اليمن الي اين..تحديات التشطير..والحاجات التغيير !!
بقلم/ عادل الصلوي
نشر منذ: 15 سنة و 5 أشهر و 11 يوماً
الأربعاء 15 يوليو-تموز 2009 05:34 م

تشهد اليمن حالة غير مسبوقة من الاحتقان السياسي والأمني افرزتها تداعيات لاتزال ماثلة بقوة على مفردات المشهد العام في البلاد جراء تصاعد الاضطرابات في المناطق الجنوبية والشرقية التى سرعان ما تحولت وفي تطور دراماتيكي لافت من مظاهر احتجاج سلمي ذات طابع مطلبي قبل عامين الى عاصفة من " الحراك الانفصالي " المناهض لوحدة شطري البلاد والمطالب " "بفك الارتباط " قبيل أن تظهر عناصر اضافية في مشهد الازمة اليمنية تمثلت في تصاعد تهديدات تنظيم القاعدة الناشيء عن اندماج فرعي اليمن والسعودية انطلاقا من شرق البلاد وبروز مؤشرات حرب سادسة مع الحوثيين في اقصي الشمال اليمني

الحراك .. وظهور البيض !!

مثل الظهور المباغت لنائب الرئيس اليمني الاسبق علي سالم البيض على واجهة المشهد السياسي في اليمن بعد خمسة عشر عاما من الاحتجاب القسري التزم خلالها الأخير الصمت والانعزال في منفاه الأختياري بسلطنة عمان التى قصدها عقب هزيمته في حرب صيف 1994م التطور الدراماتيكي الأبرز في مسار مشهد الازمة القائمة في اليمن جراء تصاعد انشطة ما يعرف بقوي " الحراك الجنوبي " لاعتبارات تتعلق بتوقيت استئناف الرجل الذي اشترك مع الرئيس اليمني الحالي علي عبدالله صالح في التوقيع على أتفاقية اندماج شطري اليمن في الـ 22من مايو من العام 1990م لنشاطة السياسي المعارض والذي تزامن مع حلول الذكري الـ 19 لتحقيق الوحدة اليمنية والـ 15 لاعلانه الشهير في العام 1994م " فك الارتباط بين شطري اليمن من طرف واحد وهو ذات الاعلان الذي تصدر مضمون خطابة السياسي الأول عشية الـ 22من مايو الماضي بعد ظهورة المفاجيء في مدينة ميونيخ الالمانية التى وصلها قادما من سلطنة عمان بعد أن سلم جواز سفره ووثائق هويته العمانية للسلطات العمانية قبيل أن تبادر الأخيره وعقب ساعات من تداول العديد من الفضائيات العربية مقتطفات من مؤتمر صحفي عقده البيض في منفاه الأوربي الجديد جدد من خلاله اعلان فك الأرتباط بين شطري اليمن والدعوة بتصعيد مظاهر المناهضة لما وصفه " بالاحتلال القسري الشمالي لدولة الجنوب " باعلان سحب الجنسية العمانية عن الزعيم السياسي اليمني المعارض لاعتبارات تتعلق باخلاله لالتزامة بعدم ممارسة أى انشطة سياسية مناهضة للنظام السياسي الحاكم في اليمن وهو الاشتراط الذي منح على اساسه الجنسية العمانية .

ما وراء ظهور البيض !!

