لنلتمس العذر للرئيس محمد حسني مُبارك .!
بقلم/ همدان العليي
نشر منذ: 15 سنة و 11 شهراً و 9 أيام
السبت 17 يناير-كانون الثاني 2009 08:51 م

من الطبيعي أن تهاون وتخاذل الرئيس المصري السيِّد محمد حسني مُبارك تجاه ما يحدث في غزة ؛ لأشد إيلاماً وتأثيراً في نفوس الشعوب العربية والإسلامية ، لكني عبر مقالي هذا سألتمس شيء من العُذر لشخص شارك في صنع النصر على إسرائيل عام 1973م ..!

فأنا لا أعتقد أن هذا الشخص جبان بالقدر الذي يقوله أو يُصوره البعض ، أيضاً قد اسميه اليوم مُتخاذل وليس عميل ..!

السيِّد محمد مُبارك قد وصل لمرحلة يقين بأن مصر شعباً و اقتصاداً و سياسةً ؛ هي فقط من تدفع ثمن القومية العربية إذا حدث نزاع عربي إسرائيلي ، كونها في فوهة المدفع وفي الجبهة ، كما دفعت الثمن في نكسة 1967م .. فالدول العربية الأخرى تعتمد على مصر في مواجهة الكيان الصهيوني و إن شاركت في دفع فاتورة النزاع فلن تبلغ هذه الفاتورة ما تُقدمه دولة مصر العربية من تضحيات جسدية واقتصادية إضافةً إلى توتر العلاقات بينها وبين دول العالم ..!

اليوم مصر ترتئي أن دعم المُقاومة في فلسطين " حماس " يُعتبر دعم للإرهاب حسب مفهوم الدول العُظمى ، وبالتالي إن دعمت " حماس " ستعيش حالة من العُزلة مُحطمةً آمال الانفتاح السياسي والتطور العسكري ، كما ستتراجع نسبة النمو الاقتصادي البسيطة في مصر والتي وصلت مؤخراً إلى 6% وهو الأمر الذي سيقلب الأوضاع الداخلية فيها رأساً على عقب بعد تلك الاجتهادات التي تُبذل من اجل صنع استقرار اقتصادي و سياسي في البلاد ..!

ولأن الولايات المُتحدة هي الراعي الرسمي للكيان الصهيوني في الشرق الأوسط ؛ سيتم –لا محالة- إدراج مصر ضمن محاور الشر المُهددة لأمن إسرائيل وليس مستبعدا أن يتكرر سيناريو العراق وربما ستكون المشنقة التي شنقت الشهيد صدام حسين هي نفسها التي سيُشنق بها الرئيس المصري مع اختلاف الشعارات التي ستُردد عند تطبيق حكم الإعدام ، فلا وجود لمقتدى الصدر ولكن هنالك آخرون ..!

لطالما كانت ولازالت مصر هي محور القوة العربية ، ومن المُعيب والإجحاف في حقها أن تُتهم بالعمالة والخيانة .. نعم نستاء من موقف دولة مصر المُعلن تجاه ما يحدث في غزة فمُبارك مُساءَل اليوم ويوم القيامة عن دوره في إيقاف هذه الحرب الشعواء ؛ لكني أجزم بأن السيِّد محمد مُبارك يتعامل مع قضية غزة حسب وجهة نظره التي تعتمد على موقعه وموقع بلاده وإمكانياتها ومصالحها ..!

أكتب هذا لأني لا استطيع أن أتصور قائد من القادة العرب بصورة الخائن أو العميل ،لاسيما وهذا القائد شارك في دحر قوة الاحتلال الصهيوني للبلاد العربية من قبل ..!

ولذا أجزم بأن النظام المصري الأعلى يملك أجندته الخاصة التي لا تعلمها عوامة الشعوب العربية والإسلامية وكثير من القيادات المصرية والحمساوية وربما العربية ؛ يعمل وفقها على دعم المُقاومة في غزة دون إعلان رسمي وعبر منافذ سرية خاصة تعلم بها القيادات العُليا في حماس .

