|
مأرب برس – خاص
تتوحد اليوم مختلف القوى السياسية والاجتماعية و معها قواعدها وأنصارها حول مسالة رفض الانتخابات المزورة والمحسومة نتائجها سلفا اذ صارت هناك قناعة شعبية عريضة ترى عدم جدوى المشاركة في مسرحية هزلية وظيفتها تجديد مشروعية حكم الفساد والاستبداد ليمارس المزيد من العبث والنهب ولينفذ بكل أريحية مشروع التوريث ويصفي ما تبقى من قيم وهامش الديمقراطية وعليه فان هناك رأيا وطنيا عاما يرى بان السبيل الممكن والوحيد في مثل هذا الظرف الوطني الدقيق هو رفض الانتخابات المزورة كخيار شعبي ووطني يقطع الطريق على مشروع التوريث ويرفع غطاء المشروعية عن حكم الفرد أمام الشعب والمجتمع الدولي ويمنع بنفس الوقت منح فرصة اضافية للحكم الفردي لممارسة المزيد من سياسات الفساد والنهب والعبث التي أوصلت اليمن الى مصاف الدول الفاشلة المهددة بالانهيار الشامل.
الا ان قرار الحسم في مسألة تحديد موقف قوى المعارضة من الانتخابات يرتبط بدرجة رئيسية بحزب التجمع اليمني للاصلاح كونه أكبر أحزاب المعارضة شعبية وفعلا على مستوى الساحة الوطنية ، ومن الواضح أن القاعدة الجماهيرية لحزب الاصلاح هي جزءا من أبناء الشعب اليمني الذي تتوحد جميع فئاته ومكوناته في المعاناة وكذا في موقفه الرافض للانتخابات المزورة والاصرار على عدم منح الفساد مشروعية سياسية ودستورية جديدة ، الا أن المشكلة ليست في قواعد وأنصار حزب الاصلاح بل في الطريقة التي بواسطتها سوف يتم تحديد موقف الحزب من مسألة الانتخابات بعيدا عن ارادة جماهير الاصلاح ومؤسساته الداخلية اذ أن مكمن الخوف هو أن يأتي ذلك القرار في اطار تلك السياسة التي اعتادت أن تحسم القرارات الهامة بدون العودة الى المؤسسات والهيئات الداخلية للحزب ثم يدفع الاصلاح ثمن الأخطاء من رصيده على المستوى الوطني.
ان سلبيات حزب الاصلاح وأخطاؤه تظهر وتتضح بجلاء ويكون لها اهميتها وخطورتها وذلك بقدر المكانة التي يشغلها الحزب في الحياة السياسية في البلد وعليه فان المشكلة الكبرى التي يعيشها حزب الاصلاح منذ تأسيسه والى اليوم لا تكمن في عدم وجود مؤسسات حزبية فالاصلاح متطور ومتقدم في هذا الجانب على مختلف القوى السياسية في الحكم والمعارضة لكن مشكلة الاصلاح الحقيقية هي في اهمال مؤسسات وهيئات الحزب وعدم تفعيل دورها خصوصا في المواقف والقرارات الاستراتيجية وصيرورتها عوضا عن ذلك الى أيدي مجموعة أفراد و شخصيات لها مصالحها الذاتية وارتباطاتها المختلفة بالسلطة ويبدو واضحا للعيان من خلال تجربة 17 عاما هي عمر حزب التجمع اليمني للاصلاح منذ اعلانه رسميا بعد الوحدة وجود مجموعة من المواقف والقرارات الحزبية مناقضة تماما لتوجهات الحزب وارادة جماهيره وانصاره ولعل هذه القرارات تسببت في أضرار كبيرة للحزب وللوطن و أنتجت اخطاء وسلبيات جمة دفع ويدفع ثمنها حزب الاصلاح وأبناء الوطن على حد سواء و يبدوا أن الرئيس صالح قبيل انتخابات سبتمبر 2006 كان قد كشف عن جانب مهم من الخلل الذي يعيشه الاصلاح عندما أوضح أنه ظل يستخدم حزب التجمع اليمني للاصلاح وأنصاره كمجرد كروت يواجه بهم خصومه ومعارضيه السياسيين ، فلولا أن قرارات ومواقف حزب الإصلاح لم تتخذ بشكل فردي ووفقا لرغبات ومصالح شخصية لما ظل الحزب مجرد كرت بيد الرئيس صالح يوجهه كيفما يشاء ، وما يدعو حقيقية لاعادة التذكير بمسألة الكروت هو الخوف من أن يظل حزب الاصلاح كرتا مفتوح الرصيد للرئيس صالح وسياساته الفاشلة في ضرب الخصوم ببعضهم البعض وعليه فان الاستفادة من أخطاء الماضي تعني ان لا يظل قرار الاصلاح مرتبطا بأفراد وبرغبات أشخاص بعيدا عن هيئات الحزب وتكويناته المؤسسية بل المفترض ان تفعل مؤسسات الحزب وجودها ويكون لها كلمة الفصل في مسألة تحديد موقف الحزب من الانتخابات البرلمانية القادمة خاصة والوطن يعيش هذه المرحلة المفصلية الحاسمة في تأريخه المعاصر .
