافية أو الصومالية أو غيرها من محاولات التوحد سيلاحظ أن الوحدة لا تتثبت إلا بحدوث الدمج بأبعاده المختلفة.
لقد كان هناك توجه مبكر لتحويل عدن إلى عاصمة اقتصادية ومنطقة حرة الا ان شيئا من ذلك لم يتحقق حتى الان. ولقد أدى النهب الذي تعرضت له أراضي عدن وغير ذلك من السياسات إلى حرمان أبناء عدن من ثمرة الازدهار الاقتصادي المحدود الذي شهدته المدينة خلال العقد الماضي. وإذا كانت عدن قد مثلت خلال العقود الماضية مركزا تنويريا في جنوب الجزيرة العربية فان عدن قد تحولت في العقد الماضي على الصعيد الثقافي إلى مجرد قرية حيث من النادر أن تشهد فعالية ثقافية تعبر عن روح المدينة وأبنائها. وفي الوقت الذي كانت فيه المدينة تصدر عدة صحف يومية في عهد الاحتلال البريطاني فأنها اليوم وفي عصر المعلومات والتكنولوجيا والإعلام الحر قد أصبحت مجرد مجموعة من الفنادق والشقق المفروشة يقصدها سياح من طراز معين. ولا بد ان محمد قاسم نعمان رئيس مركز اليمن لحقوق الإنسان وهو المركز الوحيد في المدينة المهتم بالحقوق السياسية والحريات المدنية ما زال يستخدم جزءا من عيادة زوجته كمقر للمركز لأنه لا يستطيع استئجار مقر.
الوضع الراهن
كانت أبرز علامات التوحد وأولى بذور التشابك الاجتماعي والاقتصادي متمثلة في تواجد عدد كبير من أبناء الجنوب في عاصمة دولة الوحدة في السنوات الأربع الأولى من عمر الوحدة وتوليهم لمختلف المواقع في الوزارات والهيئات وعلى مستوى المحافظات. لكن تمثيل الجنوبيين وحضورهم في عاصمة دولة الوحدة وفي الجهات المختلفة سرعان ما تراجع كثيرا بعد حرب عام 1994. وصار من النادر أن تجد جنوبيين في الكثير من الجهات الحكومية.
هناك بالتأكيد الكثير من الشماليين في مدن الجنوب . لكن تواجد الشماليين سواء كمستثمرين صغار أو كبار، أو كعمال في المدن الجنوبية لا يختلف كثيرا عن تواجد الشماليين أيام الاستعمار البريطاني لعدن. وإذا كان من النادر ان تجد عدنيا بين المستثمرين في مدينة عدن فانه من الأندر ان تجد مستثمرا جنوبيا في مدن الشمال. لقد تعمق التهميش السياسي للجنوبيين من خلال تهميش أكثر خطورة هو التهميش الاقتصادي. وإذا كان التهميش السياسي للجنوبيين هو مسألة يتحمل النظام جزءا كبيرا من مسئوليتها فان أسباب التهميش الاقتصادي للجنوبيين هي بالتأكيد أكثر عمقا وترجع جذورها إلى السياسات التي تبناها الاشتراكيون في الجنوب خلال العقود السابقة للوحدة والتي حولت ملكية عناصر الإنتاج إلى الدولة ومنعت تطور ثقافة وقيم السوق الحر.
وبدلا من أن يعمل نظام دولة الوحدة على تصحيح الاختلال عن طريق تشجيع الجنوبيين على الاستثمار وإعطاء القروض وغير ذلك من السياسات أدى الإهمال إلى جعل الجنوبيين يعيشون على هامش الاقتصاد الوطني. وزاد من حدة الوضع ظهور اقتصاد وطني يشبه إلى حد كبير الاقتصاد الاستعماري من حيث انه يعمل على ضخ القوة الشرائية من فئة وتحويلها إلى فئة أخرى. فالقات مثلا الذي لم يكن يباع في مدن الجنوب قبل الوحدة الا مرتين في الأسبوع والذي ينتج معظمه في الشمال أصبح يباع كل يوم في مدن الجنوب. وفي مدينة مثل المكلا أو سيئون أو غيرها يستنزف القات القادم من مدن الشمال، كما قالت إحدى النساء للكاتب وهي تبكي بحرقة- جزءا كبيرا من دخل الأسرة ويحوله إلى جيوب منتجي القات في الشمال- ويمكن قول نفس الشيء عن عائدات الفنادق والمنتزهات والاستثمارات في مدينة عدن والتي تتجه أرباحها شمالا.
