بعد إعدامه بعام الاحتلال ينصف صدام حسين
بقلم/ جهان مصطفى
نشر منذ: 16 سنة و 9 أشهر و 27 يوماً
الخميس 03 يناير-كانون الثاني 2008 05:42 م

هل كان صدام حسين الحل السحرى لبلد ذا تركيبة طائفية واجتماعية معقدة كالعراق ؟ هل أنصفت ممارسات الاحتلال صدام بعد رحيله ؟ هل كان يستحق التنكيل به وهو يفارق الحياة ؟.. هذه التساؤلات وغيرها يرددها كثيرون في ذكرى مرور عام على إعدام الرئيس العراق السابق.

ورغم أن البعض قد يتهمنا بالتعاطف مع نظام الرئيس المشنوق لإثارة هذه التساؤلات إلا أن الحقيقة عكس ذلك تماما فصدام ارتكب أخطاء لاتغتفر بحق معارضيه وجيرانه إلا أن الوقائع على الأرض وتصريحات مسئولى الاحتلال تظهر أيضا أن حال العراقيين تحت حكم الديكتاتورية كان أفضل بكثير مماهو عليه اليوم ، فهو لم يعد محروما من حقوقه السياسية فقط وإنما أيضا من السيادة الوطنية ومن الأمن ومن أبسط ضروريات الحياة وتحول هذا البلد ذى التاريخ الحضارى الكبير إلى بلد ممزق ومنقسم تنهشه الصراعات الطائفية ، ما يؤكد أن الاحتلال لايمكن أن يجلب "الديمقراطية والحرية" بل يجلب القهر و الدمار.

والاحصائيات التى تظهر بين الفينة والأخرى تدعم ماسبق، فقد أوضحت دراسة أجراها باحثون أمريكيون في الصحة العامة بالتعاون مع جامعة جونز هوبكنز الأمريكية ونشرت نتائجها مؤخرا أن أكثر من 655 ألف عراقي قتلوا منذ الغزو الأمريكي ، كما ذكرت صحيفة "يو أس أي تودي" الأمريكية أن من خسائر الحرب الكثيرة أزمة اللاجئين العراقيين البالغ عددهم 3.8 مليون لاجئ ، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها تسببوا فى أزمة لاجئين في العراق تعتبر أكبر حركة تنقل أو هجرة في الشرق الأوسط منذ ترحيل الفلسطينيين بعد قيام إسرائيل عام 1948 .

ونقلت الصحيفة عن المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة القول في تقرير لها :" إن هنالك مابين (500000) ألف لاجئ عراقي في إيران و(700000) ألف لاجئ في الأردن و (40000) ألف لاجئ في لبنان و (20000 إلى 80000) في مصر و 1.8 مليون فرد مرحل أو مهجر داخل البلاد.

ولم يقتصر الأمر على المآسى السابقة ، بل إن الاحتلال سعى أيضا إلى تدمير ذاكرة وتراث العراق ، ففى 9 إبريل 2003 وفور سقوط العاصمة بغداد اقتحم مئات الأشخاص بحماية جنود الاحتلال قاعات المتحف العراقي في بغداد وسرقوا أغلب محتوياته ، وقال مدير منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) فى الأردن ندييه فول إن أعمال النهب التى طالت المتاحف فى العراق أدت إلى نهب أو تضرر 170 ألف قطعة أثرية ، قائلا :" هذه القطع لا تقدر بثمن .. إنها مهمة جدا ، فهي تخبرنا بالكثير عن عادات وحضارة العراق على مر العصور".

وأضاف أن القطع الأثرية التى نهبت كانت تضم ألواحا مسمارية ورسوما وأواني فخارية وعملات إسلامية من الفترة الأموية في القرن السابع الميلادي وتمثالا أشوريا من العاج يرجع تاريخه إلى ألفي عام قبل الميلاد ويعتقد أنه كان جزءا من سرير ملك أشوري .

وبالإضافة إلى ماسبق ، فإن ثروة العقول التى لاغنى عنها لتقدم أى مجتمع كان لها نصيب كبير من التدمير على يد الاحتلال ، ففى تقرير لها نشرته في 10 ديسمبر 2007 ، كشفت صحيفة "البينة الجديدة" العراقية أن الموساد الإسرائيلي وبالتعاون مع قوات الاحتلال الأمريكية قتل حوالى350 عالما نوويا عراقيا وأكثر من 200 أستاذ جامعي في المعارف العلمية المختلفة منذ بدء الغزو .

