أول دولة عربية تعلن عن عفو رئاسي يشمل نحو 2.5 ألف محكوم وسجين خليجي 26: البحرين أول المتأهلين بعد فوزها على العراق والمباراة القادمة أمام اليمن فرار عشرات الطلاب من أكاديمية حوثية للتعليم الطائفي في صنعاء .. سقوط بشار يربك محاضن المسيرة الطائفية عاجل: صدور قرار لرئيس مجلس القيادة وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد
تلقيت خلال الأسبوع الماضي عشرات الرسائل عبر (البريد الإلكتروني) تضمنت تعقيبات القراء والمتابعين والمهتمين على ما تناولته في مقال الأسبوع الماضي في صحيفة "الغد" والذي حظي باهتمام عدد من أهم المواقع الإلكترونية المرموقة في اليمن، حول "حكايات وإخفاقات الرياضة اليمنية في خليجي 20" وحظي المقال بردود أفعال شريحة واسعة من المتصفحين لهذه المواقع، منهم من فضل التعقيب عليه في نفس الموقع، ومنهم من اتصل بي هاتفياً، وآخرون وصلتني وجهة نظرهم عبر البريد الإلكتروني (الإيميل).
وأنا هنا أسجل تقديري وامتناني لكل الذين عقبوا على المقال برسائلهم أو باتصالاتهم، بغض النظر عن طبيعة الآراء حول المقال وما تضمنه من رؤية نقدية لواقع الرياضة اليمنية على خلفية إخفاق المنتخب الوطني في بطولة (خليجي 20) التي استضافها اليمن لأول مرة في تاريخه، واحتضنتها محافظة عدن، إلى جانب محافظة أبين نهاية شهر نوفمبر الماضي وبداية شهر ديسمبر الجاري.
وبداية أود أن أوضح للقراء الأعزاء بأن ما ورد في المقال حول عجز وزارة الشباب والرياضة في تنظيم بطولة خليجية لرياضة "المكفوفين" أو ذوي الاحتياجات الخاصة، ليس المقصود الانتقاص من هذه الشريحة الاجتماعية الكريمة، أو التقليل من شأنها، بل على العكس، فهي شريحة تستحق اهتمام الجميع وتشجيع الجميع واحترام الجميع، وحتى لا يذهب البعض في تفسير هذه النقطة، أود التأكيد بأن القصد هو توضيح عجز الوزارة في تنظيم بطولة لذوي الاحتياجات الخاصة لا تحتاج إلى إمكانيات كبيرة من ملاعب، ومنشآت، ولجان، ولأنها كذلك فلن تحظى بحماس الوزارة ولا تجذب الفاسدين، والفاشلين، والدخلاء على الرياضة ما دامت غير مفيدة لكل هؤلاء، وبحيث لا تستمر الوزارة ومسؤولوها في مصادرة نجاح اليمن في تنظيم (خليجي 20) دون وجه حق.. ولمن فهم غير هذا القصد أقدم له اعتذاري، ولعلي هنا قد أوضحت المقصود.. وكفى.
