ركة الفعاليات السياسية في اليمن – المنطقة (1-2)
بقلم/ سالم الحاج
نشر منذ: 15 سنة و شهر و 11 يوماً
الأحد 04 أكتوبر-تشرين الأول 2009 06:47 م

يتردد في أوساط سياسية موثوقة على نطاق محدود جداً بان تقريراً خاصا حول (حركة الفعاليات السياسية في اليمن – المنطقة) تم إعداده منذُ حوالي ثلاثة أعوام ونيف تقريباً , وعلى وجه التحديد في يناير 2006م , وان ذلك التقرير الذي تتحدث عنه أوساط مطلعة موثوقة , قد رفع في نفس الوقت إلى جهات عليا في ألدولة , واغلب الظن الى مكتب رئاسة الجمهورية مباشرة. وبأن ذلك التقرير السري يتكون من حوالي ثلاثة أجزاء تقع في 29 صفحة. ويتكون الجزء الأول من 5 صفحات , والجزء الثاني يتكون من 12 صفحة , والجزء الثالث يتكون من 12صفحة أيضا , ويحدد التقرير بإيجاز القوى الفاعلة في اليمن , والمنطقة, ويشخصها في عدد من الدول الكبرى . في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية , والمملكة البريطانية المتحدة . وفي عدد آخر من الدول الإقليمية أبرزها إسرائيل, وإيران . كما يحصر التقرير القوى الفاعلة في اليمن (الجمهورية اليمنية) ويركزها تقريباً في 19 شخصية سياسية بارزه , ومعروفة .

 يأتي في مقدمتها: الدكتور عبد الرحمن البيضاني نائب رئيس الجمهورية العربية اليمنية الأسبق, والمهندس حيدر ابوبكر العطاس أول رئيس وزراء في الجمهورية اليمنية, والرئيس السابق علي ناصر محمد , ومحمد سعيد عبدالله(محسن) وزير الأمن السابق وعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي , وعبدالله الاصنج وزير الخارجية الاسابق , وعبد الرحمن الجفري رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) , ومحمد علي احمد محافظ محافظة أبين الأسبق, واحمد عبد الله الحسني سفير اليمن السابق لدى دمشق, وجار الله عمر احد ابرز قيادات الحزب الاشتراكي , واحمد الزايدي , وعباس الوزير , وعلي سيف حسن , والدكتور محمد عبد الملك المتوكل , وغيرهم.

ويشير التقرير إلى كوكبة من كبار التجار اليمنيين والجهود التي تبذلها بعض القوى السياسية الفاعلة لاكتسابهم هم وأموالهم في تغذية الصراع السياسي في اليمن . ويأتي في مقدمة أولئك التجار: العيسائي , وبن لادن, وبن محفوظ, وبقشان , وبغلف , والعمودي , وباخشب , وغيرهم من كبار التجار الذين يمسكون بمفاصل الحياة الاقتصادية في اليمن والمنطقة.

وفي سياق التقرير العام يأتي ذكر الدور الذي لعبه ويلعبه كل من علي سالم البيض نائب الرئيس السابق , وصالح مصلح قاسم , وصالح منصر السيلي , و (الأخوين غانم ) ويتشعب التقرير إلى ذكر دور زعماء وقادة عرب من أمثال العقيد الليبي معمر القذافي , والشيخ محمد بن زايد آل نهيان عاهل دولة الإمارات العربية المتحدة , وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم .

 ويتحدث التقرير عن عمليات سرية لنقل الأسلحة من اليمن إلى السعودية والمنطقة , والعكس تماما , وعلاقة كل ذلك بحركة التنظيمات الإسلامية السرية . وعن بعض ابرز العمليات العسكرية التي جرى تنفيذها في اليمن وتحديدا عملية تفجير المدمرة الأمريكية كول, والدور الذي يلعبه زعيم القاعدة الشيخ أسامه بن لادن والجماعات الإسلامية المعارضة في السعودية ومن أهمها: الدكتور مسعد مسفر , والدكتور عايض القرني .

وما يلفت الانتباه في التقرير انه يقرن بين الدكتور عبد الرحمن البيضاني والمدعو (محمد محسن المهتدي) وأسرار رحلته إلى عدن بعد انتهاء الحرب الدولية الثانية 1939م – 1945م , وعلاقته كأسم مستعار (السيد محمد الغرباني) مع بيت أسرة , حميد الدين , والأخوين طه احمد غانم وعبد الله احمد غانم , ونشاطه كسمسار بين مقديشو , وعدن في استيراد عاملات المنازل(الشغالات) . ويورد التقرير رواية شبه كاملة عن أصول ودور ونشاط الدكتور البيضاني وعلاقته بالأمير محمد البدر ودراسته في القاهرة , وبون . ووصوله إلى منصب نائب الرئيس وارتباطاته بالكاتب الألماني (هانز هاليفي) مؤلف كتاب (اليمن من الباب الخلفي) . وعن نشاطه السياسي الطائفي المذهبي بين الشوافع , و الزيود , وعملية التنكيل التي يروي التقرير تفاصيل انه قام بها ضد إحدى شقيقات والدته ! لكن أهم من ذلك كله يتحدث التقرير عن ترشيح الدكتور لنفسه للانتخابات الرئاسية في اليمن التي قامت في سبتمبر 2006م , والدور الإسرائيلي الذي قضى الالتزام بتمويل حملته الانتخابية بحوالي مبلغ مليون دولار , وضعت بأسم ابنته في أحد المصارف المصرية المعروفة . وفي التقرير فقرة هامة تشير إلى تقرير مماثل يقع في حوالي 28 صفحة ايضا . قيل أنه تم تسليمه إلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية(( C.I.A  بواسطة السيد ابراهيم الوزير . وأنه تم إعداده من قبل كل من الدكتور محمد عبدالملك المتوكل , والسيد علي سيف حسن , وسلمت صورة منه للسفارة الأمريكية في صنعاء , وثمة تقرير أخر يقع في حوالي 150 صفحة , قيل أنه حول مظاهرات صيف 2005م , ويتهم فيه رئيس الجمهورية (علي عبدالله صالح) بأنه قام بدس عناصر من الحرس الجمهوري في المظاهرات الشعبية لكي تتحول إلى أعمال شغب يسهل عليه مبرر ضربها , وكذلك حول دعمه للتيار الديني السعودي المعارض بقصد تقوية شوكته بحيث تكون اليمن رافدا له , وإجمالا يتحدث التقرير بدقة عن تحالفات سياسية مقترحة بين قوى من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لإسقاط الرئيس علي عبدالله صالح بأي ثمن , وبأية وسيلة كانت . وضرورة إقامة نظام حكم ليبرالي جديد في اليمن .