ووفقا للتقرير فإن وحدات الموساد والكوماندوز الإسرائيلية التى تنتشر في الأراضي العراقية حرصت على قتل العلماء النوويين العراقيين وتصفيتهم بعد أن فشلت الجهود الأمريكية في استمالة عدد منهم للتعاون والعمل بالأراضي الأمريكية.

وجاء في التقرير أيضا " على الرغم من أن البعض منهم أجبر على العمل في مراكز أبحاث حكومية أمريكية إلا أن الغالبية الكبرى من هؤلاء العلماء رفضوا التعاون مع العلماء الأمريكيين في بعض التجارب وأن جزءا كبيرا منهم هرب من الأراضي الأمريكية إلى بلدان أخرى ".

وبالنسبة للعلماء الذين قرروا التمسك بالبقاء في الأراضي العراقية خضعوا لمراحل طويلة من الاستجواب والتحقيقات الأمريكية والتي ترتب عليها إخضاعهم للتعذيب إلا أن إسرائيل كانت ترى أن بقاء هؤلاء العلماء أحياء يمثل خطرا على الأمن الإسرائيلي في المستقبل ولذا رأت أن الخيار الأمثل للتعامل مع هؤلاء العلماء هو تصفيتهم جسديا وأن أفضل الخيارات المطروحة لتصفيتهم هو في ظل انتشار أعمال العنف الراهنة في العراق.

ونبه التقرير إلى أن هذه العمليات التي تقوم بها وحدات الكوماندوز الإسرائيلية تتواصل بشكل منتظم وبدعم وتأييد من البنتاجون ، مشيرا إلى أن أحد أسباب انتشار الانفجارات في بعض شوارع المدن العراقية هو قتل العلماء .

وأمام تلك المآسى التى تقشعر لها الأبدان ، أبدى مراقبون حسرتهم على أيام صدام رغم اختلافهم مع أسلوبه ، ففى تقرير لها نشرته مؤخرا ، قالت صحيفة "دار الخليج الاماراتية" :" حارب الرئيس السابق للعراق صدَّام حسين إيران وغزا الكويت واستخدم الأسلحة الكيماوية ضد الأكراد كان ينفذ ذلك بتوجيه من الإدارة الأمريكية وبدعم منها وهي التي أعطته الأسلحة الكيماوية التي ضرب بها أبناء شعبه وعندما انتهى دوره بالنسبة لأمريكا وأقام في بلاده قاعدة صناعية تصنع أسلحة وصواريخ بعيدة المدى وجعل من جيش بلاده أقوى الجيوش في المنطقة بل غالى البعض في قوته وجعله يمثل رابع قوة في العالم ويشكل خطورة على "إسرائيل" وعندما رفض الخضوع للأوامر الأمريكية صبت الإدارة الأمريكية جام غضبها عليه وادعت أن العراق بات يشكل خطراً على أمريكا واخترعت أكذوبة أن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل".

واستطردت الصحيفة تقول :" دخلت الجيوش الأمريكية بغداد وقتل من قتل وعذب من عذب ويتم من يتم من الأطفال ورُمِّلت النساء وانتهكت أعراض النساء والفتيات وهدمت المدارس وعطلت المرافق الحيوية وتأخر العراق عدة قرون ودمرت البيوت ونُهبت الآثار وسُرقت وسُرق معها البترول وحُلَّ جيش العراق وحوِّل سلاحه ومدرعاته ودباباته إلى خردة من الحديد يُباع الطن منها ب 900 دولار وسادت الفوضى وانتشرت المخدرات وانعدم الأمن والأمان وانتشر الموساد في شتى أرجائه وعمت الفتنة الطائفية وبات يقتل يومياً حوالي 150 شخصاً في حين حكم على صدام حسين بالإعدام لأنَّه قتل 148شخصاً من بلدة الدجيل عام 1982 ولم يُحاكم الذين أشعلوا حروباً في العراق وأفغانستان وقتلوا الملايين ولم يُحاكم رابين وشارون وأولمرت الذين قتلوا وشردوا الشعب الفلسطيني وأحدثوا مذابح "دير ياسين" و"بحر البقر" و"صبرا وشاتيلا" و"قانا 1" و"قانا 2" و"جنين" و"بيت حانون" وغيرها كثير".

