على خلفية الإساءة إلى القرضاوي
بقلم/ أ. د/أ.د.أحمد محمد الدغشي
نشر منذ: 16 سنة و 3 أسابيع
الخميس 23 أكتوبر-تشرين الأول 2008 10:58 م
خطاب مفتوح إلى إمام العصر: مشروعكم التاريخي في خطر
سماحة إمام العصر العلامة الدكتور
يوسف بن عبد الله القرضاويأطال الله عمره ونفع بجهوده التوحيدية الأمة كآفة،
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد،،،
سيدي الجليل: في البدء يعلم الله وحده مدى الحبّ والتقدير والإعجاب، الذي يكنّه لشخصكم الكريم كاتب هذا الخطاب إلى سماحتكم، بوصفه تلميذاً يزعم النجابة، وإن لم يحصل له شرف التتلمذ المباشر على أيديكم، ولكنه تلميذكم من خلال إنتاجكم الثرّ المتنوع، ونشاطكم الدعوي الحافل المبارك، غير أن ذلك لا يدفعه ليستهل خطابه المفتوح بمزيد من صبّ الزيت على النار- كما رأى آخرين يفعلون- حين يتسابقون إلى تدبيج قوائم التأييد والمناصرة، مؤازرة لرأيكم الوارد في حواركم مع صحيفة(المصري اليوم) بتاريخ 9 رمضان 1429هـ الموافق 9\9\2008م، ولكن ما لا مجال فيه للتردّد أو التلكؤ هنا هو الإدانة الصريحة، لما ورد من إساءات مسفّة – ولا أقول انتقادات أو اعتراضات قد يتفق المرء معها أو يختلف – تهدف إلى النيل من شخصكم السامي، سواءً تلك التي صدرت عن وكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية (مهر)، أم تلك السفاهة الأخرى التي تولاها بعض الموتورين في الخليج، المتمثّلة في المطالبة برفع دعوى ضدّ شخصكم النبيل، لنزع الجنسية القطرية عنكم وإخراجكم منها، على خلفية ماورد في حواركم الصحفي، مع مايعرفه القاصي والداني، والقريب والبعيد، والعدو والصديق، عنكم، من جهود توحيدية متواصلة، وجهاد حافل مبارك، على الأصعدة كآفة، لا مجال فيه لمنزع طائفي، ولا لنَفَس جاهلي، مذ عُرفتم على ساحة الفكر والدعوة، ولا ينكر ذلك إلا جاهل أو موتور أعمى الله بصيرته!، وهو ما أثار عليكم عداء الدوائر الغربية والصهيونية المتطرّفة، وجهلة المنتسبين إلى بعض الفئات الإسلامية معاً، بل لقد لاقيتم في سبيل ذلك من غلاة الطائفة السنية أضعافاً مضاعفة مما يحاول وصمكم به اليوم غلاة الطائفة الشيعية، وهو ما سأضطر إلى الإشارة إليه لاحقاً.
وإذ أعرب لكم –سيّدي- كذلك عن دهشتي البالغة مما نالكم من اتهامات (طائفية متخلّفة)؛ فإن ما نتج عن ذلك من قيام جبهة (مناصرة) و(تأييد) تتسع من يوم لآخر، لتعلن وقوفها مع شخصكم الكريم، وتصرّح بموافقتها على ما ورد في حواركم -وقد يكون لذلك منطقه مع بداية الأزمة- ، في مقابل أخرى يبدو أنها آخذة في الاتساع كذلك لتحمّلكم – بشكل مباشر أو غير مباشر- مسئولية كل الذي حدث ويحدث، وقد أُدرِج ضمنها أقرب الناس إليكم، بل حتى أولئك الذين لم يسارعوا إلى تدبيج قوائم التأييد؛ صوِّروا خصماً مؤيّداً للإساءات!
