رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح
في لحظة تاريخية مواتية سنحت الفرصة أمام المقدم علي عبدالله صالح لاعتلاء كرسي الحكم في الجمهورية العربية اليمنية (سابقاً)، وربما لم يكن ليحلم الرجل أو يخطر على باله أن يأتي اليوم الذي يكون فيه أول رئيس لليمن الموحد في التاريخ اليمني المعاصر، وأن يكون ثاني اثنين عملا معاً على إنجاز هذا المشروع اليمني العملاق.
في بداية حكمه واجه الرئيس صالح تحديات ومخاطر جمة كاد بعضها أن يودي بحياته لولا عناية الله به، ووقوف رجال شرفاء إلى جانبه، وحتى منتصف الثمانينات (1978-1985م) كانت فترة حكم الرئيس مضطربة سياسياً وعسكرياً وإن لم تكن كذلك من الناحية الاقتصادية، فدول الجوار الخليجي بالإضافة إلى دول المعسكر الغربي كانت تمول نظام صالح بمساعدات كبيرة خشية سقوطه أمام نظام الجنوب المدعوم –آنذاك- من المعسكر الشرقي، ولهذا لم تتأثر البلاد أو تضطرب الأحوال الاقتصادية فيها نتيجة لسوء الأوضاع السياسية والعسكرية في تلك الفترة، ولم يشعر المواطن العادي بأية ضغوط أو أعباء اقتصادية على حياته المعيشية نظراً لكبر حجم الدعم والمساعدات الخارجية التي مكنت النظام من أن يقف على قدميه ويصمد أمام الرياح العاتية.
لقد تضافرت عوامل عدة داخلية وخارجية ساعدت الرئيس على توطيد أركان حكمه وتجاوز العقبات التي وقفت في وجهه حتى لقد صار أطول الرؤساء الجمهوريين حكماً، وقد أجاد الرجل إلى حدٍ كبير توظيف تلك العوامل والظروف لخلق حالة من التوازن والاستقرار السياسي في البلاد، وكانت ذروة استفادته من تلك الظروف والأوضاع المواتية داخلياً وخارجياً مسارعته لطرح مشروع الوحدة على قادة الجنوب الذين رحبوا بالفكرة وساروا بها إلى أبعد مما أراد.
تركة ثقيلة
سيذكر التاريخ أن الرئيس علي عبدالله صالح كان أحد أربعة أو خمسة رجال في تاريخ اليمن القديم والحديث تمكنوا من توحيد اليمن شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، هذا الرجل البسيط القادم من وسط العسكر استطاع أن يجد لنفسه مكاناً على صفحات التاريخ متخطياً الكثيرين ممن يظنون أنفسهم أهلاً لذلك، لكن ثلاثين سنة من حكمه لا تدع مجالاً لوضع كل ذلك التاريخ المديد في الزاوية المضيئة وإن كان جزء منه هو كذلك.
اليوم وبعد كل هذه الفترة الطويلة من حكم الرئيس صالح ما الذي يمكن رؤيته على الأرض؟
الواقع يقول إن الرجل خلّف تركة ثقيلة يصعب حملها، بلد مثقل بالمشاكل من كل نوع، ودولة محطمة تكاد تنهار فوق رؤوس أصحابها ينخر فيها الفساد من قمة رأسها حتى أخمص قدميها، لا تكاد تجد لها أثراً خارج حدود العاصمة، تعجز عن ضبط شيخ قبيلة أو ردع عصابة مسلحة متمردة، دولة تتقاسمها مراكز قوى وجماعات مصالح أحكمت سيطرتها عليها واستأثرت بخيراتها وثرواتها وتركتها منهكة ومثقلة بأكثر من 50% من السكان الذين يئنون أسفل خط الفقر، دولة مازالت إلى اليوم تعجز عن توفير الحد الأدنى من الخدمات الضرورية للسكان وتُعلن بكل صفاقة تخليها عنهم وعن واجباتها تجاههم قائلة لهم بعنجهية: من لا يعجبه ذلك فليشرب من البحر!!
