17 يوليو 2009..... تعود الذكرى وتتعرى المواقف.
بقلم/ علي عبدالله الغيل
نشر منذ: 15 سنة و 5 أشهر و 10 أيام
الخميس 16 يوليو-تموز 2009 06:20 م

في مثل هذه الأيام من العام الماضي اخذ اليراع دوره في محاولة موضوعية للكتابة حول ذكرى السابع عشر من يوليو معتبرا أياها إحدى المناسبات التي يستحب الاحتفاء بها أسوة ببقية خلق الله في العالم، وكون صاحبها ولي الأمر الذي استوجب الله طاعته ما أطاع الله وما لم يأمر بترك الصلاة.

في تلك الخاطرة ذكرت أن الأخ الرئيس عُرف على انه صاحب إجماع من قبل رؤساء الأحزاب ومشايخ القبائل وعلى انه الأجدر والأقوى على أخراج البلاد من المشاكل والفتن وقيادتها نحو مسقبل أفضل وتساءلت في تلك الخاطرة عن سر التغير المفاجئ والعكسي لقيادات تلك الأحزاب التي صارت تعزي كل خراب وفقر ومآس إلى من كانت في سابق الأيام تعترف له بالجميل وتعده الفارس الأصيل ذو الخبرة والحنكة والدهاء.

وما إن نزلت تلك الخاطرة على الشبكة المفتوحة عبر الغراء ( مأرب برس ) حتى تناولتها التعليقات المتضاربة التي تعكس الصورة النفسية للمجتمع والتي ان أستمر الأعلام المفتوح في تغذيتها سنجد انفسنا في هوة عميقة وعدم انسجام او اتفاق حتى على أبسط البديهيات كون الناس اصبحت لا تقرأ ما يكتب وانما تستطلع من الكاتب وما توجهاته وفي أي صحيفة أو موقع يكتب؟ وعلى ضوء ذلك تبني حكمها الجائر بأنه إما منافق مطبل، أو محايد صاحب قلم ذهبي نادر ( التصنيف للكاتب عمر عبرين ).

المتابع لتعليقات القراء في جميع المقالات المفتوحة لإبداء الرأي يصيبه الإحباط فكل قارئ يحاول سحب المقال وتصنيف كاتبه في الاتجاه الذي يخدم أهدافه وهذا ما أطلق عليه الأستاذ الدكتور عبد العزيز المقالح ( حرية الكلام ) بدلا عن (حرية التعبير) وهنا لا بد من الإشارة بأن الكثير من الأقلام قد توقفت أو أحجمت عن الكتابة بسبب حرية الكلام اللا مسئول وخشية أن توصف بالنفاق والتبعية إذا هي كتبت دون ارتداء النظارة السوداء .

في العام الماضي وهذا العام والسنوات المقبلة - إذا كان في العمر بقية - سنكتب عن هذه الذكرى لا مادحين ولا مستجدين ولكن أيضا لا قادحين ولا متنكرين سنكتب مذكرين إخواننا بأنه يمكن ان نختلف مع ولي الأمر ولكنه أيضا في ذكرى عيد ميلاده او ذكرى توليه مقاليد الحكم يمكن أن نُجمع على كونها مناسبة وطنية مصغرة لتقديم التهاني وذكر المحاسن ونترك الحديث عن غير ذلك لبقية الأيام حتى نبدو أمام العالم المتحضر بأننا منطقيين في الطرح وأننا نعلم بأن لكل مقام مقال وان الخلاف لا يفسد للود قضية.

 رمزية الاحتفال بهذه المناسبات يجمع عليها العالم إلا معارضتنا باليمن وبعض الدول العربية والنتيجة هي ما نراه من انتقال للعدوى إلى ما هو اكبر واهم من ذلك فها نحن نرى البعض أحزاب وجاليات وشخصيات معارضة تدعو إلى عدم الاحتفال بعيد الوحدة ولا بأعياد الثورة المجيدة!!!

