خطابات الرئيس: ما قل ودل!!
بقلم/ توفيق السامعي
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و 30 يوماً
الأربعاء 12 مارس - آذار 2008 11:18 ص

 يوصف الرئيس علي عبد الله صالح بأنه أكثر رئيس عربي إلقاءً للخطب والخطابات، وهو الرئيس الذي لا يمل ولا يكل من التحدث لفترة أطول منذ توليه السلطة عام 1979وإلى اليوم، ويبدو أننا في اليمن سنرث تركة ضخمة من أرشفة خطاباته سيحسدنا العالم كله عليها أن ترك لنا الرئيس كلاما وخطابات نسترشد بها طيلة حياتنا، وأن أي رئيس قادم بعده – بعد عمر طويل للأخ الرئيس - لن يحتاج إلى خطابات في أي من المجالات و"بسم الله ما شاء الله" الأخ الرئيس لم يقصر ولا في أي مجال ولا في أي مناسبة حتى إذا كان الأمر مجرد شيء بسيط من الرياضة في سباق الهجن كما حدث مؤخراً، وطبعا فرصة سانحة كهذه لا يمكن للأخ الرئيس أن يفوِّتها دون أن يذكر الذين يحلمون بالسلطة من المعارضة أنه يستحيل أن يصلوا إليها طالما وأن الرئيس باقِ على رأس هرمها، لا يجوز لهم بأي حال من الأحوال، فهم إنما "تتر وغزاة"، كما أنه لا ينسى أبداً أن يذكر الشعب بالكهنوتية الرجعية الإمامية أو أصحاب الجبهات الوسطى، أو أصحاب 13يناير، وثم الانفصاليين، ليضاف لهم تيار آخر جديد، هم "الذين لهم صلات إرهابية" ، وحذاري حذاري للشعب أن يمر عليه يوم طيلة 30 عاما دون التذكير بصنع المنجزات ولو من باب الذكرى (والذكرى تنفع المؤمنين).

ومع كل خطاب لا ينسى الشعب اليمني عشرات المنجزات، حتى أننا أصحاب التنمية الأولى عالميا متقدمين على أميركا وأوروبا والسويد وغيرها (اللهم لا حسد).إننا كيمنيين لا ننام إلا وعناية الأخ الرئيس تحرسنا من كل جانب، ننام على ريش النعام ، وكل واحد منا له سرير وغرف من أصداف اللؤلؤ ذات الطبقين: طبق سفلي نفترشه، وطبق علوي نغطي به أجسادنا وننام في هدوء تام حتى لا تدخل نسمة هواء تؤذي أجسادنا، ونفطر صباحا على أطباق تجمع كل ما لذ وطاب، وقبل أن نبدأ باسم الله، ذكرى الأخ الرئيس في الإذاعة الصباحية تذكرنا أن نحمد الله على أن كان الأخ الرئيس السبب في تلك النعمة حتى لا ننسى بعد الانتهاء من تناول الطعام، وهكذا مع كل وجبة وكل يوم منذ ثلاثين عاما، حتى أن الشعب اليمني لم يعد يزاحم على أبواب السفارات الخليجية طلبا للهجرة والاغتراب، حتى أن جزءا من النخبة المثقفة في هذه البلاد المعطاءة والتي هي فردوس الأرض قد عدلوا عن تفكيرهم في الهجرة، بل أصبحنا نغلق حدودنا من كل اتجاه حتى لا تتقاطر علينا شعوب الأرض طمعا فيما عندنا، لأنه يتوجب علينا أن نكون في بحبوحة من العيش والاكتفاء الذاتي؛ لأننا في حالة "انفجار سكاني" سنحافظ على ثرواتنا للأجيال اللاحقة، ولن نتركها للإماميين والظلاميين والانفصاليين والإرهابيين والمخربين والمناطقيين حتى يعبثوا بها فيحرمون منها إخوانهم ومنا فسيهم صناع الثورة، وقادة النهضة، وبناة الأمجاد، الذين ليس لهم شبيه ولا نظير في العالم كله، من كانوا سببا لهذا النعيم المقيم الذي نعيشه "أبناء المؤتمر الشعبي العام وقادته ورموزه ومناضلوه الذين سهروا وأعطوا الوطن كل ما لديهم والذين لم يبخلوا حتى بأغلى ما يملكون في سبيل هذا الوطن، والذين ينادون بالمساواة مع أصحاب الجنوب الذين غمطوهم حقهم، لأن "سنحان" تشكو غمطا في الحق سلبها حقها أبناء "كريتر" الذين استفردوا بالسلطة ودخلوا وكل أبنائهم وأقربائهم يتقاسمون الدولة مناصبها وثرواتها، ودخلوا شركاء بالحماية الأمنية في كل شركات الاستثمار والمشاريع الكبيرة في البلد ، فلذلك الأخ الرئيس لا بد وأن لا يمل من خطاباته نداءً للمساواة حتى لو طالت إلى أربعين خمسين سنة، فخمسون سنة من الخطابات التي تذكروتطالب حتى لو تجاوز الأمر إلى شيء من الشدة والتعريض والتجريح والاتهام والتخوين خير من فتح جبهات عسكرية قتالية تقتل أبناء الوطن الواحد وتبدد النعيم الذي نحن فيه وتستنزفه، كما هو الحال في صعدة، وحرب 94 (حرب الإنفصاليين) تلك كانت غلطة لن تغتفر ولن تمحى ذكراها من العقول أبدا، لأنها أحقت الحق ودحرت الباطل، وما هذه النهضة التي نعيشها والنعيم الذي نرفل به إلا لأن تلك الحرب صححت المسار ولفظت الفاسدين الذين يهربون ثروات البلاد من بترول وديزل وحتى قوت المواطنين من القمح، وجاءت بعدها الاستثمارات من كل فج عميق، فلم نر اليوم بسببها عاطلا واحداً ولا فقيراً ولا بطالة،حتى تلك الأكوام البشرية التي كنا نشاهدها على أرصفة حراجات المدن لم تعد اليوم موجودة لأن برنامج الأخ الرئيس في القضاء على البطالة حقق مبتغاه في زمن قياسي.

