تداعيات مشهد سياسي مدفوع الأجر المؤتمر يحتضر والحوثي ينتحر
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 10 سنوات و أسبوعين و 3 أيام
السبت 18 أكتوبر-تشرين الأول 2014 01:08 م

تسارعت الأحداث في اليمن بشكل دراماتيكي مُفرزا معادلات جديدة على الأرض بعضها أحتضر من اللحظة الأولى وبعضا منها مازال مختزلا في تداعيات المشهد السياسي القادم .

ثمة مؤامرة حقيرة قادها لفيف من قادة الداخل والخارج مفاد مسارها العام هو إدخال اليمن في أتون صراع حرب أهلية دامية تأكل الأخضر واليابس , بهدف إرضاء نوازع عدد من قيادات الخارج يقودهم وهم العداء للإسلاميين في اليمن على أساس أنهم أخطر المخاطر التي تهدد الأمن القومي لدول الجوار .

إضافة إلى إرضاء نوازع الحقد لقادة النظام القديم لتحقيق انتقام شخصي في المقام الأول قبل تحيق مكاسب سياسية وهو ما يحصل حاليا مع صالح ومنظومته الأمنية والعسكرية التي ظل يصنعها طيلة 33 عاما وأهلها أن تدين بالولاء للفرد وليس للوطن ., وهي المعادلة التي خاضها صالح مغامرا ومحتضناً أحقاده في كل فصول مشاهد الانقلاب على المبادرة الخليجية .

 معتقدا أنه مازال يتقن فن اللعب بالكروت , وخاصة تحالفه مع الحوثيين الذين ظل حسب أحاديثه مع كبار سدنة منظومته العسكرية أنه المهيمن على مسار اللعبة الكبرى في الوقت الحالي , لكن الانعكاس الميداني للمؤامرة المشتركة أظهرت أن صالح هو كرت بذاته , لعبت به أطراف محلية وخارجية .

تناسي صالح تلك الطرفة التي علق عليها أحد أتباعه مازحا عندما قال "يافندم الحوثيون لم ينسوا قتلة الحسين بن علي منذ 1400عام , فكيف ينسوا قاتل حسين بدر الدين الذي قتلته منذ عدة سنوات " .

العجيب في مؤامرة الإنقلاب في اليمن أن كافة الأطراف الممولة والمخططة للمؤامرة , خسرت مواقعها وحساباتها في خارطة الجمهورية اليمنية , وبات العدو الحقيقي الذي حاول هوامير الخليج اللعب به وفق معادلات السياسة ودهاء المنظرين قد سقطوا من أول تحرك علني لهم في اليمن , وتساقطوا في فخ جديد صنعوه لأنفسهم , بسبب دخول أحقاد النفس في مكونات صناعة المؤامرة .

السياسة وميادينها لا يمكن أن تحقق أي نصر إلا في ملاعب ترتهن خياراتها لقوانين المصلحة فقط .

 السياسي الناجح لا يمكن أن يلعب أو يكسب في ميدان تتصارع فيه قيم الصداقة والعداوه , فما بالك أن يدخل معيار الحقد الشخصي في تلك المواجهات .

الخليجيون الذين نصبوا أنفسهم أعداء لشعوب الربيع العربي , مهما حققوا من جولات صغيرة من النصر فإن الخسارة هي حليفهم ,لأنهم لم يلعبوا اللعبة بمقياس حقيقي كونهم أدرجوا أوهام المؤامرة ونوازع الحقد في حلبة صراعهم السياسي مع الغير.

 مما تسبب في تساقط أوراقهم وتحالفاتهم مستقبلا , وفي مسرحة اليمن الإنقلابيه سقط الخليجيون من أول ثلاث ساعات في مواجهة طرف لعب اللعبة السياسية وفق معيار المصلحة فقط , وبعيداً عن نوازع الخلافات او التصفيات جانبا .

كما عمل الأخوان المسلمون في اليمن على الانسحاب في الوقت القاتل للطرف المتآمر , وبات الخليجيون وحلفائهم من النظام السابق في اليمن عرايا في ميدان السياسية .

أو كما قال المستشار السياسي للرئيس هادي "فارس السقاف" الإصلاح لعبها صح .

الخليجيون أنفقوا عشرات المليارات في اليمن للوصول إلى مشهد مسرحي صاخب , كي يتسلوا بفصوله السخيفة , لكنهم في أخر لحظة تبين أن من يريدون له القيام بدور البطولة قد غادر المشهد سالما غانما بكل قواه وعتاده الشعبي والإقليمي .

وفي هذا المشهد الفاشل للمخرج الأحمق الذي بات من المحتم عليه أن يدفع ثمن سخافته باهظا في إعادة البروفات التي صنعها وهو في حالة من النشوة أن يرسم سيناريو جديد على عجالة سيدفع ثمنه غاليا وبمئات المليارات ليطهر نجاسات غبائه الذي سيكون مستقبلا هو أول المتنجسين والخاسرين منه .

