المقطري: بعض السلفيين وقفوا مع الطغاة والإسلام يقف في صف الثورات
بقلم/ مأرب برس - سلمان العماري
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و يوم واحد
الأربعاء 25 يناير-كانون الثاني 2012 05:09 م
 

في قراءة عميقة ومتصلة بواقع ومستقبل الحالة السلفية في اليمن،تسنى لي قبل بضعة أيام من محاورة القيادي في الحركة السلفية وعضو هيئة علماء اليمن ورابطة علماء المسلمين الشيخ الدكتور عقيل بن محمد زيد المقطري، الذي تناولت معه النقاش في قضايا متعددة ومهمة،كموقف السلفية من الثورات وعلاقتها بالسياسة،والواقع ومجريات الأحداث الدائرة في المنطقة عموما واليمن خصوصاً.

يعتبر الشيخ المقطري من المراجع الحركية والسلفية في اليمن وأحد القيادات التي أسهمت في تقديم الصورة المثالية والعقلانية للسلفية خلال الفترة الماضية ،كما شارك في تحرير الموقف الشرعي السلفي من ارتهانه وخطف الحاكم له ،ونزل مع آخرين إلى ميادين التغيير والحرية في عموم ساحات النضال،و عضو مؤسس رابطة شباب النهضة والتغيير،وخطب في الجموع المليونية الثائرة بساحة الحرية في تعز وغيرها بالإضافة إلى إعلانه منتصف العام الماضي 2011م تأسيس حزب العدالة والتنمية.

نال ضيف اللقاء درجة الماجستير في العام 2000م في علم الحديث وعلومه من الجامعة الوطنية ،وحصل على شهادة الدكتوراه في علم الحديث أيضاً من جامعة أفريقيا العالمية في السودان ،وهو عضو مؤسس في جمعية الحكمة اليمانية الخيرية،وله العديد من الجهود المبذولة في الجانب الخيري الإغاثي والأعمال المتنوعة ،والمؤلفات والكتابات والبحوث المنشورة والمطبوعة ،وقد طرحنا عليه جملة من القضايا ،وضمن تساؤلات أخرى تجدون الإجابة عنها في تالي السطور فإلى تفاصيل الحوار الذي ينشره " مأرب برس" على صدر صفحات موقعه بالتزامن مع موقع إسلام أون لاين.

حاوره : سلمان العماري

* كيف تقرؤون مجريات الأحداث الدائرة في اليمن والعالم الإسلامي؟

- ما يحدث في العالم الإسلامي أوجزه في أن هناك توجها عاما نحو التغيير، لكن بعض هذه الدول سيتقدم، والبعض الآخر سيتأخر، وأرى أن هناك إرهاصات للحكم الراشد بإذن الله تعالى، بدليل أن الإسلاميين بدؤوا يأخذون مكانهم الصحيح،وهذا التغيير سيطال جميع البلدان ولن يخطئ أية دولة.

ولا شك في أن اليمن - في نظري - قد تجاوز مرحلة الخطر وشبح الحرب، حيث جاءت المبادرة الخليجية مخرجا، وقام نائب الرئيس بمهامه وفق المبادرة بعد توقيع الرئيس علي صالح عليها، وتشكلت حكومة الوفاق الوطني، ولأول مرة تؤدي اليمين الدستورية أمام نائب الرئيس، واستلمت هذه الحكومة مهامها، كما تشكلت اللجنة الأمنية برئاسة نائب الرئيس وباشرت عملها في إزالة المظاهر المسلحة من المدن التي تشهد توترا كصنعاء وتعز وغيرهما، وبدأ الناس يشعرون بالأمان إلى حدٍ كبير واستبشروا بالخير.

* وماذا عن مسار الثورة في اليمن، والاتفاق الحاصل بين الحاكم والمعارضة؟

- الثورة في اليمن تسير في مسارها الصحيح نحو تحقيق بقية الأهداف، ولا أعتقد أن الثورة ستنتهي في سنة أو سنتين، بل قد تستمر ما بين عشر إلى عشرين سنة، لأن إسقاط النظام أسهل بكثير من إقامة النظام الجديد، وليس المطلوب إسقاط رأس النظام فحسب، بل إسقاط كل أدواته معه، وما أتمناه هو إقامة دولة العدل والنظام والقانون، مع الفصل بين السلطات الثلاث -التشريعية والتنفيذية والقضائية- ومرجعيتها الوحيدة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

أما الاتفاق الحاصل بين المعارضة والحاكم، فأرى أن هذا هو الواجب لحقن دماء اليمنيين وتجنيب البلاد الوقوع في الحرب الأهلية، وهذا ما كانت قد دعت إليه هيئة علماء اليمن في إبريل 2011م العام الماضي،وأما حق أولياء الدم فلا يسقط، كما نص على ذلك علماء اليمن في بيانهم الصادر في شهر ديسمبر 2011م .

