حمود الهتار: قوات مكافحة الإرهاب تحولت لحماية صالح وأقاربه
بقلم/ مأرب برس - الجمهورية نت
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 5 أيام
السبت 21 إبريل-نيسان 2012 04:38 م

رأس لجنة الحوار الفكري مع العناصر المتطرفة خلال الفترة من 30أغسطس 2002م إلى نهاية 2005م وحقق نجاحاً فاجأ قيادة النظام السابق التي أوقفت عمل اللجنة والسبب برأي رئيسها القاضي/ حمود الهتار في حوار أجرته معه “الجمهورية” أن اللجنة فوتت على السلطة فرصاً لتخويف دول الجوار والغرب للحصول على مساعدات مالية وإبتزاز الخزينة العامة تحت مبرر مكافحة الإرهاب . القاضي الهتار يقول : إن خطر القاعدة تم تهويله خلال الثلاثة الأعوام الأخيرة لضرب الحراك السلمي وثورة التغيير لذا فإن الأمانة تتحتم إزاحة الكثير من الضبابية عن العلاقة الشائكة بين القاعدة والنظام وأنصار الشريعة وقوات مكافحة الإرهاب..

حاوره/ ثابت الأحمدي

- القاعدة في اليمن.. اللغز والأسطورة.. ما الحقيقة؟

أولا اليمن عانت كغيرها من العمليات الإرهابية وكانت في طليعة الدول المستهدفة في العمليات الإرهابية منذ مطلع التسعينات، لكن حجم القاعدة في اليمن لا يصل إلى 10 % مما كانت وسائل الإعلام الرسمية للنظام السابق تصفه به، وقد أصبحت تتزايد يوما بعد يوم بسبب عدم وجود توجه سياسي جاد لمكافحة الإرهاب، والانفلات الأمني الذي أصبحت تعيشه اليمن، وخروج بعض محافظات الجمهورية عن سيطرة الدولة منذ ثلاث سنوات تقريبا وغياب التربية الوطنية والأمن الفكري لتحصين الشباب من الأفكار المتطرفة، واستغلال العمليات الإرهابية لتشويه الحراك السلمي الوحدوي في المحافظات الجنوبية أولا ثم لتشويه الثورة السلمية الشعبية مؤخرا، وكذا وجود رغبة لدى بعض رموز النظام السابق إلى صومال آخر، وتعاون بعض العناصر الأمنية والعسكرية مع تنظيم القاعدة وتسليمها محافظة أبين ومدينة رداع وتسليمها كمية كبيرة من الأسلحة والعتاد التي كانت موجودة في معسكر الأمن المركزي ومدينتي جعار وزنجبار، إضافة إلى الأسلحة التي كانت قد حصلت عليها إثر عملية وادي دوفس، وأيضا محاولة البعض استخدام القاعدة كورقة لابتزاز دول الجوار والدول الغربية وتهديدها بخطر القاعدة بهدف الكسب المادي من وراء ذلك، وابتزاز الخزينة العامة تحت مبرر مكافحة الإرهاب، أضف إلى ذلك انقسام الجيش وغياب العقيدة العسكرية الصحيحة واختزال الوطن في شخصيات الرئيس، فكان الجيش جيش الرئيس والأمن أمن الرئيس مع أن الجيوش لا تدافع عن الأشخاص ولكن تدافع عن الأوطان، وغير ذلك من الأسباب التي ساعدت على انتشار القاعدة، إلى جانب استخدام الضربات الاستباقية التي نفذتها الدولة سابقا واستخدام العنف في غير محله، والمعلومات المضللة التي قدمت من الجانب اليمني إلى الجانب الأمريكي تحديدا، وما ترتب عليها من قتل للنساء والشيوخ والأطفال بدون مبرر، واستهدافه لشخصيات اجتماعية كما حصل في حادثة المعجلة في أبين في 2009م وكذا مقتل أمين عام محلي مارب جابر الشبواني، هذه التصرفات أكسبت القاعدة تعاطفا شعبيا، ,قبل هذا كله العمل على توقيف الحوار مع القاعدة الأمر الذي ترتب عليه فقدانهم العيش بأمان كمواطنين وقد تخلوا عن العنف ذلك أن فقدان الأمل يجعل الشخص أمام خيارين لا ثالث لهما، إما قاتلا أو مقتولا، ويكون ضحية في حد ذاته...

ــ قلت الذي قلت الآن وهو عكس ما كان يصرح به الرئيس السابق رسميا حول مكافحة الإرهاب والإرهابيين إلى آخر حديثه عن ذلك..؟!

