من أسكتَ أذانَ سامراء؟!
بقلم/ هشام الراوي
نشر منذ: 17 سنة و 4 أشهر و 28 يوماً
الأحد 17 يونيو-حزيران 2007 06:20 ص

مأرب برس ـ خاص

لم تكن الصليبيةُ والصهيونيةُ لتحلما يوماً أن تُدكَّ مساجد المسلمين وتُفجَّر وتحرق وتدمر بالشكل الذي حصل في مساجد أرض الخلافة العباسية، ولم تحلما يوماً أن يغيبَ عن مناطق شاسعة من الأرض التي فُتحت في عهد الخليفة الراشد عمر صوتُ الأذان الذي رفعه بلال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستمر عاليا على كل أرض الله يصدح (الله أكبر) تزلزل الأرض من تحت كل متسلط ومتجبر، ويشهد (أن لا إله إلا الله) تعلو كل إدعاء مشركٍ أو منكِر...

فليبتهج (الشيطان الأكبر)؛ وهو الذي صار يبكي دماً ويجر أذيال الهزيمة والخسران على أيدي أحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد وسعد والمثنى والقعقاع؛ الذين لم تثنهم عن جهادهم واستبسالهم في الدفاع عن الدين والعرض والأرض كل أسلحة الغزاة التدميرية الشاملة، وكل بوارجه ودباباته وطائراته؛ فط أطأ رأسه وأخفض صوته؛ بعد أن كسر (المنصورون بالله) كلَّ عنجهيته وصلافته وكبريائه..

فليبتهج (الشيطان الأكبر) الذي أكتشف سلاحاً لا يُدانيهِ أي سلاح في حربه على (المتمردين السنة)؛ إيلاماً وتدميراً وتعذيباً وسلخاً وتثقيباً وحرقاً وتهجيراً وانتهاكاً للحرمات والأعراض.... .

فليبتهج (الشيطان الأكبر) باطلاق يد (الشيطان الأقذر) يستخدم سلاحه الأمضى والأقدر من كل أسلحة التدمير الشامل المسموحة والمحرمة.. إنه سلاح (الحقد الصفوي الفارسي) الأسود الأعمى؛ الذي لا يعرف انسانية ولارحمة ولاحرمة لكبير أو صغير أو إمرأة أو مسجد أو مسكن أو مصحف أو كتاب!!..

فليبتهج (الشيطان الأكبر) وهو يقهقه متشفياً؛ وهو ينظر إلى فعل (الشيطان الأقذر)؛ وقد وظف عمائمه السود تنشر الكراهية في أرض الحضارة والتسامح والمحبة، وتدفع وتُفتي وتحشد الغربان السود؛ لأهل الخير وديار الخير تكتسح وتحرق وتدمر، وللغازي المحتل ولعمائم الشر الأسود القابعة أو القادمة من قم وطهران تسجد وتقدسُ وتكبر!! ...

مسجدُ سامراء مسجدٌ سني في منطقة سنية مطلقة، تابع للوقف السني، يُرفع فيه الأذان من على مئذنتيه كما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما يُرفع في بيت الله الحرام، وتُقام في حرمه الصلوات الخمس جماعةً، وصلاة الجمعة، وفيه قبري الهادي والعسكري -رحمهما الله وحشرنا مع جدهما المصطفى وفي ملته- وهما من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يُجلهمها أهل السنة كما يُجلون كل آل بيت رسول الله وأصحابه، ويُقدسهما الشيعة الإمامية، ويعتقدون بمعصوميتهما كما بقية أئمتهم الإثنى عشر، كذلك يحوي مسجد سامراء مغارة أو سرداباً مظلماً يعتقد الشيعة الإمامية أن المهدي، الذي ينسبونه ابناً للعسكري، قد غاب فيه ولن يظهر إلا بعد أن ينتشر الفساد والظلم! وولادة المهدي يعتقد بها الإمامية، ويختلف عليها بقية الشيعة..

وأهل سامراء من العرب السنة، ومنهم من الأشراف انتساباً إلى آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يعتبرون خدمتهم لمسجد سامراء ومجاورتهم له تشريفاً لهم .. ولم يحدث يوماً أن تعرض أهلُ سامراء السنة بسوء لزوار مسجد سامراء من الشيعة، ولم يحدث أن تعرض المسجد لسوء طيلة القرون الماضية ..حتى أطلت برأسها الأفعى الصفوية السوداء ..(الشيطان الأقذر).. تنفث سمها الأصفر!!