كل ذلك يدفع تلميذكم ليقف معكم اليوم موقف المناصح لأحد أبرز أئمة المسلمين – إن لم يكن إمامهم الأكبر- في هذا العصر، انطلاقاً من توجيه نبي الله محمّد- صلى الله عليه وسلّم- :" الدين النصيحة ، قلنا لمن يا رسول؟ قال: لله، ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم"، وقوله- عليه الصلاة والسلام- :" انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، وكونكم إمام العصر، أو أحد أبرز أئمته – هكذا نحسبكم والله حسيبكم ولا نزكي على الله أحداً- في الوسطية والاعتدال، وإماماً مظلوماً، تجب نصرته، وفق توجيه الشرع ومنطقه -لاتوجيه الطائفية ومنطقها -، وبوصفكم أبرز داعية إلى الوحدة الإسلامية عرفناه، وجهودكم في ذلك حاضرة مشهودة، وكوننا لم نعهدكم إلا الرائد الذي لا يكذب أهله، ولكم في الفقه (الكوني)- إن صحّ الوصف- ومنه (فقه المآلات)، القدح المعلى؛ فإني لأحسب أنكم بدأتم تدركون الآن مدى فداحة التداعيات المؤسفة المتلاحقة التي وظّفت فيها عبارة وردت في الحوار، وأن الأمر بدأ يخرج عن الهدف الذي قصدتموه، وأن مآله بات يهدّد مشروعكم التاريخي التوحيدي، الذي تجسّدت بعض أبرز ثماره في السنوات الأخيرة، في (الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)، ذلك أن غلاة الطائفتين (السنة والشيعة) بدأوا يستثمرون كل هذه التداعيات المؤسفة لتحقيق أجندتهم الطائفية التفكيكية، المضادة لمشروعكم التوحيدي الرائد، ولا أتردّد أن أصرّح بأن الفكر الذي جندّتم لسانكم وقلمكم وحركتكم لترشيده تارة، ومواجهته أخرى؛ بدأ يقود (المواجهة) اليوم باسمكم، ولعله بلغكم دعوة بعضهم إلى طرد ( المتطاولين على القرضاوي من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)، وأن ما حدث "يؤكّد أنه لا جدوى من
محاولات التقريب بين أهل السنة والراوفض" وهو ما قضيتم حياتكم الدعوية الحافلة- يرعاكم ربّ السماء- للسعي نحو تحقيقه، وآخره تلك المبادئ الذهبية التي سطّرتم بها دراستكم المقدّمة إلى مؤتمر البحرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية، ثم غدت كتاباً نفيساً بعد ذلك في متناول الجميع. وفي معرض ردّهم على رأي المستشار طارق البشري صرحوا بتكفير الشيعة، فكيف لايكفّرهم البشري؟ وكأنما فضيلتكم غدا جزءاً من مكفّرة المخالف، وهو ما تصديتم له منذ باكورة عطائكم العلمي والفكري والدعوي، وما رسالتكم القيمة(ظاهرة الغلو في التكفير) إلا آية واحدة من آيات منهجكم الوسطي منذ القديم. وإذا سلّمنا بمطالب كهذه، أو حتى أصخنا السمع لها، فإن أبرز مشروع تشرفتم به-وكان أمنية تراودكم منذ زمن طويل حسبما أعلنتم عن ذلك مراراً- يكون قد دُفن ووري التراب- لاقدّر الله-!. ولكم أن تقفوا وقفة العالم المفكّر البصير ببواعث هذه المشاحنة، التي تهدف إلى إيقاع القطيعة البائنة بين فضيلتكم وثلّة من إخوانكم المقرّبين ممن ظللتم تذكرونهم بكل خير ومنقبة في كل حين ومناسبة، أمثال: الأساتذة العوا أمين عام اتحادكم –صانه الله- وهويدي والبشري وعاكف والهلباوي وأبي المجد وآخرين، لمجرّد أن لهم تحفظّاً، أو اختلافاً ما مع فضيلتكم، في بعض تفاصيل ذلك الحوار، المتصل بهذه المسألة؛ أو في تقدير التوقيت، أو نحو ذلك، مما له محمل ووجه من وجوه الاجتهاد. بل لقد استطاع القوم أن يصوِّروا الأمر: أشبه بامتحان نهائي عسير لأخلائكم وأصفيائكم وأنصاركم: هل أنتم مع الشيخ ومن ثمّ مع السنّة والجماعة؟ أم أنتمُ ضدّ الشيخ والسنّة والجماعة؟ وهو- مع بالغ الأسف- المنطق (البُوشي) ذاته( من لم يقف مع أمريكا في حربها ضدّ الإرهاب فهو عدوها)، وسبحان الله إنها السنن.!