وجود توجه سياسي لمكافحة الإرهاب لا يقتصر على الحديث الإعلامي فحسب، بل يجب أن ينعكس ذلك عمليا على أرض الواقع، ذلك خطاب للاستهلاك الإعلامي ليس له أي أثر ملموس على الصعيد العملي، الحكومة لم تقم مثلا بمراجعة مناهج التعليم، لم ترسخ مبدأ الوسطية والاعتدال، لم تقم وسائل الإعلام بدورها في مكافحة الأفكار المتطرفة، عدا بعض الإشارات من بعض الصحفيين الذين كانت لهم ضمائر حية من خلال بعض أعمالهم وكتاباتهم لكنها لا تعبر عن توجه سياسي موجود للحكومة، ولو استعرضت خارطة الوسائل الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية ستجدها فارغة من أي مضمون جدي في مكافحة الإرهاب..

ــ كنت على رأس فريق حاور الأفكار المتطرفة منذ سنوات مضت وبتكليف رسمي.. كيف سارت العملية وما هي مخرجاتها؟

أولا الفترة التي عملت فيها في هذا الجانب هي من 30 أغسطس 2002م إلى نهاية العام 2005م، كانت هناك سياسة لمكافحة الإرهاب من خلال محاور أربعة، أولها: الحوار الفكري واقتلاع الجذور الفكرية للتطرف والإرهاب، والثانية: التدابير الأمنية والعمل على منع الجريمة قبل وقوعها وضبطها بعد وقوعها، وتعقب مرتكبيها وتقديمهم للعدالة، والثالثة حل المشاكل الاقتصادية التي قد تكون سببا في الأشخاص للقيام ببعض العمليات الإرهابية، والرابع اتخاذ التدابير التي تقتضيها طبيعة التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب، وبمجموع هذه السياسة استطاعت اليمن أن تحقق نجاحا في مكافحة الإرهاب وترسخ الأمن لمدة ثلاث سنوات، وبالتحديد من نوفمبر 2002م إلى نهاية عام 2005م لم تشهد اليمن أي حادث إرهابي يذكر خلال هذه الفترة أبدا..

ــ نستطيع القول أن الحوار نجح في تلك الفترة؟

من خلال تجربتنا في العمل نستطيع القول إنه نجح فعلا، لكن بعد ذلك تم اتخاذ قرار بإيقاف الحوار وإن لم يكن معلنا عنه بصورة رسمية، نشرت صحيفة القدس خبرا لمصدر مطلع “أسمته هكذا” أن الحكومة اليمنية في 10 ديسمبر 2005م اتخذت قرارا بتغيير لجنة الحوار، استعدادا لتفعيل القوات الأمنية للقيام بمكافحة الإرهاب، وحينها اتصلت بمراسل الصحيفة وسألته عن مصدر الخبر، فقال لي: رجاء لا تحرجني ، فقلت له: إذن لقد عرفت مصدر الخبر .

ــ برأيك لماذا هذا التكتيك الجديد الذي تم اتخاذه من قبل السلطة؟

بعد أن حققت تجربة الحوار نجاحا في تغيير القناعات والسلوك لدى أولائك الأشخاص الذين كانوا متأثرين بأفكار القاعدة، وحل الرفق محل العنف والسلام محل الإرهاب، استاءت السلطة من ذلك لأنها فوتت فرصة على من كانوا يحاولون تخويف دول الجوار والغرب من خطر القاعدة بهدف الحصول على مزيد من المساعدات المالية، وكما أسلفت أيضا ابتزاز الخزينة العامة تحت مبرر مكافحة الإرهاب..

ــ على الصعيد العملي كان الحوار مع القاعدة ناجحا خلال الفترة التي ذكرتها؟

نعم.

ــ هل لك أنت تواصل شخصي مع بعض الجهات الإقليمية والدولية خارج اليمن التي كانت تعمل على مكافحة الإرهاب؟

تلقيت العديد من الدعوات لزيارة العديد من العواصم العربية والإسلامية والغربية، لشرح تجربة الحوار مع القاعدة، وقمت ببعض الزيارات وكانت تلك التجربة محل استحسان للدول التي زرناها وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، والجمهورية الفرنسية والمملكة المتحدة.

ــ هل هؤلاء لديهم توجه دولي على مكافحة الإرهاب واستئصاله عن طريق الحوار بدرجة أولى أم عن طريق العمليات الأمنية؟

بالتأكيد هؤلاء لهم هذا التوجه، ولديهم توجه على مساعدة اليمن على تجاوز هذه المعضلة ، الحوار كان محل استحسان من قبلهم..

