|
تراجيديا عجيبة وغامضة حدثت داخل القصر الجمهوري والتي جعلت الجميع يدخل في حيرة يحاول أن يفك شفرة الأحداث ولكن من دون جدوى ، فإن الموضوع أكبر من أن يختزل في رؤية واحدة أو يتخذ منهجا واحدا في التحليل ولذلك اختلفت الرؤى وكثرت التكهنات وارتسمت علامات التعجب والاندهاش في مخيلة الجميع صغارا وكبارا و هم يتساءلون ما لذي يحدث ياترى ؟
وزاد الأمر حيرة عندما توجه الرئيس إلى السعودية لتلقي العلاج ، فانقشعت سحب الحيرة من ساحات التغيير وتحولت إلى كرنفالات فرح كبيرة وأخذ الجميع فرصتهم في التعبير عن هذا الفرح من خلال الرقص الشعبي مرددين أهازيج النصر مقدمين القرابين فرحا بيوم الفرح الأكبر منذ قيام الثورة وأخشى أن يكون هو الفرح الوحيد ،
وحتى لا يكون هو الفرح الوحيد فإن هناك مخاوف كثيرة قادمة ، وأول هذه المخاوف هو أن يضيع شباب الثورة هذه الفرصة السانحة التي ساقها إليها القدر بتدبير إلهي معجز ؛ فمن كان يظن أو يخطر على باله أن تكون النهاية بهذا السيناريو المخيف؛ ولا نريد أن تكون هذه الفرصة كالفرص السابقة التي لم يحسن الجميع استغلالها سواء (اللقاء المشترك) بتحركاته السياسية المتعثرة تلكم التحركات التي استطاع صالح أن يراوغ فيها ليجعل اللقاء المشترك يدور حول نفسه كما يدور الحمار حول الرحى ، واما بالنسبة لشباب الثورة فهم يترقبون لما ستسفر عنه تحركات اللقاء المشترك تجاه المبادرة الخليجية .....
إن (جمعة الكرامة ) كانت قد أدخلت النظام في زاية ضيقة ليس له من خيار إلا أن يستسلم بطريقة أو بأخرى إلا أن مرور الوقت أوجد مخرجا لدى الرئيس صالح وأعوانه وبقي الشباب في الساحات ينتظرون جمعة أخرى حتى جاءت رمية من السماء خطفت رأس النظام وبعض من معاونيه ......
وهانحن – أولاء اليوم – نقلب أيدينا وهي خاوية على عروشها بعد مرور أكثر من عشرة أيام فما هو الفعل الثوري الذي تم اتخاذه وماهو التصعيد الذي الذي قام به شباب الثورة لينتهزوا هذه الفرصة التاريخية الكبرى ؟
ليس هناك من خطوة مبشرة تلوح في الأفق سوى تلكم الخطوة الهزيلة المتمثلة باجتماع (اللقاء المشترك ) مع نائب الرئيس : عبد ربه منصور هادي وهي خطوة يجوز أن نطلق عليها ( حركة استجداء وتسول ) أشبه بمن يتسول من عبد لا يحق له التصرف في مال سيده ...
ورغم إدراك اللقاء المشترك بأن (عبده ) لا يملك من الأمر شيئا إلا أنه يمعن في (الإلحاف ) في المسألة بطريقة مشينة ....
ومن أجل هذا الاستجداء العليل نجد إخواننا يقدمون له الإغراءات بانه سيدخل تاريخ المجد من أوسع أبوابه ؛ وربما أدرك (عبده ) أن هذه الإغراءات التي يمليها المشترك لم تأت إلا ليدخلوا هم من أوسع أبواب السلطة والحصول على وزارات ينظرون إليها بعين ويفاوضون بالعين الأخرى ؛ .ليكون هذا التفاوض تفاوضا أعور يزيد الموقف غموضا ...
