الرد الواضح على الأستاذ محمد المقالح
بقلم/ عمرو محمد الرياشي
نشر منذ: 13 سنة و أسبوعين و 5 أيام
الثلاثاء 18 أكتوبر-تشرين الأول 2011 03:12 م

في بداية الأمر احيي الكاتب الأكاديمي محمد المقالح على وطنيته ومقارعة للظلم قبل الثورة وبعدها وأسجل له كل احترام وتقدير لشخصه الكريم .

وليسمح لي أستاذي الكبير محمد المقالح بان أسجل نقطة نظام تجاه مقاله بعنوان ( الأحمر قائدا للثورة هذا هو خلافنا.)

والذي أتفق معه على جزء من ما ورد في مقاله بخصوص الجنرال علي محسن .... فغالبية اليمنيين يعرفون ما كان عليه محسن وكيف كان ركن أساسي في بقاء وحماية علي صالح في الحكم فترة طويلة وما حدث من بعض التصرفات الجنرال في كثير من فترات تاريخ اليمن دون الدخول في تفصيل التي ليس من المناسب نقاشها أو حتى ذكرها الآن خاصة ونحن نعيش مرحلة ثورية تواجه تحديات داخلية وخارجية تحمل أجندة سياسية مختلفة في غاية الدقة والتعقيد لمنع وصول الثور إلى النجاح للخلاص من نظام تأسس على الفساد والاستبداد وإذلال شعب طوال فترة تجاوزت 3 عقود .

الأستاذ محمد المقالح ما أريد ان أشير إليه وانت على علم مسبق بأن اليمن ظل يبرح فترة طويلة تحت نظام حكم يعتبر من أصعب أنواع الحكم في التاريخ الحديث وهذه ليست مبالغة ..... بل انه من وجهة نظري أقول أن نمط وتركيبة الحكم في اليمن تجاوزت في التعقيد أنظمة الحكم الملكية التي تأتي أكثر استبداد وأكثر ظلما .. طبعا اخص هنا عالمنا العربي دون ما وراءها في البعد الجغرافي لان الفكر الإنساني والاجتماعي والسياسي للحكم يتغير نحو الرقي والعدالة بعد تجاوز رقعة العالم العربي الجغرافية للأسف .

فنمط وتركيبة معادلة النظام في حكم اليمن التي ظلت أكثر من 3 عقود حملة في مكونها مثلث التركيبة (القبلية والعائلية و المناطقية) وأصبحت هذه معادلة الحكم الأساسية جزء لا يتجزءا من تركيبة المؤسسة العسكرية التي تحولت من واجبها الوطني إلى الولاء القبلي العائلي بدرجة كبيرة ومخيفة تجاوزت بمراحل كبيرة ما كان عليه اليمن في فترى حكم الأئمة والمماليك عبر التاريخ اليمني ... وهذا التحول جراء هذه المعادلة المعقدة تسببت بشكل جوهري في صعوبة إحداث تغيير حقيقي للحياة السياسية في اليمن وحال لسان اليمن يتكلم بذلك وبكل صراحة نراها ونشاهدها ونعيشها بكل تفاصيلها .

تركيبة هذه المعادلة التي وجدت في اليمن لا يمكن أن نجدها لها مثيل حتى في أي دولة ملكية في عالمنا العربي .

فنتيجة لهذه المعادلة في حكم اليمن قد أفرز لنا العديد من المؤسسات العائلية لحماية المكتسبات الشخصية وليست الوطنية ونجد منها الأمن القومي والأمن السياسي والأمن المركزي والحرس الجمهوري والحرس الرئاسي والحرس الخاص والفرقة المدرعة الأولى ومشاه جبلي .. وكان المخطط مستمر لقيام و صناعة تكوينات أخرى مشابه ولكن الظرف السياسي وبزوغ الثورة الشعبية قد أوقف كثير من مشاريع تفريخ مؤسسات عسكرية عائلية أخرى .

الملاحظ أن قوة كل جناح معتمده على القرب من دار الرئاسة .

ناهيك عن تطعيمها بالولاءات القبلية الجهوية والولاءات القبلية الاقتصادية التي دائما تكون مصدر الطاقة لأي مشروع سلطوي يخدم أجندة وتركيبة معادلة نظام حكم علي صالح .

إذا أردنا أن نصل إلى تغيير يمكننا من تفكيك هذه المعادلة سياسيا يجب أن نقف وبصراحة بعيدا عن المثاليات الثورية بأدوات ناعمة في مواجهة حكم عسكري قبلي معقد التركيب لا يمكن فكه إلا بجعل جزء من تركيبة نظام الحكم خارج المعادلة .