وفي ضوء ردود الأفعال على مقال الأسبوع الماضي، أجدني في غاية السعادة، لأن تلك الردود عكست اهتمام شريحة واسعة من أبناء هذا البلد بالرياضة اليمنية وما آل إليه واقعها من عقم وهزالة وتراجع يبعث القلق والخوف على مستقبل هذا القطاع الحيوي والمهم في حياتنا وحياة الشباب والأجيال القادمة، خصوصاً وأن غالبية ردود الأفعال ممن وصلتني رسائلهم أو تلقيت اتصالاتهم لم يذهبوا إلى أبعد مما ذهب إليه العبد لله، حيث القصد هو وضع النقاط على الحروف، وتشخيص واقع حال الرياضة والتعبير عن لسان حال السواد الأعظم من الرياضيين اليمنيين وجماهيرها العريضة دون إسفاف أو تعريض أو استهداف، خصوصاً وأن الشخصيات التي تطرق إليها المقال، أصحابها مسؤولون يتسنمون صهوة المناصب التنفيذية في المؤسسة الرياضية، ويتمتعون بصلاحيات واسعة ونفوذ كبير، وتأثير مباشر على صناعة القرار، ناهيك عن كونهم يتحملون مسؤولية إدارة الحركة الرياضية وعليهم تقع مسؤولية إخفاقها، وفشلها، ولا ينبغي لهم إصدار كل هذا الضجيج في نسب أي نجاح له علاقة بالرياضة إليهم وحدهم كما هو الحال في خليجي 20، حين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها حتى اليوم، في حين كشفت البطولة عن فشلهم الذريع في إدارة الرياضة اليمنية من خلال الظهور الهزيل للمنتخب الوطني والذي تزامن مع مشاركة "خجولة" لليمن في دورة الألعاب الأسيوية في الصين، التي حشد فيها اليمن كل شيء له علاقة بالظهور المشرف، أو بالمشاركة الرياضية الفاعلة، وفقد اليمن ميداليتين أسيويتين كان أحرزهما رياضيوه في الدورات الأسيوية السابقة، تماماً مثلما فقد منتخبنا لقب "أبو نقطة" في خليجي 20 على أرضه وبين جمهوره، بعد أن كان حقق اللقب المخزي بأشق الأنفس في مشاركاته الخليجية الماضية.
ومن ضمن الرسائل التي تلقيتها بعث بها أشخاص ينتمون للرياضة –أعرفهم حق
المعرفة- تضمنت الكثير من المعلومات حول تجاوزات ومخالفات ومحسوبيات وفساد حدثت وتحدث في وزارة الشباب والرياضة، وصندوق النشء والشباب، واللجنة الأولمبية.. يقول أصحابها بأن هذه المعلومات تستند إلى حقائق ووقائع قائمة، وإلى أن مرتكبي المخالفات والمسؤولين عن حالات الفشل، والمحسوبية، والفساد، موجودون في مواقع المسؤولية والمناصب التنفيذية.
ويعتقد أصحاب هذه الرسائل بأن ما أوردوه من معلومات حول وضع الوزارة يصب في أسباب وعوامل تدهور الرياضة اليمنية، وفي مقدمتها سوء الإدارة، ومخالفات في الإنفاق المالي، والمحسوبية في تعيين الأقارب والدخلاء والعناصر غير المؤهلة في مواقع المسؤولية التنفيذية، بالإضافة إلى استحواذ المسؤولين في الوزارة على الامتيازات المالية الباهظة تحت مختلف المسميات والمبررات، فيما يعاني صغار الموظفين العوز ولا يحصلون على أبسط حقوقهم المالية.
وحيث أحتفظ بهذه الرسائل وبأسماء أصحابها، فإنه يجدر التأكيد هنا بأن الغرض من طرح قضايا الرياضة اليمنية –سواء بالنقد أو التقييم أو بالمطالبة بالتغيير- وإعادة هيكلة الوزارة، لا يعني الرغبة في استهداف الأشخاص أو التعريض بهم جزافاً، وإنما يهدف إلى كشف الاختلالات وتشخيص الأسباب والعوامل التي أسهمت في الوصول بالرياضة اليمنية إلى حافة خطر الانهيار والسقوط في قاع الفشل، وفتح المجال أمام الجميع للمساهمة في انتشالها من واقعها الراهن، إلى حيث يمكن إعادة الاعتبار لها ولكل المنتسبين إليها، وبحيث نسهم جميعاً في ترتيب أوضاع الرياضة اليمنية بشفافية ومسؤولية.
وهنا أتمنى على الجهات الرقابية المختصة وفي مقدمتها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ومجلس النواب، ومجلس الشورى، أن تقوم بدورها في كشف مواطن الخلل وفضح المخالفات والتجاوزات، ومحاسبة الفاشلين والفاسدين، من خلال لجان متخصصة تقوم بدورها الرقابي لجهة النزول الميداني إلى وزارة الشباب والرياضة، وإعداد التقارير التي توضح الحقائق وتبصر صاحب القرار، لكي يتخذ قراره وفق معطيات واضحة بحيادية وشفافية، ودون مراعاة لهذا المسؤول أو ذاك، خصوصاً وأن واقع الرياضة في هذا البلد لا ينبئ بخير، ولا يبشر بما تتطلع إليه جماهيرها العريضة.