ــ الجماعات التي حاورتها في السجون أم خارجها؟

حينما بدأنا الحوار لم تكن أجهزة الأمن تجرؤ على إخراجهم إلى خارج السجن، وهذا في المراحل الأولى، وفي المراحل اللاحقة أجريت بعض الحوارات خارج السجن، وقد كانت هناك أربع جولات للحوار، كل جولة اشتملت على عدة مجموعات للحوار معهم، وكنا في البداية نبحث عن أهم المشكلات التي يعاني منها هؤلاء ثم ننظر بعد ذلك إلى عدد الأشخاص المطلوب معهم الحوار ونقسمهم إلى مجموعات، كل مجموعة من خمسة إلى سبعة أشخاص، وقد يكون الحوار مع شخص أو شخصين أو ثلاثة بحسب الأحوال..

ــ منذ متى بدأ الحوار معهم؟

أولا في الثلاثين من أغسطس 2002م عقد اجتماع في رئاسة الجمهورية برئاسة رئيس الجمهورية مع كبار مسئولي الدولة ومع كبار علماء اليمن، وكنت حاضرا معهم، وقد طرح الرئيس أن لديه مجموعة من السجناء لم يرتكبوا جنايات توجب حبسهم، لكنهم لو تركوا وشأنهم لألحقوا بأنفسهم وبالوطن أضرارا، وهم مصرون على آرائهم ولم تستطع أجهزة الأمن أن تقنعهم بخلافها، ولا بد من الحوار معهم، في ذلك الاجتماع تم الأخذ بمبدأ الحوار معهم ثم تركت فرصة لتشكيل لجنة الحوار من العلماء من خلال جمعية علماء اليمن، وعقد العلماء اجتماعين لمناقشة تشكيل لجنة منهم، وقد انفض الاجتماعان دون نتيجة تذكر، بسبب المخاوف التي احتملها البعض من خطورة التعامل مع هؤلاء لأن من سيقوم بالحوار معهم سيكون عرضة للقتل داخل السجن، كما حدث للشيخ الذهبي في مصر، أو يتهم بالكفر من قبل هذه الجماعة وأنصارها فيكون عرضة للقتل خارج السجن ، واتخذ القرار أخيرا بعدم تشكيل لجنة الحوار وإن كان ولابد من الحوار فيتم دعوة كل علماء اليمن لاجتماع واحد وأن يتم الحوار مع هؤلاء، فسجلت اعتراضا على هذا القرار وقلت لهم سأقوم بالحوار ولو منفردا طاعة لله عز وجل وخدمة لديني ووطني وأمتي، قالوا لي: ستُكفر. قلت: الله يعلم إني مؤمن. قالوا: ستُقتل. قلت: إن حدث ذلك سأكون شهيدا. وبعد ذلك بنصف ساعة تقريبا، أتصل لي الرئيس فقال لي: ما الذي جرى؟ فقلت له ما سمعت. فقال: هل ستقوم بالحوار؟ قلت له: نعم. قال: وهل لديك فريق عمل؟ قلت له: لدي فريق سأخبرك به لاحقا، وقد اتصل بي في المساء مرة ثانية، وذكرت له عددا من الأشخاص الذين كانوا معنا في الاجتماع، وأخبرني بأنه سيتواصل مع الأجهزة الأمنية لإبلاغهم باستقبالنا. وقد توجهنا يوم 5 سبتمبر 2002م إلى سجن الأمن السياسي، وكان معي الأخ الشيخ حسن الشيخ، والشيخ مشرف المحرابي، والشيخ مقبل الكدهي، وحينما دخلنا إلى القاعة المحددة للحوار همس في أذني أحد الأخوة الذين كانوا معي أن أترك الجنبية خارج القاعة وألا أصطحبها معي، وقد كان المشايخ تركوا جنابيهم في بيوتهم ، فقلت له: لا يمكن أن أتخلى عنها ، وإذا كنت غير قادر على الدفاع عن نفسي فلا أستحق أن أحملها، وليلة ذهابنا إلى السجن كنت قد أوصيت أولادي، إذا تعرضت لعملية اغتيال فلا يتعبوا أنفسهم في المتابعة، فإن قامت الدولة بواجبها بالقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة فذلك الفضل من الله، وإن لم تقم فسآخذ حقي ممن ظلمني يوم القيامة .

