دراسة أمريكية .. واشنطن مصدر ألأزمات للعام
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 17 سنة و 11 شهراً و 19 يوماً
السبت 06 يناير-كانون الثاني 2007 06:15 م

- تقف السياسة الخارجية الأمريكية في الوقت الحالي في غمرة واحدة من أهم الزلات الاستراتيجية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وعواقب ضخمة من المحتمل أن تظل مؤثرة لأجيال عديدة.

- هذه النسخة الجديدة من كتاب السياسات البيروقراطية ( Bureaucratic Politics ) هي نسخة معدلة ومنقحة للنسخة السابقة التي كتبت في معهد بروكنغز في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، ونالت شهرة واسعة، ولا تزال تقرأ وتدرس في الجامعات . وتعد هذه النسخة تحديثاً لتحليل المؤلفين الكلاسيكي للدور الذي تلعبه البيروقراطية الفيدرالية- من المسؤولين في المهن المدنية، ورجال السياسة الذين تم تعيينهم، والمسؤولين العسكريين- في تشكيل سياسة الأمن القومي الأمريكية، كما أنها توضح كيف يتم صنع القرارات السياسية بالفعل. وتتضمن النسخة الثانية تحليلاً موسعاً لدور الكونغرس في سياسات صنع السياسة الخارجية.

- إن لكل من الوكالات الحكومية، والوزارات، والأفراد مصالح معينة يريدون المحافظة عليها وتعزيزها. وتؤثر هذه الأولويات، والصراعات التي تشعلها في بعض الأحيان، بشدة في تشكيل وتطبيق السياسة الخارجية. ويعطي كتاب السياسات البيروقراطية والسياسة الخارجية أمثلة متعددة على التلاعب البيروقراطي، ويكشف دوره في التأثير في علاقات الولايات المتحدة الدولية. وتتضمن هذه النسخة المنقحة أمثلة على السياسات البيروقراطية تعود إلى العقود الثلاثة الأخيرة، وتتراوح بين وجهة نظر جيمي كارتر حول وزارة الخارجية وحتى الصراعات بين جورج دبليو بوش والبيروقراطية المتعلقة بالعراق.

* تم في مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط، التابع لمعهد بروكينغز Saban Center for Middle East Policy – Brookings Institution في العاصمة الأمريكية واشنطن، مناقشة كتابي (السياسات البيروقراطية) ( Bureaucratic Politics )، والقوة الصلبة Hard Power وجرى الاجتماع حول ذلك بحضور كارلوس باسكال ومايكل إي أوهانلون، كيرت كامبل، مورتون إتش هالبيرن، برسيليا كلاب، وآرنولد كانتر.

رأى مؤلفو الكتاب أنه على الرغم من حدوث تغييرات كبيرة في العالم، إلا أنه لم يطرأ أي تغيير حقيقي على الطريقة التي تعمل من خلالها الحكومة، وأن الصراعات بين الوكالات الحكومية، وطريقة تفاعلها مع بعضها البعض، وتعاملها مع الرئيس، والعلاقة بين الرئيس والبيروقراطية، لا تزال كما كانت عليه في ذلك الوقت. واختبر المؤلفون أحد الافتراضات الموجودة في الكتاب التي يعتمد فيها موقف الشخص من القضية على موقعه في البيروقراطية، مثل روبرت غيتس الذي ترأس الاستخبارات المركزية، والذي تحدث كثيراً في هذا الموضوع بدون أن يأخذ الموقف الذي يتخذه وزير الدفاع في العادة. ومن غير المعروف ما إذا كان دوره الجديد كوزير للدفاع سيغير موقفه في هذا الموضوع.

إن أحد الصراعات المتتالية التي تحدث عنها هذا الكتاب بين وزارة الدفاع ووكالة الاستخبارات المركزية، كان السيطرة على عمليات الاستخبارات، ومسألة إلى أي مدى يجب على الجيش الانخراط في العمليات السرية والأنشطة السرية، وفيما إذا كان يجب على أي وزير للدفاع أن يعتقد أن عليه أن يسيطر على جميع العمليات الاستخبارية للحكومة الأمريكية.