من دفع ضريبة لعبة المؤامرة :

عند التأمل في ضريبة المشهد السياسي القادم نجد أن أكبر الخاسرين هو المؤتمر الشعبي العام الذي قاد زعيمة زمام المؤامرة ضد خصومة , لكن ما هي النتيجة السياسية , التي تترتب على ذلك :

المؤتمر الشعبي العام خسر شعبيته أولا في الشارع اليمني , وتحول إلى حزب يرتهن للخارج وبيع مبادئه وأهدافه بعرض سخيف .

المؤتمر الشعبي العام وفق معادلة "إتفاق السلم والشراكة " خسر دولة كان يحكم السيطرة المطلقة عليها ., فثورة الشباب لم تتنزع من المؤتمر سوى 15 وزارة لكنها أبقت على كل مكوناته السابقة في كل المحافظات والمديريات وأجهزة الأمن والاستخبارات والأمن القومي , كما أبقت ايضا على كل مكونات وهرمة القيادي حتى في الوزرات التي أنتزعها خصومه السياسيين من وكلاء ومدراء عموم بل كانوا كلهم من حزب المؤتمر .

لكن معادلة السلم والشراكة فقد أطاحت بالمؤتمر من كل مكونات الدولة وصلت إلى انتزاع صلاحيات الرئيس وتقييدها وفق هوى جماعة مسلحة فرضت نفسها بقوة الحديد والنار , وبات المؤتمر ليس فقط مهددا بالطرد من غالبية مكونات الدولة فقط ولكن بالرحيل النهائي من مواقع سيادية ومناصب رفيعة لتحوله إلى أقلية حزبية تعمل تحت إدارة القادم المعتمد على ثقافة البندقية والتصفيات لكل عاصي .

صالح ظل متوجا في كل ماله وثروته بل وصل الحد لمنحه حصانه سياسية بشهود دوليون وفق معايير المبادرة الخليجية , لكنه اليوم بات لا يستطيع النوم في غرفة نوما خوفا من زحف الحوثيين واقتحامهم لمخدعه ونهب كل ما فيه .

المؤتمر الشعبي العام كحزب سياسي أحتضر مبكرا , وتلاشت قياداته بين ولاءات السيد والرئيس والزعيم , وبدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة من أول ايام معاركة السياسية المتوجه بدعم مؤامرات الخارج وأحقاد قادة الداخل فكان هو الخاسر الأول .

الحوثيون وفي كل السيناريوهات المستقبلة يطمحون للوصول إلى الحكم بإنفراد بعيدا عن شركاء اللعبة السياسية أو ديكورات إتفاق "السلم والشراكة " هذه الرؤية الهقيمة سياسيا تجعل منهم حركة تحتضر سريعا بإعتبارها جماعة مسلحة تفتقر لأي مشروع سياسي أو مشروع نهضوي لليمن , فهو بأكثر الخيارات مشروع أسرة , وصاحب طموح طائفي , وجماعة ترتهن إلى الولاء المطلق للخارج بعيدا عن مفاهيم الوطنية والديمقراطية .

 

وعلى الأمد القريب مهما بلغ سخاء الدعم للمشروع الحوثي فإنه يحتضر وبسرعة غير مسبوقة في نفوس كل من عاشروا ميلاد هذه الحركة التي أثبتت أنها لا تؤتمن على ملابس النساء وألبومات الصور العائلية , فمابلك بمشروع أمه وخيارات شعب صنع لنفسه أمام كل غزاة العالم بأنه " مقبرة الغزاة " .

الحوثي لا تطوي له الأرض ولم تفرش لمليشياته الرياحين , وإنما جاء في فاصل زمني ضيق فهو يتسلل كاللص في شعاب اليمن وأوديته , وجاء مرحبا به من كهنة البيع السياسي وهوامير الفساد في النظام السابق .

الحوثي تمدد بدثار الخيانة في المؤسسة العسكرية وترعرع في ثياب مشائخ العهد القديم , وصرخ في أذان المقهورين بقوة الحديد والنار ومدد أرجلة في ساحات الجوعى والمقهورين .

الحوثي لن يكون مصدر الأمل للناس إلى عندما يتحول إلى مشروع سياسي يزرع الأمل بدلا من تصدير الموت , ويوزع البسمة بدلا من طلقات البنادق , ويدعو للمساومة بدلا من تعزيز ثقافة " أنا خير منه" وأنا ولي الله في هذه الأرض .

 

هناك أحمال ثقيلة داخل المشروع الحوثي تحتاج إلى مراجعات جادة إن أراد أن يرحب به من القلوب قبل الألسن وأن يتحول إلى مشروع حياة بدلا من صرخة موت .