ــ كنت تستشعر شيئا ما سيحدث من هذا القبيل؟

كانت المخاوف لدى الجميع، وقد بدأت الحوار في اليوم المذكور مع خمسة أشخاص، تم اختيارهم من أكثر الأشخاص علما وثقافة وأكثرهم أيضا تشددا وتطرفا، وكان بحضور رئيس الأمن السياسي وبعض الضباط وبدأنا بالتعريف بأنفسنا، وقد سألونا من أنتم؟ وبينا لهم أننا أتينا لمحاورتهم من قبل جمعية علماء اليمن، فقالوا: لو كان هناك علماء في اليمن لما نحن في السجن منذ ثلاث سنين ، وقد صبوا جام غضبهم على العلماء واتهموهم بالتقصير والمجاملة، وكان من الطبيعي أن نعترف بالتقصير الذي حصل من علماء اليمن إزاءهم خلال هذه الثلاث السنوات، وقلنا لهم: نحن سنحاوركم، فإن كان الحق معكم اتبعناكم، وإن كان الحق معنا اتبعتمونا، ومرجعيتنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: نحن موافقون، لكن نريد الصدق منكم، فقلنا هذا شرطنا عليكم وقالوا : نحن موافقون قالوا : فان وصلتم إلى طريق مسدود مع السلطة قلنا علينا إبلاغكم قالو: ونحن موافقون قلنا لهم : هل يعني هذا أنكم موافقون على الحوار قالوا : نعم ، كانت هذه هي المفاجأة الكبرى أنهم يقبلون بالحوار حيث كان الكثير يعتقدون ان هؤلاء لا يقبلون بالحوار ، وطرحت عليهم جدول أعمال الحوار الذي كنت قد وضعته سابقا، وبعد أن يتم الإقرار لجدول ستتم عملية الحوار، وطرحنا عليهم طريقتين في الحوار، إما أن يكون مباشرا، تتحدثون إلينا ولنا حق الرد، ولكم حق التعقيب، أو بطريقة غير مباشرة أن تكتبوا ما تريدونه كتابة ونرد عليه كتابة ولكم التعقيب على ذلك، فاختاروا الحوار المباشر، بدأنا وقد استمرت الجلسة الأولى نحو خمس ساعات، بعد ان توصلنا معهم إلى نتائج هامة تتضمن نبذ العنف والتطرف وتكفل ترسيخ الامن والاستقرار في اليمن كانت هذه هي المفاجأة الثانية لأجهزة الأمن والآخرين خارجها.

ــ لماذا اخترتم الخمسة الأشخاص الأكثر ثقافة وعلما وتشددا؟

كان اختيارهم بناء على طلبي من رئيس الأمن السياسي لأننا ان نجحنا معهم فسيساعدونا في اقناع الآخرين وان فشلنا يمكن ان يأتي الله بقوم آخرين لأقناعهم وتأثيرهم على زملائهم سيكون مفيدا في حالة النجاح ، وهذا ما تم بالفعل، عندما أكملنا الحوار مع المجموعة الأولى طلبنا منهم أن يبلغوا إخوانهم بما جرى بيننا وبتفاصيل الحوار، وقد طلبوا مني أن أقنع رئيس الجهاز باتاحة فرصة اللقاء بزملائهم، فكان ذلك وكان يوم جمعة6/9/2002م ، فصلوا جميعا، وجرى بينهم نقاش وحوار بما تم.

ــ أفهم الآن أنه من الجلسة الأولى خرجتم بنتائج إيجابية عملية؟

تماما، واستطعنا أن نصل معهم إلى قناعات طيبة.

ــ هل صحبتكم عناصر أمنية أثناء عمليات الحوار؟

طبعا. وفي بعض الجلسات كان يحضر رئيس جهاز الأمن السياسي بنفسه.

ــ هل حضر معكم ضباط من الأمن القومي؟

لم يكن الامن القومي حينها قد اكتمل تكوينه ولكن حضر بعض الضباط الذين كانوا في الأمن السياسي وأصبحوا مؤخرا في الأمن القومي.

ــ المسجونون هؤلاء من القاعدة كانوا يمنيين كلهم أم فيهم غير يمنيين؟

أجرينا الحوار مع يمنيين كانوا مسجونين من اليمن أو جيء بهم من خارج اليمن.

ــ ما ذا عن جذورهم الفكرية ومدارسهم التي نشأوا فيها وأثرت عليهم؟ أين تربوا وتعلموا ونشأوا؟

فكر القاعدة امتداد لفكر الخوارج، ولا أستطيع أن أحمل تيارا فكريا موجودا على الساحة مسئولية هذه الأفكار، لكن أستطيع أن أقول أن كثيرا ممن تأثروا بأفكار القاعدة وجرى الحوار معهم، هم من مواليد بلدان عربية وتلقوا تعليمهم خارج اليمن، وتأثروا كثيرا بالجهاد الأفغاني وإن لم يكن كلهم تأثر بذلك، بعد انتهاء الحرب بين الاتحاد السوفيتي وأمريكا أصبح هؤلاء ملاحقين في أي بلد ينزلونه، لم يتمكنوا من العيش في بلدانهم بسلام، بل إن بعضهم لم يتمكن من العودة إلى بلده.