ليكونوا هم في الموقف الأضعف ، وهذا هو سر بقاء اللقاء المشترك يراوح مكانه خلال هذه الأيام العشر التي غاب فيها رأس النظام ؟
وكلما مر يوم دون أي فعل ثوري كان ذلك لصالح النظام لأن المجتمع الدولي ممثلا بدول الاتحاد الأروبي وأمريكا يتخذ من هذا الأمر ذريعة يتمسك بها في مواقفه ضد الثورة ليقول للمعارضة : ها هي الدولة قائمة في ظل غياب صالح وكبار رجال الدولة مما يدل على وجود دولة مؤسسات ونظام وقانون ؟
فماذا تريدون ؟
؛ وكل ذلك يزيد المعرضة ضعفا إلى ضعف ويزيد النظام قوة تمكنه من الاستمرار والبقاء في الوقت الذي لا يزال شباب الثورة في الميادين والساحات ينتظرون قدرا آخر يفتح أبواب النصر ...
ونحن نقول لهم : إن النصر لا يأتي بانتظار الأقدار ولكنه يأتي بالحركة والفعل واتخاذ الأسباب المشروعة ...
ومن الأمور المقلقة جدا هو ذلكم التردد في إعلان المجلس الانتقالي إلى ساعتنا هذه وكأنهم يريدون –أيضا- من نائب الرئيس أن يعطيهم الضوء الأخضر لإعلان هذا المجلس ؛ ولو افترضنا جدلا أن اللقاء المشترك قد نجح في إقناع نائب الرئيس أن يسمح لهم بتشكيل المجلس الانتقالي فإن هذا يعتبر جناية كبرى على الثورة وانتزاعا لمضمونها ومفعولها الثوري ومصادرة لحق الشباب الثائر ؛ لأن الاتفاق مع نائب الرئيس الذي هو جزء من النظام إنما هو اتفاق مع النظام وذلك يعني أننا نبحث عن أنصاف الحلول لثورتنا التي كان الهدف الرئيس لها هو إسقاط النظام ...
والسؤال الذي يفرض نفسه بل تفرضه الثورة القائمة : هو مالذي يدور في أروقة اللقاء المشترك ومن من أاحزاب اللقاء المشترك هو المسؤول عن هذا العبث السياسي الذي يصادر الحق الشرعي لهذه الثورة المباركة ؟!!
إننا الآن أمام لحظة تاريخية حرجة إن لم يحدث فيها حراك ثوري باتجاه التصعيد المستمر بعيدا عن جلسات المقيل مع النائب الذي لا رأي له ولا قرار وبعيدا عن الاستجداء المهين ؛ إن لم يحدث تصعيد يتصدره شباب الثروة فأستطيع أن أقول جازما : بأن الثورة ستدخل مرحلة هبوط حاد لمضمونها وشكلها وستدخل في سبات عميق لتستيقظ على مطارق النظام الذي سيكون كابوسا تاريخيا يزيدنا يأسا وإحباطا جيلا بعد جيل !!!
وإزاء هذه اللحظة الحرجة فليس أمامنا من خيار إلا أن يبادر أعضاء اللقاء المشترك في الكتلة البرلمانية لتقديم استقالاتهم واحدا بعد الآخر احتجاجا على التحركات الهزيلة التي يقوم بها اللقاء المشترك والتي توشك على أن تريق ماء وجوهنا أمام الله والتاريخ .
فهل يمكننا ان نرى هذه المبادرات التي تعيد اللقاء المشترك إلى صوابه ورشده وتجعله يعود إلى قافلة الثورة أم أن الأعضاء – أيضا – سيتمسكون بخيارات اللقاء المشترك لتظل ثورتنا مرهونة بسذاجة هذه التحركات وفي الوقت نفسه نرى مكر النظام يضيق الخناق على الثورة بالقدر الذي يتمكن فيه من استغفال اللقاء المشترك ؟؟؟
فما هي – إذا – خياراتكم ياشباب الثورة ...
.فانتم الآن أمام فرصة تاريخية فاستغلوها قبل ان يقول القائل : الصيف ضيعت اللبن !!!
في الخميس 16 يونيو-حزيران 2011 05:00:35 م