استشهاد دكتور يمني مع أمه في قصف شنه جيش الإحتلال الإسرائيلي آخر التقارير والمعلومات بشأن مصير خليفة حسن نصرالله.. وحزب الله يلتزم الصمت أرقام توضح كم جريمة ضبطتها أجهزة أمن العاصمة عدن خلال 3 أشهر معارك طاحنة والجبهات الأوكرانية تتساقط..و روسيا تحرر بلدة أوغليدار الهامة استراتيجيا ارتفاع حصيلة الحرب في غزة إلى 41825 قتيلاً تفاصيل 18 غارة أميركية بريطانية على اليمن حماس تنعى 9 من مقاوميها اغتالهم الاحتلال بالضفة ولبنان الذهب يسجل خسائر أسبوعية مفاجئة بعد 3 أسابيع من المكاسب استشهاد قيادي بالجناح العسكري لـ حماس في غارة إسرائيلية والحركة تؤكد الكشف عن تفاصيل حرب طاحنة ومواجهات مشتعلة وهي الأعنف خلال ال 24 الساعة الماضية في لبنان
تشبه صخرة سيزيف.. ما إن يصل بها صاحبها قمة المرتفع حتى تتدحرج إلى السفح.. يقضي سيزيف أعواما وأعوام حاملا صخرته صعودا وهبوطا.. يخيل إليه أنه يقوم بعمل جليل.. ولفرط نشوته وربما تعبه ينسى أن الحل هو في تفتيت الصخرة وليس في معاودة حملها دون طائل.. "صخرة سيزيف" التي يراد لشعبنا حملها هي تسوية غامضة مثقلة بكل عناصر الصراع وقابلة للانفجار في وجه من يحملها .. لا بل هي تلقي وطن بأكمله في حضن المجهول.. وتعد قفزة طويلة في الفراغ.. لست مهتما بدماء الشهداء فقط .. فصالح سيحاكم وكذلك أركان نظامه.. هكذا تقول الأسطورة.. ما يبكيني هو الوطن المغدور .. وحلم الدولة المفترى عليه.. والمستقبل الذي ينفرط عقده من بين أيدينا قبل أن نحكم رص حباته.. يبكيني عهد الوصاية الجديد على شعبنا.. وتؤلمني حفلة "الزار" التي ترك فيها المجال "للدرويش" صالح كي يمارس العابه ويبهر العالم بأكاذيبه.. إرضاع النظام حولين كاملين وتعهده بالشراكة والتوافق ليست من مهام الثوار.. فالثورة لا تدر لبنا.. قانونها التضحية وإن ضاق بها البعض.. والبناء وإن خاف منه البعض الآخر.. من كان يريد دولة ديمقراطية حديثة لا تحكمها القبيلة .. ولا تذهب ربع ميزانيتها إلى المشايخ..
ولا تميز بين مواطنيها.. ولا تتمرغ في الفساد تمرغ الدابة في التراب فإن التسوية (المبادرة والآلية) لا تحقق ذلك.. ومن كان يريد دولة والسلام فلييم شطر المبادرة.. في ظني أن ترحيب البعض بالتسوية ليس سببه أنها ايجابية في حد ذاتها ولكن لأنها تبعد اليمن عن الخيارات السيئة كما يتصور البعض أي الحرب أو الانهيار الكامل.. هذا المنطق يجد رواجا الآن.. وهو منطق يدين نفسه ويسقط في تناقضاته..
إذ تصبح التسوية من باب الشر الذي لا بد منه.. وهي لهذا السبب اضعف من أن تنهض عليها دولة قوية وديمقراطية كتلك التي راودت أحلام الثوار.. أعترف أنني أقع للحظات قصيرة أسيرا لهذه الفوبيا.. وربما لساعات.. أو لأيام عشت جانبا من الصراع المؤلم بين العقل والقلب.. فالتحليل الموضوعي لا يسعف على قبول هذه التسوية بل يراها قاتلة للمستقبل حتى وإن حققت في أحسن الأحوال انفراجة في الحاضر الراهن.. لكن للقلب مبرراته التي لا يفهمها العقل كما يقول "باسكال" . ربما.. لعل وعسى.. كلمات قفزت إلى ذهني وأنا أشاهد صالح يوقع على المبادرة.. متصورا – لا بل متمنيا- أن تكون تلك هي نهاية نظامه.. تلك اللحظات لم تستمر بالنسبة الي.. سرعان ما نفضتها عن ذهني.. فأن أعيش جحيم العقل خير من أن أحيا في نعيم العاطفة.. والأسطورة مكتوب فيها أن العقل ينتصر.. ومكتوب فيها أيضا أن من يعتبر عقله عبئا عليه يهرول سريعا في طريق الأمنيات... أتصور أي دستور ذاك الذي سيتوصل إليه نظام هجين بهذه الصورة..
وأي حلول لمشكلاتنا العويصة تلك التي تولد من رحم "التوافق" داخل نظام غير متصالح مع نفسه.. هل من خيارات أخرى؟ أجل... إنه الشعب الذي سيقلب الطاولة على الجميع.. وسينقض على سيزيف.. ويحطم صخرته.. قطعا لن نذهب في طريق سيزيف العبثي ولن نمارس العذاب الأبدي الذي يدعونا إليه أبطال المبادرة.. لنكتشف بعد أشهر وربما سنوات أن نقطة النهاية هي ذاتها نقطة الصفر.. من أراد أن يحمل صخرة المبادرة فليفعل مصحوبا بأمنياتنا.. ولكن ليعلم أن كاهله المثقل بهذا الحمل لن يقوى بعد ذلك على حمل مشروع الدولة الحديثة.. وربما تهوي به الصخرة إلى قاع لا قرار له .. فهي هذه المرة تبدو مختلفة إذ قد تحطمت عليها جماجم اليمنيين وتلطخت بها دمائهم..
*باحث في العلوم السياسية - جامعة اسيوط