ان التنظيمات المحلية المنتخبة من جماهير الاصلاح في مختلف المحافظات تتبنى اليوم الموقف الشعبي الرافض للانتخابات المزورة وبالتالي فان هذه المؤسسات الاصلاحية ينبغي ان تشارك بفاعلية في حسم موقف الاصلاح في مسألة مشاركة الحزب او مقاطعته للانتخابات اذ ينبغي الاحتكام الى هذه المؤسسات بدلا من ان يؤؤل القرار الى أيدي فرد أو مجموعة أفراد ليحسم أمر المشاركة أو المقاطعة اليدومي أو الأنسي أو عجلان ثم بعد ذلك يتم فرض القرار و تعميمه على هيئات و قواعد الاصلاح وانصاره ثم أن هذه الطريقة من ناحية أخرى هي نفس الطريقة التي تحكم بها اليمن منذ 30 عاما وعليه فكيف يمكن ان نتوقع اصلاحا للنظام السياسي الحاكم اذا كان أكبر حزب معارض في البلد يدير شئون بنفس طريقة الحكم الفردي الذي دمر اليمن.
مالم تفعل مؤسسات الاصلاح نفسها في هذا الظرف الوطني العصيب فان البديل الجاهز والأقوى هو السيطرة الفردية على قرار الاصلاح وتوجيه الحزب برمته في الاتجاه الذي يخدم المصالح الشخصية للأطراف التي ستتخذ قرار الاصلاح بالنيابة عن مؤسساته الحزبية وسيكون بعدها على هيئات الاصلاح وتكويناته وقواعده تنفيذ القرار ومن ثم فان الحزب والوطن معا من سيدفع ثمن أخطاء قرارات فردية فعلى سبيل المثال يقف اليوم الاستاذ عبدالوهاب الانسي وبقوة في صف المشاركة في الانتخابات المزورة ويسعى جاهدا الى جر الاصلاح واحزاب اللقاء المشترك الى الدخول والمشاركة في مسرحية الانتخابات بأي ثمن ويسوق لها كل المبررات دونما وجود تفسير منطقي يمكن أن يبرر دخول الاصلاح والمعارضة في انتخابات مزورة ومحسومة سلفا ونتائجها كارثية بكل المقاييس
وللتأكيد مرة أخرى فان تفعيل المؤسسية في حزب الاصلاح سيقطع هذه المرة الطريق على القيادات الانتهازية في الاصلاح التي يراهن عليها الرئيس صالح في خلخلة الموقف الوطني الرافض للانتخابات المزورة ، وعليه فان اتخاذ قرار المشاركة او مقاطعة الانتخابات بواسطة مؤسسات الحزب يظل أفضل من أن يتخذ القرار عبد الوهاب الأنسي او شخص غيره من ناحية تجذير العمل المؤسسي في الحزب و من ثم صدا للشكوك التي تفسر حرص الأستاذ عبدالوهاب الانسي على مشاركة الاصلاح والمعارضة في الانتخابات المزورة نتيجة تعرضه لضغوط رئاسية تستهدفه و تستخدم نجله عمار كورقة مساومة وابتزاز ضده في قضية تورطه ببيع أرضية تابعة للدولة في المكلا بمبلغ 300000000ريال كان حصل عليها بموجب توجيه رئاسي بمبلغ زهيد مقابل اقامة مشروع استثماري هذا فضلا عن أن قضية أرضية عمار الأنسي هي جزءا أصيلا من السياسات التي يعتمدها الرئيس صالح في افساد النخبة السياسية حتى يسهل عليه لاحقا ابتزاز مواقفهم والسيطرة عليهم وتوجيههم نحو تنفيذ مايطلبه منهم ، وسواء كان حرص عبدالوهاب الأنسي على مشاركة حزبه والمعارضة في الانتخابات نتيجة ضغوط وابتزاز ومساومات أو كان