ــ كم كان عدد الموجودين في صنعاء؟

في الجولة الأولى نحو خمسين شخصا وهناك اشخاص اخرون اجرينا معهم الحوار في إب وتعز وعدن وأبين وحضرموت.

ــ هؤلاء الذين في صنعاء أو غيرهم في بقية المحافظات كانوا منتمين تنظيميا للقاعدة أم متأثرين فقط بالفكر القاعدي؟

بعضهم كان متأثرا فقط، والبعض الآخر كان منتميا تنظيميا ومبايعا لأسامة بن لادن.

ــ أعمار هؤلاء..؟

أعمارهم تتراوح ما بين الخمسة عشرة إلى الأربعين، أغلبهم في العشرينات والثلاثينات، لم أجد أحدا تجاوز الأربعين إلا شخصا واحدا.

ــ هل بين هؤلاء شخصيات قيادية من التي نسمعها اليوم؟

أولا من شمله الحوار واقتنع بنتائجه وتم الافراج عنه بموجب تلك النتائج لم يعد أي منهم الى العنف ولكن يوجد أشخاص من الذين فروا من السجن بعضهم اقتنع بالحوار وكانت عليه قضايا جنائية وصدرت ضده احكام وبعضهم لم يقتنع بنتائج الحوار وبعضهم لم يشترك في الحوار

ــ سألتك عن قيادات حاورتها في السجن ولم يفلح معهم الحوار؟

قاسم الريمي وناصر الوحيشي منهم. حاورناهما وبقيا في السجن، ولم يتم الإفراج عنهما بموجب النتائج .

ــ طيب.. قاسم الريمي من ضمن المجموعة التي فرت من السجن في العام 2006م، ما ذا عن قصة الفرار هذه؟

نعم قاسم الريمي ضمن المجموعة التي فرت من السجن وعملية هروب أفراد من تنظيم القاعدة من السجن حدثت في دول كثيرة و ليست الواقعة الأولى في اليمن، هناك عمليات مشابهة لها تمت في أفغانستان و العراق والمملكة العربية السعودية، وهناك عملية فرار سابقة على العملية التي سألت عنها حدثت في عدن ، بعض من فر من هؤلاء من المتهمين في تفجير الناقلة كول الشهيرة، واستمروا خارج السجن نحو عام كامل ولم تحدث منهم أية عملية إرهابية، ظلوا مختبئين وملتزمين بنتائج الحوار ، حتى تم القبض عليهم وإعادتهم للسجن مرة أخرى.

ــ في من فر من السجن عام 2006م من قاتل في أفغانستان؟

نعم. بعضهم كان موجودا في أفغانستان.

ــ طيب وأنت تعرف الأمن السياسي وتحصيناته.. عملية الهروب واقعية فعلا من المسجونين بالطريقة التي أشيعت أم أن فيها ما فيها، خاصة وأن بعض وثائق ويكليكس تقول بغير ذلك؟

هروب الجماعة بتلك الطريقة يعتقد البعض أنها لم تكن عفوية، وعملية الفرار توحي بأن هناك توجيهات أو مساعدات لهم على الخروج.

ــ الملاحظ أن السلطة كانت تخرجهم متى شاءت وتعيدهم متى شاءت؟

يمكن ذلك، وهناك مؤشرات تقول بأن هنالك تعاونا بين رأس النظام السابق وبين تنظيم القاعدة. ومن بين تلك المؤشرات حدوث عملية تواصل شخصي بين أفراد القاعدة وبين شخصيات من أقارب علي عبدالله صالح أو مقربيه، أيضا إيقاف التحقيق في حادث السفارة الأمريكية بصنعاء، بعد أن كانت بدأت، أيضا كنا رفعنا تقريرا في 15/2/ 2009م، ذكرنا فيه أن هناك عصابات مسلحة تقوم بنهب الممتلكات العامة والخاصة في محافظة أبين وقامت بإعدام خمسة أشخاص خارج إطار القانون، وقلنا إن تلك الممارسات تنذر بخطر قادم يجب استدراكه قبل أن يستفحل أمره، وقلت في ذلك التقرير إبراء لذمتي أمام الله ووفاء بالعهد الذي أديته أوصيت باتخاذ الإجراءات القانونية ضد هؤلاء الخارجين عن القانون.