توقيت ظهور البيض وأن تزامن مع تصاعد احداث الاضطرابات في المحافظات الجنوبية والشرقية من اليمن وتصعيد ما يسمي بقوي " الحراك الجنوبي المناهضة للوحدة الاندماجية بين شطري البلاد لانشطتها -وهو ما يمكن تفهمة كمحاولة من الرجل لاستثمار تداعيات تلك الاضطرابات في استعادة حضوره السياسي المؤثر- التى لاتزال ماثلة على مفردات المشهد العام في اليمن  الا أن هذا الظهور المباغت مثل بحسب العديد من المراقبين لتطورات الأوضاع في الساحة اليمنية تتويجا لمشهد الأزمة القائمة في اليمن وبداية منعطف جديد وتصاعدي في اداء معارضة المنفي باتجاه "التدويل" المؤثر لاحداث الاضطربات المحتدمة في المناطق الجنوبية والشرقية من اليمن عبر اظهارها كسند شعبي لخيار " لانفصال " الذي لايزال ورغم مرور " 15" عاما على انهاء حرب صيف 1994م يمثل التحد الأكبر امام دولة الوحدة اليمنية الناشئة وبخاصة بعد ان اثبتت تداعيات أحداث الاضطرابات المستمرة والمتصاعدة منذ عامين في المناطق الجنوبية والشرقية أن التلكأ في تسوية آثار تلك الحرب كان المعادل الموضوعي لخطأ اقتراف الحرب ذاتها وأن التسويف في معالجة اخطاء ما بعد الـ 7من يوليو من ذات العام قد افرزت بيئة اجتماعية وسياسية غير مستقرة ومزاج شعبي عكر مهيأ للتحريض وغير ملتزم بالتسويات الآمنة لمعضلات شائكة ومزمنة من قبيل " اراض الجنوب " و " سطوة المتنفذين " " والقضايا المطلبية " وهو ما كرس لاحقا في اثارة النزعة الانفصالية وتأجيج حالة السخط الشعبي في المناطق الجنوبية أزاء بعض الممارسات السلبية والمستفزة ومن أبرزها " النهب المنظم للاراضي في الجنوب قبيل أن يسجل المشهد السياسي والأجتماعي في اليمن ظهورا لافتا ومنظما لما بات يعرف " بقوي الحراك الجنوبي "بتوجهاتها وشعاراتها المعلنة والصريحة المناهضة لوحدة شطري اليمن والمطالبة باستقلال الجنوب وإعادة الأوضاع في اليمن الى ما قبل الـ 22من مايو من العام 1990م .

روشتة المعالجات الحكومية :

التصاعد المضطرد لاحداث الاضطرابات في المناطق الجنوبية والشرقية وما اثارته هذه الاضطربات من توجسات لدي القيادة والحكومة اليمنية عززتها مظاهر التصعيد الحاد لانشطة " قوي الحراك الجنوبي " التحريضية للشارع الجنوبي ضد سلطات الدولة والتى وصلت الى حد قيام بعض المؤيدين لتوجهات " قوي الحراك " باحراق مقار مصالح ومؤسسات حكومية في مدينة " أبين " ومهاجمة منشآت وعقارات اهلية يملكها بعض التجار المنحدرين من المناطق الشمالية في مدينة " المكلا" بحضرموت وقطع الطريق الذي يربط مدينة " الضالع " الجنوبية بالعاصمة صنعاء ، فرض على القيادة والحكومية اليمنية المبادرة باتخاذ تدابير طارئة بهدف التسريع بتهدئة الاوضاع في المناطق الجنوبية والشرقية وتطويق حالة " الاحتقان " المتصاعدة في أوساط الشارع الجنوبي من خلال روشتة معالجات مكلفة دشنت بتخصيص مبلغ " 52 " مليار ريال يمني لتسوية اوضاع العسكريين الجنوبيين في المؤسستين الأمنية 

مؤتمرات محلية اضطرارية !!

مساع الحكومة اليمنية لتدارك الاوضاع المتفاقمة في المناطق الجنوبية والمخاوف من امتداد خارطة الاضطرابات الى المناطق الشمالية اضطرها الى رعاية انعقاد مؤتمرات موسعة للمجالس المحلية " البلدية " في كافة مدن البلاد اتسمت بمشاركة كبار مسئولي الدولة والحزب الحاكم وكرست لمناقشة وتحديد طبيعة الاحتياجات التنموية والخدمية لكل مدينة على حدة وبحيث يتم احالة قوائم المطالب والاحتياجات الى مؤتمر موسع للمجالس المحلية يعقد لاحقا وبحسب الاكاديمي الاقتصادي اليمني " عبد الرحمن الخطيب "فأن انعقاد هذه المؤتمرات التى نظمت على عجل كونها جزء من التدابير الحكومية التى فرضتها تداعيات أحداث الاضطرابات في الجنوب سبب ارباكا كبيرا لاجندة الاولويات الحكومية المحددة في الخطة الخمسية الثالثة كما انها اضطرت الحكومة الى تخصيص موازنة ضخمة لتغطية نفقات طارئة ستفرضها الحاحات تلبية الحد الادني من استحقاقات نتائج المؤتمرات المحلية الموسعة .

