مطب المراوعة وخليجي 20 .. كفى غياب يا دولة
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 9 أيام
الأربعاء 08 ديسمبر-كانون الأول 2010 03:50 م

إذا كان صديقي وزميل مهنة "التعب اللذيذ" حسن عبد الوارث قد وخز قلوبنا وذاكرتنا جميعاً بسؤال في عموده الأسبوعي بصحيفة السياسية عن الدولة الغائبة في 30 /11 عندما قال: ماذا بقيَ من الوزارات ومؤسسات الدولة والحكومات، إذن؟! بعد سرد عدم جدوى وجود عدد من الوزارات في تشكيلات الحكومات العربية - ومنها حكومتنا الرشيدة - بعد تخلي الحكومات عن خبز وسكن وتعليم وتطبيب المواطنين وحمايتهم للقطاع الخاص والتوحش الرأسمالي الفردي والجمعي فان خبراً عن قطع أبناء مدينة المراوعة المٌسالمين البسطاء لطريق الحديدة - صنعاء جعلني أعيد قراءة عمود صاحبي حسن مرة أخرى.

والخبر يقول أن تجمهراً غاضباً لأبناء المراوعة قام بقطع طريق الحديدة - صنعاء ومن العنوان ارتعبت وقلت في نفسي هل يطالب أبناء المراوعة بالانفصال أو أنهم قد شكلوا لهم حراكاً فالموضة هذه الإيام عند كل من له مطالب أو يريد أن يكون زعيماً ان يجمع عدداً من الناس يعيشون كرباً أو وقع عليهم ظلم أو يعانون من البطالة والفقر ويعلن عن حراك أو يطالب بالانفصال لأن الدولة غائبة .

وبعد قراءة الخبر اتضح ان الأمر يتعلق بمطب يوقف توحش السيارات في الشارع العام بمدينة المراوعة بعد ان ازهقت السيارات المارة في الطريق العام الرابط بين الحديدة وصنعاء أرواح عدد من أبناء مدينة المراوعة البسطاء والمٌسالمين الفقراء أخرهم اثنان كانا يقودان دراجتيهما النارية يجمعان بهما لقمة العيش في مجتمع لا يرحم وبطالة لا تشفق على أحد ولم يتجمهر الناس إلآ بعد ان تكرر الأمر وبعد مطالبات عديدة بوضع حلول لتوحش السيارات المارة في الشارع العام بالمراوعة القادمة من الحديدة الى صنعاء والعكس ، لكن الدولة والحكومة وأجهزتها المتعددة ظلت غائبة الى ان تجمهر الناس وقطعوا الطريق فجاء أمين عام المجلس المحلي بالحديدة حسن الهيج واجتمع بالناس وتم الاستجابة لطلبات أهالي المراوعة، يا لها من طلبات متواضعة وبسيطة تتلخص في عمل مطبات في الشارع العام توقف إزهاق أرواح أبناء المراوعة.

واذا كان صاحبي حسن قد انتقد غياب الدولة في قضايا تمس خبز وسكن وتعليم وتطبيب وحماية الناس فاقول له لقد حضرت الدولة الى المراوعة لتصنع مطباً للناس يحمي أرواحهم ولكن بعد ان قطعوا طريق الحديدة - صنعاء وتظاهروا فهل يتطلب الأمر ان يتظاهر كل ابناء اليمن لتحضر الدولة ولا ينفع ان يطالب الناس بهدوء، تمعنوا في نموذج غياب الدولة وحضورها في موضوع مطب المراوعة .

وهناك نموذج أخر لحضور الدولة الغائبة يتمثل في نجاح خليجي 20 في عدن وأبين ، فقد ظلت الدولة غائبة والأمن غير مستتب وأجهزة الدولة لا تتدخل ضد قطاع الطرق والقتلة والمخربين والمكسرين للممتلكات العامة والخاصة وكان الناس عندما كانوا يلجأون الى أجهزة الدولة في عدن وأبين أو في الطرق التي تربط عدن وابين بحضرموت أو الحبيلين والضالع بعدن أو الراهدة وكرش بلحج وعدن يرد عليهم القائمون على أجهزة الدولة هناك "مابش أوامر" حتى رددت حناجر الناس وأقلامهم بأن هناك غياباً للدولة في بعض مديريات ومحافظات جنوب الوطن فكانت الفوضى وكان التخريب والتكسير وهيج دعاة الانفصال والمناطقية الناس فكانت المظاهرات وارتفعت مشاعر العداء والكراهية ، لكن عندما قررت الدولة الحضور في خليجي 20 كان الأمن والأمان وكانت البهجة التي عمت كل الناس في عدن وأبين يمنيين وضيوفاً اشقاء من الخليج وتنفست عدن وأبين الصعداء وعادت عدن عروسة تسهر الى الصباح على أنغام الدان والرقص وروائح البخور والفل ونسيمات البحر ورذاذ الموج وغاب الناعقون بالانفصال والداعون للخراب ، تعرف لماذا يا صاحبي حسن لان الدولة قررت الحضور.

 والآن .. الآن و ليس غداً على الدولة والحكومة أن تتعلم من حضورها في خليجي 20 درساً بليغاً تطبقه في مختلف نواحي الحياة ، عليها ان تكون حاضرة في كل القضايا التي تمس حياة الناس ومعيشتهم لابد ان تكون الدولة والحكومة حاضرة بقوة في قضايا خبز الناس وتعليمهم وسكنهم وتطبيبهم وأمنهم وحمايتهم وأن لا تصدق وصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فالناس يريدون حضور الدولة والحكومة وسينضبطون لان ذلك الحضور في خليجي20 اثبت انه ينعش الحس الحضاري لدى اليمنيين ويجعلهم ينقادون للنظام والقانون ويستتب الأمن والأمان بحضور الدولة وعلى الدولة والحكومة التمعن كثيراً باستجابة الناس لمنع دخول القات الى مدينتي عدن وأبين وحالة الأمن والأمان والفرح والبهجة التي سادت الناس خلال بطولة خليجي 20 وكفى غياب يا دولة ويا حكومة.