ــ هل تم اتخاذ شيء من تلك التوصيات التي ذكرتها في تقريرك؟

لم يتم اتخاذ أي شيء من تلك التوصيات، بل استمر هؤلاء الأشخاص في عبثهم، وكان عددهم لا يتجاوز أصابع اليدين..

ــ كان هؤلاء الأشخاص من تنظيم القاعدة؟

كان هناك شخص أو اثنان له علاقة بجماعة الجهاد، واستمروا حتى تزايد العدد، وبعد أربعة أو خمسة أشهر طلبوا إلى الرئاسة في صنعاء وعقدوا اجتماعا مع بعض رموز النظام وأعطيت لهم مكافآت وعادوا إلى أبين سالمين غانمين..

ــ هل لهؤلاء علاقة بتنظيم خالد عبد النبي؟

لا, هذا لا علاقة له بهذه الجماعة. جرى الحوار معه وعدل عن أفكاره، حاورناه في عدن، وانتهى الأمر.. وهذا كانت وسائل الإعلام قد أعلنت عن مقتله في حطاط لكن ذلك لم يكن صحيحا وأخبرت الرئيس بذلك. فقال لي من أين لك هذه المعلومة؟ قلت لي مصادري، فقال: هل تستطيع أن تأتي به؟ قلنا ممكن. ولكن يريد وجها منكم فوافق على اعطائه وجها ثم حضر بعد ذلك إلى عدن والتقى الرئيس واحاله الي للحوار واجرينا الحوار معه ومع جماعته وانتهى الأمر.

ــ برأيك لماذا تقول وسائل الإعلام أكثر من مرة أنها قتلت هذا أو ذاك، وفجأة يظهرون؟

قد يكون هذا من باب الحرب النفسية لكني أعتقد أن الإعلان أكثر من مرة عن مقتل فلان ويتبين بعد ذلك انه حي يفقد الدولة مصداقيتها وثقة المواطنين بها.

ــ نشهد خطابين رسميين أحدهما مهول في شأن القاعدة والآخر مهون منها.. ما هذا التناقض؟ ولماذا؟

الواقع أن حجم القاعدة كان محدودا كما صرح بذلك نائب رئيس الوزراء لشؤن الدفاع والأمن و وزير الخارجية أكثر من مرة، خلال الأعوام ما بين 2005م إلى 2010م خلافا لتصريحاته في 2011م.. هذا شيء آخر. والواقع أن الضربات الاستباقية واستخدام العنف بطريقة مفرطة معهم أكسب القاعدة تعاطفا شعبيا وحادثة المعجلة في أبين نموذجا لذلك. عم الاستياء كل أرجاء الوطن بدون استثناء. الحادثة الثانية حادثة مارب ومقتل أمين عام المجلس المحلي وهو يقوم بوساطة بين الدولة وبين هؤلاء الأشخاص، هذا قلب المحافظة رأسا على عقب. الحادثة مؤلمة بكل المقاييس. وقد كان الهدف من وراء إعطاء القاعدة حجما أكثر من حجمها تخويف دول الجوار والغرب واستغلال العمليات الارهابية للقضاء على الحراك السلمي الوحدوي اولا ثم ثورة التغيير ثانياً تحت مبرر مكافحة الارهاب ..

ــ ما ذا عن وضعها الآن؟ هل تعاظم خطرها بالفعل أم لا تزال تحت السيطرة؟

يجب أن نفرق بين خلايا القاعدة المرتبطة بتنظيم القاعدة، وبين جماعة أنصار الشريعة، فجماعة أنصار الشريعة، تكوينها يختلف عن تكوينات خلايا القاعدة وأهدافها تختلف كذلك، تكوين تنظيم القاعدة يعتمد على شخصيات متدينة، لديهم أفكار متطرفة، إلا أن هؤلاء لديهم القابلية للعدول عن أفكارهم إذا ما تبين لهم الحق ، أما جماعة أنصار الشريعة فقد ضمت في عضويتها أشخاصا من المتأثرين بأفكار تنظيم الجهاد، وانضم إليهم أشخاص من الحراك المسلح، ثم من أنصار النظام، ثم من توافد إليهم من الخارج ممن ضاق الخناق عليهم في بلدانهم، فأنصار الشريعة يختلفون عن تنظيم القاعدة أسلوبا وأهدافا، عمليات تنظيم القاعدة تستهدف بدرجة أساسية غير المسلمين كما تستهدف المصالح الغربية، ولا تستهدف المسلمين، ولا يمكن أن تقوم بعملية نهب أو استيلاء على ممتلكات الناس، خلافا لجماعة أنصار الشريعة.

