آخر الاخبار

ترامب يوجه بتحريك قنابل جي .بي.يو-43 الشهيرة بأم القنابل ذات القدرات الفائقة لسحق كهوف صعدة ونسف تحصينات الحرس الثوري الإيراني ارتباك أمريكي ومبعوث أمريكا للشرق الأوسط يعلن متفلسفا: خطة ترامب بشأن غزة ليست لتهجير الفلسطينيين حماس تقصف نتنياهو بعنف وتوجه له رسائل موجعة خلال تسليم جثث الأسرى واشنطن تستعد لفرض عقوبات على بنوك وشركات مرتبطة بالحوثيين.. وجامعات تحولت لأوكار تدريب في مجالات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية هجوم جوي بالمسيرات وبري بالمليشيا مدعوم بكثافة نارية .. الحوثيون يتعرضون لإنتكاسة جديدة بمحافظة مأرب الحوثيون يقتلون طفلاً تحت التعذيب بعد رفضه المشاركة في دورة طائفية بالعاصمة صنعاء وزير النقل يوجه بتسليم مطار سقطرى لشركة إماراتية وموظفو المطار يرفضون تسليمه وقوات الانتقالي تباشر الاعتداء عليهم الحكومة اليمنية تعلن جاهزيتها لتقديم موازنة الدولة لعام 2025 إلى البرلمان وتتحدث عن خطة إنفاق قتيلان و7 جرحى في صفوف قوات الجيش خلال تصديها لهجمات ''عدائية'' حوثية شمال وجنوب مأرب خلال يناير.. اليمن تستقبل 4 آلاف مغترب عادوا إلى الوطن وأكثر من 15 ألفًا من الأفارقة

شتّان بين السلطة والسيادة
بقلم/ دكتور/فيصل القاسم
نشر منذ: 5 سنوات و 7 أشهر و 30 يوماً
السبت 22 يونيو-حزيران 2019 08:28 م

يُضحكني انشغال كثير من السوريين بتغيير بعض القيادات الأمنية أو العسكرية أو بترفيع الضباط وتغيير بعض المسؤولين، ويعزون ذلك الأمر إلى فرض أمر روسي تارة أو إيراني تارة أخرى، منطلقين من فكرة مفادها: أن النظام لم يعد يملك من أمره شيئاً.

ولعل سائلاً يسأل وما المضحك في ذلك؟ وأراه سؤالاً مهماً بل سؤالٌ يفتح الباب واسعاً أمام مختصي السياسة ليعلنوا للناس أنّ ثمة فارقاً بين السلطة والسيادة، فالسلطة الممنوحة لدول ما قبل الدول تكمن في حقّ إذلال الشعوب والتحكم بها وتنميطها بأسوأ الأساليب مقابل سيادة منقوصة أو معدومة في بعض البلاد. ولهذا تحرص أمريكا على أن تكون بلادنا بلاد «سلطة» حين تمنح شرعيتها لأنظمة تملك سلطة ولا تملك سيادة. وربما أنّ الأنظمة الوظيفية تخطّت أنظمة الحكم لدينا بعد أن انتقلت أنظمتنا إلى الحالة الخدمية.

ومن هنا يمكن أن نفسّر طغيان هذا الحاكم أو ذاك أو إسقاط حاكم ومجيء آخر أكثر إجراماً. ويكون هذا الإجرام سبباً في البقاء أو سبباً في إضفاء الشرعية عليه، وكلنا يذكر كلام ترامب لأحد الجنرالات العرب وهو يصفه بأنّه قائد عظيم ويقوم بأعمال عظيمة، وهو جنرال منقلب على الديمقراطية التي تتشدق بها أمريكا، وقد وصل من خلال الدماء، وخطف رئيساً منتخباً ولم يسمح له بالدفاع عن نفسه حتى بالكلام، ومنع عنه رؤية أهله حتى مات في سجنه، ولم يسمح لأهلة بدفنه أو أن تقام له جنازة شعبية.

