شرطة المنشآت بمحافظة مأرب تختتم العام التدريبي 2024م وتكرم منتسبيها تزايد السخط الشعبي ضد الحوثيين في مناطق سيطرتهم ومتحدث جبهة الضالع يتوقع سقوطهم القريب محافظة إب تغرق في جرائم القتل والاختطاف في ظل هيمنة مليشيا الحوثي عاجل: مطار صنعاء يخرج عن الخدمة وسقوط ضحايا مدنيين وتدمير واسع في غارات شنها طيران الاحتلال ايران تهدد رسميا بنشر الفوضى والطائفية في سوريا وابتعاثها خلال أقل من عام عاجل.. طائرات حربية تشن سلسلة من الغارات الجوية على أهداف بالعاصمة صنعاء عاجل: انفجارات عنيفة الآن تهز العاصمة صنعاء ''المواقع المستهدفة'' اللواء العرادة يشدد علي تعزيز التعاون بين اليمن ومصر لتأمين الممرات المائية وأهمية باب المندب بالنسبة لقناة السويس الرئيس العليمي يوجه بصرف علاوات سنوية لكافة منتسبي السلطة القضائية.. تفاصيل اجتماع حضره بن مبارك والمعبقي إسرائيل تكشف طريقة الرد االقاسي ضد الحوثيين في اليمن
مأرب برس - خاص
ليست الحماقة مجرد عاهة طبيعية أو موروثة فقط، قد تكون ناتجة عن قصور ذهني أو عقلي أو ما شابه، إذن لهان أمرها وأمكن درء ضررها، واستحق صاحبها مثل أي مريض آخر العطف والرعاية والغفران. لكن الخطير في الأمر هي تلك الحماقة "المكتسبة" والمقنّعة بقناع عقلي لم يرع صاحبه حرمته ولم يصن نعمته.
ويمكن القول نسجاً على هذا المنوال - على سبيل الذكر لا الحصر- إن الفاسد أحمق، والقاتل أحمق، واللص أحمق والظالم أحمق، والتاجر الغشاش والشيخ المتجبر والجار المؤذي جميعهم حمقى، غير أن حمقهم هو حمق "مركب" لظلمهم أنفسهم أولاً وسواهم ثانياً.
وكثيرا ما نشاهد أو نسمع عن بعض هؤلاء الحمقى وقد غصت بسفاهاتهم الشوارع والأزقة والساحات؛ فصاروا كالبرك الآسنة تنشر روائحها وأذاها هنا وهناك، ولم يبق ما يربط هؤلاء بعالم الإنسانية غير رؤوس باتت فارغة وقلوب لكنها جوفاء، فأصبحوا – بحكم الواقع – أغبياء أيضا مثل القوة العمياء، فلا يصلح لوصفهم لفظ آخر ولا تختزل حماقتهم مفردات البذاءة ولا قاموس النعوت المشينة.
فالأحمق من وجهة نظري هو من لم يع دوره في الحياة أو تجاهله، وفرّط في إنسانيته باعتدائه على إنسانية غيره وكرامة غيره بالقهر المادي أو المعنوي أو اللفظي لا فرق ولا اختلاف.
وكم نشعر بقصور القول الذي يجعل من هؤلاء الحمقى مجرد ضحايا لا أكثر، فيزعم أنهم إما ضحايا تربية أسرية عاجزة وعقيمة، أو ظروف معيشية قاسية, أو ضحايا معيشة مترفة أيضاً، أو نظام فاسد ولّد فيهم العجز عن الإبداع وزرع في وجدانهم نزعة التمرد والخروج على العرف السائد والمألوف، أو قد يكونون نتاج هذا كله.
وفي حقيقة الأمر، هم حمقى "ضعفاء" أيضا، لا لأنهم تناسوا جوهرهم الإنساني فحسب، وإنما لأنهم سقطوا دون أدنى مقاومة تذكر تحت براثن الاستسلام والخور والعجز الذي مسّ نفوسهم وأمرض قلوبهم، فاستكانوا بضعف لما أنبت داخلهم أشواك الشر وقوّى عودها، على حساب براعم الخير والمحبة المتملكة لوجدان الخيّرين.
هؤلاء الخيّرون الذين تنبهوا لقيمة ملكة الخير العظيمة الملازمة لكرامتهم فصانوها وعملوا على نمائها، ولم يستسلموا لنوازع الشر بدعاوٍ مرفوضة أيا كانت وجاهتها، مثل دعاوى الفقر أو القهر والظلم الاجتماعي التي سقناها.
فالفقر والخصاصة مثلاً لهما علاقة أكيدة بقانون التقدير الإلهي، لأن الله سبحانه وتعالى أعطي الغنى ليبتليه بالشكر، ومنع الفقير ليبتليه بالصبر، وفي كلتا الحالتين : سيتمكن الشاكر والصابر من نيل السعادة والشعور بها متولدة عن القناعة ومستمدة من الرضى.
ومابين الغني والفقير في مجتمعاتنا العربية الإسلامية تنهض علاقة مفترضة ملؤها التوادد والتراحم لا يدرك واجبها إلا الغني الشاكر، ولا يشعر بنفعها موازاة غير الفقير الصابر، فبئس الغنى إن جحد حقوق النعمة، والخسران للفقير المتبرم من قسمته في الحياة.
وأما القهر والظلم فللحمقى معه صلة نسب وقربى، فهم لم يقاوموه بل اختاروا أن يكونوا أداته وامتداده، فأكثروا من سواد أتباعه أعداء الحياة السوية، فهم أقزام ظلمة بوعي أو دون وعي، وقودهم التنكيل بقيم الإنسانية ومُثل المجتمع والاعتداء السادي على الضعفاء. وهذا لعمرك غاية الحمق وقمة فساد العقل والسلوك.
ولن يجد العاقل منا عناءً بعدما تقدم؛ في استجلاء التقابل المنطقي بين مرض الحمق ومرض "الإيدز" واستخلاص العلاقة الأكيدة بينهما على اعتبار أن الحماقة و"الإيدز" هما توأمان ووجهان لعملة واحدة.
فإذا كان العفو سيد الأخلاق؛ فالحماقة هي "إيدز" الأخلاق لأنها فيروس فتاك يهاجم المثل الكريمة والأخلاق الحسنة في غفلة من صاحبها، تماماً كما يهاجم "الإيدز" خلايا المناعة في الجسم في تدمير بطئ لها.
ولا نبالغ مطلقاً إن ذهبنا بعيدا إلى اعتبار أن الحماقة هي أدهى وأمرّ من "الإيدز"، فهذا بالضبط ما أدركته فطنة الأقدمين فأكدوا مبشرين مرضى " الإيدز" بالشفاء فقالوا:
لكل داء دواء يستطب به ... إلا الحماقة أعيت من يداويها.
خبير إعلامي ومدرب