ولا أرى تعارضاً بين المسار الثوري والسياسي، بل يكمل بعضهما بعضا، ولو نظرنا إلى ما حدث من ثورة في المؤسسات بعد التوقيع على المبادرة، لعلمنا أن هدفاً من الأهداف بدأ يتحقق على الأرض، وسوف تتحقق بإذن الله بقية الأهداف الأخرى، وأنصح الشباب ألا يتعجلوا في اتخاذ القرارات، وأن يشاوروا أهل الخبرة والتجربة، وليحذروا كل الحذر من المندسين والمخذلين .

الشرع والثورات

* وكيف تقيمون الموقف الشرعي والسياسي والغربي من الثورات ؟

- بالنسبة للموقف الشرعي فهو مع الثورات السلمية، ويراها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وللشعب أن يسترد حقه في تولية من يراه مناسباً، إذا رفض الأول الإصلاح، فالحاكم وكيل عن الأمة والشعب أصيل، وللأصيل أن يلغي الوكالة عن الوكيل .

ولابد من التفريق بين الخروج المسلح والتظاهر السلمي، وهذا هو الموقف الصحيح من الثورات الحاصلة والتي قد تحصل مستقبلاً .

أما الموقف السياسي، فيختلف من بلد لآخر، ففي تونس ومصر لم تظهر الأحزاب إطلاقاً، بل انضمت مع الثورة منذ أول وهلة، ولم تدخل في أي حوار مع الحكومات، وهذا ما عجل بالحسم الثوري وبقاء الثوار في الساحات لاستكمال أهداف ثورتهم، وهم في مأمن أفضل من بقائهم في ظل القمع والقتل، وهذا ما نأمل أن تكون عليه وزارة الداخلية في بلادنا، في ظل حكومة الوفاق، بأن يكون لديها الحماية الكاملة للمتظاهرين والمعتصمين وتشكل الدرع الواقي لهم من أية اعتداءات قد تقع في حقهم، حتى تتحقق أهداف ثورتهم .

وأما الموقف الغربي،فإنه بدا متناقضاً في أحواله، لأنه بنى مواقفه وفقاً لمصالحه، رغم مناداته بحق الشعوب في نيل الحرية والكرامة والتمتع بالديمقراطية وحقوق الإنسان، فقد كان موقفه مثلاً في تونس، أكثر وضوحاً، وتلكأ في ثورة مصر،وظهر موقفه جلياً في ليبيا،أما في اليمن فهو أشد غموضاً لأنه تحصل على مصالح من النظام لم يقدمها له أي رئيس آخر .

سلفية اليمن والثورة

* إلى أي مدى كان تأثير الثورة على السلفيين في اليمن، وكيف تم التعاطي معها ؟

- في كل الثورات التي حدثت في المنطقة والعالم العربي، اضطرب السلفيون في الموقف منها، وتباينت رؤاهم، فمنهم من وقف مع الرؤساء الطغاة حتى آخر لحظة، بل لا يزال يعتقد أن الشعب خرج على ولي الأمر الشرعي، ومنهم من تذبذب فبدأ بإصدار الفتاوى القائلة بأن الحاكم القائم هو ولي الأمر الشرعي وأن التظاهر عليه خروج ... الخصم تراجع عن ذلك القول، حين ظهرت بعض الأمور وجرى النقاش معه، واقتنع بأن ذلك ليس خروجا.. ومنهم من رأى أن التظاهر والاعتصام ليس خروجاً، وإنما الخروج يكون بالسلاح، وهؤلاء هم المعتدلون الوسطيون وأستطيع القول بأنهم جمهور السلفيين، وهذا يتنزل على السلفيين في اليمن على وجه الخصوص.

والسبب الذي جعل الفصيل الأول يقول بأن ذلك خروج على ولي الأمر الشرعي، هو إسقاط الأدلة في حق ولي الأمر الشرعي على هؤلاء الطغاة الظلمة الذين لم يقيموا الدين ولم يسوسوا الدنيا به، بل أخلوا بشروط الولاية وأنزلوا الضرر بالبلاد والعباد .