فلا يمكن أن نغفل عن صعوبة فصل التعقيد الحاصل في معادلة حكم علي صالح العسكرية القبلية فمن الأجدر إن لا يمنع عن أن يكون من الناحية السياسية استغلال جزء من معادلة الحكم في اليمن وسحبها من المعادلة كي تفقد قيمتها وأعني هنا الفرقة المدرعة وعلى رأسها علي محسن و أبناء الأحمر... خاصة أن الجنرال علي محسن الذي لديه دراية ومعرفة وسيطرة شبه كاملة بمفاتيح القوى ومراكزها في مجتمعنا اليمني .

إذن نحن نتعامل مع حكم عسكري وليس مدني حتى نبسط الامر ونجعل سلمية الثورة مفتاح سحري بدون وجود قوة عسكرية واستغلال أي قوة قبلية مهما كانت لتكون في جانب الثورة في ظرفها الحالي .

أستاذي القدير محمد المقالح أنت تعلم جيدا ما حصل في تعز وكيف كان مصير معتصمي ساحة الحرية في تعز من إبادة وحرق وجرف كنتيجة حتمية لغياب قوة تحميهم .... فكيف سيكون الحدث كارثيا أكثر في صنعاء بدون وجود قوة تحمي من فيها ..

لم ينفع أبناء تعز منظمات حقوق الانسان وغيرها من مؤسسات ومنظمات حقوقية مدنية و إنسانيه دولية والتي تحمل غالبا أجندة خارجية تسيرها المصالح فوق كل شيء ...أكثرنا شاهد تقرير مجزرة تعز الذي لم يرقى إلى مستوى الحدث .

أليس هذا درسا بان نجعل الثورة اليمنية تستفيد من كسب مراكز القوى في المجتمع اليمني وجعلها في صفها من اجل أن تساهم في قيام دولة منشودة تقوم على العدل والنظام ومحاربة ألة النظام العكسرية وإحداث توازن لاستمرار الثورة في مواجهة نظام عسكري عائلي وهنا نجد الفرق بين الحكم المدني والعسكري وما سبقنا من ثورات هو درس واضح المعالم ...فرائينا ليبيا وما يحدث في

سوريا وهذا يوضح لنا معنى جيش عائلي يحكم البلد .. بعكس ما جرى في تونس ومصر الذي كان الجيش محايدا و له دور الحسم.

لا يمكن إن نصل إلى مرحلة النظام والقانون ومجتمعنا اليمني فكره السياسي مليء بكثير من المتناقضات التي أكتسبها و زرعها النظام لتبقى نحو انقيادي تقليدي فلا يمكن أن نخرج عن واقعنا اليمني ونوهم أنفسنا بأن تبقي ثورتنا صامدة بدون قائد عسكري يفهم طبيعة اليمن كما هي وليس كما نريد نحن ونتمنى . وهذا القائد (علي محسن) هو من مؤسسي معادلة الحكم في اليمن بل هو حلقة الوصل فيما بينها .

مقتضيات المصلحة الثورية تقتضي القبول بالمنطق الذي ينطق في واقع المجتمع اليمني دون القفز على واقعنا خاصة وأننا كيمنيين مازلنا في مرحلة النمو الإجباري لكسب أدوات جديدة تمكننا من خوض مرحلة الحسم وما بعد مرحلة الحسم الثوري لمواكبة العالم المحيط بنا بأدوات جديدة وحديثه .

فبعد زوال نظام صالح يمكننا الخوض فيما نريده من تأسيس لدولة نظام وقانون تحاكم كل من أذنب أكان مع أو ضد الثورة .

إذن لا يمكننا تجاوز مرحلة دون إكمال المرحلة التي قبلها حتى يكون التأسيس سليما وثابتا نحو تحقيق دولة يمنية حديثة خاصة و نحن في اليمن مجتمع له خصوصيته في طرقة تفكيره المتفاوتة فنرى الورقة الدينية لها وزن ونرى الورقة القبلية لها معيار مختلف ونرى المصالح الشخصية لها دور في التأثير ونرى العامل الاقتصادي له دور في جعل المركبة تسير أو تقف نحو مرحلة الجسم .

وأنت اعلم مني بدرجات التفاوت و قدرات الاستيعاب لكل يمني التي يجب أن نتعامل معها حتى نصل إلى ثورة ناجحة حسب إمكانيات الشعب اليمني المتاحة في ظل تأمر قوى الداخل والخارج.