مفارقة لافتة !!

مساع ومبادرة الحكومة اليمنية الى احتواء تداعيات الاضطربات في المناطق الجنوبية والشرقية عبر روزنامة من الاجراءات والتدابير المكلفة الهادفة الى تحقيق " التهدئة " تزامن وفي مفارقة لافتة مع تصعيد حاد لاجراءات مغايره استهدفت وبشكل غير مسبوق ابرز الصحف الاهلية والمعارضة في الساحة الاعلامية اليمنية التى تعرضت عشر منها الى اجراءت عقابية تراوحت بين الحجز الاداري والمصادرة وحظر الصدور فيما فرضت السلطات الأمنية حظرا نسبيا على مراسلي الصحف المحلية والخارجية والفضائيات للحيلولة دون  تغطية التطورات والاحداث في المناطق الجنوبية والشرقية قبيل أن يرفع مستوي الحظر الى التشدد ويتعرض صحفيين لاجراءات عقابية من قبيل مصادرة المعدات والاحتجاز المؤقت قبيل أن يفاجأ وزير العدل اليمني الدكتور غازي الأغبري الاوساط الاعلامية والسياسية باعلانه اعتزام وزارته انشاء محكمة خاصة لمحاكمة الصحفيين وهو ما اثار سخطا واستياء تجاوز الاوساط المحلية الى الدولية وبخاصة أبرز الدول المانحة لليمن كالمانيا الأتحادية وبريطانيا والويات المتحدة والتى ابدت مواقف على لسان ممثليها الدبلوماسيين في اليمن انتقدت من خلالها توقيع عقوبات الحجز الاداري ومنع الصدور على ابرز الصحف الاهلية والمعارضة وقرار انشاء محكمة مختصة للصحفيين وهي اجراءات اعتبرها العديد من الناشطين الحقوقيين والمشتغلين في الوسط الاعلامي اليمني بداية تراجع حاد لسقف الحريات الصحفية في اليمن ويصف رئيس المنظمة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات " هود " المحامي محمد علاو الاجراءات المتخذة من قبل وزارة الاعلام ضد الصحف الاهلية والمعارضة بأنها " غير قانونية ولا تستند لمسوغ شرعي " مشيرا الى ان توقيع عقوبات كالحجز الاداري من قبل الوزارة على عشر صحف تجاوز للصلاحيات الممنوحة لها كون مثل هذه العقوبة يستلزم لتنفيذها صدور حكم قضائي من محكمة مختصة وهو ما يجعل من تنفيذ الحجز الاداري قبل صدور الحكم القضائي بحسب التوصيف القانوني " تعسفا في استخدام السلطة وانتهاكا صارخ لحقوق النشر " .

القاعدة والحوثيين :

الاصطياد في الماء العكر !!