ــ ولكن ألا يلتقون في بعض نقاط ما، أو يعملون في برامج مشتركة ما؟

بالتأكيد بعض عمليات أنصار الشريعة قد تحقق بعض أهداف تنظيم القاعدة لكنها لا تتفق مع منهج تنظيم القاعدة، والعكس أيضا صحيح، هذه الجماعة، ظهرت علنا وفجأة في 2011م متزامنة مع قيام ثورة التغيير السلمية وهدفها واضح، وتسعى لإقامة دولة إسلامية على محافظتي أبين وشبوة حسب ما ظهر من تصريحاتهم ، ولكن وسائلها تختلف تماما عن وسائل تنظيم القاعدة، ولا تتفق مع نصوص الشريعة التي يدعون انهم انصارها .

ــ هل هناك شخصيات من تنظيم القاعدة يعملون مع هذه الجماعة؟

إذا ما أخذنا تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يمكن أن نقول أن هناك أشخاصاً قد انضموا إليهم وهم الآن يعملون معهم .

ــ من الذي تبنى تأسيس الجماعة وتنظيمها؟

الأسماء التي تبرز عبر وسائل الإعلام هي من قامت بذلك.

ــ المصادر الفكرية للطرفين وكذا المرجعيات؟

تنظيم القاعدة مصادره معروفة، والتطرف بشكل عام مصدره فكر الخوارج..

ــ هذا قد ينطبق على جماعة القاعدة كفكر سلفي متطرف، لكن ما ذا عن مصادر أنصار الشريعة؟

ليست لديهم مصادر واضحة، قد يعتمدون على بعض أفكار تنظيم القاعدة. بالنسبة للمرجعيات فالقاعدة ترتبط بالظواهري رئيس التنظيم، أما أنصار الشريعة فمرجعيتهم محلية.

ــ لا علاقة لهم بأي مرجعية خارجية؟

ليس لهم ذلك.

ــ بم تعلل سيطرتهم على مدينة أبين ببضع مئات من المسلحين في الوقت الذي يتواجد فيه عدد كبير من الألوية العسكرية بكافة قواتها في المنطقة؟

الحقيقة أن الكثير من السياسيين ومن المتابعين لما يجري يقولون إن هناك تعاونا من قبل بعض الشخصيات العسكرية والأمنية مكنهم من الاستيلاء على تلك المدن وما فيه من الأسلحة دون مقاومة تذكر بغرض خلط الأوراق ونشر الفوضى واقلاق الامن .

ــ وقد تعقد الوضع بهذه الصورة المتداخلة.. ما الحل لتجاوز هؤلاء أو احتوائهم؟

 الحوار لازالة الجذور الفكرية للتطرف والارهاب واتخاذ الإجراءات الأمنية والعسكرية ضد الخارجين عن القانون اضافة الى الحلول الاقتصادية والتعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الارهاب ، واذا تم تطبيق هذه السياسة فإن اليمن ستتمكن من القضاء على الإرهاب خلال عام .

ــ هل هم واقفون عند معاهداتهم؟

جماعة القاعدة إذا عاهدوا لا يغدرون ، أما جماعة أنصار الشريعة فقد دعوت حكومة الوفاق عقب تشكيلها إلى محاورتهم، وكانت هناك مؤشرات للاستجابة من جماعة أنصار الشريعة لكننا لم نتلق ردا من الحكومة ...

ــ تتوقع أن يستجيب هؤلاء؟

أتوقع ذلك.

ــ ألا ترى أن الحل العسكري قد يكون مجديا مع هؤلاء؟

القوة وحدها غير كافيه للقضاء على الإرهاب، ولو كانت كافية لكان العراق وأفغانستان جنة الله في الأرض، هؤلاء مشكلتهم فكرية، ولا يمكن أن نحل المشكلة الفكرية بالعنف أبدا. العنف يولد العنف و الحوار هو الحل الأمثل للتعامل معهم، مع مراعاة أن تكون هناك إجراءات قانونية للخارجين عن القانون.

هل تحس أن القاعدة تحديدا مخترقة من قبل الأجهزة الأمنية، أو الاستخبارات الإقليمية والدولية، وكذا أنصار الشريعة؟

من خلال متابعتي للجماعات المتطرفة ليس في اليمن فحسب، بل في العالم كله، وجدت أنها مخترقة، وتحديدا تنظيم القاعدة.