ويساعد الكتاب في فهم الجدل الراهن حول إيران. ومرة أخرى، كانت شهادة غيتس التي أدلى بها حول هذا الموضوع مشوقة جداً لأنه وضع بكل وضوح إشارة متناغمة مع ما تم تفسيره في الكتاب. ومما قد يثير دهشة العديدين وجهة النظر المعيارية لوزارة الدفاع حول استخدام القوة العسكرية، خصوصاً أن وزارة الدفاع دائماً ما تعارض استخدام القوة العسكرية لعدة أسباب، منها إدراكها لمخاطر استخدام القوة العسكرية. وفي الشهادة التي أدلى بها أخيراً أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، قدم غيتس بياناً كلاسيكياً حول وجهة نظر وزارة الدفاع حينما سئل عما إذا كان على الولايات المتحدة شن حرب على إيران، وأجاب بأن عليها ألاّ تقوم بذلك. وسوف يكون الخلاف بين تلك النظرة وموقفين آخرين تحدث عنهما الكتاب: أحدهما هو الصراع بين الخدمات العسكرية على الأدوار والمهام وإظهار أن المهمة المعينة التي قاموا بها هي الأكثر فعالية. ومن الناحية الأخرى، هنالك الرئيس. وكما ذكر الكتاب، فإن الرؤساء يشعرون بقلق خلال عاميهم الأخيرين في المنصب إزاء الشكل الذي سيظهرون به في كتب التاريخ. وبالطبع، فإن هذا شكل من أشكال التوقع الذاتي، لأن لا أحد يعلم ما الذي ستكتبه كتب التاريخ، وهذا يعني أنهم يبدأون بالتفكير عبر رأيهم الخاص فيما يتعلق بالشكل الذي يجب أن يبدوا فيه في كتب التاريخ بناءً على ما حققوه. فبعض الرؤساء يريدون أن يصبحوا صناع سلام، مثل ليندون جونسون الذي أمضى فترة خلال عامه الأخير كرئيس، يبحث عن أمور يمكن أن يقوم بها لكي يبدو أنه عمل لصالح السلام، وقام آيزنهاور وريغان بأمور مشابهة كذلك. وهنالك اعتقاد لدى المؤلفين بأن بوش سيتجه في الاتجاه المعاكس، وأن ما يرغب في أن تتذكره به كتب التاريخ هو أنه شخص رغب في معالجة محور الشر، وألاّ يترك لخلفه إيران التي تسعى للحصول على أسلحة نووية بالطريقة التي ورث هو بها موقف صدام حسين. لذا، نجد أن هنالك تفاعلاً مثيراً يحدث بين تلك العناصر المختلفة خلال تطور السياسة تجاه إيران.

وفي الكتاب فصل جديد يتحدث عن دور الكونغرس. وتمت إضافة هذا الفصل لأن الكونغرس يلعب دوراً أكثر أهمية الآن من الدور الذي لعبه في السابق. وما حاول المؤلفون فعله هنا هو تطبيق التحليل ذاته الذي يتعلق بمن هم اللاعبون، وما هي اهتماماتهم فيما يتعلق ببنيتهم المؤسسية، وكيفية عمل قواعد اللعبة لوصف طريقة عمل الكونغرس وتعامله مع مسائل الأمن القومي.

وتحدث كارلوس باسكال، نائب الرئيس ومدير برنامج الدراسات الخارجية، قائلاً إن كتاب (السياسات البيروقراطية) يظهر أن هنالك حاجة لفهم كيفية اتخاذ قرارات السياسية، ولماذا تفشل هذه القرارات. وأشار إلى أن أحد الأمور التي قام بها المؤلفون منذ البداية هو أنهم طرحوا بوضوح أهمية فهم دوافع، ومصالح، ومصادر السلطة، وكيف تندمج جميعها مع بعضها البعض من أجل الخروج بنتائج، وأنه من الممتع أخذ بعض أطر العمل التي تم تطويرها في هذا الكتاب وتطبيقها على السياسات المتعلقة بالعراق، وكيف انتهى بنا المطاف بسياسات كارثية فعلاً.

ثم تحدث كيرت كامبيل، نائب الرئيس الأول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية عن كتاب (القوة الصلبة) ( Hard Power ) الذي لا يتحدث في الواقع عن المظاهر الخارجية للسياسة الخارجية الأمريكية، بل يتحدث عن المكونات الداخلية، وعما حصل بالفعل للسياسة الخارجية خلال السنوات الخمس الماضية، وخلال الجيل الأخير، ضمن سياق أكبر. وأصبح الأمن القومي خلال هذه السنوات الأخيرة أداة سياسية، ومسألة خلافية يتنافس عليها مرشحو الرئاسة في الحزبين، ورمزاً للفخر والخشية. ومع ذلك، فإن هذه المسألة غالباً ما تسيطر عليها أيديولوجية متشددة من ناحية، واحتجاج مكبوت من الناحية الأخرى- في حين أن ما تحتاج إليه أمريكا هو مناظرة قوية وذكية بين الحزبين، تنتج حلولاً ناجعة. وشدد الكتاب على العلاقة المتبادلة بين الأشكال التقليدية للسلطة الصلبة، وكيفية ترابطها مع الأنواع الأخرى من القدرات السياسية والمدنية الحاسمة من أجل تفعيل السلطة الصلبة.

