قضيه للحوار الفساد في اليمن (ظاهرة أم ثقافة؟)
بقلم/ عبد الله النسي
نشر منذ: 17 سنة و 8 أشهر و 10 أيام
الجمعة 23 فبراير-شباط 2007 06:55 م

مأرب برس – خاص

كلمة الفساد اليوم على لسان كل يمني في الحضر والريف فما معناها ذكرت كلمة الفساد في القاموس المحيط بمعنى (أخذ المال ظلماً ) وأيضاً الفساد ضد الإصلاح ولهذا فهي ليس محصورة في نهب المال العام فقط وإنما حاضرة في مجالات أخرى فالفساد متنوع وأهمه (الفساد الأخلاقي ) الذي يعتبر من وجهة نظرنا الخطوة الأولى في طريقة كل فساد كمثل ( الفساد المالي والإداري ) ( والفساد في الأرض ) كمثل نهب وسرقة أموال الآخرين بقوة السلاح مما يؤدي إلى قتل النفس التي حرمها الله عن طريق متقطع على الطرقات المسبلة فالفساد وأن تنوع فسيظل فساداً- ولا يمكن لأي ممارس للفساد ممارسة عملية الإبعاد أن يجتاز المرحلة الأساسية الا وهي (الفساد الأخلاقي ) لأنه من البديهي أن لا ينعت أي فساد للمال العام أو قاتل أو سارق بالاستقامة والصلاح !.

الفساد بكل تنوعاته هو في الواقع دخيل على مجتمعنا،لان ديننا يحرم علينا ممارسة وثقافتنا وحتى اعرفنا القبلية البدائية التي تتعارض معه ولا تقره، لكننا ومع الأسف نعترف بوجوده كظاهرة ثقافة يمثل أكبر تهديد لمستقبلنا فكيف تم ذلك ؟ نعم أنه عندما يتخل الفرد و المجتمع عن ثوابته سواء أكانت عقائدية ثقافيه أخلاقية حتى يصبح عديم التحصين فأنه يسهل على أي مرض ينشر كالبكتيريا في جسم المجتمع وهذا ما حدث .

أن الانتماء بالنسبة لأي فرد في مجتمع ينطلق من الإيمان الراسخ لهذا الانتماء فنحن والحمد لله ننتمي إلى أمة الإسلام ينهنا ديننا ونبينا صلى الله عليه وسلم وحدد الله سبحانه وتعالى العقوبة الإلهية تجاه المفسدون قال تعالى (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في لأخره عذاب عظيم ) المائدة 33.

ومن هنا ندرك الخلل الذي أصابنا فعندما حدنا عن تعاليم ديننا أصبحنا عرضة لكل الأمراض التي تفتك بالأمم حتى تصبح عاجزة بل وموصومة بالخزي والعار في الدنيا والآخرة .

 أصبحنا نخاف من الغرب ولا نخاف من الله - نخاف من عقوبة الغرب ولا نعتبر بما نقراه من كتابنا القرآن الكريم ليل ونهار .

نحن أمة إذا تمسكنا بديننا وطبقناه عملاً وسلوكا نخاف من الله ولا نخاف من البشر لأننا بكل تأكيد نملك مقومات الريادة لكن مع الأسف الكثير منا لا يدرك ذلك.

في الوقت الذي يدرك الغرب الصليبي أنه متى عدنا لديننا فإننا سنتفوق عليه في كل شي ولهذا فهو يعمل بكل قوة مسخرا كل إمكاناته على بقائنا في سنوات التيه!.

فنحن لسنا بحاجة لثقافة الغرب الهابطة التي بصدرها لنا اليوم ويأمرنا بتلقفها وهي في الواقع تتعارض ومورثنا الحضاري والثقافي وتعمل على طمس هذا الموروث الذي فيه عزتنا وتقدمنا والأدهى انه يحجب بل ويمنع علينا الأخذ بأسباب المعرفة الحقيقية في جميع مجالات العلوم .

ولا ننكر ان الغرب استطاع ان يؤثر فينا بغزوه الفكري سواءً المباشر او عن طريق بعض المبهرين بثقافة الزائفة من أبناء جلدتنا وأغرقنا بالمصطلحات الخادعة- العدالة - المساواة - الديمقراطية- الحكم الرشيد - محاربة الفساد فهل يا ترى نحن مفلسون الى هذا الحد ؟ لا ولله ان تاريخنا فيه الخير كل الخير - لكن بسبب عجزنا وتنكرنا لثوابتنا أصبحنا امة مفلسة .