وهنا أرجو -سيدي الشيخ- أن تسمحوا لي – وأنتم الأعلم والأفقه- بضرورة الفصل بين تلك الإساءات البذيئة، التي تُحسب على نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، بشكل أو بآخر، وكنا نذكّرها في وقت سابق بأنها الخاسر الأكبر في كل الذي يجري، مالم تسارع إلى الاعتذار العلني لفضيلة الإمام القرضاوي، وتأخذ على يد ذلك الناطق باسم وكالة(مهر)، وهو ما بدأت تدركه حين كلّفت وفد جمهوريتها بالاعتذار لكم على هامش مؤتمر القدس المنعقد في الدوحة، ونا نقل عن إقالة ذلك الناطق باسم الوكالة، وبين ذلك الاستغراب الذي ورد في تعقيب سماحة المرجعين الشيعيين محمد حسين فضل الله، ومحمّد علي تسخيري، إذ – رغم ذلك الاستغراب -فإنهما رأيان يمكن أن يقبلا الأخذ والعطاء والقبول والرفض. ولا يجوز بحال أن يغدو أي رأي –مهما كان غاية في الغرابة أو حتى الاستهجان- بمثابة تطاول أو إساءة إلى مقام الشيخ، لاسيما حين يصدر ذلك عن شخصيتين بحجم فضل الله وتسخيري، مع ما يعلم من اعتدالهما، وعمق العلاقة التي تجمع بين شخصييهما وفضيلتكم. وحاشاكم – مولانا- أن تنجرّوا – بدافع الشحن الطائفي البغيض الذي جندّتم حياتكم الدعوية لمواجهته- إلى الانتصار لشخصكم، بما يُفْهِم –عوام القوم- في هذه الفتنة، أنكم غدوتم من أهل العصمة وأن الوقوع في زلّة لسان أو خطأ غير مقصود من أمثالكم غير وارد!
ومع أنني أعتقد أن ما تفضلتم به في حواركم في جزئية وصف إخواننا الشيعة بالابتداع – وليس الكفر- ليس فيه زلّة لسان من الناحية العلمية والمنهجية، إلا حين تختلف النفوس، وتبدأ الصدور في الإيغار، لكن توظيف تلك العبارة، لأغراض سياسية أو طائفية أوهما معاً، مما ينبغي – على مثلكم- أن يسعى إلى تفويته، ويقطع الطريق على دعاته، كي يظل خطّ التوحيد سائراً، وكي تظلوا بحق- الرائد الذي يقود الأمة في اتجاهها الوسطي الهادر، من مختلف الطوائف والمذاهب إلى شاطئ الأمان، كما هو سعيكم الدؤوب دوماً.
وإذ أؤكّد أن لا خطأ علمياً في الجملة السابقة؛ فإني لأعتقد أكثر أن لا جديد مستفزِّاً، في تحذيركم من المدّ المذهبي الشيعي، في البلدان السنية، لأنكم لطالما أكّدتم في غير ما مناسبة خطورة التبشير الشيعي في البلدان السنية، كما تحذِّرون من التبشير بالمذهب السنّي في البلدان الشيعية، وهذا معلوم وجليّ لكل من يتابع أطاريحكم على مختلف المنابر، بل فيه تجديد لحوار المصارحة والمكاشفة الذي أعلنتموه -على نحو أحسب أنه لم يسبق لكم مثله بذلك المستوى– في مؤتمر الدوحة 2007م، للحوار بين المذاهب الإسلامية، بحضور الشيخ تسخيري، ونجل الشيخ محمّد حسين فضل الله، وثلّة من علماء ومفكري الشيعة والسنّة معاً، وأشهد- بوصفي كنت أحد المشاركين في المؤتمر- أن حديثكم بهذا الشأن لاقى قبول الحاضرين واستحسانهم- وفي مقدّمتهم آية الله محمد علي تسخيري-، مما دفع لجنة الصياغة المشتركة من ممثلي الطائفتين، لأن تجعل ذلك واحداً من أبرز توصيات المؤتمر .
