شيلني واشيلك ...الاسعار بين اتهامات المعارضة ودفاع السلطة
بقلم/ عبدالسلام الاثوري
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و 19 يوماً
الجمعة 07 سبتمبر-أيلول 2007 07:49 م

مأرب برس - خاص

من هو المتهم بارتفاع الأسعار بصورة مستمرة في اليمن ؟ هل المتسبب هم تجارنا ومنتجينا ام المتهم هم المنتجين في الخارج؟؟ ام هي الحكومة وسياساتها وطبيعة تسيريها ؟؟؟ام هو الشعب؟

كثر الحديث والجدل والاتهامات الموجهة ضد حكومة الموتمر ورئيس الدولة بالفشل لمعالجة مشكلة الاسعار وعدم الوفاء بالوعود الانتخابية للاخ رئيس الجمهورية ومعالجة تزايد الارتفاعات السعرية للسلع وخاصة الاساسية منها والتي وصل بعضها الى 100% خلال الثمانية الاشهر من العام الحالي الامر الذي ولد ردود فعل سياسي واجتماعي لرفض هذا الواقع الذي حمل المواطنين عبىء الزيادات السعرية التي لم يرافقها تحسين مداخيل الناس بنفس معدلات التضخم السعري .

ارتفاع الاسعار ايضاء لامست ايضاء الايجارات بنسبة تكاد تصل الى حدود الضعف وضاعفت العبي على من ليس لديه منازل مملوكة واستنزفت النسبة الغالبة من دخل الموظفين والمستاجرين والتي كان يمكن بها مواجهة ارتفاع اسعار القمح والزيت والحليب والخضروات التي ارتفعت اسعارها الى حدود كبيرة اصبحت توثر على نفسية الناس وعلاقاتهم الاجتماعية والاسرية .

صحيح هناك ارتفاعات سعرية عالمية لعدد من السلع الرئيسية نتيجة عوامل طبيعة اثرت على مستوى الانتاج مثل القمح الذي تراجع انتاجه العالمي بحدود 30مليون طن وبواقع 19% وتزايد نسبة الطلب ايضاء بحدود 10% الامر الذي ضاعف من اسعاره لكن بعض الدول اتجهت الى نظام التعاقدات مع الدول المنتجة للقمح وضمن توفير متطلباتها باستباق الارتفاعات السعرية التي كانت مقدرة حدوثها خلال الشهور التالية لفترة الحصاد وخففت عن نفسها اعباء الزيادات وهذه الدول قامت بشراء اغلب احتياجاتها في الوقت الذي كانت الاسعار في مستواها المعقولة ووفرت مخزوناتها الإستراتيجية وتمكنت تلك الدول من تقليص عبىء الارتفاعات وربحت فوارق الاسعار التي كانت ستخسرها عند شراءها للقمح وبأسعاره المرتفعة كما قامت به العديد من الدول اما الدول التي لاتجيد قواعد اللعبة ولا ادارة الازمات ومنها دولتنا فانها لاتصحوا الابعد فوات الاوان فلو انها محكومة باليات فاعلة لادارة الازمات لكانت تمكنت من تخفيف العبيء على نفسها وعلى المجتمع وتجاوزت جزء من اضرار المشكلة وباليات فاعلة .

نحن قد تقدمنا بمقترح للحكومة السابقة قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها على ان تقوم بتعاقدات مع منتجي القمح وضمانة الكميات المشتراة وبكميات كبيرة في ذلك الوقت المناسب والزام مستوردي القمح بتلك الأسعار المناسبة والخاضعة الى رقابة حكومية جادة وتخزن الكمياة في مخازن القطاع الخاص وتحت إشراف الحكومة واتباع الية متفق عليها بين الحكومة والقطاع الخاص لتحديد أسعار القمح وفقا للأسعار التي تم الشراء به وحتى اذا ارتفعت الأسعار ستكون محدودة ومقدور على السيطرة عليها وهذه الإجراءات التي تعتمدها العديد من الدول استباقا للازمات قبل حدوثها وهذا إجراء يتفق مع مفهوم إلية السوق ومقاصدها الاجتماعية.وكنا سنوفر مالايقل على 200مليون دولار كفوارق الارتفاعات السعرية العالمية ، وكان هذا الاجراء سيوفر تدخلات مهمة لمنع ارتفاع الاسعار.