وينوه التقرير إلى أن احد رؤساء فروع المؤتمر الشعبي في أحدى المحافظات الشهيرة قد تم تنبيهه في ابريل2000م من قبل جهات معينة من أن هناك خطة سرية من قبل مخابرات إقليمية ودولية تستهدف إدخال اليمن في دوامة سياسية من العنف , وقد تم إبلاغ مسئول كبير في المؤتمر الشعبي والدولة بذلك فكان تعليقه : (أن هذا كلام مجنون!!) . وبعد حوالي ستة أشهر تماما حدث حادث الاعتداء المسلح على المدمرة الأمريكية كول في ميناء عدن الدولي في اكتوبر عام 2000 . التي تشير المعلومات إلى أنه استخدم في تفجيرها متفجرات جاءت إلى اليمن من السعودية والكويت ضمن شحنة متفجرات تبلغ حوالي (60 طن) من المتفجرات التي يعتقد إنها فقدت من مخازن القوات الأمريكية في الظهران, وسربت عن طريق البيع (تجارة السلاح) إلى بعض التنظيمات الإسلامية وهي ضمن الأسلحة التي جلبتها القوات العسكرية الأمريكية معها إلى المنطقة إثناء حرب الخليج الثانية في أغسطس 1990م .

ويتحدث التقرير عن اختراق المخابرات المركزية الأمريكية ( CIA ) للعديد من المنظمات الإسلامية في اليمن والسعودية خلال الخمسة عشر سنة الماضية , وعن خطة المخابرات المركزية الأمريكية (( C.I.A التي وضعت بالتنسيق مع أجهزة استخبارية مماثلة في دول تم التنسيق معها ... بريطانيا , إسرائيل , إيران , تقضي بإسقاط الرئيس علي عبدالله صالح بأية وسيلة كانت وبأي ثمن كان : الاغتيال السياسي أو إثارة الفوضى السياسية أو تغذية اضطرابات عسكرية . أو بواسطة الانتخابات العامة ودعمها ماديا , وسياسيا , وإعلاميا . أو عن طريق رعاية الولايات المتحدة الأمريكية ودعمها السري للعمليات العسكرية ل ( حركة تمرد الحوثي ) بالتنسيق مع بريطانيا وإسرائيل وإيران على وجه التحديد .

ويتحدث التقرير عن سياسة إحياء إستراتيجية (شرق السويس)البريطانية . كمدخل دبلوماسي – قانوني للعمل على ضرورة إعادة تشطير اليمن , بالارتكاز على استقطاب زعماء وقادة جنوبيين , وتشجيعهم سياسيا , ودعمهم ماليا , وتأيدهم إعلاميا, ومساندتهم دبلوماسيا للبدء في حركة عصيان مدني تحت لواء قيادة واحدة , وزعيم جنوبي واحد . وفي إطار ذلك تم الحديث عن إعطاء إشارة الضوء الأخضر لعلي ناصرمحمد كي يتزعم , ويوحد صفوف المعارضة الجنوبية في الداخل, والخارج , وذلك خلال لقاء سري مع احد أعضاء مجلس اللوردات البريطاني تم في نهاية عام 2005م, وبان السفارة البريطانية في أبو ظبي مناط بها تنفيذ هذه المهمة . وخلال معركة (جنين) 2003م عندما أعلن الرئيس صالح دعوته الدول العربية لفتح باب الجهاد للمجاهدين العرب من قبل الدول العربية المجاورة لإسرائيل . وقال في هذا الصدد بروفيسور إسرائيلي:( إن فتحت الدول العربية حدودها مع إسرائيل, ودخل اليمنيين المعركة , فهذا يعني أن الإسرائيليين ذاهبين إلى المحرقة- جهنم) وكان من ابرز آثار دعوة الرئيس اليمني هو إن حوالي 30% من سكان إسرائيل قد حزموا حقائبهم استعدادا لمغادرتها إلى أوروبا وأمريكا . وهذا ما جعل الإدارة الإسرائيلية تفكر جديا لأول مرة في طبيعة النظام السياسي القائم في اليمن , وقد وضعت على جدول أعمالها مسألة ضرورة إسقاط الرئيس صالح والمجيء بشخص آخر يكون بديل عنه الى السلطة يكون ذات صلات وثيقة بإسرائيل وقد أوعز الى جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) مهمة تنفيذ مشروع قرار الإطاحة به خلال انتخابات سبتمبر 2006 م الرئاسية .

*رئيس تحرير صحيفة (المساء)

alhajsalemm@hotmail.com