اليمن أولاً...!!
بقلم/ د.منصور علي سالم العمراني
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 28 يوماً
السبت 19 يونيو-حزيران 2010 08:36 م

إن من يقرأ تاريخ اليمن الحبيب، أرض العرب السعيدة، عبر التاريخ الحافل بالمعطيات والتغيرات، ليقف شامخا معتزا بانتمائه الأصيل الضارب في جذور التاريخ، محافظا على قداسة تربة هذا البلد العريق، الذي يعشقه كل من يقرأ عنه ويسمع به، ناهيك عنه أن يراه، إن اليمن هي أرض الإيمان والحكمة، الأرض التي حباها الله طبيعة وجمالا، ورونقا وأُنْسًا، تغَّنى بها الشعراء، وغازلها الأدباء، وأشاد بفضلها العلماء، هي الأرض التي وصفها الله في كتابه بأجمل وصف وأفضل نعت لولا أن أهلها...!!!، فقال: ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ [سبأ: 15].

إن سحر الطبيعة التي حظيت به أرض اليمن الحبيبة، يجعلها اليوم قبلة للسياحة العالمية، يقفون أمام تاريخ عابق، يشتمون منه حضارة أمة كانت هنا ومازلت تتوالى عبر تاريخ مديد، بل مجرد نظرة يلقيها المرء متأملا في جمال طبيعتها من جبال مكسوة بالخضرة، وأنهار تتدفق بالماء المنسابة من أعالي الجبال، مع هطول أمطار الصيف الموسمية، لتأخذ بعقلك وفؤادك وكأنك أمام حسناء فاتنة تغازلك بطرف عينها الخفي، لتصبح أسير حبها وجمالها.

أكتب هذه التأملات، وأنا أنظر اليوم إلى الوضع الراهن والمرحلة الحرجة، التي تمر بها هذه البلد الجميلة، فأقول أما استشعر هؤلاء المزايدون عظمة ما هم فيه، وكم يتفطر القلب أسفا حين نرى أولئك الذين استحوذ عليهم الشيطان، وهم يُقدِمون غير أسفين على تفجير شرايين التنمية في هذا البلد الذي بدأنا ننعم بخيراته بعد زمن كبير من التخلف والتقوقع والتأخر، الذي أصابنا نتيجة الحكم الكهنوتي البائد.

إن ما وصلت إليه اليمن اليوم في ظل فخامة الأخ المشير علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية حفظه الله ليس بقليل، وأن من ينكر ذلك فهو لاشك مصاب بعمى في عينه، أو مكابر يرفض الاعتراف بالحقيقة، مثله كمن ينكر ضوء الشمس في رابعة النهار، همه في ذلك أن يلفت أنظار الجماهير، حتى لو مقتوه وسخروا منه، همه أن يعرفوه من هو؟! أو بحسب تعبير المثل التهامي الذي يقول: ((تِحِيدُونَا والاَّ اطَّاوَل)): أي يمط جسمه قليلا ليروه.

إن ما شهدته اليمن عبر ثلاثة عقود من الزمن، من إنجازات على كافة الأصعدة ملموس على الأرض، فقد عبدت الطرق، وأنشئت الجسور، وبنيت المصانع، والمستشفيات، والمدارس، والجامعات وانتشر التعليم حتى غطى الخارطة اليمنية، وأصبح اليمن يمتلك الكوادر والمؤهلين في كل مجالات التنمية، بعد أن كانت كثير من القرى لا يجدون من يقرأ لهم رسالة وصلت من مغترب في بلد المهجر ليُطَمئِنَ أهله على صحته وحياته.

أما عن الكلمة الحرة فحدث ولا حرج، فقد شهدت اليمن في ظل فخامة الرئيس حرية الكلمة، والتعبير عن الرأي والرأي الآخر، والكل مكفول لهم أن يتحدثون بما يريدون، وهي سجية عظيمة تحسب لفخامة الرئيس، فاليمن لم تشهد حرية الفكر قبل ذلك عبر حكوماته المختلفة، حتى مع رجال الدولة نفسها كانوا لا يتحدثون إلا بما يملى عليهم من قبل صاحب السيادة المطلقة في البلد، يحدثنا الشامي في كتابه "رياح التغيير في اليمن": (( أن الإمام كان من عادته، لا يسمح لوزرائه ورجال دولته- وقد يكونون أكثر ثقافة منه- أن يتحدثون في أي محفل إقليمي أو دولي يشاركون فيه إلا بما يملي عليهم هو، ويظل دورهم أن يسمعوا فقط، ثم يعودون ليخبرونه بما دار، وذات مرة كلف الإمام وزير خارجيته أنذاك حسين الكبسي للمشاركة ضمن أعمال الجامعة العربية -حسب قراءتي إن لم تخني الذاكرة- وقد حضر وزير الخارجية وظل صامتا لا يتحدث؛ لأنه لم يتلق إذنا من مولاه الإمام بالتحدث، وظل صامتا يستمع فقط، مما لفت أنظار الحاضرين، وقد حضرت بعد هذه الحادثة "أم كلثوم" كوكب الشرق في إحدى الأمسيات الغنائية في القاهرة وهي مصابة بالزكام، وقد جلست لتسمع، وقد سألها أحد الحاضرين: ماذا تطربنا الليلة كوكب الشرق. فردت عليه قائلة: أنا اليوم كبسي _ تقصد الوزير اليمني- أسمع فقط ولا أتحدث)).وهنا تتجلى الصورة بوضوح أين كنا!!!

 أما اليوم وقد شهدت اليمن هذه النقلة النوعية على جميع الأصعدة، في ظل حكم فخامة الرئيس علي عبد الله صالح، فينبغي أن نفكر أولا، وثانيا وثالثا، لنصل إلى القناعة التامة بأن اليمن ينبغي أن تكون هي أولا، مقدمة على كل المصالح الضيقة التي لا نجني من ورائها إلا الشتات والدمار.