لا تغيير مع التقاسم
بقلم/ د: عبدالرحمن أحمد المختار
نشر منذ: 13 سنة و أسبوع و يوم واحد
الأحد 18 ديسمبر-كانون الأول 2011 04:58 م

ما من سبب يدعو لان نكون سذجا وتنطلي علينا معادلة القسمة الجديدة القديمة ، لا جديد في هذه المعادلة فأولئك هم من ألهاهم التقاسم عن بناء الدولة اليمنية الوليدة - بعد الوحدة - حلم أبائنا وأجدادنا وهؤلاء هم من سيلهيهم التقاسم اليوم عن التغيير حلم الشباب وعلى رأسهم أولئك الذين رحلوا وتركوه أمانة في الاعناق بعد أن استرخصوا دمائهم الزكية في سبيل هذا الحلم ، ما من سبب يدعو الى الركون الى أحزاب في عمومها سلطوية تسلطية ، لم تألف يوما العيش الا في واحة السلطة وظلالها الوارفة، وإن كانت اسما في المعارضة فقد أثبتت الأيام أن أغلبها لا يفقه أبجديات وظيفة المعارضة ، ما من سبب يدعونا لان نصدق أنها تسعى للتغيير الذي ينشده الشباب إنها فقط سعت وتسعى لتغيير مواقعها فقط لتحمي مصالحها التي لا هم لها الا إياها ، لن أُفرط في استشراف حاضر هذا الائتلاف لكن يكفى استدعاء بعضا من ماضي مكوناته ،ففي هذا الماضي سنجد الدروس ومنه نستلهم العبر، لانه وببساطة شديدة الصورة اليوم انعكاس لصورة الأمس الذي كانت فيه القوة العسكرية منقسمة، ومناصب السلطة مقسمة ، واتفاق تم التوقيع عليه في عاصمة مملكة ،واتفاق مشابه تم التوقيع عليه اليوم في عاصمة مملكة أيضا وبغض النظر عن اختلاف وتغير مصالح القوى الاقليمية والدولية.

لاشك أن الجميع يتذكر جيدا أنه بعد إعلان الدولة اليمنية الوليدة اقتسم طرفي الائتلاف الحقائب الوزارية والمناصب العليا والدنيا في الدولة بالتساوي بينهما من الساس الرأس،وفهم الطرفان حينها أن الوحدة تثبيت لهما في السلطة، وتثبيت لعملية تقاسمها، وتثبيت لحقهما المزعوم فيها، والجميع يتذكر أن وحدة المانيا أعقبت وحدتنا ونجح الالمان في ترسيخها واستقرارها وفشلنا لسبب بسيط هو أن حرارة الحدث أدت الى أنصها طرفي السلطة في المانيا شرقا وغربا في قالب واحد هو المانيا الموحدة ورحل الاشخاص الذين حملوا لواء وحدتها دون منٍ على شعبها أو أذىٍ له فبقيت المانيا موحدة ، بينما ظل طرفي السلطة في بلادنا متميز كل منهما عن الاخر لم ينصهر أي منهما  لشدة صلابتهما بل لعله ما كانا لينصهرا في قالب واحد وإن وضعا في الجحيم لان كل مهما اعتاد السلطة ونشوتها التي تعبث - كما قيل- وتصل حد الجنون ، ولم يعتد أي منهما التضحية من أجل الوطن بل أن الاستعداد قائم للتضحية بالوطن إذا ما تعارضت المصالح الذاتية الانانية مع المصلحة الوطنية العليا ، وكي لاننسى فقد ساد التوافق علاقة طرفي الائتلاف في بدايتها و بفعل تأثير الحدث ونشوة الفرحة به ،غير أن ذلك الوفاق لم يستمر طويلا بين طرفي ائتلاف السلطة عندما تمترس كل منهما في مواقعها المختلفة،وسرعان ما بدأت الخلافات تطفو على السطح حول عدد من القضايا القانونية والسياسية والأمنية، والاقتصادية والتي ازدادت حدة مع بداية العام الثاني من عمر الجمهورية الوليدة ، واستمرت الخلافات تعصف بالائتلاف إلى ما بعد الانتخابات النيابية الأولى.