وثمة سبب آخر هو أنه لا يوجد للسلفية قيادة موحدة على مستوى الأقطار والعالم، مما جعل مواقفهم مختلفة وبدأ التباين جلياً في أول الأمر، ولكن بعد سقوط أربعة أنظمة، بدأت الصورة تتضح لهم أكثر، وبالرغم من وجود هذا التباين بين فصائل العمل السلفي الإ أنه تم التعامل معها كمسألة علمية لا تفسد للود قضية، فحصل نقاش وردود عبر وسائل متعددة،وإني لآمل أن تكون هذه القضية حافزاً لإيجاد قيادة ومرجعية واحدة يصدر عنها السلفيون.

* ما العوائق والعقبات التي حالت دون لحاق السلفية اليمنية بمثيلاتها في المنطقة ؟

- ثمة عوائق وعقبات عدة، منها انقسام السلفية إلى عدة فصائل، والتهارش والتآكل فيما بينها، وتضخيم الخلاف فيما بينها مما أدى بالبعض إلى أن ينقل الخلاف من خلاف أفهام أو تنوع إلى خلاف تضاد، بالإضافة إلى ضعف اللقاءات الحوارية والتشاورية فيما بينهم، واكتفاء الفصائل بالعمل الدعوي والخيري ورفضها لفترة طويلة للعمل السياسي بجميع مجالاته، فضلاً عن الدفع بأفرادها للتخصصات العلمية الهامة ،والتي تحتاج إليها الأمة كالسياسة والإعلام والطب ،والاكتفاء بالتخصصات الشرعية إلا ما ندر... إلخ .

ومن ذلك أن السلفية دعوة نخبوية انحصرت في (طلبة علم شرعي) عديمة الاهتمام بمكونات المجتمع الأخرى وتقوقعها،وعدم مشاركتها في الحياة العامة والمناصب الحكومية والقرب من صناعة القرار،ونتيجة لذلك التقوقع وعدم مخالطة الناس، وخاصة مسؤولي الدولة وإثارة الشائعات حولها بدوره ولّد تضجراً من النخب وعامة الناس .

بالإضافة إلى عدم الاهتمام بإيجاد المشاريع التجارية التي تدر المال على الدعوة، إذ لا يمكن أن تقام البرامج والأنشطة إلا بالمال الذي يعتبر عصب الحياة.

مشروع السلفية

* ما مشروع السلفيين وخياراتهم في المرحلة المقبلة ؟

- أهم مشروع في نظري، هو التقارب والتحالف وردم هوة الخلاف القائم أساسا على مسائل اجتهادية، ويليه العمل السياسي الذي بدت ملامحه تلوح في الأفق، فهناك حراك كبير داخل بعض الفصائل السلفية لعله يتبلور في السنتين القادمتين، ولعل أكثر الفصائل السلفية تدخل في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهكذا العمل في الجانب الإعلامي هنالك تحركات ودراسات لإطلاق قناة فضائية، فالعصر هو عصر الإعلام، ونحن ندرك مدى تأثير الإعلام في تشكيل الرأي العام، وبهذا يكون السلفيون قد خرجوا من الرتابة التي استمروا عليها لعقود وأتوقع أن يكون للسلفيين أنصار كثر بإذن الله تعالى، إذا تنوعت أعمالهم وبرزوا بصورة معتدلة تتعامل بواقعية وتعمل بالممكن وترجئ غير الممكن.

* إلى وصلت قناعة السلفيين في مسألة المشاركة في العمل السياسي والقبول بآليات العمل الديمقراطي ؟

- جمهور السلفيين مقتنع بالعمل السياسي، ولكن لا يزال الخلاف قائما، هل يكون ذلك بتشكيل حزب سياسي أم يكون بغير حزب، بمعنى أن يترشح السلفي كمستقل، أما الترشيح والدخول كمستقل، فلا إشكال فيه عند الفصائل المقتنعة، لأن العمل السياسي لن يكون في هذه الحال منضويا تحت قانون الأحزاب، وأما العمل في الإطار الحزبي، فهذا لا يزال فيه خلاف، ولكن هناك دراسات وأبحاث تأصيلية للعمل السياسي، ومنها دراسة لكيفية التعامل مع قانون الأحزاب لعلها توجد المخرج من هذا الإشكال.