ذلك غير صحيح فان الظرف الوطني يستدعي من كافة القوى السياسية وقفة وطنية مسؤلة متجردة وواعية ازاء الموقف من الانتخابات البرلمانية القادمة و نتائجها السلبية الخطيرة على الوطن مالم فان الوطن مقبل على التنفيذ العملي لمشروع التوريث والغاء ما تبقى من هامش ديمقراطي ومضاعفة معاناة الشعب هذا اذا ما أرتضت ان تكرر أحزاب المعارضة نفس اخطائها طيلة الدورات الانتخابية الماضية وأن تظل مجرد شاهد زور يمنح الفساد المشروعية الدستورية والقانونية ويعطيه فرصا اضافية للعبث وتدمير الوطن
انه من الضروي التذكير للمرة المليون أن الرئيس صالح في هذه الفترة يستغل عامل الوقت وضيقه ويقدم مشاريع صفقات جديدة ويستخدم كعادته قبيل الدورات الانتخابية أساليب مناورات وتكتيكات وخلط أوراق لارباك المعارضة والتشويش عليهاحتى تسلم له في النهاية وكما هي العادة ما يريده منها وهو الدخول كشاهد زور في انتخابات مزورة سلفا تمنحه المشروعية ويعتمد في جزء كبير من سياساته وتكتيكاته هذه على القيادات الانتهازية التي تسهم في جر أحزابها الى مسرحية انتخابات مزورة وحزب الاصلاح مثال واضح للعيان.
حتى لا يظل الاصلاح كرتا
نذكر هنا ببعض محطات وتجارب في مسيرة حزب الاصلاح اتخذت فيها مواقف وقرارات سلبية كان لها أفدح الأثر على الحزب والوطن ولازلنا ندفع ثمنها الى اليوم بسبب أن هذه القرارات الهامة صنعت بعشوائية وانفعالية و بطريقة فردية تقف ورائها المصالح الذاتية والشخصية وسوء التقدير ولم يكن لمؤسسات الحزب دور فاعل في صياغتها وهذه المحطات بحاجة الى دراسة وتقييم موضوعي من أجل عدم الاستمرار في تكرار أخطاء الماضي والتخلص من الاليات والسياسات التي أسهمت في استبداد الحكم الفردي بمصير اليمن وجعلت الاصلاح مجرد كرت بيده ، وحتى لا يظل هذا الحزب كرتا أبديا كما يريدون له .
من هذه المواقف :
(1) : مشاركة الحزب السلبية والغير واعية في أزمة وحرب صيف94 كمجرد كرت بيد الرئيس صالح.
(2) : الدخول في الانتخابات البرلمانية عام2001في ظل سجل انتخابي مزور وذلك تلبية لرغبة الرئيس وطلبه والضرب عرض الحائط بقرارات مؤتمر عام الحزب الذي أوصى بعدم الدخول في ظل التزوير القائم أنذاك.
(3) : اختيار الرئيس صالح مرشحا رئاسيا عن حزب الاصلاح في انتخابات 99 بطريقة فردية ثم الغاء المعاهد العلمية من قبل الرئيس كمكافأة للاصلاح والتي جاءت لتبين أيضا خطأ القرارات الفردية و سياسات المقايضات و ربط الشأن العام بالصفقات الشخصية.
(4) : موقف الحزب المتخاذل وغير الواضح ازاء التعديلات الدستورية التي جرت في 2001ابان الانتخابات المحلية رغم وضوح تلك التعديلات وتكريسها لسلطة الفرد و لتفافها على المواد الدستورية التي حددت مدة رئيس الجمهورية بدورتين لتعيد منح الرئيس صالح دورتين رئاسيتين مرة أخرى.
في الأربعاء 29 أكتوبر-تشرين الأول 2008 06:27:36 م