|
عادت المناورات السياسية بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة اليمنية حول الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها أواخر ابريل المقبل، لتتصدر عناوين الصحف وأحاديث السياسيين، وسط مخاوف من عدم التوصل إلى وفاق سياسي.
عادة ما تأتي المناكفات السياسية والتصريحات النارية لطرفي المعادلة السياسية في اليمن وسط أجواء مشحونة إما اقتصاديا أو سياسيا وما أن تهدا الأمور ذاتيا من دون تدخل احد ومن دون حلول للمشاكل التي يعاني منها المواطن حتى تعاود ذلك العراك القديم المتجدد حسب الأهواء والمزاجات والتصانيف التي يتحكم فيها وفي توجهاتها وتوقيتها نوعية القات الذي يتناوله مسئولينا ومعارضينا المحترمون، فما أن تأتي أزمة تضاف إلى سابقاتها التي تجاوزها الجميع ووضعوها في رفوف أوراقهم السياسية التي يتم اللعب عليها في وقتها حسب مصلحة كل طرف حسب توقيته ومزاجه حتى تعود المواقع الالكترونية والصحف إلى المعركة المتجددة.
فلو نظرنا ورجعنا إلى المواقف التي يقول الجميع انه يتعارك من اجلها ولأجلها لوجدنا أزمات متعددة كل يغني فيها بمواله الخاص به لوجدنا أن فيها نوع من المقايضات والاشتراطات دون مراعاة للوطن أو المواطن في حين أنها ما زالت موجودة ولم تحل ولم يحرص الجميع على حلها ، وإنما رافقها حملة إعلامية وهجمات متبادلة وسرعان ما توقفت دون حلول جذرية .
ولكي تتضح الرؤية سأضرب على ذلك مثالا مادي وهو مسالة اللجنة الانتحابية وموقف الطرفين من ذلك ، فلو أخذنا موقف اللقاء المشترك من لجنة الانتخابات والتعديلات على قانون الانتخابات لوجدنا انه موقف غير موفق سواء من اللقاء أو من الحزب الحاكم ، أما اللقاء المشترك فخطاه في ذلك أن وضع شرطا للمشاركة في اللجنة والموافقة على التعديلات وهذا نعتبره استحقاق وطني ديمقراطي ومصلحة وطنية حسب وجهة نظر اللقاء المشترك فكان خطاه أن وضع هذا الاستحقاق الوطني والمشاركة في تلك اللجنة والتعديلات في كفه وباعوم في كفه فهل يجب أن يضع استحقاقات وطنية يناضل من اجلها لأجلها ، ولان النضال كان من منطلق المصلحة الوطنية لا مساومة فيه ولا يمكن أن يشارك اللقاء المشترك بأي حال من الأحوال أن يشارك إلا بما اشترطه فيما يخص اللجنة والتعديلات سواء كان باعوم ومن معه معتقلين أو غير معتقلين ، وكان من المفترض أيضا أن يضع مسالة اعتقال باعوم ومن معه مسالة خاصة لا دخل لها في قانون الانتخابات كونها مشكله بذاتها ولا يربطها بأي استحقاق انتخابي .
وأما ما يخص حزب المؤتمر الشعبي العام الحزب الحاكم فمشكلته من وجهة نظري هو عدم وجود معارضة قوية تجعله يتعامل معها بمسؤولية ويحسب له ألف حساب إضافة إلى المشعبين في هذا الحزب الذين غالبيتهم من المشائخ الذين لا يردعهم نظام ولا قانون ولا هم دارين أين هذا النظام ولا يتقيدون به لأنهم ألفوا على عدم التقيد بأي قيود أو لأنهم لا يعلمون أن حربتهم تنتهي عند المساس بحرية الآخرين.
على كل فالمشكلة الآنف ذكرها وغيرها من المشاكل التي مازالت موجودة في اليمن هي من صنع السياسيين أو بالأحرى هي من صنع البشر نتيجة لاخطاءاتهم تارة ونتيجة لطموحاتهم وإطماعهم التي لا تقف عند حدود تارة أخرى ، فهذه المشاكل من الطبيعي أن كل طرف يدافع عن نفسه حيالها ومن الطبيعي أن نجد في غضونها هجمات وهجمات مضادة وهذا كما هو حاصل في بلدان العالم ، مع وجود الفارق طبعا حيث تحل مشاكل العالم ونحن مشاكلنا ليس لها حلول .
