اليمن بين المطرقة والسندان
بقلم/ د.طارق الأزعبي
نشر منذ: 14 سنة و 11 شهراً و 15 يوماً
الإثنين 11 يناير-كانون الثاني 2010 05:37 م

كلنا تابع ما تناقلته الصحف العالمية والعربية مؤخرا عن عملية عمر فاروق عبد المطلب بتاريخ 25 ديسمبر 2009 الهادفة لتفجير الطائرة المتجهة لدترويت في الولايات المتحدة وارتبطت العملية بتنظيم القاعدة في شيه الجزيرة العربية ومقره اليمن.

ونقلت صحيفة نييورك تايمز في تاريخ 28 ديسمبر 2009 ان الولايات المتحدة في صدد إرسال قوات خاصة لمساعدة وتدريب الجيش اليمني وكانت قد قالت نفس الصحيفة في خبر سابق بتاريخ 19 ديسمبر من نفس العام أن الرئيس الامريكي اوباما قد أعطى الضوء الأخضر لإجراء عمليات عسكرية لضرب معاقل القاعدة والجهاديين في اليمن وقد سبقت الحكومة هذا التصريح بيوميين أي في 17 ديسمبر حيث قامت باستهداف بعض التجمعات للمجاهدين في أبين قتل من جراء هذه العملية قرابة الثلاثين شخص وبعدها بأسبوع تمت عملية مشابهة في شبوة الملجأ التقليدي للقاعدة في شرق البلاد.

ويعزي خبراء أجانب لجوء القاعدة إلي اليمن وذالك لتوفر بيئة مناسبة لهم في التوسع والتخطيط لعملياتهم فقد استفادوا من الأشياء التالية :

1- حكومة مركزية ضعيفة

2- حركات وأحزاب إسلامية قديمة في المنطقة ومتوغلة بين الشعب

3- سيطرة القبيلة على أجزاء شاسعة من البلاد

وقد شهدت العلاقات الامريكية اليمنية توترا منذ تفجير المدمرة كول في عدن قبل عام من احداث 11 سبتمبر 2001 واتت عملية هروب 20 محتجز من القاعدة من سجن المخابرات في صنعاء لتجعل العلاقات أكثر توترا مما حدا بمسئولين أمريكيين الى التشكيك بأن هناك تواطؤ من قبل مسئولين في الحكومة اليمنية مع تنظيم القاعدة ومساعدتهم على الهروب من السجن الذي يفترض أن يكون أكثر حماية وتشديدا.

كما أن محاولة تفجير السفارة الامريكية في 2008 أكد لواشنطن ضرورة القضاء على هذا التنظيم في اليمن وتوجب على الحكومة اليمنية تحسين صورتها في مقاومة الإرهاب وتعزيز العلاقات مع واشنطن ولفعل ذالك قامت الحكومة بالعمليات العسكرية الأخيرة في شهر ديسمبر في كل من ابين وشبوه رغم ان تنظيم القاعدة لا يشكل تهديدا كبيرا لليمن بقدر الحوثيين والحراك الجنوبي اللذان يطالبان بإقصاء النظام.

من كل ذالك نشهد أن اليمن قد دخلت مرحلة خطيرة في مواجهة عدة محاور رغم ابدأ واشنطن ارتياحها من العمليات الأخيرة ضد القاعدة ولكن هل الدعم الامريكي والأوربي لليمن من الممكن ان يأخذ بيد هذا الاخير من الأزمة الحالية؟ هذا ويجدر التنويه أن واشنطن كانت قد خصصت مبلغ 70 مليون دولار للعام 2009 كمساعدات عسكرية وذالك حسب تقرير البنتاجون.

ومن المتوقع ان تحصل اليمن على مساعدات إضافية في ملتقى دعت له بريطانيا في الـ 28 من الشهر الجاري وذالك للوقوف مع اليمن في ظل ما تمر به من أزمات.

حاليا أصبحت اليمن وجهة لاينصح بها من قبل اوربا وامريكا وأدرجت من ضمن الدول التي يخضع القادمين منها لأشد أنواع التفتيش وقد بدأت بريطانيا هذا الأسبوع بإجراءات مشددة على اليمنيين القادمين من بلادهم ومن المتوقع ان تحذوا فرنسا نفس الخطوة.

هناك من يرحب بتدويل قضايا اليمن وان الرئيس قد نجح في قلب الطاولة على أعداءه وان هذا انتصار حيث آن اليمن سيحصل على مساعدات مالية وعسكرية وبذالك سيقضي على الحراك والحوثييين.

والقارئ لوضع اليمن يستشف ان ليس من مصلحة اليمن تدويل قضاياه المحلية وان الأوربيين والأمريكيين لايهمهم وضع اليمن الداخلي إلا فيما يخص تصدير الإرهاب وتتبع القاعدة.

وهاهم وجدوا ضالتهم بعد العمليات الأخيرة التي قامت بها الحكومة وانتبه العالم لذالك خاصة بعد عملية عمر الفاروق التي من خلالها حاول تفجير الطائرة المتوجهة إلى ديتروييت وما تناقلته وسائل الأنباء بأنه قد كان في اليمن حيث حصل هناك على البودرة التي استخدمها في التفجير.

ان نبش قضية تواجد القاعدة في اليمن في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد ليس من مصلحتنا ولا مصلحة الدولة فبالماضي اثبت الرئيس حسن إدارته لملف القضية في اليمن ولكن ألان افلت الأمر من يده وأصبحت قضية عالمية ستسعى الدول العظمى للتدخل والتشديد على اليمنيين بحجة آن اليمن من الدول المصدرة للإرهاب وما حصل ألان في بريطانيا اكبر دليل والأيام القادمة حبلـى بالمفاجآت.

نعم ان اليمن ألان بين مطرقة الأزمات والمحن وسندان التدخلات والتشديدات الأجنبية.

قد نكون قد كسبنا ان العالم ألان سيقف مع وحدة اليمن وسينخفض صوت المناديين والداعمين للانفصال في الخارج ولن يجدوا من يساندهم ولكن هل سيتم معالجة المشكلة في الداخل.

نأمل آن تتصرف قيادتنا بحكمة في حل هذة المشكلة رغم ان البعض يشككك في وجود قضية جنوبية وأنا أقول أن هناك قبل كل شئ ومالا يلاحظه الكثيرون انفصال اجتماعي بدأ يظهر على السطح وأعني بالانفصال الاجتماعي هو تنامي العداء والكره من قبل أبناء الجنوب لكل ماهو شمالي حتى أن الأطفال كذالك في الجنوب أصيبوا بهذا الداء ورضعوا هذا الانفصال الاجتماعي.

في الأخير ليس بوسعنا سوى الالتفاف حول قيادتنا والسعي لتحسين صورة بلادنا ومكافحة الفساد والمفسدين ومحاولة الخروج من هذا المأزق حتى لا نكون مسرح لعمليات كما هو في بيشاور الباكستانية وأفغانستان.