ــ ترى أيضا أنهم قد يوجهون من حيث لا يدرون لارتكاب أعمال عنف يقعون فيها توظفها السلطة لصالح تكتيكها السياسي؟

نعم قد تخدم العمليات الارهابية اطرافا محلية او خارجية فمثلاً حادثة كول في العام 2002م حدثت في فترة غليان شعبي لم يسبق له نظير في اليمن مع القضية الفلسطينية، بل كانت اليمن حكومة وشعبا قد وقفت مع القضية الفلسطينية، وقد تسببت هذه الحادثة في حرج كبير للدولة، إما أن تسكتوا أو نحرك القضية!! أيضا حادثة ليمبورج كانت متزامنة مع الموقف الفرنسي القوي ضد ضرب العراق، وقد كانت طبعا في المكلا في نوفمبر 2002م.

ــ هذا ما يتعلق بالاختراق الدولي أو الاقليمي..لكن هل الأجهزة المحلية حاضرة في قضايا مثل هذه.?

بالتأكيد استغلت العمليات الإرهابية للقضاء على الحراك السلمي وثورة التغيير تحت مبرر مكافحة الارهاب .

ــ وبالمقابل أيضا ألا ترى أن الأجهزة الأمنية قد تكون مخترقة من التنظيم أيضا؟

 حادثة الاعتداء على الكوريين في سيئون ثم الوفد الذي جاء لمعرفة طبية الحادث السابق وما صاحب ذهابهم الى المطار من حادث تفجير يشير أن هناك اختراقا .

ــ أنت شخصيا تتوقع الاختراق؟

فكريا غير وارد بسبب الأفكار المتطرفة التي يحملها تنظيم القاعدة، لكن قد يكون هناك تعاون من بعض الأشخاص لأسباب مادية أو توجيهات من جهة ما..

ــ ألا تستخدم القاعدة وسائل أخرى كالإغراء المادي، أو حتى قد يكون هناك بين الجيش من يعتنق هذه الأفكار؟

بالنسبة لأفكار القاعدة داخل الجيش هذا أمر مستبعد، قد يكون هناك تقصير، أو تعاون لأسباب سياسية هذا ممكن.

ــ هل الغرب والأمريكان على علم بالتكتيكات التي تجري بين السلطة وبين القاعدة بهذه الطريقة؟

بالتأكيد الغرب يدرك تماما مسارات مكافحة الإرهاب في اليمن وتجدد عملياته منذ عام 2006م وحتى اليوم بعد ان توقف الحوار .

هل اتخذوا قراراً ما بذلك؟

التدخلات الأمريكية المباشرة أكبر دليل على ذلك.

ــ عندنا قوات عسكرية لمكافحة الإرهاب أين هي؟

حجمها محدود، وقد تحولت إلى حماية الرئيس وأقاربه، لم يلمس الناس أثر مكافحة الإرهاب من هذه الجماعة، أين هذه القوة مما جرى في أبين؟

ــ في الوقت الذي أعلنت فيه وسائل الإعلام الرسمية قبل أيام وصول قوات من مكافحة الإرهاب إلى أبين محافظ أبين ينفي ذلك.. ما ذا ترى؟

المحافظ أعلم منا بذلك.

ــ قضية الصحفي عبد الإله حيدر شايع لا تزال قضية القضايا حتى أخذت بعدا دولياً، ما هذا التعسف بشأنه؟

قضية عبد الإله حيدر شايع قضية صحفية، هو صحفي يعمل على استقاء المعلومات ونشرها وما كان يمكن أن يصل إلى ما وصل إليه، كان ينبغي أن نكافئه على ما وصل إليه من معلومات لم يصل إليها آخر خاصة وانه ناقل وليس معبرا عن قناعته وناقل أفكار القاعدة قد لا يكون قاعديا كما أن ناقل الكفر ليس بكافر ونأمل من الحكومتين اليمنية والأمريكية مراعاة هذا .

ــ مقتل أنور العولقي في ظرف ملفت إلى حد كبير.. لماذا؟

أنور العولقي كان واعظا بالدرجة الأولى وتأثيره كان كبيرا لإجادته اللغة الإنجليزية، وانتماؤه للقاعدة ربما كان متأخرا، كان يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تم حبسه عند عودته الى ارض الوطن وتم الافراج عنه من قبل الدولة.

ــ قلت واعظاً بم يعظ؟

بالقرآن الكريم والسنة النبوية، ولكن أخذ عليه التواصل مع الجندي الأمريكي نضال حسن..

ــ لماذا أريد له أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن أحست السلطة أنها تلفظ من جهتها أنفاسها الأخيرة؟

ربما لتكسب السلطة عواطف الولايات المتحدة الأمريكية وودها.

ــ الكلمة الأخيرة؟

ادعو اليمنيين إلى المحافظة على وحدة اليمن وأمنه واستقراره وسيادته واستقلاله ونبذ التطرف والارهاب بكافة الأشكال والصور.

*الجمهورية