أيضاً من الجور نعت خادم الحرمين الملك عبدالله بمُصطلحي الخيانة والعمالة ؛ لأني أعتقد أنه- أيضاً – قد أختار خيار السياسة حالياً ، لأنهم- القادة العرب بشكل عام- أدرى بإمكانيات الدول العربية وقدراتها ، ومن الغباء التعامل مع الأحداث المُعاصرة عاطفياً ، فخوض الحرب مع إسرائيل يعني الحرب على الولايات المُتحدة الأمريكية ، وبالتالي فإن النتائج ستكون وخيمة ، لأن الحرب ستتحول من سياسية إلى صليبية بشكل علني ومُباشر .. وبناءً على إمكانياتنا القتالية التافهة ، ومعنوياتنا النفسية المُهترئة ، وحدودنا المُبرزخة لوحدة أرضينا العربية ، وغينا و إفسادنا المفرط في الأرض ؛ لا شك إننا سنهزم لأننا في زماننا هذا بعيدين عن الله عز وجل كل البُعد .

نعم نرى اللؤم العلني في خطابات مُبارك وأبو الغيط ؛ لكني أعتقد أن النظام المصري يدعم "حماس " بشكل خفي .. و إلا لماذا لم نسمع من القيادات الحمساوية العُليا ( متمثلين في القائد خالد مشعل أو العملاق هنية ) اتهامات مُباشرة لمُبارك بالعمالة في خطاباتهم ؟ فهم ليسوا من الذين يخافون في قول الحق لومه لائم ،فقد لحظتُ قيادات دنيا من حماس موجودة في غزة وخارجها تتهم مُبارك وأبو الغيط بالخيانة و العمالة لإسرائيل ؛ ولكني انتظرت تلك الاتهامات من أعلى قيادات في حماس ولم أجدها بالرغم أن الأمور واضحة فمصر تقول بلسان زعيمها أنها حريصة على عدم دخول الأسلحة لغزة وإحكام قبضة الحصار على شعب غزة ، وهذا يُعتبر دعم لا مُتناهٍ للصهاينة ..!

أيضاً أجزم بأن السيِّد مُبارك يتألم من المجازر التي تحدث في غزة ، وأنه عندما يُصافح "ليفني " أو " أولمرت " يكاد يتفطر غيضاً ، لكنه يعلم أن الحفاظ على الاستقرار اليوم والصبر على ما يحدث هو السبيل الوحيد لكي نستعد للمواجهة ، ولكي لا نواجه حالياً ونحن على غير استعداد فنرجع إلى الوراء و العراق خير مثال ..!

مُبارك من التيار العربي الذي يؤمن بأن سحق إسرائيل يحتاج إلى صبر وتضحية ، والدماء التي تُسفك في غزة اليوم هي جزء من هذه التضحية والسكوت عنها نوع من أنواع الصبر ..!

فهو يعلم أن الدول العربية اليوم في شتات ، وإن تحركت مصر للذود عن شعب غزة بشكل علني ؛ فسيدفع الشعب المصري الثمن لوحده ، ولن تقف بجانبها الدول التي تنعت مصر اليوم بالعميلة ..!

رسالة إلى أهل غزة الباسلة :

لكم أيها الصادقون ألف سلام ..

يا من تدفعون ثمن عزتكم ..

قلوبنا نحن الشعوب معكم .. أنتم أهل النصر لا محالة إن شاء الله ، رغم الأشلاء و الدماء ، فالموت في سبيل الله نصر .

يا أهل غزة .. ثقوا أن الكيان الصهيوني مهما اقترف من جرائم ؛ فلن يصل إلى هدفه وهو إلغاء المُقاومة الفلسطينية ، و بالتالي هم أهل الخُسر ..!

و تذكروا يا أهل غزة أنكم تدقون المسمار الأول في نعش الكيان الصهيوني ، فبالأمس كانت تكاليف الحرب على العراق سبب من أسباب تدهور الاقتصاد الأمريكي ؛ وهذا ما سيكون في إسرائيل إن شاء الله ..

وتذكروا .. أن الكيان الصهيوني لن يصمد ما دام أمثالكم صامدين أيها الجبارون .

  Hamdan_alaly@hotmail.com