السلفية والحوثية

* ماذا عن المواجهات القائمة بين السلفيين والحوثيين في صعدة على وجه الخصوص؟ وما الأسباب التي دفعت إلى ذلك؟

- الحوثية زيدية جارودية في الأصل وتأثرت بإيران منذ التسعينات واعتنقت المذهب الجعفري الإثني عشري، وقد كان للرئيس صالح دور بارز في إنشاء هذه الطائفة تحت مسمى (الشباب المؤمن) ودعمهم دعماً كبيراً، واستخدمهم فيما بعد كورقة ضغط لابتزاز دول الجوار، وخاصة السعودية، هذه الطائفة أفصحت عن مطالبها بعد حرب صعدة الأولى، فيما أظن، ومنها طرد ما أسمتهم بـ (الوهابية)، ويقصدون أهل السنة، من سلفيين أو إخوان مسلمين من صعدة، ولما قامت الثورة الشعبية السلمية وكان موقف السلفيين المتواجدين في دماج بصعدة سلبيا من الثورة، ووصمت الثوار بأنهم خوارج، ووقفت مع السلطة، كان ذلك من جملة الأسباب التي فرح بها الحوثيون، وادخروها للوقت المناسب.

وفي رمضان المنصرم بدأ الحوثيون التحرش بأهل السنة في صعدة، وكانوا من قبل قد هجروا بعض أهل السنة من بيوتهم من أهل المنطقة وفي ذي القعدة 1432هـ بدأ الحصار الفعلي على قرية دماج، واشتد الحصار بعد توقيع علي صالح على المبادرة الخليجية، ونحن نعلم أنه أثناء الثورة قام علي صالح بسحب أكثر الجيش من صعدة بأسلحته الخفيفة، وترك المواقع بما فيها من الأسلحة الثقيلة للحوثيين، فهم يمتلكون اليوم أكثر من ثمانين دبابة، ولك أن تقدر كم عندهم من المدافع ومضادات الطائرات والـ"آر بي جي" ومن الذخائر الأخرى، فهم يرون أنفسهم اليوم دولة داخل الدولة، أما أسباب المواجهة فترجع إلى ابتداء الحوثيين بأذية أهل السنة حتى من أبناء صعدة كما ذكرنا، وللعلم فإن هناك أكثر من مائتي أسرة نازحة من صعدة تسكن في صنعاء، وهناك أسر أخرى في غير صنعاء .

وقد تعايش أهل السنة مع الزيدية في اليمن لأكثر من ثمانمائة عام، والسلفيون في دماج لأكثر من ثلاثة عقود، ولم يتسببوا في إراقة دم، لكن الغرض من هذه المواجهة هو إشعال الحرب الطائفية، وهي ورقة من أوراق بقايا النظام الذي كان قد توعد بها من قبل، ومما يدل على أن هذا النظام لا يعترف بالجميل لأحد، أنه وجه الحوثيين ضد من وقف معه نحو عشرة أشهر بالفتاوى والمقالات والمقابلات عبر الفضائيات، لكن النظام لم يدن هذا الظلم، والأخبار مؤكدة أن النظام يدعم الحوثيين، ولقد كان بإمكان النظام أن يصنع لأهل دماج الشيء الكثير، وللقارئ أن يرجع إلى مقالة لي نشرت على موقعي بعنوان: ماذا يريد الحوثيون؟

وقد كان من فضل الله تعالى أن قيض قبائل ذات نخوة وشهامة ونجدة لفك الحصار عن المظلومين في دماج، حيث هبت وتحالفت من أكثر من محافظة،وانطلقت من وائلة، ولقنت الحوثيين دروساً قاسية، ولم يكن هذا بحسبان الحوثيين، فقد ساءت تقديراتهم.

مستقبل السلفية اليمنية

* ما مستقبل السلفيين في اليمن وأولوياتهم في المرحلة المقبلة ؟

- مستقبل السلفيين في اليمن سيكون حافلا بالإنجازات الكثيرة بإذن الله تعالى، خصوصا إذا فتحوا آفاقا جديدة وعرفوا العامة بمنهجهم الوسطي المعتدل، وخاضوا غمار الإعلام والعمل السياسي، لأن الدعوة السلفية شوهت من قبل خصومها،ومن قبل بعض تصرفات أفرادها.

