آخر الاخبار

السفير اليمني بالدوحة يبحث مع وزيرة الدولة للتعاون الدولي القطرية تعزيز التعاون المشترك رئيس الوزراء يبلغ المبعوث الأممي بعد عودته من إيران: السلام لن يمر الا عبر المرجعيات الثلاث المتوافق عليها محلياً وإقليمياً ودولياً وزير دفاع خليجي يصدر بحقه حكم قضائي بسجنه 14 عاما وتغريمه أكثر من 60 مليون دولار حكم قضائي بسجن وزير داخلية خليجي 14 عاما وتغريمه أكثر من 60 مليون دولار . تعرف على القائمة الكاملة للأسماء الخليجية التي توجت في حفل Joy Awards 2025 بيان عاجل من مصلحة شؤون القبائل بخصوص هجوم الحوثيين على قرية حنكة آل مسعود .. دعوة للمواجهة بايدن: حشدنا أكثر من 20 دولة لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر .. هل سيصدق في استهداف الحوثيين تحركات دولية وإقليمية لإعادة صياغة المشهد اليمني .. والحاجة لمعركة وطنية يقودها اليمنيون بعيدا عن التدخلات  ملتقى الفنانين والأدباء ينظم المؤتمر الفني والأدبي الثاني للأدب والفن المقاوم بمأرب بمشاركة أكثر من 100 دولة و280 جهة عارضة اليمن تشارك في مؤتمر ومعرض الحج 1446هـ بجدة

صنعاء .. بين غياب الدولة وهوس التقاسم..!!
بقلم/ د . عبد الوهاب الروحاني
نشر منذ: 10 سنوات و شهرين و 21 يوماً
الجمعة 24 أكتوبر-تشرين الأول 2014 08:32 ص

         أغرب ما يجري في اليمن، أن المؤسسة الرسمية في واد ومجريات الأحداث وواقع الحياة العامة ومعاناة الناس في واد آخر .. كل شيء في الوطن ينهار ويتعرض للتدمير ومؤسسات الدولة  تتفرج ببرود قاتل، وكأن الأمر لا يعنيها، لا من قريب ولا من بعيد، وهو- بالتأكيد- من أغرب ما يمكن أن يحدث في أي بلد من بلدان العالم .

ففي الوقت الذي تتقاتل فيه المليشيات المسلحة للسيطرة على المعسكرات والمحافظات، والمدن حيث تتساقط الجثث في الشوارع والأحياء، وتُفخَّخُ النقاط الأمنية ويذبح المواطنون والجنود، وتنسف البيوت والمؤسسات في أبشع مظاهر العنف وتداعياته لا تقرأ ولا تسمع في اخبار الاعلام الرسمي اليمني إلا ما يجلي الانظار ويبهج النفوس، ويشنف الآذان، وكل شي " تمام التمام " و "سمن على عسل" - كما نقول نحن اليمنيون.

وهنا يبرز دور الاعلام من خلال صياغة ومنتجة الأخبار المفرحة والصور الوردية، التي تعبر عن "سعادة اليمن السعيد !!"،، وتعكس واقعا مزيفا لمجريات الاحداث في البلاد، عبر اشارات اخبارية رئاسية خفيفة وناعمة تعتبر إن ما يجري في البلاد هو مجرد" مماحكات وتجاذبات سياسية تؤثر سلبا على الأداء الحكومي والسكينة العامة"، ليثبت قادة البلاد ويؤكدون لأبناء الشعب الذي ينزف دما أن الوطن بخير ولا ينقص المواطنين إلا سلامة وأمن وأمان هذه القيادات "التاريخية" التي تسهر ليل نهار على سعادة ورفاه الشعب اليمني و تعمل بكدها وعرقها على "تنفيذ مخرجات الحوار الوطني" !!!.