 هكذا تشتغل المؤسسات الفاعلة بادوات واليات فاعلة لاان تضع راسها في التراب حتى تحدث المشكلة فتصحى مولولة وتبحث عن تبريرات وعن سبب المشكلة رغم الخطابات التي اطلقها الاخ الرئيس منتقدا الحكومة السابقة وقيادة وزارة التجارة السابقة خلال بدايات الارتفاعات السعرية وانتقدها لعدم معالجة المشكلة ولم يكن هناك من معالجة واستمرت مشكلة تصاعد الاسعار مرتفعة فالحكومة فاقدة القدرة والامكانية لمعالجة أي مشكلة اقتصادية وتهرب بعيدا عن مسئوليتها نتيجة لتخلف ادواتها والتي لم تعد تتوافق مع واقع التحولات وطبيعة التطورات .

 مشكلة الأسعار لن تتوقف بل ستزداد اكثر مما هي عليه اليوم فالدول المنتجة للقمح بعضها تواجه مشاكل مناخية مؤثرة على انتاجها الزراعي وبعضها اتجهت لتقليل انتاج القمح واستبداله بانتاج منتجات زراعية أخرى ذات طلب لانتاج الطاقة الحيوية وبعض السلع مثل الحليب ارتفعت اسعارها بسبب الغاء الدعم الذي كانت تقدمه دول السوق الاوربية لمنتجي الحليب وارتفاع تكاليف الاعلاف للابقار نتيجة الظروف المناخية كما ان الاسعار مرتبطة بارتفاع اسعار النفط وتاثيرات هذا العامل ايضاء على تكاليف الانتاج وارتفاع اسعار النقل الخارجية ، فالدول المستوردة للنفط تحاول ان تستعيد ارتفاع تكاليف اسعار النفط من خلال رفع اسعارسلعها الموجه للأسواق الخارجية .

قضية الأسعار إشكالية الواقع الاقتصادي

يمر الاقتصاد العالمي اليوم بتحولات عكسية محمولة بتأثيرات عوامل المناخ وارتفاع تكاليف الطاقة والخدمات ، وستواجه الدول الغير صناعية والمستهلكة والمستوردة لكل احتياجاتها من الخارج كونها اقتصاديات منهكة ومتعثرة ومحكومة بانظمة فاسدة ومهدرة للموارد فستكون ضحية العبث والفساد ولن تكون قادرة على رفع مقوماتها الانتاجية التي تمكنها من خلق التوازن بين ماتستورده وتصدره ، وهذا الواقع هو مايتصف به اقتصادنا الذي يتميز بالهشاشة ومحدودية القاعدة الإنتاجية وفساد واسع يتسبب في هدر الاموال ونهبها فتفقد البلد فوائد تلك الاموال .

اغلب احتياجات البلد تاتي من الخارج حتى المشتقات النفطية مثل الديزل يتم استيراده من الخارج وبمئات الملايين من الدولارات فنسبة ماينتج داخليا من الديزل لايتجاوز 40% والباقي يتم استيراده بالأسعار العالمية الامر الذي يظهر حالة الإهدار المنذرة بمخاطر كبيرة فالدولة ليس لديها من الموارد الا النفط الذي يحمل الدولة مايفوق عن الملياري دولار كدعم للكهربا والاستهلاك المحلي .

