لست أدري ما على ردفان يجري ؟!
بقلم/ عبدالرقيب الهدياني
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و 14 يوماً
الأربعاء 21 إبريل-نيسان 2010 08:09 م

الثلاثاء الماضي تعرض مواطن في ردفان لاعتداء بشع من قبل مجهولين قاموا بقطع أذنيه وعضوه التناسلي تنكيلا به بتهمة الجاسوسية، وقبلها سمعنا أن مجهولين قاموا بإجبار شخص على المشي في شارع الحبليين عاريا تحت تهديد السلاح،

هذه التصرفات الرعناء لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل هذه الفوضى ووجود كل المسببات والدواعي والظروف التي تمثل بيئة خصبة لبروزها.

والسؤال الذي يبرز بمرارة، من المستفيد من تشويه ردفان، هذا الاسم الذي يختزن تاريخ ثورة قادها وشارك فيها رجال ،حملوا إلى جانب السلاح أخلاق وقيم رفيعة ما كان لها أن تسقط إلى هذا المستوى الذي نراه اليوم في مثل هذه التصرفات التي يندى لها جبين كل إنسان سوي.

عندما نسمع أو نقرأ اسم ردفان نستحضر من تاريخها قيم وأخلاقيات سامية سطرها الرعيل الأول من الثوار،وهناك مؤامرة اليوم على ردفان لنزع ثوبها الجميل بثوب يراد أن يكون عاريا يبدي الكثير من السوءات والعورات، عنوانها مثل هذه الأعمال التي لا تصدر عن بشر بل عن شياطين.

نحن جميعا وأبناء ردفان وعقلائها معنيون بالتصدي لهؤلاء أيا كانوا ورفض تصرفاتهم التي تخدش الحياء في فطرتنا السليمة، ونشر ثقافة مضادة لهذه الهمجية التي تبرر التمثيل بأجساد الناس وبتر أعضائهم وتعرية أجسادهم والتعزير بهم لمجرد الشبهة،أو سوق التهم المحنطة والقادمة من حقب الماضي السحيق.

وإذا كان الشاعر عبده محمد عثمان قد هتف بالأمس في عهد الثورة : لست أدري ما على ردفان يجري ، إنما كان يتساءل عن مآثر عظيمة وملاحم مشرفة لرجال الكفاح المسلح حينها، لكننا اليوم نطرح ذات السؤال ولكن بلغة الإدانة والاستنكار والأسى لما نسمع ونقرأ في وسائل الإعلام وهي تبرز ردفان العزيزة بهذه المشاهد المخزية نتيجة حماقة أفراد يعدون بالأصابع ولا ينتمون لأصالة وشهامة وبسالة هذه المنطقة الغالية علينا جميعا. 

في كل الأحوال فإن من قام بهذه التصرفات قد أضر بالجميع، اضر بالمجتمع وسكينته واستقراره، أضر بردفان ويسعى ليقدم أبنائها على أنهم مجموعة من الهمج وقطاع الطرق ورجال العصابات، اضر بالذوق العام وأصابه بجرح غائر في نفوسنا، اضر بتاريخ (الذئاب الحمر) وهو تاريخ ناصع كان ينازل خصمه (المحتل البريطاني آنذاك) في ساحات الوغى ، وليس إبراز الفتوة والشجاعة أمام مواطن بسيط قدم لبيع الحلوى أو مالك محل تجاري أو بسطة.

يا هؤلاء .. بائع الشاي،أو صاحب الجاري أو بائع الملابس والأواني في الجبال والسهول، كل هؤلاء ليسو محتلين ولا يمكن أن يكونوا كذلك، وإفراغ شحنة الكراهية والغضب تجاههم هو نوع من الجنون وعمى البصيرة وعدم التمييز.. التكشف وإظهار القوة والشجاعة الزائفة أمام بائع أعزل هو جبن فاضح وخلل في الرجولة ، وتطهير كل الجنوب منهم لن يغير في الواقع شي كونهم ليسو المسئولين عن معاناتنا ولا الطرف الفاعل المتحكم فيما يجري على أرض الواقع من قمع أو نهب أو دمار، هؤلاء هم ضحايا هذا الواقع البائس والخدمات التي يقدمونها ، أهل هذه المناطق بحاجة ماسة إليها.

السلطة لم تعد بحاجة لنشر (جاسوس) بقناع مجنون، أو متجول يبيع السجائر أو صاحب محل تصوير أو غيرها من الأقنعة التي ذهبت إلى أرشيف التاريخ الأمني والمخابراتي، فلقد تغير الوضع كليا وصرنا نعيش زمنا آخر، ثم ما الذي يغري ويمكن الخوف منه ويستدعي التجسس في ردفان والضالع وطور الباحة ويافع وكرش وجعار وعزان وغيرها من مدن وقرى الجنوب، فالجمعة هي الجمعة والخطبة هي الخطبة، فعاليات حفظناها عن ظهر قلب، وبيانات رتيبة مكررة، وتصريحات لم تجاوز الآنيين والاستماع إليه ثم إعادة تكراره من جديد، كما أن كل أنشطة وفعاليات الحراك على المكشوف وبالصوت والصورة وأسماء قيادات تكوينات الحراك في الحارات والقرى، في متناول الجميع، وبيانات ومناقشات وشتم وسباب ومناكفات ناشطيه على المنتديات والمواقع الجنوبية وخطوط الهواتف الجوالة والثابتة، وبإمكان أجهزة الرصد الحصول عليها دون عناء.

*تنويه

تناولي الأسبوع الماضي في هذه الصحيفة للأثر السلبي الذي طال عامة الناس البسطاء من تنفيذ العصيان والإضراب، أثار حنق الكثير ممن تواصوا معي معاتبين وساخطين، لكن صنفا آخر من الأكاديميين وممثلي السلطة المحلية والقراء بعدة محافظات أشادوا بالموضوع.

ولتدعيم وجهة نظري أنقل للجميع خبر مفاده أن العشرات من موردي القات والباعة قد التقوا بعدد من قادة الحراك بالضالع وقالوا لهم بالحرف الواحد، قد نؤيدكم ونتعاطف معكم وندعم علاج الكثير من جرحى فعاليات الحراك، لكننا نرفض أن تحاربونا في أرزاقنا بهذا العصيان الذي يكلفنا الكثير من الخسائر المادية، ويقال أن قيادة الحراك قررت اقتصار تنفيذ العصيان إلى يوم واحد فقط في الشهر وليس أسبوعيا كما كان مقرا.