وإذا كانت تجربة الائتلاف الثنائي قد جاءت كنتيجة لاقتسام السلطة بين نظامي الحكم الشطريين كاستحقاق - غير مستحق- لهما على الانجاز الوحدوي ، فإن تجربة الائتلاف الثلاثي كانت نتيجة لانتخابات نيابية أوصلت - هذه الانتخابات- طرفا ثالثا إلى جانب طرفي الائتلاف الثنائي لحصول الطرف الثالث على عدد من مقاعد مجلس النواب يفوق ما حصل عليه الطرف الثاني في السلطة خلال الفترة الانتقالية ، ومع أن نتيجة الانتخابات النيابية الأولى قد أفرزت طرفا ثالثا قويا إلى جانب طرفي السلطة يتمتع بقاعدة شعبية واسعة فقد كان بالإمكان لو أن مصلحة الوطن تعنيهم من قريب أوبعيد أن يقتصر تشكيل الحكومة على الطرفين السابقين أو أحدهما مع الطرف الثالث ويظل واحدا من هذه الثلاثة الأطراف القوية في المعارضة باعتبار أن التعددية الحزبية تقتضي وجود حزب أو أحزاب في السلطة وحزب أو أحزاب في المعارضة لتشكل وسيلة رقابة على حزب الحكومة أو الائتلاف الحاكم، وليشكل ذلك الطرف إلى جانب الأحزاب الصغيرة معارضة قوية في مواجهة الحكومة من أجل ترسيخ الاسس الديمقراطية للجمهورية الوليدة ، لكن ما أشبه اليوم بالبارحة لا يشعرون بالراحة الا على كراسي السلطة ، ولذلك فقد استمرت معادلة التقاسم التي قامت عليها تجربة الائتلاف الثنائي في ظل تجربة الائتلاف الثلاثي التي أعقبت الانتخابات النيابية الأولى، مع تغيير طفيف في المعادلة تم الاتفاق عليه ، وعلى أن يتم تشكيل حكومة وفاقية ائتلافية، ثلاثية الابعاد، وبذلك بات الأقوياء جميعا في السلطة، وظلت ساحة المعارضة خالية بعد أن قامت الاطراف الثلاثة باقتسام النواب المستقلين وضمهم إلى كتلها في مجلس النواب، كذلك أ صبح للاطراف الصغيرة نصيب من الحقائب الوزارية واصبحت عمليا ضمن الائتلاف الحاكم،وتمتع الجميع بدفء السلطة وتُركت ساحة المعارضة خالية في شتاء طويل وبرد قارس ، إنها الصورة تنعكس اليوم ! فما أشبه اليوم بالبارحة الكل في السلطة لا معارضة كما كان عليه الوضع سابقا الفرق فقط يكمن في وجود الشباب في شتاء الساحات القارس في مواجهة ما سمي بحكومة الوفاق الوطني! لا عبرة بأي تبريرات يمكن أن تطرح فأكثر من عقدين من الزمن ونحن من فترة انتقالية الى حكومة وفاقية الى أخرى انتقالية تليها انتقامية!

كل الاطراف سعت وتسعى لاقتسام السلطة وكل الاطراف الصغيرة ( وأفضل هنا أن اسميها أطرافا في السلطة وليس أحزابا لانها كبيرة وصغيرة ليست أهلا لهذه التسمية )تسعى لتحصل على نصيب من السلطة ولو فتاتا،لم تكن مصلحة الوطن حاضرة أبدا حضرت مصالح الاطراف وغابت مصلحة الوطن فمن في السلطة اليوم هم الحلفاء والاعداء معا ، وإن كان كل منهم قد طوى الصفحة بخيرها وشرها كما تردد (وأصبح من لا يملك يمنح من لا يستحق) لكنهم وعما قريب ، وعندما يبدأ كل مهم تفاصيل القسمة وإعادة الحسبة سيبدأ التهديد والوعيد وينتهي العتاب ليبدأ العقاب ، والكل يملك العصي والحديد وكما سبق أن فعلوها وكرروها فلن يتأخروا عن تكرارها دونما حساب لشعب أو وطن طالما والسلطة وحدها هي الثمن،لأن فهم قيادات تلك الاطراف قاصر على أن الممارسة السياسية لا تتم إلا من خلال وجودها في السلطة،وإذا ما أصبحوا جميعا فيها فمن الرقيب عليهم ؟