لم يتمكن رئيس حكومة الإختلال الرابعة أن ينقل مسجد سامراء من الوقف السني إلى الوقف الشيعي من خلال قرار وزاري؛ فأرسل بعد أقل من اسبوعين مغاوير صولاغه وبتنسيقٍ كامل مع الآيات السوداء في النجف وقم وطهران لتفجير القبة الذهبية؛ التي تُزين حيطانها -مثل معظم مساجد السنة في العراق- الزخارف الإسلامية، وآيات من كتاب الله، وأسماء العشرة الذين بشرهم رسول الله بالجنة، وبشر معظمَهم الصفويون بالنار!!..وتنادت العمائم السود تتهم وتتوعد وتدق طبول الكراهية، وانتشرت الغربان السود من جيش الدجال وفيلق غدر بحماية غدّاري الداخلية، وتحت مرأى القوات الغازية الأمريكية، تحرق وتفجر مساجد الله؛ فأتمت تدمير مئتي مسجد في بغداد وحدها في يوم واحد..وسُحل الشيوخ والعلماء والمؤذنون والمصلون، وقتّلوا وقُطعت أوصالهم ورميت في مكبات النفايات .. وتفاخر أفراد جيش الدجال ورقصوا حول جثث المصلين ومساجد الله المدمرة والمصاحف المحروقة؛ يهتفون باسم الصدر والسيستاني وشيعة حيدر!!

وهاهي حكومة الإختلال الرابعة تتلقى الأوامر بالتصعيد من جارة السوء، وتُرسل غدّاري الداخلية قبل يوم واحد ليفعلوا فعلتهم الجبانة، ولتتنادى العمائم السود بعد دقائق من الحدث، وكأنهم على موعد، يكيلون التهم ويتوعدون، ويطالبون بإفراغ منطقة مسجد سامراء من الإرهابيين والتكفيريين (السنة)، وأن تسيطر القوات الطائفية المليشياوية الحكومية على كل الطرق المؤدية إلى المسجد وما حوله...

الذين يريدون تهجير أهل سامراء وتوطين المستوردين من الشرق محلهم والذين يريدون ضم سامراء إلى ولاية الفقية (الشيعستانية أو السيستانية)، والذين أزعجهم تواجد (النواصب) في مسجد سامراء؛ يُصلون الصلوات الخمس ويُبجلون آل الرسول وصحبه، هم ذاتهم الذين أزعجهم الأذان يُرفع من على مئذنتي مسجد سامراء كما كان يُرفع في عهد صاحب الرسالة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وكما سمعه ولبى نداءه آل بيته الأطهار وصحابته الأبرار، هم ذاتهم الذين يريدون إسكات الأذان واستبداله بأذان آخر، هم ذاتهم الذين كانوا وراء تفجير مئذنتي سامراء ومئات المآذن الأخرى في أحياء بغداد والبصرة وبابل، هم ذاتهم الذين اغتصبوا مساجد أهل السنة في محافظات ومناطق كثيرة من العراق بما فيها النجف وكربلاء وعدد من محافظات الجنوب؛ التي أحالوها إلى لون أسود واحدٍ خالٍ من أي نقاط بيضاء أو ملونة!!!..

ولكن هيهات أن يُسكتَ الأذان في سامراء؛ وفيها المئذنة الملوية أعلى مئذنة، وفيها أهلها؛ أحفاد الهادي والعسكري و تلامذتهما.. سيرفعون من جديد مآذن مسجد سامراء؛ ويعود مؤذنو سامراء يصدحون (الله أكبر) تزلزل كل طاغية ومتجبر، ويشهدون (أن لا إله إلا الله) تعلو على كل مشركٍ ومنكِر.

فليبتهج (الشيطان الأكبر)..فوالله لم يحلم يوماً أن يرى على أرض الرافدين دماراً مثل هذا الدمار، وتعذيباً وتقتيلاً وتهجيراً مثل الذي جرى وصار ..ولكن ابتهاجه بعون الله لن يطول، (فشيطانه الأقذر) لابدَّ مثله مُتقهقر ...وليدُسّوا رؤوسهم في الرمل؛ أؤلئك الذين ارتضوا أن يكونوا (على الحياد!!)؛ حتى حين يتعلق الأمر بمساجدِ الله وحرماته وبدماء وعذابات عباده...

ولينتظروا..فالله لحرماته منتقمٌ، ولعباده مُنتصرٌ، ولأعدائه مُدمِّر..

أستاذ جامعي وكاتب صحافي

AlRawi.mail@gmail.com