ولعل مشاركة المنتخب الوطني في بطولة خليجي 20 وخسارة الرياضة اليمنية للأوسمة الأسيوية في مشاركتها الأخيرة في الألعاب الأسيوية بالصين خير دليل على تردي حالها، وهو ما يزيدنا إلحاحاً بضرورة التغيير الذي يعيد لرياضتنا الاعتبار، ويمضي بها إلى المكانة المشرفة على مختلف الأصعدة والفعاليات والمنافسات العربية، والقارية، والدولية.
إن ما شهدته "كواليس" بطولة خليجي 20 من مهازل في توزيع المصالح، والامتيازات بين ذوي النفوذ والموالين لهم ومن سار على دربهم، لا يجوز السكوت أو غض الطرف عنها لتمر مرور الكرام دون تقييم أو محاسبة لمرتكبيها، خصوصاً وأن الأموال التي ضخت من موازنة الدولة للإنفاق على هذه البطولة لم يتضح حتى الآن أوجه إنفاقها وكيف ومتى وأين وعلى ماذا أنفقت، بما في ذلك المبالغ الباهظة التي تم إنفاقها على إعداد المنتخب الوطني من خزينة الدولة، ناهيك عن خمسة ملايين دولار تم تخصيصها من قيمة عقد امتياز البث التلفزيوني لبطولة خليجي 20 الذي فازت به قناة أبو ظبي الرياضية، بل إن بنود العقد وتفاصيله المالية لم يتم نشرها إلى اليوم، وكأنها صفقة "سرية"، مع أنها غير ذلك، إنما صفقة شرعية ومعلنة، وكل ما عرفناه أن قيمة العقد هو 35 مليون دولار منها خمسة ملايين رصدت لإعداد وتأهيل المنتخب الوطني.
وثمة من يقول بأن الحكومة اليمنية حصلت على مساعدة "طارئة" ببضع ملايين من الدولارات قدمتها إمارة أبو ظبي لمواجهة الإنفاق الاضطراري على بعض المنشآت السياحية لاستضافة الوفود الخليجية المشاركة.. إذا كان هذا القول صحيحاً أليس من حقنا أن نعرف تفاصيله ونتعرف على اللذين لعبوا أدواراً غير مرئية لإنجاح استضافة اليمن للمونديال الخليجي.. وهل تندرج مثل هذه المساعدات "الإسعافية" ضمن مبلغ المئة وعشرين مليار ريال التي تم إنفاقها على البطولة من موازنة الدولة؟؟ وثمة من يقول بأن الصحافة حين تنتقد وزيراً في الحكومة أو مسؤولاً في مفاصلها، فهي بذلك تطيل بقائه في المنصب، وكأن الصحافة تمنح من تنتقدهم "صك" نجاح يبقى عليهم مهما كانوا فاشلين، أو فاسدين، أو غير جديرين بتحمل مسؤولياتهم، أو حتى لا يفقهون من مسؤوليات المنصب سوى تحقيق مصالح ذاتية أو نهب المال العام أو ممارسة الفساد والإفساد، المهم أن الصحافة ما دامت تستهدف بالنقد فهي بذلك تمنحهم الاستفادة من القول بأن الصحافة حين تنتقد مسؤولاً تطيل بقاءه في منصبه حتى إشعار آخر.
وحيث أعتقد أن هذا القول لا يمكن أن ينطلي على الأخ الرئيس علي عبدالله صالح الذي كثيراً ما يؤكد على أهمية الدور الذي تلعبه الصحافة الحرة والملتزمة برسالة وتقاليد المهنة في تناول الأخطاء، والتجاوزات، والاختلالات وفي انتقاد المسؤولين في مفاصل الدولة وواقع المسؤولية التنفيذية في الحكومة، وكشف مكامن الفشل والفساد، والمصالح الضيقة، فإنني وفق هذا المفهوم الرئاسي لدور الصحافة لا أعتقد بأن هذا القول صائب في كل الأحوال، وبالتالي لا يجب أن يتمكن منا اليأس أو يضيع الأمل في مردود ما نتناوله كصحافيين من نقد للأخطاء، وإلا ما الفائدة من كل هذه الجهود، بل ما الفائدة من وجود صحافة حرة ومسؤولة من الأساس؟!