* تشكلت كيانات وتيارات سلفية عدة في ظل الثورة، ما الأسباب والدوافع لتشكيلها ؟

- ليست كذلك، بل هي حركات ترى مشروعية العمل السياسي، وانضمت إلى الثورة السلمية من بداية انطلاقها، وقد خرجت هذه الحركات من الكيانات الموجودة العاملة في الساحة،غير أن ثمة رموز في هذه الكيانات وقفت موقفا سلبيا من الثورة، وتلك الحركات برموزها أيدت الثورة، ثم إن هذه الحركات تجمعت تحت قيادة واحدة، وهي (رابطة النهضة والتغيير) والتي تم إشهارها في ساحة التغيير بصنعاء، وهذه الرابطة تقوم حاليا ببلورة أدبياتها للعمل السياسي السلفي وسيكون برنامجها السياسي لجميع الفصائل السلفية بعد العرض عليها، وإقراره بإذن الله .

* ما المآخذ والموانع التي تحول بين السلفيين والعمل السياسي ؟

- هنالك موانع ومآخذ منعت السلفيين على مستوى العالم العربي، فمنها وجود مخالفات شرعية في قانون الأحزاب وفي ميثاق الشرف، وكون بعض القضايا الشرعية تعرض على مجلس النواب للتصويت عليها، وهذا ما يعرض الثوابت للتصويت عليها في هذه المجالس .

ومن ذلك أن الديمقراطية والأغلبية هي الحاكمة والمعول عليها في التشريع والتقنين، وليس الشرع المطهر، وكذلك انعدام النزاهة والشفافية في الانتخابات، ومسألة التداول السلمي للسلطة ما يعني أنه لو فاز حزب علماني، وجب التسليم له حتى تنقضي ولايته، ثم يتنافس في الانتخابات القادمة، ثم إن البرلمان في يد الرئيس يحله متى أراد، وهناك التسوية بين صوت البر والفاجر والرجل والمرأة والعالم والجاهل، سواء في الانتخابات أو داخل البرلمان .

وكذلك قضية التعايش مع الأحزاب العلمانية ومع الأقليات الدينية في بعض البلدان. وغيرها من المآخذ وأكثر هذه المآخذ لم تأخذ حظها من الدراسة الشرعية من قبل السلفيين،غير أنه في الآونة المتأخرة بدأ التوجه نحو دراسة هذه العوائق، وكيفية التعامل معها والتي ينبغي التعامل معها، من خلال فقه الممكن في هذه المرحلة، بموجب الضوابط الشرعية، ولا شك في أن السلفيين في بعض البلدان قد نضجوا في العمل السياسي، فاجتازوا هذه العوائق، وخاضوا غمار العمل السياسي وكان لهم دور رائد، كما هو الحال في الكويت والبحرين ومصر، وينبغي على السلفيين في اليمن أن يستفيدوا من هذه التجارب. وأكرر أن ثمة فرقا بين فقه التمكين وفقه الممكن، فليتنبه السلفيون في اليمن وغيرها لهذه القضية .

* ما هي رسالتك التي تريد أن تبعث بها للسلفيين ولغيرهم؟

- رسالتي أوجهها إلى غير المقتنعين بالعمل السياسي ألا يخذلوا إخوانهم، فالمسألة ليست قطعية، بل خلافية، وليكن النقاش فيها علمياً، ولا يجوز أن يتهاجر السلفيون فيما بينهم بسببها، ولا أن يبدع بعضهم بعضاً، بل إنني آمل أن يعجل في تشكيل مرجعية شرعية للجماعة السلفية على مستوى اليمن، ولنتذكر جميعا قول ربنا عز وجل ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين). ولنفرق بين المسائل العملية والمسائل العلمية، فالمسائل العملية يجب أن يكون موقف الجماعة بقادتها وأفرادها موحدا، أما المسائل العلمية فلا مانع من أن تختلف أفهامنا فيها، ولكن علينا أن نتأدب بآداب الخلاف.

وأخيراً،أدعو إلى التعاون والتنسيق مع بقية الفصائل الإسلامية،حتى يظهر الإسلاميون بمظهر الاتحاد والقوة أمام أعدائهم، ولتكن كلمتهم مجتمعة، فيما فيه صالح الإسلام والمسلمين، والله أسأل أن يجمع كلمتنا ويلم شعثنا ويرحم ضعفنا، كما أسأله سبحانه أن ينصر الإسلام والمسلمين ويرد كيد الكائدين في نحورهم، إنه سميع مجيب.