وبدلاً من تعزيز تعارض الحزبين، يقدم كيرت كامبيل، ومايكل أوهانلون، مزيجاً من القوة الصلبة والقوة الناعمة في القيادة الأمريكية الحاسمة التي توحدت بالتعددية، ومزيجاً من التركيز على (أجندة العولمة الجديدة)، إضافة إلى التشديد المتواصل على أجندة الأمن القومي الأساسية. وبعملهما هذا، فإنهما يقدمان لجميع الأمريكيين- الديمقراطيين والجمهوريين، ورجال السياسة، والمواطنين، مخططاً جديداً لسياسة الأمن القومي في القرن الحادي والعشرين.

ويقول كامبل إن من المأمول أن يتمكن الشعب الأمريكي من استرداد وإنقاذ شيء ما من هذا، لكنه بلا شك في حالة ميؤوس منها. ففي وسط هذا، ينظر الشعب الأمريكي للديمقراطيين والجمهوريين نظرة متساوية، ولا يشير ذلك إلى حجم الضرر الذي تسبب به الجمهوريون في السياسات الداخلية الأمريكية، وإنما يشير إلى مسألة إلى أي مدى يجب على الديمقراطيين أن يعملوا من أجل إقناع الشعب الأمريكي بأنهم قادرون على مواجهة التحديات، ومهمة التعامل مع الأسئلة الصعبة التي تدور حول متى يجب على الولايات المتحدة أن تفكر في شن حرب. ويقول إن هذا الكتاب يصف بالفعل كيف أصبح الأمن القومي مسألة رئيسية تستخدم كشعار انتخابي في السياسات الداخلية الأمريكية، ومن الذي كافح بالفعل، وخصوصاً الديمقراطيين وغيرهم كذلك، منذ أحداث 11 أيلول(سبتمبر) من أجل إظهار أنهم يستحقون ثقة الشعب الأمريكي عندما يتعلق الأمر بقيادة الأمة خلال الأوقات الصعبة. ففي كل مسألة تتعلق بالسياسات الداخلية، مثل المسائل المالية، وإدارة الرعاية الصحية، والتعليم، وسمات معينة من السمات الخارجية، وقيادة التحالفات، والتعامل مع المسائل العالمية مثل تغيير المناخ العالمي ومرض الإيدز، يتمتع الديمقراطيون بثقة كبيرة لدى الشعب الأمريكي. ولكن الفجوة الوحيدة في الثقة بالديمقراطيين والجمهوريين ظهرت في الشهور الستة إلى الثمانية الأخيرة، وتتعلق بمسألة ما إذا كان الشعب الأمريكي يثق بالديمقراطيين لجر الدولة إلى حرب، وفيما إذا كان بإمكانهم التعامل معها، وما إذا كانت لديهم الجرأة لإدارة المشاكل المعقدة المصاحبة للحرب.

ويقترح الكتاب أنه بدلاً من تراشق الشتائم عبر الممرات، والإشارة إلى العمل الشنيع الذي قام به بعض الأشخاص في تطبيق هذه السياسة أو تلك في أفغانستان والعراق، فإن على الشعب أن ينظر إلى داخل مؤسساته.

وقالت برسيليا كلاب، إنه نظراًً لتجربتها الطويلة في الحكومة التي استمرت لمدة 33 عاماً، فإنها ترى أن أكثر الأنظمة الإدارية البيروقراطية فعالية تم العمل بها خلال الفترة الأولى من إدارة بوش الأب، حيث عمل مجلس الأمن القومي، ووزارة الداخلية، ووزارة الدفاع معاً بصورة جيدة جداً، كما كانت هنالك إدارة جيدة على مستوى الرئيس. ويعود ذلك إلى خبرة الرئيس السابق الذي عمل في مواقع عديدة في الحكومة. أما في إدارة بوش الحالية، فلا يوجد مثل هذا النوع من الخلفية، حيث إن بوش الابن أتى إلى واشنطن كمبتدئ محاط بأشخاص يمتلكون خبرة بيروقراطية ضخمة، حاولوا في الماضي التلاعب بفعالية بالبيروقراطية بعدة طرق من أجل تحقيق الأهداف التي كانوا يسعون للحصول عليها فيما يتعلق بالعراق، وأمورٍ أخرى عديدة.