القضية ليست مشكلة ارتفاع الاسعار فقط فهي نتاج لمشكلة اقتصادية كبيرة يواجهها الاقتصاد الوطني فالاسعارر محكومة بعواملها وظروفها ، وليس وليدة رغبات فجائية يستحدثها القطاع الخاص والمتاجرين بالسلع وان هناك جزء مهم من المشكلة ناتجة عن جشع القوى الاحتكارية نتيجة لغياب عوامل التوازن والمنافسة الحقيقة ، لكن المشكلة الاساسية متعلقة بمشكلة الوضع الاقتصادي في البلاد ومستوى دخل الفرد والمجتمع وقدراته الشرائية التي تشكل اساس المشكلة ، فدخل الفرد اليمني دخلا محدودا لايتزايد مع تزايد التضخمات ويغلب على الناس حالة الفقر الامر الذي لايتيح المجال بتحسين اوضاع الناس نتيجة لتركز الاموال والثروات والاعمال بايدي قلة قليلة تسببت في تزايد الفقر والبطالة نتيجة لعلاقات الفساد والفوضى التي افضت الى هذا الواقع ، فتركز الاموال والثروات بايدى القلة يفقدها دورتها الاقتصادية واستفادة الناس منها من خلال عامل الاستثمار والتشغيل وتدوير الاموال انتاجيا ، وهذا هو جوهر الفرض الاسلامي في تحريم اكتناز وتركز الاموال فتحريم الاسلام لاكتناز الذهب والفضة ليس تحريما ناتجا لعدم التزكية عليها ولكن تحريما لامتناع اصحابها من تحريكها وتدويرها واستثمارها اقتصاديا وبما تحققه من اغراض النماء والزيادة واستنفاع الناس من ذلك ، وهكذا يكون المال عندما يكنز او يحتكر او يستأثر به القلة وتركزه بايدي تلك القلة يصبح دولة بين الاغتياء فيفقد الناس منافعه الاقتصادية والانتاجية فيزدادون فقرا وبؤسا ، وهذه هي المشكلة التي تعبر عن ظلم اجتماعي فادح في حق الشعب اليمني الذي يرى قلة لاتزيد عن 1% مدعومة بقوة النفوذ والسلطة والهيمنة تستأثر باكثر من 70% من الأموال والثروات والاملاك في الداخل والخارج تحصلوا عليها وتملكوها بشريعة الفساد والنهب والاحتيال والاختلاس ورشوات الصفقات والمناقصات والتهربات الضريبية .

المشكلة الاقتصادية ومشكلة الاسعاريمكن معالجتها لو توفرت شروط وجدية الارادة وبمصداقية ، لكن كيف يمكن ان تعالج المشكلة وفي ظل واقع محكوم بهذه الصورة وكيف يمكن ان تعالج الأسعار واقتصاد البلد اقتصادا فقيرا يعاني من نهب وهدر واستنزاف متصاعد ويعاني من اختلالات هيكلية كبيرة ومتعددة لاتحكمه الكفاءة والتوازن فالبلد يستورد اكثر من 90% مما يستهلكه ، وبالتالي سيظل محكوما باشكاليات التاثيرات الخارجية للاسعار ومحكوما بطبيعة ادارة الموارد داخليا التي توضح عن حالات اهدار واسعة .

نحن امام مآزق حادة وخطيرة تتمثل بارتفاع تكاليف الالتزامات المالية للدولة وزيادة التفسخ التنموي وزيادة الهدر في الموارد المالية وموارد الحياة (الماء ) الذي اصبح يهدد اغلب سكان اليمن بفقدانه نتيجة عشوائية الاستهلاك وتدمير حقوق الاجيال القادمة ، وزيادة الاهدار الاجتماعي في استهلاك شجرة القات التي تدعم سنويا بمئات الملائيين من الدولارات من خلال الديزل الذي يستهلك في زراعة هذه الشجرة الخبيثة التي لاشك هي الشجرة التي تسببت في اخراج ابوينا ادم وحواء من الجنة بما وسوس لهم الشيطان بانها شجرة الخلد وملك لايبلى تعبيرا عن خاصيتها التي تولد حالة الشعور لمتعاطيها بالخلد والملك الابدي ، وقد تم ابعاد ابوينا من تلك الجنة على الارض بعد تعاطيهما للشجرة حتى لايظلا متقاعسين بعيدا عن الغاية من وجودها في الارض ليقوما بدور الخلافة والحركة والقيام بدورهما المسئول ، فاخرجهما مما كانا فيه لان الشجرة ستعيقهما عن ذلك الدور وستعطل وظيفتهما ووظيفة الاجيال من بعده .