لم تكن خيرات الأخ الرئيس وحرصه وحبه لتقتصر على الشعب اليمني فقط، بل تجاوزتنا إلى المحيط العربي والإسلامي، إذ أن قادات وحكومات وشعوب البلدان العربية والإسلامية عقمت نساؤهم أن يلدن مثل الأخ الرئيس "والأقربون أولى بالمعروف"، فهو لا يبخل عليهم بمنح القمم العربية باستمرار مبادرات يمنية تضيء الطريق لتلك الشعوب والقادة، وكذلك للبرلمان العربي لا بد من تقديم مبادرة لهم، فهم لا يزالون قُصَّراً بعد لم يتعلموا من التجربة اليمنية الديمقراطية "نبراس العالم"، كما وأن مؤتمر القمة الإسلامي بحجم كبره وثقله لا بد للمسات النهائية لمبادرة يمنية تنظم لهم أعمالهم وقممهم فلا يمكن لمثل تلك القمة أن تخلو من مبادرة يمنية (صالحية) وإلا فإنهم سيضلون الطريق، كما أن أفضل وأشرف أحسن مبادرة يمنية تلك التي قدمها الأخ الرئيس – حفظه الله – لرأب الصدع الفلسطيني الداخلي بين حركتي فتح وحماس ليقدم لهم النموذج الأمثل الذي طبقه بين حزبه الحاكم وبين المعارضة في اللقاء المشترك، وبين نظامه، وبين الاحتجاجات التي تمس قضية أبناء الجنوب، أما كبيرة الكبائر فهي تلك التي حملها وزير الخارجية الدكتور القربي العام الماضي لإصلاح الأمم المتحدة، كذلك ما المانع أن يتعلم من هذا النموذج الحزبان الرئيسيان في أميركا: الحزب الجمهوري والديمقراطي حتى لا يختلفون في انتخاباتهم الرئاسية المقبلة وحتى لا يتحول أحد الحزبين إلى "تتر وظلاميين وإماميين وانفصاليين وإرهابيين"، ولا بد عليهم أن يتنافسوا بكل حرية وشفافية، ومن يعط الثقة من شعبه فهو أولى بها بدون منازع ولا مشاكل، كالنموذج اليمني حين أعطى هذا الشعب ثقته كلها للحزب الحاكم، وإلا على أي من الحزبين الذي سيخسر "أن يشرب من ماء البحر"، حتى لا يقوم الحزب الآخر إن وصل إلى السلطة برفع الكيس القمح من 7000 ريال في عهد الحزب الجمهوري، وقد يوصله الحزب الديمقراطي إلى 20000 ريال، فاحذر أيها الشعب الأميركي أن تختار الآخر.

حتى لا ننسى: من شدة حرص الأخ الرئيس علينا وإتحافنا بخطاباته ( المقدسة) وحبه لنا، لا يفارقنا حتى في أحلامنا ومنامنا، ومن يفوته خطاب الأخ الرئيس في وسائل الإعلام المختلفة، فإنه لن يفوته في أحلامه حتى لا "يزوِّغ" من "زوَّغ" من الاستماع إليه.

بالمناسبة: كنت راكبا في إحدى الحافلات وإذا بصاحب دراجة نارية يفتح صوت الراديو على الآخر، وخطاب الأخ الرئيس يدوي ملئ الشارع، فقلت للسائق بجواري ما رأيك بما تسمع؟ فقال: "نحن في الشعب اليمني مدللين إلى أبعد حد، حتى أننا لا نستطيع أن ننام إلا إذا سمعنا مثل هذه الحدوتات. والأخ الرئيس أبو اليمنيين كلهم". ونحن بدورنا نذكِّر:قبل ثلاث سنوات من الآن زار الأخ الرئيس "مديرية سامع" فعاد على إب ووصف المديرية بأنها تعيش عصور ما قبل الإمامة، فجعلنا نحن أبناء سامع تلك التصريحات "أوسمة ونياشين في صدورنا" لأن هذه التصريحات جاءت وعمر الثورة والجمهورية 44عاماً لم تبق بلد إلا ومنجزات الأخ الرئيس عمته بفضلها، وحتى المشاريع التي أكد عليها الأخ الرئيس "وشخط فيها وجهه للناس في سامع" أنها ستأتيهم خلال عام، لم تصل إلى اليوم. "فالمدد المدد يا سيادة الرئيس"، فنحن جزء من هذا الوطن .