لقد أثبتت التجارب المعاصرة أننا في الشعوب العربية صرنا أصحاب حقد وضغينة ضد بعضنا البعض ومن الدرجة الأولى والفريدة من نوعها بحيث إننا نستعين بالشيطان للحصول على الانتقام الذي نسعى نحوه فقد رأينا من أبناء الأمة العربية المسلمة من أدلى بشهاداته الكاذبة أمام الدول المعادية بأن بلاده خطر عن العالم!!! وأنها وقيادتها تسعى وتصنع ما فيه دمار للبشرية !!! ورأينا أيضا قادة دول يقدمون الدعم المادي والمعنوي لاحتلال دول أخرى.

رأينا سقوط دول وأخرى في طريقها الجميع بأيدي وأفكار ثلة من أبناء تلك الدول وها هي النتائج المؤلمة لتلك الأختلالات الأمنية التي تبدأ بهز الأنظمة وتنتهي بذبح الشعوب، وما أشبه الليلة بالبارحة فها نحن في اليمن نرى من ينادي بكل ما نادى بها إخوانه السابقين في العراق وحاليا في السودان وربما في سوريا وغيرها دونما حرج او وازع من ضمير

ونظرة على وضع المعارضة في بلدنا الحبيب اقول ومن باب ضرب الأمثلة - ليس إلا – من الذي له مصلحة في التشكيك والتقليل من شأن لمسة معنوية تقدمها القيادة السياسية لأبناء جنين بفلسطين أو لبناء مدرسة تعليمية في جنوب لبنان؟

من الذي يمكن أن يجادل في نوايا بناء مسجد عريق وتحفة فنية رائعة اصبحت من معالم العاصمة صنعاء؟

من كان يتخيل ان هناك من سيشمت بالوطن ويقف معنويا مع الخصم في حادث اليمنية الأخير او اختطاف وقتل الأطباء الأجانب في صعدة لا لشيء سوا انه سيزيد من غضب الخارج على البلد ومن ثم ينال القيادة قسطا من ذلك الغضب؟!!!

وأخيرا من كان يحلم أن من سينادي بالانفصال سيظل مقبولا ومعتدلا أمام بعض القوى؟

وهنا اقول انه كما ان هناك من يمضي بالبلاد بفساده إلى المجهول وهم قليل وبعدد الأصابع فأن هناك من المعارضة من يجري بنا ويهرول نحو الهاوية وهم كثير وكثيرا جدا, الفساد يمكن علاجه والتغلب عليه تدريجيا لكن التدويل وانعدام الأمن لا خروج منه.

 هناك أيها الأخوة من وجد نفسه ملزما أدبيا بمواصلة الدرب مع من قد تحالف معهم وهناك من أصبح يائسا من أمكانية التغيير ورفع المظالم وهؤلاء يمكن علاجهم لكن الأخطر هم أولئك الذين نعلم بالتقائهم المباشر مع العدو واستلام الأموال الطائلة المعلنة لإثارة المشاكل واستمرار الفوضى والله وحده القادر على رد كيدهم في نحورهم.

في الذكرى الواحدة والثلاثين للسابع عشر من يوليو يحلو لي أن انقل صورة حية شاهدتها وأشهد بها أمام الله يوم يسال الناس وهو اعلم بما عملوا، وهي أنه وحينما كان الأخ الرئيس قد قرر وبإصرار عدم ترشيح نفسه مرة أخرى وخرجت الجموع تطالبه بالتراجع عن قراره, في تلك الفترة وكنت حاضرا في ميدان السبعين رأيت العديد من الكادحين ممن ذرفت عيونهم بالدمع حينما أعلن تراجعه عن قراره. أعلم هناك من سيقول أن هؤلاء هم المغفلين وهم سبب ما نحن فيه من بلاء وسيقول البعض الأخر أن أولئك إنما كانوا ضباط مدربين على ذلك، لكن الصورة كانت غير ذلك.