ولا يخفى أن اليمن اليوم تمر بأصعب مراحلها السياسية منذ تحقيق الوحدة في 22 مايو 90م، فبعد 17 عاماً من الوحدة عادت الأخطار تتهدد الوحدة ذاتها وتنذر بعودة الانقسام من جديد بين أبناء البلد الواحد بسبب سياسة هوجاء تسيطر عليها عقلية الإقصاء والتهميش.
وعوضاً عن الأمن والاستقرار الذين طالما قايض بهما النظام مواطنيه في مقابل ضمان بقائه كقدر محتوم تعمل الديمقراطية الشوهاء على إعادة إنتاجه وتكريس وجوده، فقد صار ذلكم الأمن والاستقرار في مهب الريح، حيث تراجعت هيببة الدولة وبان ضعفها وعجزها في مواجهة المتنفذين والمتسلطين والمتمردين، وفقد المواطن ثقته بهذه الدولة وعاد يبحث عن قبيلة تحميه أو عصبية تعيد له شيئاً من حقوقه وكرامته.
الفرص الضائعة
خلال فترة حكمه الطويلة مرت بالرئيس صالح العديد من الفرص التاريخية التي لو كان أحسن الاستفادة منها كما يجب لكان وْضع البلاد والعباد أفضل حالاً مما هو عليه اليوم، وعلى سبيل المثال فقد لاحت إحدى تلك الفرص التاريخية أمامه لإحداث التغيير المطلوب والقفز بالبلد إلى مراحل متقدمة وذلك عقب حرب صيف 94م، فالشعب اليمني كان حينها في ذروة توحده واصطفافه خلف الرئيس دفاعاً عن الوحدة، وكان هناك إجماع شعبي على قيادته لإخراج البلاد من أزمتها، وانتظر الناس حدوث التغيير وإصلاح الأوضاع وإعادة ترتيب أحوالهم وتحسين معيشتهم خاصة وأن الخصم الذي كان دائماً ما يُتهم بإعاقة عملية الإصلاح قد تم إقصاؤه، لكن شيئاً من تلك الأماني لم يتحقق وازدادت الأوضاع سوأً.
بيد أن الفرصة تكررت مرة أخرى بين يدي الرئيس وكان ذلك في انتخابات عام 1999م (الرئاسية)، فقد حدث أيضاً شبه إجماع من كل القوى الوطنية (في السلطة والمعارضة) على قيادة الرئيس لتلك المرحلة، إلا أن ذلك الإجماع لم يكن دافعاً له ليعيد النظر في سياسته وسياسة حزبه الذي أوصل الناس إلى ماهم عليه اليوم من البؤس والشقاء.
ولاحت الفرصة الثالثة من جديد أمام سيادته في انتخابات 2006م (الرئاسية والمحلية) حينما أعلن للناس عزوفه عن الترشح للانتخابات, وبأنه قد ملّ الناس وملّته, وكان قراره ذاك قراراً شجاعاً وحكيماً لولا أنه تخلى عنه في آخر لحظة، ولو كان تشبث به ورفض التراجع عنه لدخل التاريخ من أوسع أبوابه، ولكنٌا قد تجاوزنا اليوم عقدة التداول السلمي للسلطة، لكن الرئيس أجهض ذلك الحلم حينما قرر إعادة ترشيح نفسه مرة أخرى، لتعود حليمة لعادتها القديمة، وكأنك يابو زيد ماغزيت.
وهكذا وجدنا أن الجماهير اليمنية التفت أكثر من مرة حول الرئيس ومنحته ثقتها وكانت تحاول أن تلفت نظره وتوجهه إلى المعركة الواجب عليه خوضها لحماية مصالحها، إلا أنه كان دائماً مايخذلها ويختار المعركة الخطأ البعيدة عن همومها وتطلعاتها.