وبالأخص قوى ما وراء نظام صالح الذين يقدمون له الدعم في وجه ثورة التغيير أولائك من أوصلوه إلى كرسي حكم اليمن منذ 33 عاما وقضوا على مشروع تقدم اليمن باستجلابهم علي صالح لحكم الشعب اليمني .

فمن الحكمة أن نمسك ونتمسك بالقوى الحقيقة الموالية للثورة و المسيطرة في الأرض وليست القوى الناطقة لأنها هي من سوف تحسم الأمر فالعدالة والدولة المدنية التي ينشدها اليمنيون لن تتم ما لم يتم بسط نفوذ الثورة على الأرض عن طريق الأدوات القوية والمتوفرة في المجتمع اليمني دون النظر إلى الماضي حتى ولو خلال هذه المرحلة .

إذن الأمر ليس دفاع عن علي محسن بقد ما هو الانطلاق والتدرج في مراحل الثورة لأننا العمل الثوري ما زال له مراحل ولن تنتهي الثورة بمجرد زوال النظام وأركانه سواء أكانت هذه ألأركان مع الثورة أو ضدها .... فالكتلة العسكرية العائلية في اليمن لا يمكن الانتصار عليها بأدوات سلبية آو أدوات المدينة الفاضلة .

فالاستبداد الذي مارسه صالح من أجل السلطة و من أجل المال و الجاه و التسلط لن تزيله العواطف والميول العقلية والالتزام بالعادات والأدوات السلمية والمثاليات والقيم الإنسانية وحدها ما لم تواجد بجوار قوة رادعه تعرف كيف هي أدوات وطرق إدمان نظام صالح لحكم اليمن .

فالواجب التعامل وفق بصيرة وحكمة تجاه تركيبة نظام صالح وطريقة تفكيره فكثير من أبناء اليمن لا قدرة لهم على تخًيل حقيقة من يقف وراء النظام وكيفية الأدوات المستخدمة التي تحاكيها قوى إفشال الثورة لكي تبقي الثورة في هيئة تداخل وتضاد بأدوات ثورية من اجل أن تظل ثورتنا غير واضحة الملامح لترسخ في أذهان اليمنيين بأن بلادهم تعيش مسلسل النفق المظلم الذي لا نهاية له .

فيظل في عقول أبناء اليمن أن هذه الثورة لا معنى لوجودها وذاتها فحالنا في اليمن مظلم واحد لا يتبدل وهذه هي احد أدوات النظام الخطيرة التي يجب إن نتخلص منها وهي تدمير الثورة بأدوات ثورية .

فينبغي أن تحارب هذه الفكرة بجعل الأشياء الكثيرة المختلفة بعضها أقرب إلى المحاكاة وبعضها أبعد حسب ما تقتضيه مصلحة الثورة من اجل إسقاط نظام صالح وإذلال من يسانده.

ولا حرج في ذلك فكلنا نؤمن بقضية واحدة ومقصد واحد وهو رؤية اليمن يملئه العدل والنظام والقانون الذي يضمن الكرامة لشعبه ولكن وفق مراحل مدروسة وأسس يجب أن تستند إلى وضع اليمن وعدم القفز فوق الحقائق التي توجد على الأرض اليمنية

فالعقلية الفاعلة أفضل من العقلية المنفعلة في بناء أسس ولبنات المن الجديد .

واختم بان نجعل رسول الله صلى عليه وسلم قدوتنا في حنكته السياسية وهو يدعو للهم أعز الإسلام بأحد العمرين .... وكيف كانت رؤية سيدنا محمد صل الله عليه وسلم السياسية فلم يدعي بهذا إلى من منظرو سياسي لما يجري حوله ... فدخل سيدنا عمر بن الخطاب وقويت شوكت المسلمين .

وأخيرا أحيي أبناء شعبي اليمني على نضالهم وكفاحهم ونترحم على شهدائنا الذين سوف تكون دمائهم وأرواحهم وقود الثورة الذي لن ينضب حتى يتحقق النصر .... ستفرض الثورة اليمنية نفسها بواسطة هذا الرباط الأسطوري الذي من خلاله سيكتب التاريخ في صفحات الخلود مآثر هذه الثورة وانتصارها ضد قوى الاستبداد الداخلية والخارجية.

واشكر أخي وأستاذي محمد المقالح وما كلامي هنا إلا للتوضيح لعل القلب يستريح .