الراحة
بقلم/ محمد السياغي
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر
الإثنين 14 إبريل-نيسان 2008 11:41 م

مأرب برس - خاص

  أعجب فعلا من الضجيج المثار حاليا على مستوى الحكومة والشارع حول "راحة" نهاية الأسبوع، وتغيير "يوم الراحة" من الخميس للسبت، والدي يبدو معه وكأننا ننتمي إلى فصيلة شعوب ومجتمعات العالم المنتجة والمصنعة العابرة للفضاء والقارات، ومن فرط انهماكنا وانشغالنا وربما انغماسنا بالإنتاج والعمل وعملية البناء والتحديث وتحقيق الانجازات والابتكارات المذهلة بصورة شبة يومية على مختلف والاتجاهات والصعد، نكاد نصل الليل بالنهار، وبات من اللازم علينا أن نرحم ونرأف بأنفسنا ونحدد يوما للراحة والاسترخاء والنوم!

 مع احترامي وتقديري لمجتمعنا الدي انتمي إليه، ولكل ما أثير من جدل وما طرح من أراء حول هدا المسألة "العصية والبالغة التعقيد"، على ما يبدو، لدرجة الاعتقاد بمدى استدعاء الحاجة الملحة والماسة من الحكومة، لان تشكيل لجنة لدراستها على أمل استصدار تشريع قانوني وربما فتوى شرعية بشأنها، قبل أن تتعقد الامور وتزداد سوءا ويصبح الدواء عصي على الداء! مع أن الكل يعرف وفي مقدمتهم نحن، بأننا من أكثر شعوب العالم إهدارا وتضييعا للوقت وعدم ادراكا واكتراثا وتقديرا لقيمته وأهميته !!

 بل والغريب أن جميعنا يعرف جيدا، وبدون مبالغة أو تسويف، أن نحو 50 في المائة تقريبا من أيامنا عطل وأجازات رسمية ودينية ووطنية وقومية، بخلاف الاجازات الاعتيادية والمرضية والمناسباتيه والظرفية "الطارئة" الخارجة عن حدود إرادة البعض منا!! وأن لا إنتاج "لقدوتنا" طوال العام سوى الهدرة والكلام الفاضي!!

 فعلا من ينظر إلى انشغال الحكومة بهدا المسألة يبدو له وكأنه لم يعد أمامها وفي وأجندتها من القضايا دات "الوزن الثقيل" سوى قضية "الراحة"!! وأنه لا يوجد قضايا أكثر اهمية وحساسية وملامسة لهموم المواطن ومشاكله اليومية، يمكنها مناقشتها والبحث عن حلول لها وفي مقدمتها مكابدته لمشقة البحث عن لقمة العيش العصية على السواد الاعظم، والمعاناة من تردي الاوضاع الاقتصادية والسياسية والصحية والتعليمية، سوى الانشغال بتغيير وقت الراحة الاسبوعية، وتشكيل لجنة للبت في كيفية مضيعتنا للوقت، أكثر مما ضاع على مدى عمرنا المهدور عبثا !!

  لنفترض من باب حسن الظن وعدم الاحجاف، أن انشغال الحكومة بأمر اتفق مع كثيرين غيري بوصفه بالسخيف؟! نابع من اهتمامها بالوقت وحرصها على تسيير وتسهيل المعاملات وعدم تعطيل مصالح الناس، والحق -وأن كان هدا الادراك جاء متأخرا- ما قول حكومتنا وموقفها: في تعمد الكثيرين عرقلة وتعطيل الكثير من معاملات عباد الله وقضاياهم وتعطيل مصالحهم وتأجيل الكثير منها وتأخير معظمها أكثر مما يجب دون سبب يدكر في الكثير من الحالات سوى الرشوة تحت مبررات تطبيق النظام والقانون، بل دون رقابة داتية أو أدارية! وما عساه التغيير الجلل، الدي يمكن أن يطرأ فيما لو تغير يوم الراحة أو بقي على حالة طالما وواقع الحال من المحال!