كما كان هنالك عدد من التغيرات الرئيسية التي حدثت. ويمكن القول إنها تغيرات تاريخية، خلال مدة ثلاثين عاماً، أثرت في طريقة عمل البيروقراطية، أحدها هو تغير القيم، والثاني هو توسعة البيروقراطية بحد ذاتها، حيث أصبح هنالك العديد من الوزارات الجديدة، ولعب عدد من الوزارات مثل التجارة، والطاقة، والزراعة دوراً أقوى في السياسة الخارجية في الوقت الحالي. وأصبحت هذه الوزارات توظف أشخاصاً في الخارج، ولها ملحقيات في السفارات، ولها أقسامها الخاصة بالشؤون الدولية. وأصبحت جميع هذه المصالح تؤثر في صنع السياسة الخارجية بطريقة مباشرة أكثر مما كانت عليه خلال الحرب الباردة. وهي تجعل العملية البيروقراطية أكثر تعقيداً.

وأخيراً، أصبح للتكنولوجيا تأثير ضخم، حيث عملت الاتصالات الإلكترونية والمحوسبة على تقريب المناصب الخارجية من عملية صنع القرار في واشنطن، كما أنها سهلت التواصل بين المكاتب الحكومية، ومكنت العديد من اللاعبين من الانخراط في العملية.

أما أوهانلون، فأشار إلى الأجندة المستقبلية للولايات المتحدة والأمن القومي في سياق السياسات البيروقراطية. وهو يعتقد أن هنالك دوراً مهماً في المواضيع الستة المذكورة في الكتاب للتعاون بين المكاتب الحكومية، وبالتالي دوراً للسياسات البيروقراطية في السراء والضراء. ومن خلال البحث في تجربة العراق وتجارب أخرى، وجد المؤلفون أن هنالك أهمية حاسمة لامتلاك قدرات قوية داخل وزارة الخارجية وباقي الحكومة لمساعدة وزارة الدفاع. والرسالة الأساسية التي يقدمها الكتاب تكمن في أنه لدى التفكير في دور وزارة الدفاع في الخارج، فإن هنالك انتقالاً فورياً من المرحلة الثالثة للعمليات الحربية إلى المرحلة الرابعة، وهي إعادة البناء وإرساء الاستقرار. وتتضمن المرحلة الرابعة خوض الكثير من المعارك.

وأضاف أوهانلون أن هنالك حاجة إلى استراتيجية طويلة الأمد للانتصار في الحرب على الإرهاب، وهي تتعلق بمساعدة المجتمعات، والحكومات والإصلاحيين المسلمين المعتدلين في تقوية جهودهم داخل دولهم. وهذا يتطلب عدداً من الأدوات الاقتصادية، و تشجيع الديمقراطية، ونشاطات المنظمات غير الحكومية.

ويتحدث الفصل الذي يليه في الأهمية في الكتاب عن وزارة الأمن الداخلي، كما ذكر كارلوس، ويتحدث كذلك عن واحد من أعظم الإخفاقات التي حدثت خلال العامين الماضيين، حيث ظهر هنالك بعض التعاون البيروقراطي أو النماذج البيروقراطية التي كانت تعمل جيداً مع الوكالة الحكومية لإدارة الطوارئ المعروفة باسم ( FEMA ) التي تعتبر اليوم من أهم فروع وزارة الأمن الداخلي، وعلاقتها بالوكالات الفيدرالية الأخرى. و كان أداء FEMA هو الأسوأ خلال تاريخها، ونتجت عنه نتائج مأساوية لسكان الخليج الساحلي الذي تضرر جراء إعصار كاترينا. والمغزى من هذا الفصل هو الحذر من الحل البسيط الذي يقول إن المزيد من الاندماج أسهل وأفضل، وإن السياسات البيروقراطية تنجح دائماً ببساطة لأن هذا الاندماج يوحد الشعب تحت قيادة قائد قوي، حيث إن الحل البسيط قد لا يكون فعالاً كما يشير إعصار كاترينا.

وتحدث أوهانلون عن ثلاث مسائل أخرى في الاجتماع هي: ظهور الصين، وسياسة أفضل فيما يتعلق بالطاقة، وسياسة أفضل فيما يتعلق بمنع انتشار الأسلحة النووية. وتكمن في كل مسألة من هذه المسائل أهمية التعاون، سواء أكان مع الصين، أو في كل شيء ابتداء من الردع العسكري من ناحية، والانخراط الاقتصادي من الناحية الأخرى، لذا هنالك حاجة لسياسة متكاملة ومحنكة نحو الصين. أما فيما يتعلق باستراتيجية منع انتشار الأسلحة النووية وسياسة الطاقة، فيجب السعي إلى تقليل اعتماد أمريكا على النفط الأجنبي.