تلك الصورة طبعت أثرها وكانت لتأثر حتى في عتاولة المعارضة فيما لو رأوها، وكانت تعبيرا صادقا عن براءة المواطن العادي وارتباطه الروحي بقائده الذي تربى على سماع كلاماته الجميلة ومعايشة انجازاته الكبيرة وتشرف بمواقفه العربية الأصيلة والثابتة.

اليوم أكثر من أي وقت مضى أدرك أهمية وصوابية تراجع الأخ الرئيس عن قراره وتغليبه مصلحة البلد على راحته النفسية فالمؤامرة التي تحاك على الوحدة اليوم كانت لتبدأ آنذاك فيما لو كان ترك الساحة لغيره, ومن ينهشون في الوحدة اليوم كانوا جاهزين إعلاميا بأن من قاموا بالوحدة ما عادو موجودين ولسنا ملزمين بما قاموا به بدليل أنهم الآن يفرغون دستور دولة الوحدة ويقولون انه لم يعد صالحا لهذه الأيام .

اعلم بأن الرئيس أو غيره ليس بمخلد ولكني أيضا أعلم ان كل أبناء اليمن والأمة العربية يذكرون لعلي عبد الله صالح صناعة الوحدة أو إن شئتم برائة اختراعها فكان لا بد له من البقاء لصناعة إطارا جديد يحميها من كل من تسول له نفسه الانقضاض عليها.

في هذه الذكرى وخلال عام جديدا مضى منها سنترك للأعلام توثيق منجزاتها وللتاريخ ذكر محاسنها وعيوبها الأ إنني واثقُ على انه ما عاد هناك شيء يمكن للمعارضة ان تراه على أنه منجز خاصة وقد صار من يقوم بواجباته القومية مارقا ومن رفاق صدام والبشير والأسد ( الرافضين للتطبيع وأصحاب لا )، ومن يقوم ببناء بيوت يذكر فيها اسم الله مرائي ومبذخ، ومن يعمل على توحيد أمته العربية بعد ان وحد بلده إنما صار محتلا يستحق إعلان التمرد والحرب. والعكس بالعكس يذكر فلم يعد معيبا على أحد أن يأخذ المال المدنس والعتاد ويعلن أن ذلك لزعزعة الأمن والأستقرار، ولم يعد مستنكرا عند البعض قتل الجنود من أخواننا في الشرطة والجيش وهدم مؤسسات الدولة وإنزال العلم الجمهوري منها.

إذا ما الذي بقي لدينا لنتفق عليه وأين هي نقاط الالتقاء وما الأصول التي لا يجب التنازل أو التهاون معها وما دور العلماء والمثقفين في قول كلمة الحق وردع الخارجين عن الثوابت سواء منهم من هو في الحكم أو المعارضة.

ألا ترون أنه قد حان الوقت للعودة إلى ما بدأناه سابقا في العام 1982 حينما التقت جميع الأطياف والأحزاب واتفقوا على وثيقة شرف وإجماع أسميت الميثاق الوطني جمعت أبناء اليمن في بوتقة واحدة وحرمت الحزبية والولاء الخارجي؟

الآ ترون ان وحدة الروح والفكر وعدم استيرادهما من الخارج أصبح أهم مبدأ يجب أن نسعى لتحقيقه بعد ان تحققت معظم أهداف الثورة حتى الآن؟

في ظل هذه الفوضى العارمة في أفكارنا واتجاهاتنا الأ يحق لنا أن نتساءل عن أمكانية عمل استفتاء حول التعددية السياسية التي جلبت لنا البلاء ونرى أذا ما كان الشعب مؤيدا لها أم رافضا وعلى ضوء نتيجة الاستفتاء نتخذ الأسلوب الأنسب لحياتنا السياسية؟

اللهم قد بلغت.... اللهم فاشهد......

علي عبد الله الغيل_ جامعة العلوم الماليزية