  إلى عهد قريب اتدكر أن يوم الجمعة كان يوم الراحة الرسمية؟ وفجأة وبدون مقدمات تم إضافة يوم الخميس، لا سباب لا أظنها تبتعد كثيرا عن استهتارنا وتفننا في تبديد ومضيعة الوقت.. أتساءل هل يمكن لا حد أن يقول لي ما هو الدي تغير وما استجد؟!

 اليوم هاهي دا حكومتنا تشكل لجنة لدراسة امكانية استبدال يوم الخميس بيوم السبت، ويا عالم مادا تخبئه لنا الايام القادمة من سخرية القدر!! مع أن يوم الجمعة كأجازة لنهاية الاسبوع كان في تصوري كافيا بالنسبة لمجتمع مثل مجتمعنا له ظروفه وأوضاعه الخاصة التي تجعله من أكثر مجتمعات المعمورة مضيعة واهدارا للوقت والمال والجهد، لا سباب ليست بخفية علينا جميعا، ولست هنا بصدد تفصيلها وشرحها بقدر ما أؤكد أننا في مرحلة أكثر ما نكون فيها بحاجة إلى مضاعفة ساعات العمل والبناء والجهد والاخلاص للحاق بمن سبقونا من مجتمعات وشعوب العالم المتقدمة، ومواكبة ما يغادرنا من تطورات ونجاحات تحرزها يوميا قبل أن تفاجئنا ونحن في وضعية "محلك انبطح"؟

 أدا كانت فكرة تحديد يومين كأجازة لنهاية الأسبوع، بغض النظر عن ماهية هدين اليومين، لا تعدو كونها مجرد التقليد والمساواة مع باقي عوالم خلق الله من سكان كوكب الارض، فمادا عن فارق ساعات العمل والإنتاج بين المجتمعات الأخرى ومجتمعنا على افتراض أن ساعات العمل اليومية لدينا ثمان ساعات من الثامنة صباحا إلى الثالثة عصرا بالتمام والكمال، وبدون اجتزاء ما يتم تبديده منها على طريقة" مشي حالك" كما هو حاصل في غالبية الجهات والمصالح والهيئات الحكومية، ممن لا غرابة أن تجد بعض القائمين عليها لا يعرف أين المدخل !!

 الفرق فعلا شاسع بينا وبين الكثير من بلدان العالم خاصة بلدان "الفرنجة"، حيث تجد فيها ساعات العمل في المتوسط من السادسة صباحا وحتى الخامسة والنصف مساءا، بمعنى أن معدل فارق ساعات العمل بيننا وبينهم الضعف أن لم اكن مخطئا، ودون احتساب لليومين الإجازة(السبت والاحد) لدى تلك الشعوب، التي نريد أن نساوي أنفسنا بها على ساعات الراحة -وليس أيام الراحة- "واللهم لا حسد"!!

  بجد ادا كانت الحكومة صادقة فعلا في تغيير يوم الإجازة الأسبوعية، والأصل وراء دلك -كما قيل- هو ربط مصالحنا بمصالح العالم الخارجي، مع أنني حقيقة أجهل طبيعة هده المصالح وتقدير حجمها والنفع الدي يمكن ان تعود به على شعب مسحوق مثل شعبنا الغارق في ظلمات الفقر والبطالة والامية والمحن ما ظهر منها وما بطن، وفي مستنقعات الديون والقروض والمساعدات الدولية التي يتم وأدها قبل رؤيتها في كروش اللصوص والمفسدين!! وعلى افتراض أن العوائد عظيمة وليس نحن من يمكن له تقدير حجمها .. كم يا ترى عساه حجم المستفيدين منها من البسطاء منا ممن لا يهمهم سوى مرور اليوم عليهم بسلام، وطيه مثل باقي الأيام بأي حال من الاحوال.. ولمادا لا يتم استبدال يومي الخميس والجمعة بيومي السبت والأحد مثل العالم، ونفضها سيره بلهاء، وبلا لف ودوران؟!.