والحق أن مسألة الاتفاق على خطورة السعي نحو تشييع السنة، في البلدان ذات الأغلبية السنيّة ، وتسنين الشيعة في البلدان ذات الأغلبية الشيعية، ليس مما يستأهل كل ذلك الهلع، بوصفه مسألة مطروحة للتداول والنقاش قبل مؤتمر الدوحة وبعد حواركم مع صحيفة (المصري اليوم)، وأتذكر أنني شرفت بتسليمكم نسخة من رسالة كنت كتبتها قبل بضع سنوات ووسمتها بـ( التقريب بين السنة والشيعة: رؤية أخرى)، كما شرفت بتسليم أخرى إلى سماحة الشيخ التسخيري، وكنت قد جعلت واحداً من أبرز مقترحات التقريب بين الطائفتين هو الاتفاق على إيقاف ما أسميته بتصدير الأفكار المذهبية الخاصة إلى كل بلد ذي أغلبية معيّنة.
لكن ورغم التأكيد على ذلك كلّه: كيف لنا -إمامنا الأجل- أن نجاري اليوم فتنة يذكيها أناس عرف بعضهم عَلَماً على المنزع الطائفي، أو التكفيري، أو على الأقل التبديعي والتفسيقي، طيلة معرفتنا بهم، بل إننا قبل هذا الموقف لسماحتكم كنّا نخوض المناظرات تلو المناظرات، هنا وهناك وهنالك، سعياً إلى إقناع بعضهم بأن القرضاوي عالم (فحسب)، لايخرج عن دائرة أهل السنة، بفكره وفقهه واجتهاداته المخالفة لهم أو لبعض أشياخهم، وعبثاً حاولنا، لكنهم يحاولون اليوم تصوير الأمر، انتصاراً لفكرهم الطائفي أو التكفيري أو التبديعي والتفسيقي، ويظهرون الأمر كما لو أنكم بدأتم تكفِّرون عن فكركم القديم، بعد أن تبين لكم أنكم (بمنظومة فكركم) أخطأتم المسار. ومع أن المنطق الواعي يدرك أنكم- -حتى لو التقيتم معهم في جزئية أو كليّة- فإن نسقكم الفكري الوسطي بمعالمه وكلياته وجزئياته لم يتغيّر، ولا يمكن له أن يتغير، بمجرّد اتفاق أو اختلاف في قضية أيّاً بلغ شأنها،( وأؤكّد أن لا جديد في مضامينها على الإطلاق)، لكن هكذا يصوّر الأمر، ويسوّق- في الجلسات الخاصة- أن القرضاوي أدرك أخيراً انحراف فكره ومساره العقلاني العصراني!
أم هل نسيتم- مولانا- أن سفهاءنا( أهل السنة) قد نالوا من شخصكم وخُلُقكم ودينكم وجهادكم، طيلة عمركم الجهادي المبارك، قبل أن ينال منه سفهاء الشيعة وغلاتهم، تارة بالعقلانية، وتارة بالعصرانية، وبعضهم لم يتردّد بوصفه بـ(العلمانية)، وتارة بالتلفيق في الفتاوى والرّقة في الدّين، وجعل كل شيء حلالاً، بحسب الطلب، حتى قال أجراؤهم على الافتراء: "إن كتاب الحلال والحرام هو – في الواقع- كتاب الحلال والحلال"، كما لبّس آخرون على بعض المشايخ التقليديين الفضلاء، مما دفعه لأن يصدر فتوى بردّتكم، لا تزال مثبتة في فتاواه بعد وفاته، على خلفية فتوى عابرة وردتكم في شأن سياسي، فقال- غفر الله له ورحمه- " إن كان قد قالها( أي الشيخ القرضاوي) ولم يتب فإنه مرتدّ"!!
ونحن في اليمن – بكل أسى- قد أصابنا من المنزع التكفيري والجاهلي والطائفي ما أصاب غيرنا- وهل نحن إلا تلامذة نجباء أو خائبون لأشياخنا من وراء الحدود- حيث قال أبرز رأس (سنّي) في البلاد – أو هكذا يصوّر الأمر ومعذرة لما سيرد - إن يوسف القرضاوي: " من الإخوان المفلسين، لا بارك الله فيه ، يقول بجواز ترشيح المرأة، قرض الله شفتيه. القرضاوي الذي قرض الدين . ولنا فيه شريط اسمه:
إسكات الكلب العاوي يوسف القرضاوي، يقول : نحن لا نقاتل اليهود من أجل الإسلام، ولكن من أجل أنهم احتلوا أراضينا! أفٍّ لهذه الفتوى المنتنة.