وحين نطالب الأخ الرئيس بالتدخل لإحداث تغيير جذري في مفاصل ومواقع المسؤولية في المؤسسة الرياضية المتمثلة في وزارة الشباب والرياضة، فإننا ننطلق من مسؤولية الأخ الرئيس في رعاية أبنائه الشباب، ومن اهتمامه اللافت بالشأن الرياضي على خلفية نجاح اليمن في تنظيم خليجي 20 وفشل المؤسسة الرياضية القائمة في تقديم منتخب يمني مشرف يليق بأهمية الحدث الكروي الخليجي الذي عجز عن تقديم الصورة المشرفة واللائقة للرياضة اليمنية، وليس كرة القدم وحسب.. هذا الاهتمام الذي يوليه الأخ الرئيس بالرياضة والرياضيين في الوقت الراهن، يحتم علينا مطالبته بإحداث هذا التغيير، بحيث يسهم التجديد في الآليات والوجوه في مفاصل وزارة الرياضة في تنفيذ توجيهات الأخ الرئيس واستيعاب توجهاته واهتمامه بشؤون الرياضة وهموم الرياضيين وتطلعاتهم نحو مستقبل أفضل.
وحيث أن تجريب المجرب خطأ، فإن استمرار الفاشلين، والفاسدين، في مواقع المسؤولية خطأ أكبر، بل وخطر على مستقبل الرياضة اليمنية، وبالتالي لا بد من حدوث تغيير يصب في مصلحة الرياضة وليس العكس، خصوصاً وأن مصادر موثوقة أكدت لي بأن الأخ الرئيس أصدر توجيهات رئاسية تصب في إطار الاهتمام بالأندية الرياضية وتعزيز مواردها المالية، ومنحها امتيازات جديدة تسهم في التخفيف من معاناتها وتمكنها من القيام بدورها في تطوير الرياضة والاضطلاع بمسؤولياتها في رفع مستوى المنافسات والبطولات المحلية، واستيعاب المواهب الناشئة والقدرات الشبابية، ورفد المنتخبات الوطنية بالنجوم والمواهب، وتأهيل الكوادر الرياضية للمساهمة في تطوير جميع الألعاب على الساحة الرياضية، من خلال تمكين الأندية الرياضية ولمختلف المراحل العمرية وتأهيلها بالبنى التحتية، من منشآت وملاعب وصالات مغلقة، ودعم برامجها الدورية والسنوية، من خلال الإشراف والمتابعة المباشرة والدائمة من قبل وزارة الشباب والرياضة.
وتقول هذه المصادر بأن الأخ الرئيس أصدر توجيهاته بوضع رؤية متكاملة لمنح الشركات النفطية والتجارية والاستثمارية وشركات الاتصالات العاملة في اليمن حق الرعاية للأندية الرياضية، أسوة بما هو قائم في معظم دول العالم وفي ضوء تجارب عدد من الدول الخليجية المجاورة والدول العربية مثل مصر، والعراق، والأردن، وغيرها، ومثل هذه الخطوات لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع بدون رعاية الأخ الرئيس، وبالتالي لا بد من إيجاد آلية تمتلك الكفاءة والنزاهة وتحظى بثقة القطاع الرياضي، لتتولى مسؤولية إدارة الحركة الرياضية وتنميتها، وتتحمل مسؤولية النهوض بألعابها وتطوير برامجها ونشاطاتها، وتحقق تطلعات الرياضيين والجماهير الرياضية العريضة نحو مستقبل أفضل.. وما لم يحدث هذا التغيير فإن الحال سيؤول إلى أسوأ مما هو عليه، وحينها نقول على الرياضة السلام، ونرفع أيدينا للخالق عز وجل أن يرفع عنها العلل ويقيها من خطر الاحتضار، وأن يديم علينا الصبر على من ظلمها، إنه سميع مجيب الدعاء.
fmukaram@gmail.com