رئيس الحكومة يعلن من عدن اطلاق عملية اصلاح شاملة تتضمن 5 محاور.. تفاصيل الكشف عن كهوف سرية للحوثيين طالها قصف الطيران الأميركي في محافظة عمران انفجاران بالقرب من سفن تجارية قبالة سواحل اليمن محكمة في عدن تستدعي وزير موالي للإنتقالي استخدم نفوذه ومنصبه في ظلم مواطن العليمي يضع الإمارات أمام ما تعانيه اليمن من أزمة اقتصادية موجة برد قاسية متوقع أن تستمر في 8 محافظات البحرية البريطانية: تلقينا تقريرا عن حادث بحري على بعد 25 ميلا غرب المخا حكم قضائي يعمّق الخلاف بين الرئاسي والنواب شرطة تعز تعتقل قاتل أربعة من أفراد أسرته في صنعاء اشتعال حرب التكنولوجيا ..الصين تسبق الولايات المتحدة في التاكسي الطائر ذاتي القيادة
تنام وتصحو محافظة الحديدة على قدر كبير من الإيرادات، فهي ميناء هام، وممر ومستورد للقات، ومصدر للمنتجات الزراعية، إضافة لكونها محطة سياحية يرتادها المصطافون، الى غير من الثروات التي تزخر بها المحافظة، وتجعلها من المحافظات الغنية –رغم ان أهلها ليسوا كذلك- ومما زاد المحافظة إيرادات إضافية إنشاء صندوق النظافة والتحسين، والذي مكن السلطة المحلية من أن يكون لها رافد إضافي من الإيرادات.
أصبح الجميع يطلق على صندوق النظافة والتحسين بالصندوق الأسود، نظرا لعدم الشفافية والوضوح التي يعمل بها، كما انه لا يخضع للمراقبة من الجهات المختصة ماليا –هو وبقية أمثاله بالمحافظات – والأنكى من ذلك ألا يعالج الصندوق مشكلة النظافة التي انشأ من أجلها، كما انه لا يساهم في تحسين إلا جيوب...........
من يزور الحديدة قد لا يرى سمك أرصفتها، من كثرة القمامة التي تتكدس عليها، ولن نتحدث عن الأزقة والحواري، فأبواب الأهالي يصعب الوصول إليها من الزبالة المترامية حولها، وعندما سألت عن السبب، عرفت بأن الإضراب الشهري الذي يشنه عاملو الصندوق، بسبب ما يسمونه عدم اهتمام مجلس إدارة الصندوق بهم.
لكن ما استوقفني عند سؤالي لأحد عمال النظافة عن سبب الإضراب الحالي، تأكيده أن مدير الصندوق الحالي –رفعت فقيرة- يعمل الكثير من أجل تحسين أوضاعهم، وهو ما أسفر عن تخصيص بدل علاج سنوي مقداره 30 الف ريال، إضافة لاستكمال إجراءات تثبيت بعضهم ، وإكمال الأراضي الخاصة بهم.. قلت له : كل ذلك رائع، فقال لي : لا، لأنهم يضايقون هذا المدير لموقفه الطيب تجاهنا، ولقربه منا، حتى انهم أعطوه إجازة مفتوحة، وعينوا نائبه بدلا عنه، ومع تعدد التعيينات نرى أن المختصون في البيئة مغيبون عن المشهد.
عرفت حينها لماذا تملئ الوساخة كل أركان المدينة، لتشكل مع المجاري، والإطفاءات الكهربائية المتكررة يوميا -مع انه تم تخفيفها بحيث لم تعد تنطفئ من الفجر وحتى صلاة العصر- ثالوثا مرعبا يقتل ساكنيها كل يوم، الغريب أن المهندس رفعت فقيرة –مدير الصندوق الحالي- لم يمر على تقلده المنصب عدة أشهر، شهدت خلالها المدينة، حالة طيبة من الانضباط في النظافة، نتيجة الاستقرار الوظيفي الذي بدأ يحس به العاملون، لكن هذا الأمر، لم يرق للبعض تحت بند المناكفات الحزبية، فعمل على تسليط العمود النائم دائما -النقابة- والتي يفترض أنها تقف الى جوار العامل لا ضده.
صندوق الحديدة –الأسود- تعرض رصيده للكشف أكثر من مرة، ويعجز عن تسديد مرتبات موظفيه البالغ عددهم (2000) والمقدرة 62 مليون ريال شهريا، إضافة الى الاضافيات الأسبوعية والبالغة 12 مليون ريال، الى جانب دفع رواتب المتعاقدين في المحافظة منه، وهذا ناتج عن تدني إيرادات الصندوق –خاصة مع عامي الأزمة- لعدم دفع الجهات لما عليها من التزامات مالية من جهة، وللاستنزاف الكبير الواقع على الصندوق من جهة ثانية، فالصندوق عبارة عن مركز للمراضاة والمحاباة، ولكسب ود ص أو س.
يكاد يكون الصندوق هو البوابة الرئيسية لتغطية النفقات الجانبية للمحافظة، فمنه يتقاضى من لا يستحق ما لا يتصوره البعض، مثل : بدل بترول، اتصالات، نثريات، بدل سكن، وبدل..... الخ، حتى تحول الصندوق من نظافة الى بدل أي شيء تتصوره، وبهذا تذهب مقدرات الصندوق الى غير مستحقيها، ويبقى العاملون فيه، هم الحلقة الأضعف، ولهذا كلما ذهبت تلك النفقات الى غيرهم، كلما رأيت المدينة غارقة في الأوساخ النتنة، خاصة في شهر الصوم.
الصندوق لا يغطي إلا مديريات مركز المحافظة وبعض المديريات، أما بقية 27 مديرية، فلها الله، فهي تشهد حالة كارثية من تجمع النفايات، والتي هي سبب الأمراض التي تستوطن تهامة دائما، وتودي بحياة أهلها، فيما المستفيدون من خيرات الصندوق، ينعمون بالتداوي في أحسن المستشفيات الداخلية والخارجية، وبدأ الناس يضيقون من هذا الوضع، وهذا ما جعل الأهالي يخرجون بمسيرة، سميت بمسيرة الحفاظات، لأنهم لبسوها، وعندما وصلوا لمنزل المحافظ –الذي لم يخرج لاستقباله- ألقوها بجانبه، وعلى ما سمعنا لم يكن من الأخ المحافظ الا أن دعا لاجتماع عاجل للسلطة المحلية، سلم كل واحد منهم حفاظة، وهذا دليل عن التردي الكبير للأوضاع البيئية بالحديدة.
يفترض أن يكون للصندوق معدات حديثة، من الأحجام الصغيرة التي تستطيع ان تدخل للحارات الضيقة، على أن توضع صناديق ثابتة، يقوم العاملون بتفريغها يوميا، فالندوات والمطويات والملصقات التي يصرف الصندوق عليها الكثير، لا تغني عن الأساسيات التي يمكن للعامل أن يبدع بها، وأهمها على الإطلاق الاستقرار الوظيفي، إضافة الى وقف مخصصات كل من ليس له علاقة بالنظافة والتحسين.
أتمنى أن يحس الجميع بأهمية النظافة، وأن يقوم الحراك التهامي بحملة نظافة للمدينة، فالأهالي سوف يستشعرون هذه الخطوة المهمة، فأعمال قليلة ولكنها كبيرة في حجمها، أفضل بكثير من إقامة التجمعات اليومية، فهي تظهر مدى قرب هذه المكونات من هموم الناس، وتعري بجلاء ضعف السلطة المحلية في القيام بواجبها.