مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
إنها من المرّات القليلة والنادرة جداً، أن يترجل بشار الأسد من عليائه وينزل من برجه العاجي ويشارك الشعب السوري المنكوب والمكلوم همومه وآلامه وواحدة من أكبر الفواجع التي ألمّت به، وقد ذهب بنفسه للإطلاع على أحوالهم عقب حرائق غير مسبوقة ومفتعلة اندلعت على طول الشريط الساحلي من غربي حمص وسط البلاد، وحتى رأس البسيط شمالاً، فقد اعتاد هو ورموز نظامه الفاشي الإرهابي الدموي المجرم، تجاهل وإنكار وعدم المبالاة والاستهتار بكل ما يعانيه الشعب السوري من أزمات معيشية خانقة وجوع وفقر وبطالة وندرة وشح بالمواد بعدما تم نهب البلاد على نحو ممنهج لخمسين عاماَ بالتمام والكمال، وبالكاد ترى وتسمع له، كما للمقبور أبيه من قبله، كما ينسحب هذا على معظم رموز حكمهم الفاشي وأبواقه، كلمة تعاطف ومواساة مع الشعب السوري أو استجابة لأي من مطالبه، فهو يعتبرهم مجرد قطيع من البهائم و«الطرش» والأملاك الخاصة التي ورثها عن أبيه مع المزرعة و«عزبة» العصابات والمافيات الأسدية التي كانت تسمى ذات يوم «سوريا» والتي فتكت بالأرض والزرع والضرع وأحرقت الأخضر واليابس على مدى خمسة عقود، وعلى نحو أفظع بكثير من حرائق الأسبوع الماضي.
وحقيقة لم تتأتَ هذه الخطوة والمبادرة «البشارية» الغريبة واليتيمة من فراغ، أو بحسن نية وصحوة ضمير مفاجئة من الغلام القاصر المهرج المعتوه، «القائد العام» للجيش والقوات المسلحة التي حولها لدمى، قدر ما كانت نتيجة لضغوط شعبية هائلة وظهور بوادر تمرد وغضب عارم تجتاح قلب حاضنته الشعبية العلوية بدأ يتحسسها وتظهر على لسان وفي كتابات كبار مؤيديه وما تسمى بـ«الموالاة» وباتت تطرق مسامعه وتقرع أبواب مكاتب القصر الجمهوري الموصدة، وتنتشر كالنار في الهشيم على صفحات مواليه ومؤيديه السابقين بمن فيهم النخب الإعلامية والفكرية والفنية التي رفعت سقف النقد اللاذع والسخرية من سياساته الصبيانية الطائشة الهوجاء وتصرفاته الرعناء وقراراته الخنفشارية وسياساته المضحكة وانتخاباته المسخرة وحكوماته المهزلة التي نصَّبت، وفي سابقة، لأول مرة في تاريخ البشرية، طبيب بهائم وتيوس وحمير على وزارة تربية، (وللعلم فهو قريب من سيدة الجرجير ومن الأقلية التركمانية) ما عزز الاعتقاد السائد، بصفوف السوريين، حول نظرته، واعتباره للشعب السوري كمجرد قطيع من البهايم والحيوانات، مستهتراً بمشاعر وعقول وكرامات البشر، وضارباً عرض الحائط بكل القيم والأعراق والأسس الأكاديمية والمهنية والقانونية التي يعرفها ويتعامل بها الناس.
وثمة همس كثير، وتساؤلات كبرى باتت تدور على كل لسان في الشارع السوري عامة، وفي الحاضنة العلوية، خاصة، حول الملكات العقلية للرجل، الذي يفتي وينظّر ويساجل في السياسة والاقتصاد والاستراتيجيا والعلوم والفنون التطبيقية والذرة والفضاء والمعلوماتية والعلوم الإنسانية وحتى الشريعة والفقه الإسلامي لم يسلم من شروره وفذلكاته وتهريجه، وقد تحول إلى خطيب وداعية وعالم دين ومفت يتناول الشريعة وأصولها ويحاضر الفقه بكبار مشايخ البلد ويرعى منظمات دينية شبابية ونسائية و«يوجههم» رغم أنه لا أحد يعلم «قرعة» أبيه من أين، ولا أحد يعرف عن أصوله شيئاً ولا عن انتمائه الديني والعرقي أو الطائفي ومن أين أتى لسوريا، مع سلالته الدموية المجرمة، عندما استقر جدّه «الوحش» في الجبال الساحلية.