تداعيات الاحداث المتصاعدة في المناطق الجنوبية والشرقية من اليمن وأن مثلت فرصة استثنائية لتصعيد الانشطة والخطاب السياسي المناهض لدولة الوحدة من قبل ما يسمي " بقوي الحراك الجنوبي " ومعارضة المنفي التى تتزعمها شخصيات لا تفتقد للوزن والتاريخ السياسي كأول رئيس للوزراء لدولة الوحدة المهندس حيدر ابو بكر العطاس وعلي سالم البيض ومحمد حيدرة مسدوس وغيرهم من القيادات الجنوبية الا ان هذه التداعيات كرست من قبل قوي أخري لاعبة في المشهد اليمني وتحديدا تنظيم القاعدة وجماعية الحوثيين في صعده شمال اليمن باتجاه تضييق الخناق على الحكومة اليمنية من خلال خطاب تحريضي " متسق " كان اشبه بمحاولة الاصطياد في الماء العكر لتحقيق مكاسب وحضور قسري على واجهة المشهد العام في اليمن وفي حين سارع تنظيم القاعدة الى محاولة استثمار تداعيات الاحداث في الجنوب باعلانه على لسان ناصر الوحيشي السكرتير السابق لزعيم القاعدة الشيخ اسامة بن لادن والأمير الحالي لما يسمي " بتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب المكون من ائتلاف عناصر التنظيم في اليمن والسعودية تاييد ودعم القاعدة " للحراك الجنوبي "وتحريض القبائل في المناطق الشمالية على المناهضة المسلحة للدولة لم يتردد من جهته الحوثي وأتباعه في اعلان موقف مماثل عبر عنه يحي الحوثي الناطق الرسمي باسم الحوثيين في تصريحات نشرت له قبل اسابيع حمل من خلالها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وحكومته مسئولية الاضطربات في الجنوب داعيا الى تعميم ما وصفها بانتفاضة " الحراك الجنوبي " لتشمل كافة المدن اليمنية مساع تنظيم القاعدة وجماعة الحوثيين الى استغلال اتساع نطاق الاضطرايات في المناطق الجنوبية والشرقية واستغراق التركيز الحكومي في محاولات تحقيق التهدئة واحتواء تداعيات الاضطرابات لم تتوقف عند مجرد اصدار التصريحات والبيانات التحريضية لاذكاء جذوة الاحتقان القائم في الجنوب بل تجاوزت ذلك الى محاولة تحقيق حضور ومكاسب على الارض من خلال تصعيد القاعدة لتهديدات باستهداف وتصفية مسئولين حكوميين وقيادات عسكرية وأمنية والقيام بتحركات ميدانية لبعض ناشطيها بهدف تشتيت التركيز الامني ..فيما سجلت الاشهر الستة الاخيرة تجددا نسبيا للمواجهات بين الحوثيين وعدد من القبائل الموالية للحكومة ومناوشات متفرقة مع القوات الحكومية المتواجدة في المنطقة كما شهدت ذات الفترة محاولات من الحوثيين لتوسيع حضورهم ونفوذهم الميداني اسفرت عن اندلاع مواجهات مسلحة مع احدي ابرز القبائل بمنطقة " الجوف " الحدودية قبيل أن يتوج المشهد الأمني المتوتر في الشمال بعملية اختطاف قسري تعرض لها تسعة من الالمان وممرضة تحمل الجنسية الكورية الجنوبية لتخلص الى نهاية ماساوية تمثلت بمصرع ثلاث نساء من المختطفات قبيل ان توجه اصابع الاتهام الرسمي الى الحوثيين الذين سارعوا الى النفي واعتبار هذه الاتهامات ارهاصات لحرب دموية سادسة

اليمن الى اين !!

بالرغم من تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية نتيجة عملية الاصلاحات المستمرة التى دشنت في العام 2005م والاعلان عن اكتشافات لحقول نفطية جديدة والتدشين الوشيك للغاز المسال الا ان ثمة ضلال قائمة القت بها على مفردات المشهد العام في اليمن تداعيات الاوضاع السياسية والامنية المتردية في البلاد والتصاعد المضطرد لتهديدات القاعدة وتمرد الحوثيين الى جانب الظهور المتجدد لظاهرة اختطاف الاجانب والتصعيد الحاد للنزعة الانفصالية التى تستمد زخمها من تصاعد الاضطرابات في المناطق الجنوبية والمخاوف والتوجسات من اضطلاع قوي خارجية في تاجيج خارطة الاضطرابات في اليمن الامر الذي بات يفرض على القيادة والحكومة اليمنية مواجهة تحديات التشظي والتشطير باجندة جادة للتغييرالذي اضحي وفي ظل كافة التحديات المحدقة باليمن بمثابة نقطة الضوء المفتقدة في اخر النفق .