كفرت–ياقرضاوي- أو قاربت.منحرف زائغ ، لو
كفّره شخص عندي ما انتقده، لكن أنا أقول ضل ضلالاً مبيناً،
ماله إلا درّة عمرالتي ضرب بها صبيغاً، حتى يخرج البلاء من رأسه".
وقبل أن يطالب بعض السفهاء في الخليج بمقاضاتكم وتعزيركم، والحجر عليكم نظراً لسنكم- أطال الله في عمركم- وإخراجكم من قطر، وقبل أن يتهمكم بعض رجال الشيعة بضعف هِّمتكم في الدفاع عن الدين ضدّ أعدائه؛ طالب إمامنا السني الذي يقود مدرسة كبرى داخل اليمن وخارجه بذلك منذ زمن، حيث قال- علاوة على ما سبق- " يجب أن
يحجرعلى يوسف القرضاوي، حتى يختبره طبيب نفسي، فقد يخشى أن يكون غسل دماغه أعداء الإسلام، وأصبح يهوِّس ... لو سألت عجوزاً من عجائز فلسطين، وقد رأت فتك اليهود بهم، أو من عجائز البُسنة، لوجدت أن العجائز أفقه من مفتي قطر، الذي هو أجهل من حمار أهله، هل يوجد أحد يجهل زحف أعداء الإسلام على المسلمين ،وعلى الإسلام، وإني
لأرجو من المسئولين في قطر أن يعزلوه،وأن يأتوا لهم بمفتٍ من أرض الحرمين،أو من العلماء الأفاضل، فدولة قطر من أحسن الحكومات فلا يدنسها هذا الرجل الممسوس، أسأل الله أن يريح المسلمين من فتاويك الزائغة" .
هل يُعقل أن أصحاب هذا المنطق –شيخنا- غدوا -دفعة واحدة- يعتقدون أن القرضاوي إمام جليل من أئمة أهل السنة، قد غيّر كل أفكاره وأطاريحه، بمجرّد أن نالت منه سهام طائشة لبعض سفهاء الطائفة الشيعية؟ وبات غلاة الطائفية اليوم هم الذين يقودون موجة مناصرة الإمام القرضاوي، ليشفوا غلّهم الطائفي، وليشقّوا وحدة الأمة، بعد أن أوسعو إمامنا من الاتهامات على نحو ما رأينا بعضها هنا، وأنتم –يا سماحة الإمام- من نذر نفسه للوحدة لا للتفريق، ولجمع الكلمة، لا لتمزيقها، و للجهاد في سبيل الله، لا في سبيل الطائفة، والانتصار للأمة، ولو ناله من الأذى الشخصي ما ليس جديداً، إلا من حيث كونه قد أتى هذه المرة من طائفة الشيعة ، وعلى هذا المستوى!
وحاصل القول- شيخنا الأجل-: إنه لابدّ من اتخاذ موقف تاريخي شجاع كعهدنا بكم دائماً، ينتصر للأمة، ويتنازل عن حظ النفس – مع التأكيد على الحق الكامل والمشروعية التامة في ذلك- لمصلحة وحدة الأمة، وجمع كلمتها، ورأب الصدع، وتفويت الفرصة، على دعاة الغلو الطائفي، بأي دثار تزيّوا ، وبأية رأية حملوا، و حتى على فرض توافر النوايا الطيبة، والمقاصد الحسنة لدى هذا الطرف أو ذاك؛ فالأمة لم تعد تنقصها القواصم والانتكاسات والأعاصير. فهلاّ سارعتم إلى التوجيه بإيقاف هذا الهرج - من جانبكم أو جانب الجهة التي تعلن مناصرتها لكم-، واحتسبتم مظلمتكم عند بارئكم، ومضيتم في درب الوحدة تقودون الأمة، نحو الاعتصام بحبل الله جميعاً، أيّاً اختلفت الوجهات، أو تباينت السُبَل.
أعلم أن وقتكم الثمين قد لايتيح لكم دقائق للاطلاع على هذه الكلمات، فما أكثر ما كتب وقيل في هذا الشأن، ولكن أملي أن تصل إليكم، كما أردتها، لا أن تحجب عنكم، أو تصلكم كما يريدها الناسخون والشرَّاح، والله من وراء القصد ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
- كاتب وأكاديمي يمني
addaghashi@yemen.net.ye