لمن لم يستوعبوا بعد !!
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 11 سنة و 3 أسابيع و 3 أيام
الإثنين 07 أكتوبر-تشرين الأول 2013 04:10 م

السفيرة البريطانية لدى اليمن جين ماريوت التي تعينت منذ حوالي أكثر من شهرين سفيرة لبلادها في اليمن كانت أوضح وأشجع من كثير من السياسيين والكتاب اليمنيين وهي تتحدث عن التحديات التي يواجهها الحوار الوطني في مرحلته الأخيرة عندما قالت في حوار صريح مع صحيفة الثورة نشر الخميس الماضي " هناك من يحاول تمرير أجندته الخاصة على حساب مستقبل اليمن وبشكل خاص هي أطراف داخلية .. حيث يوجد أناس يحاولوا أن يمرروا أجندتهم الخاصة على حساب مستقبل اليمن وقرار مجلس الأمن رقم 2051 يؤكد على ضرورة الحد من هذه الأجندة "

في تهديد واضح لا لبس فيه للمعرقلين للحوار أو الساعين إلى تفخيخه والإلتفاف على مخرجاته هزت السفيرة العصا بقولها " لكن هذا لا يعني أننا ندع هذه الأطراف تملي على الأغلبية ما يجب أن يتم أو ما تريده القلة " وهي لم تصرح بأسمائهم ولم تشر لهم بما يفضحهم لكن الشعب اليمني يعرفهم معرفة تامة لكنها قالت لمحاورها الأستاذ محمد محمد إبراهيم " أنت تعرف حول من أتحدث! والأهم أن يعي هؤلاء الناس أن الخيار الأفضل هو العمل لصالح اليمن وليس لمصالحهم الخاصة".

كلام السفيرة البريطانية يؤكد ما يقوله كثير من السياسيين والكتاب أن هناك قوى وعناصر لم تستوعب بعد سنن التغيير وتتعامل مع حركة الشعوب وثوراتها المتعددة الأشكال باستخفاف وهي أرادت أن يكون مؤتمر الحوار الوطني فترة استراحة وخفض الرأس لتمرير رياح التغيير والثورة لتبدأ مرحلة جديدة من التآمر والإلتفاف على مخرجات الحوار الوطني "بخصيها "إذا جاز التعبير وإبطال مفعولها بتحويلها إلى حبر على ورق أو تخفيف ما تراه من حدتها.

وتلك القوى والعناصر ترى أن مخرجات الحوار الوطني تجبرها على تقديم تنازلات لكن السفيرة البريطانية ترى أنه" لكي يكون الحوار ناجحاً يجب أن يكون هناك تنازلات قد لا ترضي كل الأطراف فالبعض لن يكونوا سعداء لهذه التنازلات " وتتناسى تلك القوى والعناصر عمداً واستخفافاً أن تلك التنازلات المطلوبة هي من أجل العيش المشترك في هذا الوطن الذي ادمته الحروب والصراعات ووجبات القتل والسحل والتهميش والإقصاء التي مورست على مدى عقود مرة باسم التوحيد والفتح وأخرى باسم الثورة والتغيير وثالثة باسم الإعتدال والسلام ورابعة باسم التقدم والثورية وخامسة باسم المحافظة على بيضة الدين ودحر الغزاة المرتدين المارقين وسادسة باسم المحافظة على الوحدة.

وفي كل مرة تبدأ تلك القوى والعناصر بحفر آبار الدم تكون اللافتات جاهزة والمبررات محبوكة للتضليل وفي وسط تكثر فيه الأمية والعصبية القبلية والمناطقية ويرش عليها قليل من بهارات المذهبية والسلالية ليتم تقويض اركان التعايش والسلم الأهلي ليس من أجل حماية الوطن وتقدمه الإجتماعي أو من أجل حماية بيضة الدين أو من أجل المحافظة على الوحدة كل تلك مزايدات اثبتت الوقائع زيفها وكانت شعارات من أجل تخدير العامة وجر الجنود والضباط والمدنيين إلى محارق الزعماء والأطراف المعنية التي تتوارث اباً عن جد زعامة هذا الشعب وثرواته ومقدراته.

في الوقت الذي يزداد هذا الشعب المكافح الصابر فقراً وبطالة وبؤساً لكنه لا يزال ينقاد للزعماء ومراكز القوى العابثة بالبلاد والعباد والثروات والمقدرات التي لم تسوعب بعد ولم تفهم بشكل جيد انها لا تجر البلاد والعباد إلى الهاوية وإنما تخسر نفسها وما جمعته من ثروات وكنوز لإنها هذه المرة ستكون هي اول من يحترق إن وقفت ضد سنن التغيير فقد بلغ السيل الزبى يا هؤلاء ألا تستوعبون ؟ّ!

ونحن نعلم علم اليقين أن الأعمال الكبرى تحمل في طياتها اهدافاً وأماني كبرى أيضاً وتتطلب بالمقابل همم عالية ورباطة جأش وعقول حكيمة وأيادي قوية فالأيادي المرتعشة لا تبني أوطان ولا تحافظ على منجزات ووصول الحوار الوطني إلى مراحله الأخيرة يعد منجزا كبيراً

وليست مبالغة أن هناك نتائج ايجابية كبيرة بل هناك قرارات وموجهات دستورية لو تم المحافظة عليها وإخراجها من خلال تحويلها إلى نصوص دستورية وقوانين نافذة وحمايتها بآليات تنفيذية واضحة ستكون اليمن قد بدأت عملية الإنتقال الصحيحة صوب بناء الدولة الغائبة أو المختطفة بيد قلة تتناوب عليها حاملة في كل مرة لافتات المرحلة.

نعود إلى السفيرة البريطانية التي حددت أن الضمانات الأساسية هي بالتأكيد بأيدي اليمنيين أنفسهم من خلال تنفيذ مخرجات الحوار الوطني والتغلب على كل التحديات وترى" أن اليمن تمتلك الإمكانيات في أن يكون لها مستقبل زاهر على الصعيد الديمقراطي لكنها تعود مرة اخرى إلى هز العصا من جديد عندما تقول " هناك أطراف تحاول أن تفسد هذا المستقبل ونحن نحاول صدهم عن القيام بذلك"

وأخيراً : من أجل العيش المشترك لابد من تقديم التنازلات واستيعاب التسويات فاليمن قوية كدولة واحدة وان المشاكل التي تواجه الشعب اليمني واحدة في الجنوب وفي الشمال كما أكدت السفيرة البريطانية.

مشاهدة المزيد