وأكدت الصحيفة في تقريرها أن العدالة لاتتجزأ فإذا أراد المجتمع الدولي إقامة العدل فليقمه على الجميع وليقدم للمحاكمة من أشعل الحروب وأقام المذابح واحتل أراضى الآخرين بلا مبررات.

واشنطن أيضا تتحسر على صدام

ويبدو أن واشنطن هى الأخرى أدركت وإن كان متأخرا جدا فشل سياستها في التخلص من صدام ، فهى كانت تعتقد أنها فور إسقاط نظامه أن الأمور ستستقر لها وستتضاعف ميزانيتها من نهب النفط العراقى إلا أن المقاومة كانت لها بالمرصاد وفاقت خسائرها بمراحل كثيرة ماحصلت عليه ، بل وتراجعت شعبية بوش إلى أدنى مستوى وصار يبحث هنا وهناك عن حل يحفظ ماء وجه أمريكا القوة العظمى في العالم إلا أن هذا أيضا عجز عن تحقيقه ، ولذا لم يجد مفرا من اللجوء إلى أنصار النظام المشنوق من السنة وحزب البعث المنحل لإنقاذه من ورطته .

فالتغلغل الإيرانى المتزايد في العراق والمخاوف الخليجية والسعودية من هذا التغلغل واشتداد المقاومة وفشل الحكومات المتعاقبة التى سيطر عليها الشيعة في وقف العنف دفعت الجانب الأمريكى للتفكير جديا فى الحوار مع السنة ، وهذا ما أشارت إليه صحيفة "القدس العربى" اللندنية مؤخرا عندما ذكرت أن مسئولين أمريكيين أبلغوا عبر وسطاء رغد الابنة الكبرى لصدام بأنهم لايستهدفون فعلا حزب البعث إنما كانوا يستهدفون نظام الرئيس صدام فقط.

كما ذكر موقع "العرب أون لاين" الالكتروني في تقرير له نقلا عن سياسيين أمريكيين أن واشنطن لم تكن تتصور حجم الفوضى التى خلفها إسقاط نظام صدام، كانت تتصور أن الفوضى التى أطلقتها ستقدر على التحكم فيها وتحسن توظيفها، لكنها ارتدت عليها وأصبح العراق ملتقى للتدخل الإيرانى والتركى والإسرائيلي، فضلا عن تمركز القاعدة التى عولمت المواجهة فى العراق وأفقدت المناورات السياسية الأمريكية جدواها.

وجاء في التقرير " الأمريكيون نادمون على ضياع زمن صدام حيث يشعرون بجسامة الخطأ الذى ارتكبوه حين أطاحوا بسلطة متماسكة وذات شعبية وزرعوا بدلها عملية سياسية مشوهة لجمعها بين فرقاء لامشترك بينهم سوى محاولة ملء فراغ مابعد صدام، فأغلبهم بلاتجربة وتسيطر عليهم الانتماءات الطائفية والتجاذبات الخارجية والعراق آخر مايمكن أن يفكروا به.المناورات السياسية الأمريكية ما تزال تراوح مكانها لأنها تحصر نفسها فى الأطراف المساهمة فى العملية السياسية، وهى أطراف لا يمكن أن تضمن لها انسحابا مشرفا".

ووفقا للسياسيين الأمريكيين فإن الحل يبدأ من قناعة إدارة بوش بأن المهمة فى العراق قد فشلت عسكريا وسياسيا واقتصاديا وأن الاستمرار مضيعة للوقت ثم البحث عن الطرف الحقيقى الذى يضمن الانسحاب المشرف.

حوكم صدام وسبعة من رموز نظامه بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في بلدة "الدجيل" الشيعية إثر تعرضه لمحاولة اغتيال هناك في 8 يوليو 1982 عام 1982.

وفي 5 نوفمبر 2006وبعد عقد 41 جلسة ، حكمت المحكمة الجنائية العراقية بالإعدام شنقاً حتى الموت على كلٍ من الرئيس العراقي السابق صدام وأبرز مساعديه عواد البندر وبرزان التكريتي كما حكمت بالسجن مدى الحياة على طه ياسين رمضان نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق وأصدرت أيضا ثلاثة أحكام بالسجن 15 عاما ضد ثلاثة من معاوني الرئيس العراقي السابق لدورهم في قضية "الدجيل".