المعركة الخطأ
يواجه نظام الرئيس صالح اليوم الكثير من التحديات والمشكلات التي مازالت تمثّل بالنسبة له ساحات معارك وميادين لا يمكنه بحال الهروب منها أو تأجيلها، إذ أن ذلك يعكس نفسه سلباً على مستقبل النظام والبلاد، ويستطيع الرئيس أن يقرر ما إذا كان يرغب في الحفاظ على نظامه أم أنه سيدعه عرضة للانهيار كما توقعت ذلك التقارير الدولية، فمستقبل هذا الأمر يتحدد في الساحة (أو الساحات) التي ينوي الرئيس بدء إصلاحاته المرتقبة منها.
هنالك معارك مهمة يتعين عليه خوضها بقوة ومصداقية أولها معركته ضد الفساد والفقر والبطالة، إضافة إلى معركة الإصلاحات السياسية والديمقراطية والوفاء بالالتزامات التي قطعها على نفسه لشركاء الحياة السياسية والمانحين الدوليين، كما لايجب إغفال القضية الجنوبية أو الاستهانة بها، ويتعين أيضاً العمل بصدق على إغلاق ملفي القاعدة والحوثيين ، وفتح باب الحوار مع المشترك للخروج من حالة الاحتقان السياسي الذي تمر به البلاد حالياً.
تلك بعض ساحات العمل المفترض بالرئيس الاهتمام بها وإعطائها جل وقته، لكن الرئيس وكالعادة يختار المعركة الخطأ التي تستهلك طاقته وجهده والتي لاتخدم مصالح البلاد في شيء، فجماعة المصالح ولوبي الفساد المحيطين به يزجون به في معارك خاسرة مع المعارضة ليصرفوه عن معركته الحقيقية معهم، ولهذا السبب توقفت عجلة التنمية في البلاد وتراجعت إلى الخلف وساءت أحوال الناس المعيشية لأن الجهود المفترض توجيهها لخدمتهم تذهب لمواجهة الخصوم السياسيين الذين قبلوا الدخول في لعبة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة فيما النظام غير مقتنع حتى الآن بذلك، وينظر إلى المسألة من زاوية أنها مجرد لعبة.
تحديات أمام الرئيس
أمام الرئيس اليوم ثلاثة تحديات مهمة إذا استطاع التغلب عليها فسيكون قد حقق أعظم إنجاز مقارنة بإنجازه الكبير المتمثل في الوحدة, أولها العمل على تجذير وتعزيز مبدأ التداول السلمي للسلطة وضمان انتقالها بشكل ديمقراطي سلس عبر صندوق الانتخاب من خلال عملية انتخابية حرة ونزيهة تعيد السلطة لمالكها الحقيقي وهو الشعب.
التحدي الثاني يتمثل في مواجهة مشكلة الجنوب والاعتراف بالقضية الجنوبية بشجاعة والعمل مع القوى الوطنية لإيجاد مشروع وطني متكامل لحل هذه القضية برؤية وطنية تتحلى بروح الشجاعة والعفو وتعترف بحق الآخرين في الشراكة في إطار الوحدة الوطنية والمصالح المشتركة.
التحدي الأخير ويتمثل في الانضمام لمجلس التعاون الخليجي وتقريب الفجوة بين اليمن وجيرانها من خلال إعادة تأهيلها اقتصادياً حتى العام 2015 م بحسب خطة التأهيل الخليجي.
إذا استطاع الرئيس صالح العمل بنجاح في تلك الدوائر الثلاث وأعطى لها جهده، وترك ساحة المعركة مع المعارضة، وحشد كل الطاقات لتحقيق نتائج ملموسة في تلك القضايا المصيرية بالنسبة للبلاد حينها يمكنه أن يطلب من الشعب تعديل الدستور ليسمح له بالبقاء رئيساً مدى الحياة (لاتغضبوا .. كم بقي من العمر؟) المهم أن يعرف الرئيس أين تكمن معركته الحقيقية بالضبط، وأن لا يظل بقية عمره يناضل في المكان الخطأ.
• مدير تحرير صحيفة (العاصمة)
adelameen@maktoob.com