فالرئاسة والحكومة منهمكتان في اصدار القرارات والتعيينات، وصرف ما تبقى من ميزانيات واعتمادات مالية للعام الجاري، والترتيب للمشاركة في فعاليات دولية من نوع مؤتمرات "حماية طبقة الأوزون" و " حماية اللهجات السواحلية الافريقية من ألاندثار" و" مخاطر انتاج التوليد بالطاقة الذرية " مع أن اليمن يفتقد في الاصل لتوليد الطاقة الكهربائية بالطرق التقليدية .

أما أحزاب التقاسم والمحاصصة "الوطنية" فهي الأخرى تتزاحم على كعكة الحكومة الجديدة، وتعيش حالة استنفار وهوس لا مثيل له، بحثا عن حقيبة وزارية أو منصب "دسم" على روائح الجثث وركام مخلفات النار.

والغريب المضحك والمبكي في آن، أن هذه الأحزاب التي ليس لبعضها أعضاء أو حتى مناصرين تعيش هستيريا اصدار البيانات والتصريحات النارية التي تحذر من "الاقصاء والتهميش، وتندد بأساليب الاستحواذ، والإلغاء" .. فهي تناضل وتنافح من اجل البقاء في "السلطة" أو الوصول اليها، لكنها بالمقابل ليست معنية بما يجري من سفك للدماء وخراب للبيوت وتدمير للوطن والدولة، وليست معنية حتى بالتحذير من مغبة ما يجري، فذلك أمر ليس في حسابها ولا يعنيها في شيء.

ولعل الحال هو نفسه مع اللجنة الأمنية العلياء، التي تمثل أمل وطموح الشعب اليمني في انقاذه وإخراجه من محنته، فأهم القرارات التي خرجت بها في ظل هذه المواجهات العبثية التي تجري في اكثر من خمس محافظات يمنية، وينزف الدم اليمني فيها بغزارة كما في مدن ومديريات البيضاء، واب ، وذمار، وحضرموت، هي " قرار استمرار منع الدرجات النارية من السير في العاصمة" حماية لأمن الدولة من الانبعاثات السامة لهذه الدرجات التي تملأ الشوارع ضجيجا، ومنعا لما يقلق مواكب الوزراء وكبار المسئولين، حتى وان كان الثمن قطع ارزاق الاسر المعدمة، ومنع من تبقى من البسطاء والمحرومين من أبناء الوطن من البحث عن دخل يومي يؤمن لهم ولأسرهم لقمة عيش كريمة وآمنة.

  فلا شيء يقلق في هذا البلد السعيد،  سواء أن هناك دولة منهارة، وانفلاتا أمنياً ضاربا اطنابه في كل مكان، ووحدة مهددة، ومدارس وجامعات مغلقة، ومواطنون يقتلون، ومليشيات مسلحة تتسابق على إحراق وتدمير ما تبقى من وطن .. ما يعني أن كل شيء تحت سيطرة الدولة والرعاة الدوليين والإقليميين، الذين يراقبون تنفيذ المبادرة الخليجية، ويرقبون التحركات المريبة للمعرقلين .. إذ أن ما يهم الدولة في صنعاء اليوم هو فقط " مخرجات الحوار الوطني" وما عداه فهو "مماحكات" لا يعني الرئاسة ولا يعني الحكومة، ولا الداخلية ولا الدفاع امره.

 تلك هي حال صنعاء، المدينة الجميلة التي تسكن في قلب التاريخ، وتقاوم نتوءات العصر وشبق عشاق لا يفهمون في العشق، ولا صلة لهم بالحداثة ومعطيات العصر .. انها صنعاء "المليحة" في شعر البردوني، و"الحزن والفرح" في شعر المقالح، لا يزال في احشائها وطن يبتسم، وإنسان يحلم بيمن يعيش زمنا لا مكان فيه للفوضى، ولا متسع فيه للعبث واللامبالاة.

 رئيس مركز الوحدة للدراسات الاستراتيجية