قطر.. قلب مساحته 14 مليون كم2
بقلم/ علي عبدالملك الشيباني
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 13 يوماً
السبت 04 ديسمبر-كانون الأول 2010 06:33 م

اذا ما نظرنا لدوله قطر كمساحه جغرافيه ، فهي بالتاكيد من الدول الصغيره، لكنها من زاويه القانون الدولي تملك كل مقومات الدوله المستقله، كعضو في الامم المتحده، كذلك عضويتها في جامعه الدول العربيه، وكثير من المنظمات الدوليه والاقليميه، وبالتالي لا فرق بينهما،في هذا لجانب، وكل دول" الكبه الارضيه". الانظمه المتحسسه، خاصه السعودي، من الدور القطري والمتنامي في المنطقه واحترام المواطن العربي لمواقفها، لايجدون في وضعها العام مايمكن لهو ان يشكل عيبا ونقطة ضعف ،ولهم ماده للانتقاص من هذا الدور الذي عادةمايربطونه بمساحتها الصغيره من حيث كونها، كما يوهمون انفسهم ،لا توهلها للتحرك على مستويات سبق لهم وبمساحات دولهم الكبيرهواموالهم انفشلوا في بلوغها.

في مقابله لرئيس وزراء اردني سابق مع قناه الجزيره ،ظهر معلقآعلى الموقف القطري الرافض تزكيه مندوب بلاده لعضويه مجلس الأمن، لم تفارق وجهه الابتسامه الساخره المصطنعه، وحديث تضمن كثيرآ من الهمز اللمز واصفآ اياها بقطر العظمي، في ربط صريح بين موقفها ومساحتها، مع ان ذاكرتنا لا تختزن للاردن "العظيم" اي مواقف قوميه ،غير التامر ابآ عن جد على حاضر الامه ومستقبلها .

القطريون بدورهم وعلى لسان اميرهم ،لا يستعرون من هذه المساحه ، ويؤكدون دائما ان بلادهم لا ترغب او احتى تحاول القيام بما هو اكبر من حجمها ، غير ان النتائج الايجابيه والكبيره لتحركاتهم وادوارهم تؤكد تواضعهم الشديد. الازمه اللبنانيه ، ونجاج الوساطه القطريه في حلها ، ازعجت السيد السعودي واكدت على حقيقه الا قيمه للمساحات الجغرافيه الكبيره وهي التي هزت لبنان بكل تامراتها ومحاوله تحويله الى ساحه لتصفيه حساباتها ، فيما نجحت قطر التي حظرت بفظائلها في احتواء الازمه وحلها.

 طوال اكثر من سنه ونصف ، حبس المواطن العربي انفاسه تخوفآ من عودة الحرب الاهليه الى هذا البلد ، بما ستضيفه من كارثه الى مجمل الكوارث الاخرى التي يعيشها، واحباط جديد سوف يخيم على النفوس .

تنوع وعيار الاطراف الدوليه والاقليميه الممسكه بخيوط الازمه اللبنانيه ، عكست عمقها وطبيعة الاهداف الحقيقيه من وراها ، والمتجاوزه في جزء كبير منها الحدود اللبنانيه . ولكن وفي لحظه حاسمه وخطوه مدروسه ، فاجات الجميع ، بسطت المعارضه اللبنانيه وخلال ساعات على مدينة بيروت ، خطوه اربكت بنتائجها الاطراف الحاضنه لجناح الموالاه الذي ظهر زعمائها في حاله دفعتنا للاشفاق عليهم كثيرا، والاهم افشالها لعمل استخباراتي امريكي- اوروبي استمر اكثر من ثلاث سنوات مدعوما بجهد استخباراتي اخر لمثلث الخيانه العربيه السعودي- المصري- الاردني، صاحب الدور المخجل في حرب تموز 2006.

 ما حدث اسعدنا كثيرا، لكنه في نفس الوقت ضاعف من احساسنا بالخوف مما يمكن ان يترتب على هذه العمليه من ردود فعل دوليه محتمله . وفي ظل ترقب عام وكم من الشعور بالقلق اطلقت المبادره القطريه في الوقت المناسب، وبسرعه فائقه قادت اطراف الازمه للتوقيع على اتفاقيه الدوحه لتضاعف من احترام المواطن العربي لمواقف هذه الدوله.