وما أريد أن أقوله هنا انه من غير الطبيعي أن نجد مبارزات إعلامية حامية الوطيس تجاوزت المنابر الإعلامية المحلية في وقت تجتاح البلاد فيضانات عارمة شرقا وغربا ، كان من المفترض أن تطغى هذه الفيضانات وما سببته من وفيات وجرف للممتلكات جعل الدول المجاورة والشقيقة والصديقة تتعاطف معنا وترسل بمعوناتها كان من المفترض أن تطغى على سيول التصريحات الإعلامية التي يشعلونها لتحرق ما أبقته مياه الفيضانات وكأنها تتحدى قطر السماء غير آبهة بما حل بشرق البلاد وغربها من نكبه قدرها الله سبحانه وهو الذي لا يحمد على مكروه سواء.
نحن في وقت نحتاج فيه إلى التعاطف والتكاتف والتسابق من اجل تقديم العون لأهلنا كل حسب طاقته وقدرته ونحن الذين قال فينا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم "جاءكم أهلهم ارق قلوبا والين افئده" أو كما قال صالح الله علية وسلم اليمن ، فأين نحن من ذلك ، كان من المفترض أن يأخذ الطرفان استراحة أو إجازة من التسابق إلى منابر الإعلام ضد بعضهم البعض ويتفرغ الجميع للوقوف صفا واحد وجبهة واحدة لإغاثة المتضررين وتعمير ما تم تدميره في المناطق المنكوبة من جراء الفيضانات التي اجتاحت محافظتي المهرة وحضرموت شرقا والحديدة غربا ، وكان عليهم أن يحذوا حذو المرشح الديمقراطي للرئاسة في أميركا باراك أوباما الذي أوقف حملته الانتخابية ضد خصومه الجمهوريين في معركة صاخبة وسباق على من سيترأس العالم وليس أميركا وحدها أوقف حملته بسبب وفات جدته ، فكيف بنا وقد مات العشرات وشرد المئات وهدمت منازلهم ولم نستطع أن نتوقف حتى نتجاوز الحدث الهام .
مصائب قوم عن قوم فوائد
أرجو ألا يتحقق هذا المثل عندنا في الوقت الحالي ويجب أن تصل المعونات بكافة أشكالها وأنواعها إلى المتضررين والمنكوبين وان تعمر بيوتهم ويعمل الجميع من اجل إعادة الحياة إلى طبيعتها ونناشد القائمين على المناطق المنكوبة والمعنيين في أن يتم توزيع المعونات إلى مستحقيها ، وألا ينفذ فيها حكم المرور ثلثين وثلث فعليهم أن يراقبوا لله في ذلك ، فما تم تقديمه من مساعدات داخلية وخارجية كفيلة بسد حاجات المتضررين وإعادة إعمار مناطقهم ، فاللجان التي تم تشكليها شكلت للحدث ذاته وللنكبة ذاتها لوم يتم تشكليها كي تقاسم المنكوبين والمتضررين معوناتهم .
هذا قدر الله
ما حدث في المهرة وحضرموت والحديدة قدر الله لا راد لقضائه سبحانه نحمده علي ذلك ونسأله اللطف بنا وعلينا أن نعود إليه ونستغفره لذنوبنا ، لا يتحمل مسؤوليته لا حزب حاكم ولا لقاء مشترك ولا حدا يتهم حدا فيه، إلا أن المسؤولية واقصد مسؤولية التقصير والإهمال سيتحملها في هذا الشأن من قصر في واجبه إزاء المناطق المتضررة وأهلها ، وكذلك يكون مخطئا من قال أن إعانة المتضررين والمنكوبين مسؤولية فلان وليست مسؤوليتي ، ويكون الانتقاد هنا والخطأ أيضا في عدم الأمانة في توزيع المساعدات ، فعلى الحزب الحاكم أن يكون دقيقا في توزيع المساعدات وتقديمها إلى أهلها حتى من باب ألا يترك للمشترك ما يقوله فيما بعد حول مسالة الاستفادة من المساعدات وهل وصلت مستحقيها وهل أعادت المناطق المتضررة إلى طبيعتها فهنا سيكون الجدل فيما بعد .
في الأربعاء 05 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 12:52:24 ص