وناهيكم عن كل تلك المبهمات والغموض الذي يكتنف تاريخ وأصول هذه العائلة المجرمة والذي بدأت تظهر للعلن مع اعترافات جميل الأسد لوفد كردي عن أصول العائلة غير المسلمة ولا العربية أو حتى العلوية، فثمة علامات استفهام لا تحصى حول دوره الوظيفي الواضح الذي يقوم به في مشروع دمار وخراب سوريا وإذلال وامتهان السوريين وتجريدهم من إنسانيتهم وعملية القضاء الممنهج والمدروس على الجيش السوري، وضرب المكونات السورية بعضها ببعض وإشعال فتيل حرب أهلية ومواجهات طائفية وتحويل سوريا إلى ملعب ومسرح للاعبين وساحة صراع للطامعين، وإفقار وتجويع وقهر واضطهاد ونهب و«تشليح» التي طالت حتى المغتربين بفرض جزية وخوّة المائة دولار على السوريين، وامتهان كرامة السوريين ونهبه لثرواتهم وتهريبها للخارج بالتواطؤ مع عصابة آل مخلوف سابقاً، ومع نجوم وحيتان النهب والسرقات «الذكية» حالياً من عصابات ومافيات ولصوص ومصاصي دماء الشعب الجدد آخر طبعة للصوص العصر من آل الأخرس والدباغ، أولاد خالة سيدة الكرسنة والشعير التركمان من غلمان وارثة المزرعة الأسدية التي باتت تتدخل بكل شاردة وواردة بالشأن السوري وتشارك السوريين كل حبة أرز ورغيف خبز يأكلونه ولها حصة و«نسبة» وسهم فيه وهذا، للحقيقة والتاريخ ما لم تفعله عصابات وحرامية وآل مخلوف الشهيرة، لكن السؤال الأكبر والأدهى والأشد مرارة وحسرة ولوعة على لسان أبناء الطائفة العلوية، هو ما الذي استفادوه من حكم ونظام هذا الطاغية الأرعن المغرور التافه الكاذب الوضيع؟
وما الذي جنوه من حكم الأسدين عبر خمسين عاماً، وبعدما قتل منهم الأسدان الشقيان مئات الألوف من الشبان بعمر الورود وزجهم بمواجهة بقية المكونات السورية في معارك لا ناقة لهم ولا جمل بها، وهذا ما لم يفعله أي طاغية ومجرم بهم على مر العصور ولا في كل المذابح التي تعرضوا لها أو في حرب السفر برلك، وبعدما زجّ هو وأبوه بخيرة شبابهم في السجون لاسيما في أكبر حملة اعتقالات في ثمانينيات القرن الماضي، وتحويل مدن الساحل إلى مدن مهجورة معدمة مهملة فقيرة بائسة بلا أية استثمارات ولا مشاريع ولا منشآت حيوية ولا ماء أو كهرباء وغاز ولا حتى معامل ومصانع وبلا أية خدمات أو بنية تحتية وحيث تنتشر الفوضى والقذارة والقمامة ويعربد «الشبيحة» بالشوارع، ويعتدون على المارة وعابري السبيل ويبتزونهم وينتهكون أعراضهم، وباتت مدن الساحل المنكوبة واحدة من أفقر بقاع العالم واكتظاظا بالسكان والشباب العاطلين عن العمل، ما دفع كثيرين، قسراً، إما للهجرة والهرب، أو «التطوع» في عصابات القتل والإجرام والالتحاق بالميليشيات التي أنشأها للفتك بالشعب السوري الأعزل؟
كما لفظه العالم أجمع، وبات وحيداً لا يزوره إلا معاون رئيس قسم الصرف الصحي في بلدية أصفهان، ها هو المجتمع العلوي، يتحرك ويتذمر ويدرك حقيقة هذا اللص المراوغ الماكر اللعين ويلفظه كما لفظه المجتمع الدولي، وبات، حقيقة، في وضع لا يسرّه، أبداً، ولم يعد يحسد عليه، وقريباً جداً، وطبقاً لقانون الكون الطبيعي، إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم، إلى مزابل وقمامة التاريخ، أسوة بغيره من الطواغيت والقتلة والجلادين المجرمين.
ملاحظة: هذا المقال مكتوب بالتعاون مع ضابط سوري علوي على رأس عمله في دمشق
كاتب واعلامي سوري