 لقد شاركتُ امير قطر لحظات الزهو، وهو يدلف قاعه البرلمان اللبناني لحضور جلسه انتخاب الرئيس، محاطا بنظرات الاحترام والحضور والمشاهدين وتصفيقهم الحار.. وكم اشفقت كغيري على وزير الخارجيه السعودي وهو يجر اذيال خيبه سياسه بلاده بفشل مخططها في لبنان، وعكس تجهم وجهه الانزعاج الشديد من نجاح الوساطه القطرية، والذي انعكس علينا سلبا هنا في اليمن من خلال وقوف النظام السعودي المباشر خلف اشعال الحرب الخامسه ومن ثم السابعة بين الدوله والحوثيين وتحمل تمويل نفقاتها العسكريه في افشال للوساطه القطريه والتي بدأت تؤتي ثمارها بعد توقيع طرفي الازمه على اتفاقيه الدوحة.

 بعد اربعة حروب متتالية ، قرر مجلس الوزراء السعودي الوقوف الى جانب الدولة في حربها مع الحوثيين ليتمكن، كما اعلن، من بسط نفوذه على محافظه صعده، وعلى اساسه قام رئيس هيئه الاركان بزياره لليمن في تأكيد لدعم الحرب مبررين موققهم هذا بأن المواجهات العسكريه تدور على حدودهم الشمالية وبالتالي فهي تؤثر وبشكل مباشر على امنهم ، وكأن الحروب السابقة كانت عن عباره عن حرب(( زماميط)) ولم تكن حروبا حقيقيه خلفت الاف القتلي والجرحى ولم يسمع عنها السعوديون.

 لذلك لا يمكن قراءه هذا الموقف خارج سياق الدور السعودي في اليمن الهادف الى مزيد من توريط الحكم واضعاف السلطة.

 نحن اليمنيون الاكثر درايه من غيرنا بخبث وخساسه السياسه السعوديه بحكم الجوار ما يطالنا منذ العام 62 حتى اليوم.. من الموقف المعادي للثورة وما ترتب عليه من حرب اهلية، الى اغتيال الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي وتسخير كل امكانياتها بما يؤدي الى بقاءنا على ما نحن عليه.

 لن ننسى اهدارها لكرامه المواطن اليمني وتجريحه، ولا اخر ما ارتكبه رجال امنها حين اقدموا على احراق 18 من مواطينينا في خميس مشيط. حضر ثلاثه منهم الى منتدى الجاوي ، شاهدنا اثار الحروق وقد غطت كل المساحات المكشوفه من اجسادهم لن ننسى حاله الحزن والقهر التي خيمت على وجوه الحاضرين ودموع الاستاذ الشعيبي حين لم يستطع حبسها.

 كان بمقدور السعوديين معاملتهم كمهاجرين غير شرعيين واعادتهم بهدؤء الى بلادهم كما تتصرف كل الدول العالم المحترمه بعد توفير الخدمات اللازمة لهم او على الاقل احتراما للجوار وعشرات الالاف من اطنان الحبوب التي كنا نسعفهم بها يوما.

 لم يذهب هؤلاء لنثر الفلوس على رؤوس و نهود الراقصات كما هو معروف عنهم، بل من اجل لقمه حلال بعد ان ضاقت بهم سبل العيش في بلدهم للاسف الشديد.

 لم نتخيل ان يحدث لنا هذا، وان تتحول بلدنا يوما الى مقصد لسياحه غير اخلاقيه وزواج سياحي.

 يتواجدون في اليمن حيثما يتواجدون في كل دوله يذهبون اليها، مستغلين ظروف الناس بهدف اشباع رغباتهم، كما نراهم ومن اجل اشباع حاجات اخرى، يجوبون شوارع المدن اليمنية على سياراتهم الفارهه، او يجلسون في استراحاتها ومتنزهاتها المختلفه، يستعرضون شفاتهم الحمراء ومواخيرهم المنتفخه بالرغبات اليوميه.

مهندس وكاتب

Alshaibani51@gmail.com