ورغم أن قانون المحكمة الجنائية العراقية التي حاكمت الرئيس العراقي المخلوع منحت في أحد بنودها مدة شهر لتنفيذ العقوبة بعد التصديق عليها إلا أن حكومة نورى المالكى شرعت على الفور في اتخاذ إجراءات الإعدام فور مصادقة محكمة التمييز في 26 ديسمبر 2006 على حكم الإعدام الذي أصدرته المحكمة الجنائية .

ووصف مراقبون محاكمة صدام بأنها كانت هزلية تهدف في الأساس لصرف النظر عن الوضع الأمني السيئ ونقص الخدمات الأساسية في العراق بعد الغزو كما أنها كانت غير شرعية لأن قانون المحكمة وضعه المحتل وأوكلت حراسة المتهمين والمحكمة لقوى الاحتلال وتدخلت السلطة التنفيذية في تغيير القاضي أو عزله واختير القضاة من خصوم المتهمين .

بالإضافة إلى أن المحكمة تشكلت بقرار من مجلس الحكم الانتقالى الذي كان تحت هيمنة سلطة الاحتلال وبول بريمر كما صدر قانون تشكيل المحكمة حسب بند في قانون إدارة الدولة للفترة الانتقالية الذي كان مجرد مسودة دستور ولم يكن دستورا دائما .

وفوجئ العالم فجر السبت الموافق الثلاثين من ديسمبر 2006 صبيحة عيد الأضحى المبارك وقبل صلاة العيد بنحو الساعة بأنباء إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين " 69 عاما " شنقا حتى الموت ، رغم أن القوانين العراقية تحظر الإعدام في العطلات .

وصعق الجمهور العربي والإسلامي من الانتهاكات الصارخة التي حدثت أثناء تنفيذ حكم الإعدام والتي تسربت مشاهده عبر أشرطة فيديو حيث ظهر صدام وهو يردد الشهادتين قبيل إحكام الحبل حول رقبته وسط هتاف مستفز ومهين للرئيس السابق من قبل شرطيين ملثمين رددا شعارات باسم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ورجل الدين الشيعي محمد باقر الصدر الذي أعدمه الرئيس المخلوع عام 1980 وكأن التنفيذ تم في مقر أحد المليشيات الشيعية وليس تحت إشراف حكومي رسمي.

ونشرت مواقع إليكترونية مقربة من المقاومة العراقية معلومات قالت إنها حصلت عليها من مصدر موثوق عن حضور مقتدى الصدر لعملية إعدام صدام، موضحة أن الصدر كان مرتديا قناعا ووقف خلف الرئيس الراحل فيما كان آخر يلف قطعة قماش حول رقبة صدام.

ونقلت جريدة الوطن السعودية عن تلك المواقع قولها إن الصدر شوهد وهو يرتدي القناع في غرفة جانبية بموقع الإعدام، مشيرة إلى أن الصدر هو الذي اشترط على الحكومة تنفيذ الحكم صبيحة عيد الأضحى وأن يقوم بتنفيذه بنفسه.

وفي السياق ذاته ، ذكر موقع " أخبار العراق" على شبكة الإنترنت أن مقتدى الصدر هو الذي وضع الحبل على رقبة صدام والذين قاموا بالتصوير هم مريم الريس وبهاء الاعرجي وموفق الربيعي وقد سرب الفيلم إلى إحدى القنوات الفضائية وبيع ب 20 ألف دولار .

ويجمع المراقبون أن إعدام صدام بهذه الطريقة جاء بهدف الثأر والانتقام للجرائم التى ارتكبها ضد الشيعة وأيضا لمخاوف الاحتلال والحكومة الموالية له من إقدام صدام خلال محاكمته في قضية الأنفال على كشف أسرار حول تورط كبار مسئولى الاحتلال وأعوانه في الحروب والمجازر التى شهدتها الحقبة الصدامية .

ورغم محاولة أمريكا في العلن التنصل من المسئولية عن اختيار توقيت إعدام صدام ، إلا أن تصرفاتها منذ بداية المحاكمة كانت تؤكد أن لها مصلحة جوهرية في التخلص من صدام على وجه السرعة .