السياسات المطلوبة
لقد مثل قيام الوحدة اليمنية حدثا هاما في تاريخ الإنسان اليمني. والتحدي الكبير هو في الحفاظ على الوحدة وتحويلها من وحدة جغرافيا إلى وحدة مصالح. ولن يتأتى ذلك الا من خلال تبني شبكة من سياسات الدمج السياسي والاجتماعي والاقتصادي التي تعمل على خلق التشابك الضروري بين مكونات البلاد السكانية. فسياسيا ينبغي الجمع بين نوعين من السياسات: الانتقال الواسع إلى الديمقراطية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ والعمل مرحليا على الصعيدين السياسي والاقتصادي لتحويل الوحدة من مغنم للبعض ومغرم للبعض الآخر إلى مغنم لكل اليمنيين. ومعنى ذلك سياسيا وخلال الأجل القريب تخصيص نسبة معينة من جميع المواقع العامة التي يتم التعيين لها بقرارات جمهورية سواء أكانت في الجهاز الدبلوماسي أو العسكري أو المدني أو الأمني أو غيرها لأبناء المحافظات الجنوبية وذلك لمدة عشر سنوات على الأقل. ومع انه من الواضح ان الطريقة التي تمت بها الوحدة وطبيعة النظام الذي ساد في الجنوب قبل الوحدة قد أدت إلى معدل أعلى للوظائف بين سكان الجنوب مقارنة بالمعدل السائد بين سكان الشمال الا انه سيكون من الخطأ تبني سياسات تهدف إلى إحداث التوازن المطلوب في المرحلة الحالية وعدم الانتظار حتى يتحقق التوازن تلقائيا. وهذا يعني انه لا بد من العمل على احتواء البطالة بين شباب المحافظات الجنوبية ذكورا وإناثا. أما على الصعيد الاقتصادي فان الدولة بحاجة إلى تبني نوعين من السياسات؛ الانتقال إلى الاقتصاد الحر من جهة؛ وتبني حزمة من السياسات التي تساعد الجنوبيين على الاندماج في الاقتصاد الوطني من جهة أخرى. ويمكن تحقيق الدمج الاقتصادي للجنوبيين عن طريق منح القروض الميسرة والتدريب وتبني سياسات تتطلب من المستثمرين إشراك جنوبيين في استثماراتهم وإعطاء الجنوبيين الأولوية في توزيع الأراضي في مناطقهم، وغير ذلك من السياسات. وبالنسبة للدمج الاجتماعي المطلوب فانه يتحقق بدوره باتباع نوعين من السياسات: سياسات إستراتيجية بعيدة المدى تقوم على إعادة توزع السكان بما يتوافق مع الموارد وبما يعظم من قدرة البلاد على المنافسة دوليا وخصوصا في قطاعي السياحة والأسماك؛ وسياسات تكتيكية تقوم على زيادة التفاعل بين المكونات السكانية للجنوب والشمال. ويمكن تحقيق الأخيرة من خلال المنح الدراسية لشباب الجنوب في مدن الشمال، وتشجيع وتسهيل السياحة الداخلية، وتعيين وتشجيع الجنوبيين على العمل في محافظات الشمال، والمعسكرات الصيفية المشتركة لطلاب الجامعات والمدارس وغير ذلك من السياسات والبرامج والأنشطة.
ثم ماذا؟
سيعتمد مستقبل اليمن على الوحدة كما يؤكد الرئيس ذلك بشكل متكرر..لكن مستقبل الوحدة ذاتها سيعتمد إلى حد كبير على السياسات التي سيتبناها النظام الذي يقوده الرئيس في الحاضر وفي المستقبل القريب..
استاذ العلوم السياسية- جامعة صنعاء
DRALFAQIH@YAHOO.COM
* نقلاً عن صحيفة الوسط الأسبوعية