وفي سؤال حول مذكرة قدمها رامسفيلد في تشرين الأول (أكتوبر) 2003، أشار فيها إلى نقطة مثيرة وهي أن الجيش لا يقوم بدور جيد في مواجهة الإرهاب، حيث إن هذا ليس من اختصاص الجيش. فالخدمات العسكرية تتعامل مع عمليات عسكرية ضد دول، وتقوم بالإطاحة بأنظمة، وهي لا تتعامل مع جماعات ومنظمات. وإذا كانت هذه هي الحال، فلماذا يظهر تضارب رئيسي في استراتيجية الأمن القومي في إدارة بوش في الاعتماد على الجيش لخوض حرب عالمية على الإرهاب، مما جعل غالبية الشعب الأمريكي تعتقد أن الحرب على العراق جعلت الولايات المتحدة أقل أمناً. والسؤال هنا، هل الديمقراطيون مستعدون لخوض هذه المسألة، ولمعالجة هذا التعارض والمشكلة الرئيسية الواضحة في انعدام الفعالية الواضح للقوة العسكرية، أم أنهم سيديرون وجوههم ويواصلون السير في طريقهم؟

أجاب كامبيل أن الجيش طلب منه القيام بثلاثة أنواع من المهام، إحداها هي النوع التقليدي من المهام التي تتعلق بالنيل من أو الاستعداد للنيل من الدول في النظام الدولي، وهي المهام الأكثر ملاءمة. وهنالك كذلك النوعان الآخران من المهام، وهما النيل من الجماعات والمنظمات الإرهابية مثل القاعدة، ومساعي إرساء الاستقرار أو مساعي إعادة البناء في المرحلة التي تلي الصراع، مثل تلك المهام الحالية التي تجري في أفغانستان والعراق. وبالنظر إلى التاريخ، يمكن القول إن الجيش قام بأعمال فعالة وملحوظة في ظروف معينة في مساعي إرساء الاستقرار في مرحلة ما بعد الصراع. ولا أعتقد أن أمام الأمريكيين أي خيارٍ هنا، حيث إن على الجيش الأمريكي أن يزيد من تركيزه على مثل هذين النوعين من المهام. وكما أشار غيتس في شهادته، فإن على الجيش أن يتلقى المزيد من التدريبات الفعالة على مثل هذه الأنواع من المهام.

وعلق هالبيرن قائلاً إنه يعتقد أن واشنطن هي مدينة مليئة بالأشخاص الذين يمتلكون حلولاً، ويبحثون عن المشاكل. وأنه يعتقد أن لجوء جيمس بيكر إلى ذكر عملية السلام العربي-الإسرائيلي في تقرير بيكر هاملتون، يعود إلى حقيقة أنه بغض النظر عن ماهية المشكلة التي تقدم لبيكر، فإن جزءا من حله يكون في حل مشكلة الصراع العربي-الإسرائيلي وإحلال السلام. وتحدث الكتاب عن قرارين اتخذتهما الحكومة الأمريكية من أكثر القرارات التي كانت لها عواقب وخيمة، وهما قرار ترومان بالدفاع عن تايوان، و القرار الآخر الذي تمت إضافته إلى الكتاب هو رد بعض الناس،من بينهم بول ولفوتز على هجمات 11 أيلول (سبتمبر) الذي تجلى في "دعونا نغزو العراق". وكما ذكر غيتس، فإن المسؤول عن هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، كان منظمة مختلفة وشخصاً مختلفاً. ومع ذلك، اعتقد عدد من الأشخاص في إدارة بوش، أنه يجب خوض حرب مع العراق، وأن ذلك هو الحل لمشكلة 11 أيلول (سبتمبر)، وأقنعوا الرئيس بأنهم على صواب.

وأضاف هالبيرن أنه يعتقد أن العامين المقبلين سيكونان مهمين جداً للرئيس التالي للولايات المتحدة. وإذا كان الشعب يعتقد أن الرئيس القادم سيكون من الحزب الديمقراطي، فيجب أن يكون العراق في طريقه نحو التسوية قبل قدوم ذلك الرئيس، لأن على الرئيس الديمقراطي الجديد أن يواجه القرارات. وحتى لو تطلب الأمر عامين آخرين، فإن القرارات ستكون أضيق، وستكون ثقة الناس بالرئيس الديمقراطي أقل .