فقد حرص الاحتلال على إبعاد المحاكمة عن إطار المحاكمة السياسة الشاملة عبر تحويل المحاكمة من سياسية إلى جنائية والتركيز على قضية ثانوية ذو بعد محلي وهي قضية الدجيل التى تعتبر قضية صغيرة الحجم والأبعاد إذا قورنت بقضايا أكبر حجما وذات أبعاد إقليمية مثل حرب الخليج الأولى وحرب الخليج الثانية واستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة شمال العراق والتى كان من شأنها إثبات تورطه بشكل واضح في دعم جرائم صدام .

فموقف الولايات المتحدة في الحرب العراقية الإيرانية ليس بخفى على أحد فهى لم تسع لإيقاف الحرب بل كانت تصب الزيت على النار وتحرض هذا الطرف على ذاك وتستهدف القضاء على القوتين الإقليميتين كليهما، وتزود كلاً من الطرفين بالمعلومات عن الطرف الآخر وتسهل لكل منهما الوصول إلى مصادر السلاح، أي باختصار كانت شريكاً في الحرب العراقية الإيرانية ومحرضاً عليها ومستفيداً منها.

ودور الولايات المتحدة في التحريض على غزو الكويت لم يكن بخفى أيضا على أحد بعد نشر تقارير عدة أوضحت أن السفيرة الأمريكية في العراق في هذا الوقت أعطت الضوء الأخضر لصدام لغزو الكويت .

كما أن الولايات المتحدة نفسها هى التى زودت صدام بالأسلحة الكيمياية التى استخدمها ضد الأكراد في حلبجة لقمع الانتفاضة التى قاموا بها في أعقاب انتهاء الحرب العراقية الإيرانية ولذا فإن أية محاكمة سياسية دولية لصدام حسين أو لنظامه كانت ستكشف حقائق عديدة عن دور الولايات المتحدة بغزو الكويت وبمجمل الحروب الإقليمية التي شنها صدام .

وهذا ماأشار إليه استطلاع للرأى أجرته شبكة سي ان ان الإخبارية الأمريكية فى 21 فبراير 2007 ، فقد كشف الاستطلاع أن نحو 76 بالمائة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن إعدام صدام حسين وبرزان التكريني وعواد البندر جاء بدافع الثأر ومنع تكشف حقائق جديدة في حال استمرار المحاكمات الأخرى وخاصة في قضية الأنفال التي راح ضحيتها الآلاف من الأكراد.

وفي السياق ذاته ، قالت صحيفة "دار الخليج الإماراتية" :" توقيت تنفيذ حكم الإعدام جاء بقرار أمريكي فقد أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش أنّه سيتخلص من صدام قبل نهاية عام 2007 ومهما حاولت الإدارة الأمريكية التنصل من مسئولية إعدام صدام فلن يصدقها العالم فهي اختارت عمداً فجر يوم عيد الأضحى المبارك الذي يقدم فيه المسلمون أضحياتهم وكأن الرسالة التي تريد إبلاغها الإدارة الأمريكية للعرب والمسلمين أن من يريد جعل بلاده ذات قوة عسكرية ويشكل خطراً على إسرائيل فإن مصيره سيكون مثل مصير صدام حسين".

وأضافت " لقد استفزت الإدارة الأمريكية بفعلتها هذه مشاعر جميع المسلمين بغض النظر عن موقفهم من الرئيس العراقي السابق ولكن كون أن يحاكم زعيم عربي بقرار أمريكي ويعدم بقرار أمريكي ويختار توقيت إعدامه يوم عيد الأضحى المبارك بقرار أمريكي رغم أن إحدى مواد الدستور العراقي تنص على عدم جواز إعدام شخص يوم عيد وطني فهذا مؤلم وعار على الأمتين العربية والإسلامية. ولو كان الشعب العراقي حراً غير محتل وصاحب القرار وأصدر حكم الإعدام عليه فلن يعدمه يوم عيد المسلمين أجمعين ولكن ما حدث مؤلم ومؤسف للغاية".

وتبقى الحقيقة المهمة وهى أن إعدام صدام لم يغير من مأساوية المشهد العراقى فى شيء لأن لب المشكلة هو الاحتلال وسعى الحكومة الموالية له إلى إذكاء الفتنة الطائفية.

* محيط