وسأضرب مثلا بسيط من سجل الأمة الناصح الذي لم تستطيع أي امة أخرى أن ترتقي إلى مستواه ( ابنة بائعة اللبن ) هذه الفتاة الصغيرة التي قالت لأمه ذات ليله بعد حلبها شويهاتها –يا أماه أن اللبن قليل الليلة -فردت الأم لأبنتها أن تزيده بالماء-فقالت الفتاه يا أماه أن أمير المؤمنين قد نهانا عن ذلك !فقالت إلام وهل يركِِِِِ أمير المؤمنين يا بنيتي!فردت الصغيرة أذا لم يرنا أمير المؤمنين فأن الله يرانا ، لله وأكبر هذه أخلاقنا في السر والعلن .

ولهذا فأن ضعف الوازع الديني وانبهارنا بثقافة الغربية أدى إلى تغلغل مثل هذه الاختلالات التي تحصرنا اليوم من كل جانب تركنا المفيد-وأخذنا الفاسد وبكل تأكيد أن أمه تتخلى وتنسلخ عن ثوابتها ومعتقداتها تكون أكثر انحطاط كما هو واقع الحال بنسبة لنا اليوم لأننا سلمنا قيادنا لأعدائنا وفضلنا التبعية والانقياد لهم وبتالي من الطبيعي أن تنتشر فينا ثقافة العهر والفساد المستورد من الغرب .

الثقافة الغربية من ابتكر ثقافة الفساد التي نعاني منها بل وكل العالم الثالث بدأت كظاهرة وتطورت في بعض الدول إلى ثقافة -عندما يصبح الفساد ثقافة فأنها تقود النظر الانهيار التام والهاوية وهذا ما يخطط له الغرب الصليبي ولكي نقف على وضعنا علينا أن نقوم بتشخيص هل الفساد في اليمن ظاهرة أم ثقافة ولأهمية الموضوع أحببنا طرحه للنقاش لعلنا نستفيد أو نعتبر -واضعين مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات بعيد عن التشهير والمكايدات .

فبنسبة لي أعتقد أن المؤشرات التي اعرفها تصب مع الآسف الشديد في خانة أن الفساد في اليمن قد وأتمنى أن أكون خاطئاً في هذا وهذا ما سيؤكده ما ستذهبون إليه في إثرائكم للموضوع .

أما المؤشرات الدالة على أن الفساد كثقافة من وجهة نظري الشخصية -أم هذه المؤشرات وهي الفساد المالي والإداري في كل أجهزة الدولة.ولكن أن لا ننظر للفساد وكأنه محصور فقط في الدولة ومؤسساتها والتي هي الآن أكثر استهدافا من حيث الطرح والنقد ، فالفساد يعشعش في كل مناحي الحياة في القطاع الخاص المتمثل في الشركات والمؤسسات وغيرها من منظمات المجتمع اليمني أحزاب سياسية والنقابات والاتحادات ولا ننسى الإعلام حتى وصل إلى ملائكة الرحمة والصيادلة والمواد الغذائية والخضار والفواكه في كل شي وصولا إلى العمالة سواء الجماعية او الفردية فلا تجد الصدق والأمانة أينما يممت وجهك .

وأما الأكبر فيتمثل في قطع الطرق وقتل النفس المحرمة فعندما يعم الفساد على كل الناس ويتقبلونه بكل سرور ولا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر فهذه هي ثقافة الفساد ودليل آخر هو عندما يُرى الصادق والأمين وكأنه نكره فتأكد أن الفساد أصبح ثقافة .

الفساد يحتاج إلى فترة زمنية حتى يتطور من ظاهرة إلى ثقافة وهذا ما حدث بالنسبة لنا في اليمن ممارسة الفساد كانت على امتداد سنوات طويلة بدأت بممارسته على استحياء حتى تطور إلى درجة التفاخر.

ذكرنا أنه لا يمكن ممارسة الفساد في نهب المال العام او قطع طريق السبيل وقتل النفس المحرمة أوفي ممارسة الغش والتزوير من قبل أي جهة أو فرد إلا عندما تفسد أخلاقيا نقول له وهل تستقيم ممارسة الفساد مع ذوي الأخلاق المستقيمة أبدا .