عندما يكون أيّ حاكمٍ قادراً أن يقتل ويذبح ويعتقل بالملايين، ويدمّر ويحرق الأخضر واليابس، فهذا لا يعني أنه طاغية ومجرم.. لا. لا ابداً، بل هو مدعوم من قوى كبرى وينفذ مهمات مطلوبة منه بحماية الكبار.

وهذا الفعل يدخل في باب السلطة. هذه السلطة التي تقيّد الشعوب العربية وتمنعها من النهوض، وهذا التفويض محصورٌ بصاحبة القرار العالمي، وليس بدول كبرى في العالم كروسيا أو في المنطقة كإيران، فهاتان الدولتان تعملان وفق استراتيجية أمريكية ما عُلم منها القضاء على الثورات ومنع انهيار البناء الرسمي للمنطقة وحماية إسرائيل أو الحرب بالوكالة، وما خفي منها أنّ الاقتصاد الأمريكي المتعثر منذ أزمة «وول ستريت» يحتاج حروباً ونزاعاتٍ في منطقتنا، وهي الأثرى في العالم، وهدم عدة دول ما يسمح للشركات العابرة القومية أن تتمدد في المنطقة وتبدأ بالبناء أو مشروع مارشال جديد

وبناء على وقائع الأرض، فإن من ذكرنا ليس لهم في القرار السلطوي، بل هو تفويض من «ضباع العالم» لهذا الحاكم أو ذاك. وفي الحالة السورية وما يتردد عن دور روسي إيراني في التغيير والتعيين أتحدى أن تستطيع روسيا أن تفرج عن سجين سوري واحد من سجون النظام، فكل الوساطات والمناشدات للروس لإطلاق سراح عبد العزيز الخير باءت بالفشل! ولهذا تجد المخابرات تفعل ما تريد من ظلم وقهر وامتهان كرامة، بل تتدرب هذه الأجهزة عند «قادة العالم» وتتلمذ عليهم وتمدّهم بأحدث تكنولوجيا المعلومات ووسائل التعذيب، بل وتتعاون مع المخابرات الأمريكية في تعذيب خصومها، فالسلطة في العالم الثالث مغايرة للسيادة، فهل تستطيع دولة في منطقتنا أن تبيع نفطها بعملتها المحلية؟ وحين تجرأ صدام حسين أن يبيع النفط باليورو تعلمون ماذا كانت النتيجة! ورب قائل يقول: هناك دول ثرية وقوية ولكنها منقوصة السيادة، ولاسيما دول المحور؟ نقول نعم، وهذه السيادة المنقوصة تعني عدم التفكير في التوسع العسكري أو بناء أحلاف خارج القوة العظمى، وفي المقابل لم تجعل السلطة في بلادها تفويضاً من أمريكا مقابل إذلال الشعوب، بل كانت ومازالت تتبع الشعب بوصفه مصدر السلطات وصاحب التفويض يمنحه بانتخابات حرّة ويسحبه بالطريقة ذاتها ويفوض حزباً آخر.

وأختتم: كل من يقول إن روسيا تتحكم بتعيينات النظام السوري وتفرض على رئيسه أن يعيّن ويرفّع ويحيل للتقاعد من تريد، وكذلك من يخال أن إيران لها الصلاحيات ذاتها يضحك على نفسه ويحلم أضغاث أحلام، فتلك أمور تُركت له في التفويض الذي ذكرناه، ولكي يحقق شروط البقاء، ويزيد في دمار سورية، فقد كان كل الضباط السوريين الجدد من عظام رقبة النظام ومن أقرب المقربين العلويين. ويبقى الدور الروسي أو الإيراني ومن يزودهما بالمال والمعلومات ضمن الخط المرسوم أو عقد الاستئجار الأمريكي والرؤية الإسرائيلية، والذي لا يتجاوز تدمير المنطقة، وحماية وصناعة نزاع مجتمعي طويل الأمد، ومن ثم يخرجان بعد أن أدّيا المهمة.