 نعم هي الشجرة التي تعيقنا وتحملنا اليوم نكباتها فهي كانت سببا في تفشي الرشوة لدى الغالبية من الموظفين وهي السبب في اهدار الاموال وفساد القيم وهي السبب في تفشي الجريمة والتخلف الاجتماعي بهدر الاوقات الاقتصادية التي يقضيها الغالبية من الشعب اليمني بعيدا عن العمل والانتاج ، وهي السبب الرئيس في تدمير مستقبل الشعب اليمني الحاضر والقادم بما تسببه في استنزاف ثروات الارض من الماء والنفط وهي سبب انتشار الامراض والعاهات الخطيرة التي تصيب عشرات الالاف سنويا بجانب السلع والمنتجات المغشوشة والفاسدة الم تكن سببا في اخراج ادم وزوجه من الجنة خوفا عليهما من تعطيل وظيفتهما التي خلقا من اجلها .

هذه الشجرة تمثل اكبر نشاط استهلاكي في البلاد ترتبط به أنشطة استهلاكية متعددة وسيئة ..تمثل قاعدة انتاج مستنزفة للاموال والموارد وتضاعف عبيء تاثيراتها فتلك الأنشطة تتمثل بارتفاع استهلاك الدخان والسجائر حتى اصبح الشعب اليمني يمثل الرقم الاول في المنطقة بمعدلات استهلاك الدخان على مستوى الذكور وصلت نسبة المدخنيين 72% ونسبة الإناث 25% ويربتط به ايضاء استهلاك واسع للمشروبات الغازية والمياه المعلبة والأوراق الصحية والمشمعات المتطايرة التي تسمم الحيوانات وتدمر البيئة والاستثمار في المجالس وكل هذه الأنشطة ترفع من كلفة الهدرالاقتصادي في البلد .

أي اقتصاد هذا يمكن ان ينمؤ وهو يعزز علاقات الفساد داخل بنية الدولة وداخل المجتمع ، الهدر هو الصفة الغالبة على كل شيء في بلادنا ويزداد هذا الهدر مع فساد الاجهزة وتخلف الادارة وممارسة سياسة ومنهجية العلاقات (شيلني واشيلك ) حتى صارت هذه القاعدة تبرر للمسئولين والقطاع الخاص والمشائخ والقادة والحزبين ممارسة الفساد فلم يصبح من العيب ان يدعوا رئيس الوزراء السابق الى ممارسة الفساد علنا باعتبار الفساد ملح التنمية فأي تنمية ستقوم بوجود الفساد ويزداد الفساد ضروارة عندما لايلقى اى ردع او عقوبة حينها يصبح محميا وشرعيا .

اذن مشكلة الاسعار طبيعي ان ترتفع مادام الواقع الاقتصادي تلك هي حالته وتلك اشكالياته ويضاعف المشكلة ان السوق اليمني مازال خاضعا للاحتكار الذي تربع على واقع العلاقات الاقتصادية الفاسدة القائمة على تبادل المنافع بين اطراف تجارية وبين مسئولين واصحاب قرار حتى اصبح المسئولين شركا في العديد من الأنشطة التجارية او ممارسين لها من خلال ابناءهم الذين يعملون في حقول الاعمال والاستثمار ودون مراعات لقوانين او انظمة مستأثرين بمناقصات الدولة ومشترياتها وباسطين نفوذهم على الكثير من مجالات الاعمال مستندين على النفوذ .

الموضوع ليس بالسهالة التي يدندن حولها الكثير وتستعر فيها الخطابات والتهويشات. فالمعالجة لن تكون صعبة ومقدور على وضع الخطوات الصحيحة اذا توفرت الارادة ، اما اذا استمرت المكابرات والمكايدات فسيكون الشعب اليمني هو الضحية ،فاتقوالله فيه والا ستصيبكم لعناته كما أصابت غيركم والشاطر من اعتبر بغيره قبل الموت وقبل الفوت.