مراهقات سعوديات هاربات
بقلم/ العربية نت
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 10 أيام
الجمعة 13 إبريل-نيسان 2012 08:02 م
 
 

أبرز مشكلة "هروب الفتيات" كأهم المشاكل والقضايا التي تؤرق المجتمع السعودي بعد أن قيدت في سجلات التحقيق لدى الجهات الأمنية حوادث من هذا النوع، عزاها الباحثون الاجتماعيون إلى قسوة الأهل والحرمان العاطفي، خاصة في فترة المراهقة.

وفي هذا الجانب أصدرت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممثلة بمركز البحوث والدراسات مؤخراً كتاباً، يتحدث عن هروب الفتيات وأسبابه وآثاره وعلاجه، وفيما جاء إصدار كتاب ثان ليناقش أسباب هروب الفتيات من بيوت ذويهن.

وتناولت الدراسة التي أعدتها الهيئة تاريخ المشكلة وحجمها والنظريات المفسرة لها، والجانب النظامي والإجرائي في علاجها.

وأبرزت الدراسة جهود الرئاسة العامة للهيئة في مواجهة تلك الجرائم الأخلاقية.

وقال مدير عام مركز البحوث والدراسات في الهيئة الشيخ بسام بن سليمان اليوسف لـ"العربية.نت" إن تزايد تلك الحوادث دفع الهيئة إلى تقصي الحقائق والبحث عن حلول عاجلة حول قضية اختفاء فتيات عن أنظار ذويهن، وتبرز كمشكلة اجتماعية تحتاج إلى وقفة.

وأشار الدكتور عبدالله اليوسف عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود مدير مركز أبحاث الجريمة السابق لـ"العربية.نت" إلى أن مجرد تفكير الفتاة في الهرب يستلزم الاستقصاء، لأنها تشير إلى وجود مشكلة ما في التعامل القاسي، والجهل وعدم تفهم المراحل التي تمر بها المراهقات.

وأكد الباحث الاجتماعي الدكتور عوض الردادي أن مناطق الرياض ومكة المكرمة سجلت أكثر حالات هروب الفتيات، مرجعاً ذلك للكثافة السكانية في هاتين المنطقتين، بالإضافة إلى وجود حالات مماثلة لجنسيات غير سعودية.

وكشف الردادي أن هناك 4 مراكز لإيواء الفتيات الهاربات في الرياض والأحساء ومكة وأبها.

وتابع أن من أهم الأسباب عدم فهم الأسرة لحاجات الفتاة من العطف والحب والانتماء والتفكير في المستقبل بالنسبة للفتاة، وأن الكثير من الأسر تضع العراقيل والصعوبات التي تمنع إتمام مشروع تزويج الفتاة، مما يجعلها تبحث عن وسائل أخرى ويدفعها للهروب من المنزل.

أسباب جوهرية وراء المشكلة

وذكرت سعاد الفضلي باحثة اجتماعية متخصصة أن هناك أسباباً جوهرية وراء هروب بعض الفتيات من بيوتهن، أهمها انعدام التواصل بين أفراد الأسرة. والتربية (الصارمة) التي ينتهجها كلا الوالدين أو أحدهما كالاعتداء اللفظي بكثرة التوبيخ أو الضرب البدني المبرح أحيانا كثيرة.

والعلاقات العاطفية التي يكون منشؤها الحرمان العاطفي الذي تعانيه الفتاة في أسرتها سواء من الأب أو الأم.

وإجبار الفتاة على الزواج بالإكراه من شخص لا ترغبه.. وهذا الأمر قد يدفع الفتاة للانتحار أيضا وليس الهروب فقط.

تحذيرات من تحول المشكلة إلى ظاهرة

وأطلق المدير العام للشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة الدكتور علي الحناكي تصريحات صحافية حذّر فيها من قضية هروب الفتيات، مشيراً إلى أن القضية في طريقها لتكون ظاهرة في المجتمع السعودي ما لم تعالج، مشيراً إلى أنها مشكلة تزداد يوماً بعد آخر.

وطالب الحناكي برصد المشكلة وتشكيل لجان لها وإيجاد الحلول العاجلة.

وكشف عن مساهمة الشؤون الاجتماعية في إنشـاء مركز البحوث والتنمية الاجتماعية الذي أعدته جامعة الملك عبدالعزيز لرصد هروب الفتيات، لافتاً إلى أنه يعمل على التصدي للمشكلات الاجتماعية قبل استفحالها.

حوادث من واقع الحال

ومن أبرز الأحداث في هذا الجانب قضية اختفاء فتاة في حي "العريجا" في العاصمة السعودية الرياض مؤخراً، حيث استمر البحث عنها لفترة لم تتجاوز أسبوع حتى عثر عليها، وتعرضت فتاة تدعى (حسينة) تسكن بإحدى القرى ضواحي منطقة نجران أيضا جنوب السعودية إلى ضغط نفسي جعلها تفكر في الهرب، حيث رتبت عصابة يمنية لاصطحاب الفتاة إلى اليمن، حيث إن مسقط رأسها يقع بالقرب من الحدود اليمنية، وبعد جهود أمنية مكثفة عثر عليها مع تلك العصابة التي استغلت ضغطها النفسي واتخذتها وسيلة للهروب معهم لطلب فدية، ولكن أجهزة الأمن اليمنية ألقت القبض على الجناة وتم تسليم الفتاة إلى ذويها.

وفي الطائف هربت فتاة غير (متزوجة) من منزل أسرتها، وهي تبلغ من العمر قرابة 30 عاماً حتى تم العثور عليها مؤخراً في أحد المتنزهات القريبة، حسب مصادر أمنية لـ"العربية.نت" اتضح أنها تعاني من اضطرابات نفسية.

واختفاء فتاة لم يتجاوز عمرها الـ16 عاماً عن أنظار أسرتها في منطقة الباحة جنوب السعودية، والقصة بدأت حينما استيقظت أسرتها صباح ذلك اليوم وبحثوا عنها ولم يعثروا عليها، وبعد تمشيط أمني للمنطقة عثر عليها في غرفة مهجورة في زاوية من القرية وهي في حالة نفسية يرثى لها بسبب تعامل الأب.

وقال لـ"العربية.نت" محمد السلمي (أب) من جدة إن سبب ذلك الأسرة التي تمارس الضغوط على أولادها، وتتعامل معهم بقسوة خاصة مع الفتيات وهذه النتيجة.

وذكرت الكاتبة مها الحجيلان (أم) أنّ الفتاة لم تلجأ إلى هذا الحل وهو الهروب أو الاختفاء إلا بعد أن صارت بقية الحلول الأخرى بالنسبة إليها غير ممكنة أو غير محتملة.

وتابعت: إنه لا توجد بالفعل دراسة تشرح لنا تلك الأسباب بشكل علمي.

وأجمع عدد من الفتيات في حديثهن لـ"العربية.نت" على أن سوء المعاملة من أهم وأبرز الأسباب للتفكير بالهروب من بيوت هجرها الحب والتفاهم، وحلَّ محلهما القسوة وعدم اللين والعطف.