يمارس الفساد من قبل مسئولي الدولة عندما يشجعهم المواطن على الرشوة يمارس الفساد عندما يغيب مبدأ الدين والأخلاق وتجعل التاجر يبيع مواد غير صالحة للاستخدام البشري يمارس الفساد عندما يبيع الصيدلي أدوية منتهية أو غير صالحه يمارس الفساد عندما لا ينصف المواطن الضعيف من قبل ضباط الأمن ومسئولي النيابة وقضاة المحاكم يتطور الفساد ويصبح ثقافة عندما يدرب كل منا أبنه على ممارسته يمارس الفساد عندما لم يتحرك علماؤنا ومثقفونا ومفكرونا بالقيام بما هو مطلوب منهم برغم من الخطورة التي يشكلها هذا الوباء ونتيجة لكل ذلك لم يحاول أحد وقفه على امتداد الفترة الزمنية منذ نشأته هذا هو واقعنا المؤلم والمهين.

ذكرنا أن ثقافة الفساد تؤدي إلى انهيار الدول وقبل الوصول إلى درجة الانهيار نلاحظ دائما أن الغرب الصليبي الذي دربنا على ممارسة الفساد من خلال سفاراته وشركاته والبنك الدولي يظهر فجاءه يتحدث عن مكافحة الفساد عند ألنقطه التي حددها مسبقاً.

ويطفئ عليها هالة من الإعلام والتقارير الدولية وكأنه المنقذ لهذا المنكوب ،وحسب العادة وبكل بلاهة نصدقه في كل شي وهنا ترتعد فرائصنا خوف مما يقوله عدونا وهذه هي الطامة الكبرى عندما نخاف عدوا خبيث لا يرحم ويعمل بكل فوته على بقاؤنا مختلفين في جميع المجالات متناحرين فيما بيننا نخاف عدونا ولا نخاف ربنا بظلمنا لأنفسنا وأهلنا!.

فمن وجهة نظرنا نرى أن الفساد في بلادنا اليوم ثقافة وليس بظاهرة ، فكيف تتم المعالجات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ؟وهنا لابد لنا أن نتساءل هل المعالجات المطلوبة لهذا الوضع تأتي بقناعه وصدق نية هدفها مصلحة الوطن فقط .

أم معالجات تلبي مطالب الغرب لا تخدم إلا مصالحة والقبول بما يشترطه علينا عندئذ يمنحنا صك صليبي بخلو البلاد من الفساد .

أي عاقل يدرك حجم المشكلة وإنها تحتاج إلى طاقات وجهد لم نعود أنفسنا على بذل مثله من قبل وصدق وشجاعة لم نعهدها منذ زمن بعيد فا المواجهة تحتاج إلى نخبه ولائها لربها ووطنها لا تخاف إلا خالقها هذه النخبة هي التي ستضع الجميع على الطريق الصحيح والحقيقي النابع من ثوابتنا وواقعنا ولا تستطيع هذه النخبة من تأدية مهامها إلا بقرار سياسي صارم خالي من المفاهيم الحزبية الضيقة الموقوتة وراكلا كل ما يسمى كمراكز القوى التي لا ترعى إلا مصالحها ويعطي مساحه أكبر للمشاركة الجماهيرية من حيث التوعية والتناصح .

وبهذا نضمن النجاح من خلال توجه الدولة والدعم الشعبي لهذا التوجه، الدولة تحارب الفساد في مؤسساتها والمجتمع يحارب الفساد من خلال التربية في المنزل،والمدرسة، والجامعة ومن خلال الإعلام الصادق ومن خلال الندوات للعلماء،والمفكرين،والمثقفين، والاتحادات والنقابات وغيرها وكل هذا يعتمد على تقويم الأخلاق التي بدونها لا يمكن تحقيق اي نجاح وسنضل عاقدين الآمال على ما سيتخذه فخامة رئيس الجمهورية من أجرأت تجاه هذه المشكلة وعذراً لأنني لم أفي الموضوع حقه ولكنني أطمح في أثرائه بكل صدق وأمانه لما فيه خدمة هذا الوطن الغالي علينا جميعاً .

  • محافظ محافظة عمران سابقاً
  • محافظ محافظة مأرب سابقاً